سيبتموس سيويروس Lucius Septimius Severus أو سيفروس
ولد في 11 ابريل نيسان من عام 145 بمدينة لبدة الكبرى - بليبيا الحالية. وهو من عائلة ليبية عريقة، و كان جده فارساً غنياً، وكان أحد اقاربه مسئولاً في الولاية الرومانية والذي ساعده في دخول المجلس الروماني كسناتور ومؤيد للامبراطور ماركوس أوريليوس Marcus Aurelius ، كانت لغته الاصلية هي (الامازيغية) . اما اللاتينية فقد كانت بالنسبة له لغة أجنبية لكنه تعلَّمها منذ طفولته ، فهي لغة الإمبراطورية الرومانية وظل يتكلمها برطانة طيلة حياته، كان خصومه يطعنون في عدم أصالته فهو في نظرهم اجنبي (بربري) و بوصفه يتحدث في القصر باللغة ( الامازيغية البونية) و لم يتعلم اللاتينية الا كلغة ثانوية ، كما أن شقيقته لم تتعلم اللاتينية قط ، وكانت تتفاهم في بيتها بروما باللغة الامازيغية "الليبية القديمة". استطاع الامبرطور سبتيموس سيفروس تذليل الصعاب و التغلب علي الاعداء في جو مشحون بالتوتر و محفوف باخطار محدقة.
درس البلاغة والقانون والآداب و الفلسفة في أثينا وفي روما ، ثم اشتغل بالمحاماة في روما . لم تكن حياة سيبتموس تخلو من الحركة والتنقل من منصب إلى اخر، فقد تولى ولاية جنوب اسبانيا ثم عاد إلى افريقيا كممثل للامبراطور ثم كممثل عن العامة( غير النبلاء) في مجلس الشيوخ بروما ، أصبح عام (173 م) عضوا في مجلس الشيوخ الروماني بدعم من الإمبراطور (ماركوس أوريليوس) ، وفي عام 175 تزوج من باشيا مارشيانا Paccia Marciana ذات الاصول الليبية. وفي عام (179 م) عين قائدا للقوات الرومانية المرابطة في سوريا.
انتعشت حياة سفيروس مع صعوده الوظيفي وخاصة بعد انتقال الحكم من الامبراطور ماركوس أوريليوس إلى كومودوس فتولى العديد من المناصب الرفيعة كنائب قنصل ثم عمل في سوريا كقائد ثم حاكم لمنطقة الغال (فرنسا الحالية)و صقلية و النمسا و المجر . وفي فترة حكمه لبلاد الغال وفي سنة 187 تزوج من جوليا دومنا Julia Domna وهي من عائلة سورية مرموقة ورزق منها بولدين : الاول ولد سنة 188 وسماه باسيانوس Bassianus وهو من عرف لاحقا باسم الامبراطور كاراكلا Caracalla والابن الثاني ولد سنة 189 واسمه جيتة.
كان بالرغم من لهجته اليربرية من أحسن الرومان تربية وأكثرهم علما في زمانه ، وكان مولعا بأن يجمع حوله الفلاسفة والشعراء ، بيد أنه لم يترك الفلسفة تعوقه عن الحروب ، ولم يدع الشعر يرقق من طباعه ، كان وسيم الطلعة ، قوي البنية ، بسيطا في ملبسه ، قادرا عن مغالبة الصعاب ، بارعا في الفنون العسكرية ، مقداما لا يهاب الموت في القتال ، قاسي القلب لا يرحم إذا انتصر ، كان لبقا فكها في الحديث ، نافذ البصيرة في قضائه ، قديرا صارما في أحكامه.
فهرس
|
انتقل ليكون قائدا عاما للقوات الرومانية في (بانونيا) ، وفي ذلك الوقت قام الحرس الإمبراطوري (البريتوري) بانتفاظة ضد الامبراطور (برتناكس) واغتياله في 28 مارس 193 ، وأعلن الحرس أن التاج سيكون من نصيب الذي سوف يمنحهم أكبر عطاء ، و تقدم بعض القادة بعروضهم من العطاء للجنود و عرض عليهم أن يقدم لكل جندي مبلغ قدره (12000) دراخمة حين يجلس على العرش ، وخرق العرف الروماني ودخل في إبريل/نيسان 193م بقواته العسكرية روما ، رغم إنه لبس ثيابه المدنية ، حينذاك أعلن مجلس الشيوخ تسميته إمبراطورا.
