بولسانو (بالإيطالية Bolzano ، بالألمانية Bozen) مدينة شمال إيطاليا بإقليم ترينتينو ألتو أديجي و عاصمة مقاطعة بولسانو ذاتية الحكم .
يقطنها 100.629 ساكن ، 73% منهم يتحدث اللغة الإيطالية و 26,29% يتحدثون اللغة الألمانية و 0,71% يتحدثون اللغة اللدينية . نسبة الأجانب بين سكانها 9.9 ٪ (9963 نسمة) ، معظمهم قادمون من خارج الإتحاد الأوروبي .
حتوي متحف ألتو أديجي الأثري بالمدينة على جثة أوتسي الإنسان الذي قتل قبل 5300 عام و حفظت سليمة تحت الجليد لآلاف السنين قبل إكتشافها عام 1991 لتكون أقدم مومياء في العالم .
كما تستضيف المدينة مقر القيادة العليا للجيش الإيطالي في منطقة الألب و بعض وحداتها للدعم و القتال .
فهرس |
في فترة ما قبل التاريخ ، كان الحوض البولساني مسطح مستنقع غير صحي ، و لكن اكتشافات أثرية يعود تاريخها إلى تلك الفترة توحي بأن الرايتيون سكنوا سفوح الجبال المحيطة بالفعل.
في العام 15 ق.م ، أسس الجنرال الروماني نيرو كلاوديوس دروسوس معسكراً خلال استيلاءه على الألب عُرف باسم جسر دروسوس (Pons Drusi) ، و وثق على خريطة Tabula Peutingeriana (خريطة رومانية قديمة تبين طرق الإمبراطورية العسكرية) من القرن الرابع الميلادي ؛ يُعْتَقد أنه وُجـِدَ ضمن المنطقة البولسانية الحالية . بعد عدة فرضيات حددت موقعه عند قلعة فيرميامو الحالية أو قُرب رينشو ، اليوم الأكثر موثوقية هي أنه عند المحطة الرومانية في كاردانو التابعة لبلدية كانيدو أو في مركز المدينة التاريخي ، حيث تم العثور على بقايا مباني رومانية (تحت دير كابوتشيني الحالي) و كنيسة نصرانية (تحت الكاتدرائية الحالية) .
في أوائل العصور الوسطى انتقل سكان المنطقة (التي تحول اسمها إلى Bauzanum) إلى فيرغولو حيث استقر في القرن السابع كونت بايوفاري ، و هكذا صارت الأراضي جزءاً من الإمبراطورية الرومانية المقدسة . في أوائل القرن الحادي عشر ، و بناءاً على رغبة أسقف ترينتو أولريش الثاني ، أقيمت أولى مباني بولسانو الجديدة في الوادي (حيث اليوم ساحة دل غرانو) . سرعان نمت المدينة الجديدة و أصبحت مركزاً تجارياً هاماً ، و أقميت بها العديد من المعارض السنوية . أصبحت بولسانو في عام 1268 مدينة مكرسة للتجارة و للاتصالات بين شمال و جنوب أوروبا لموقعها بين مدينتي البندقية و أوغسبورغ الكبيرتين و كان السوق يعقد أربع مرات سنوياً . تطورت المدينة بسرعة ، متجاوزتاً في توسعها النواة الأصلية ، و وصل عدد قاطنيها في عام 1300 إلى 3000 ساكن . كانت بولسانو حتى القرن الثالث عشر عاصمة كونتية على اسمها ، يحكمها أساقفة ترينتو الأمراء ، بعد ذلك وقعت المنطقة تحت سيطرة كونتات تيرولو القريبة من ميرانو ، و التي أعطت اسمها للإقليم برمته . ثم تبعت آل هابسبورغ ، حيث ضلت كذلك بشكل متواصل تقريباً حتى عام 1918 . في سنة 1437 تبنت المدينة أول دستور . شهدت بولسانو فترة ذروة ازدهارها في القرن السابع عشر ، لمّا أعطت كلاوديا دي ميديشي كونتيسة تيرول للمدينة الامتيازات التجارية ، و أسست الإدارة التجارية سنة 1635 ، و كان يعمل في هذا المنصب كل موسم للسوق اثنان من الموظفين الإيطاليين و اثنين من الألمان (معينين من التجار الناشطين هناك) ، و نظرت محكمة بلغتين في المنازعات بين التجار خلال فترة المعارض . كانت المدينة و منذ سبعة قرون مكاناً للتبادل التجاري ، حتى أن مصرفيين فلورنسيين سكنوها مثل آل بوتشي ، الذين قاموا بألمنت اسمهم إلى Pötsch. و خلال هذه الفترة أيضا أصبحت بولسانو مركز فنيأ و ثقافياً هاماً ، حيث تعايش الأسلوبان القوطي و الرومانسي بانسجام مع الأسلوبين الباروكي و اليوغندستيل اللذان وصلا متأخرين ، معطيان مظهراً أكثر حداثة للوسط التاريخي .