تم تنصيب سبتيموس كأمبراطور لروما في 9 أبريل 193، واضطر عندئذ لخوض المعارك ضد منافسيه ، قاد الامبراطور سيبتموس الجيش الروماني في منطقة نهري الراين و الدانوب ولكن ولاء حاكم بريطانيا الروماني كلوديوس ألبينوس Albinus كان محل شك من الامبراطور فارسل له مبعوثا و عرض عليه لقب القيصر الذي قبله، في هذه الاثناء حصلت الحرب الاهلية الرومانية بعد ادعاء دسديوس جوليانوس في روما خلافة الامبراطور المغتال بدعم من الحرس الامبراطوري في روما ولكن سلطة جوليلنوس لم تتجاوز حدود إيطاليا ، وكان وجدد أكثر من مدعي لمنصب الامبراطور يشكل خطر على الامبراطورية الرومانية كما كان يعنقد سيبتموس، ولذا عمل على وجود سلطة حاكمة واحدة مقبولة في روماولذا امر قواته بالتوجه إلى المدينة، ولم يواجه اي مقاومة في تقدمه إلى شمال إيطاليا وهزم مؤيدي جوليانوس في بداية يونيو حين وصل إلى انترامنة 50 ميل شمال روما، وتحول ولاء الحرس الامبراطوري إلى سيفروس وتم اعلان ديدوس جوليانوس كعدو للشعب وقتل، ودخل سيفروس روما بدون قتال.
ومع كل ذللك فان الحرب الاهلية لم تنتهي حيث وضع حاكم اقليمي اخر عينه على العرش الروماني وهو حاكم سوريا نيجر Pescennius Niger واستولى على المنطقة الشرقية للامبراطورية واتخذا من بيزنطية Byzantium كقاعدة لعملياته ضد القوات الغربية بقيادة سيفروس، وحيث ان نيجر لم يستطع التقدم بقواته ناحية أوروبا فان القتال انتقل إلى اسيا حيث مني نيجر بهزيمة ساحقة في اواخر ديسمبر 193 ،وفر في بداية يناير 194 إلى الجنوب ووقعت اسيا وبيثنيا (إيران) تحت حكم سيفروس ثم تلتهما مصر وفي نهاية فصل الربيع تمت الهزيمة الساحقة لنيجر وقتل. ومع ان ولاية سوريا استسلمت الا ان بيزنطة رفضت الاستسلام فارسل سيفروس رأس نيجر إلى المدينة لدفع سكانها المحاصرين إلى اليأس ولكن دون فائدة، فلقد بقت المدينة مقاومة لمدة سنة كاملة مما دفع سيفروس إلى هدم اسوارها عقابا لهم.
بعد توليه مقاليد الحكم قام ببذل الجهود الكبيرة في سبيل الإصلاح وتحسين أوضاع الجيش والقضاة وإزالة مساوئ الفتن الأهلية ، ووجه العناية إلى الولايات فأقام فيها كثيراً من المنشآت والأبنية العامة والحمامات وسواها. وجعل الخدمة العسكرية إجبارية على كل الولايات عدا أهل إيطاليا، ثم قام بحلِّ الجيش الامبراطوري وأحدث حرسا جديدا أعضاءه من سائر الولايات بعد أن كان هذا الحرس إيطاليّاً فقط.
كان لا يشبع من أكاليل الغار ، ثماني عشرة سنة وهو في حروب مستمرة وسريعة ، زاد عدد الجيش ، ورفع رواتب الجند ، وقاتل منافسيه ، وقضى على الفتن، وقاتل لاسترداد مناطق قديمة ، وضم مناطق جديدة للإمبراطورية ، دك بيزنطية بعد حصار دام أربعة سنوات ، و غزا بارثيا (فارس) و استولى على (طشقونة) وضم (بلاد النهرين) لهذه الإمبراطورية ، لقد أعاد لعرش روما مكانته ، وخلص الإمبراطورية من تركة فساد متراكم من استبداد (كاليجولا) وبلاهة كلوديوس وجنون نيرون وطغيان أنطونيوس.
لم تلهه مشاغله عن وطنه ليبيا الذي لم يعلن جنوبه بعد الولاء لامبروطورية روما بل و شكل تهديدا علي المدن الساحلية و أمنها و استقرارها . و علي الرغم من هذا فقد علّق سيفروس أهمية كبري له، فاعتنى عناية خاصة بالزراعة التي ازدهرت إزدهارا كبيراً و اهتم بالتجارة . و كانت ليبيا تسمي آنذاك بمخزن الغلال في الشرق و كانت مركزا تجاريا هاما يشكل همزة و صل بين الشرق و الغرب و بين أواسط أفريقيا و سواحل البحر الابيض المتوسط.
كما طور مسقط رأسه لبدة الكبرى فأنشأ فيها العديد من المباني والحمامات ووسع من الاسواق والمسارح.
رغم شيخوخته وكبر سنة وإصابته بداء النقرس إلا إن ذلك لم يقيده من تسجيل انتصارات وتسجيل أسمه في صفحات التاريخ ، وهو بهذه الحالة قد وصل إلى (كلدونيا) وانتصر على الاسكتلنديين في عدة وقائع ، ثم عاد إلى (بريطانيا) . وهناك عندما وصل إلى (يورك) سنة 211 م كان على موعد مع الموت. قال وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة : " لقد نلت كل شيء ، ولكن ما نلته لا قيمة له، وكانت آخر وصاياه (الحفاظ على الأسرة الامبراطورية والعمل على استرضاء الجيش).
وضع تمثاله في أهم ساحة في ليبيا وسميت غلى اسمه بعض المنتجات المحلية