بعد قيام الثورة الفرنسية ، ضمت المدينة لفترة قصيرة إلى الجمهورية الألبية ، مالبثت أن عادت بعد بضع سنوات إلى الإمبراطورية النمساوية المجرية ، و ظلت كذالك حتى عام 1918. خلال احتلال النابليوني لبولسانو كانت مركز لمديرة ألتو أديجي ، و كانت ترينتو جزءاً منها . في هذه الفترة حُرمت بولسانو من امتيازاتها التجارية ، و ظلت مركزاً إقتصادياً و تجارياً ، ولم يقم فيها معرضاً حتى 1948 ببناء معرض إنتي . بعد العودة إلى النمسا عادت المدينة لتنمو من الناحية العمرانية ، و أيضاً الإقتصادية . في عام 1910 ، توسعت أراضي المدينة مشكلةً ما يسمى "Groß-Bozen" ، بعد أن قررت مدينة دوديشيفيلي أن تشكل مع بولسانو بلدية واحدة .
بعد الحرب العالمية الاولى ضـُمت بولسانو إلى جانب بقية ألتو أديجي الحالية إلى إيطاليا ، وفق إتفاقية لندن عام 1915 بين إيطاليا و الحلف الثلاثي .
بصعود الفاشية ، خضعت أراضي بولسانو لسياسة طلينة فاشية كبيرة ، لدرجة أنها أصبحت أحد خمسة بلديات ذات أغلبية متحدثة بالإيطالية في المقاطعة . تم ضم بلدية غريس سان كويرينو ذاتية الحكم سنة 1925 قسراً إلى بولسانو . في عام 1928 تم إنشاء مقاطعة بولسانو . خلال الحرب العالمية الثانية و بعد الاستسلام الإيطالي .
أُدرجت بولسانو مع بقية ألتو أديجي إضافة إلى مقاطعة ترينتو و مقاطعة بلونو المجاورتين في "Operationszone Alpenvorland" (منطقة عمليات ما قبل الألب) التي أوجدها أدولف هتلر (ضـُمت إلى الرايش بحكم الأمر الواقع رغم إنتماءها بحكم القانون إلى الجمهورية الإيطالية الإجتماعية) و صارت العاصمة. و خلال هذه الفترة أعيدت أسماء الأماكن الألمانية في المدينة ، مع الحفاظ على ثنائية اللغة.
خلال فترة الاحتلال النازي ، كان يوجد في ضواحي المدينة معسكر اعتقال ، انطلقت منه العديد من القطارات نحو المعسكرات الألمانية .
بعد الحرب العالمية الثانية تم توقيع إتفاق دي غاسبيري غروبر فبقيت بولسانو إيطالية ، لكن بحكم ذاتي مقاطعي جمع جنوب تيرول مع ترينتينو المجاورة ذات الأغلبية الناطقة بالإيطالية ، و قد ميّز قانون 1948 الأساسي الإقليم بدلا من المقاطعة . كان تنفيذ إتفاق دي غاسبيري غروبير أقل من التوقعات المحلية . فتصاعدت التوترات العرقية على السطح ، و وضع التعايش السلمي على المحك و بلغت الأمور ذروتها في موجة تفجيرات و أعمال تخريب خصوصا ًخلال الستينات ، و استمرت في السبعينات و الثمانينات ممن سـُمـّوا ب "إرهابيي جنوب التيرول" ، و بدى تعاونهم مع بعض الجماعات النازية الجديدة في النمسا و ألمانيا ، قد تعاملت الأجهزة الأمنية بصرامة تامة حيالهم . وُقـِّع اتفاق حكم ذاتي مقاطعي جديد و قوي تم التفاوض بشأنه بين عامي 1969-1972 و أعطيت مقاطعة بولسانو إستقلالية أكبر عن الحكومة المركزية الإيطالية . و أخذ الإتفاق 20 عاماً قبل أن ينفذ بالكامل . و سمح للمصممين على الدفاع عن ثقافتهم ولغتهم من السكان الناطقين بالألمانية تفادي الاستيعاب . و بدلا من ذلك ، بدأ المتحدثون بالإيطالية في جنوب تيرول يشكون من التمييز .
منذ نهاية الثمانينات و حتى الآن هدأت الأوضاع و توقف أعمال العنف ذات الخلفية العرقية ؛ و مع شيء من الحذر على المستوى الإنساني و الإجتماعي و السياسي ، و تبقى الأوضاع أحيانا غير صافية ، بالتوتر الإجتماعي الخفي و المستمر.
و كجزء من إتفاق الحكم الذاتي أصبحت الإيطالية و الألمانية و اللدينية هي اللغات الرسمية إقليم ترينتينو جنوب تيرول . الإشارات على الطرق تكتب بالأسماء الايطالية و الالمانية المكتوبة لكي يعكس تعدد الثقافات . كما هو الحال في غيرها من البلدات والقرى في جميع انحاء جنوب تيرول .
رغم أن 73 ٪ من سكان المدينة متحدثون بالايطالية . و 23 ٪ بالالمانية و 1 ٪ باللدينية كلغة الأولى ، فإنه خارج مدينة بولسانو غالبية السكان يتكلمون الالمانية كلغة الأولى (وفقا لتعداد عام 2001 ، فان هناك تقريبا 330000 ناطق بالالمانية من بين 475000 من سكان جنوب تيرول) و الإيطالية كلغة ثانية . أقلية صغيرة من الناس تتجدث اللدينية.
بولسانو هي إحدى أغنى المدن في إيطاليا. و تتمتع بمستوى معيشي مرتفع للغاية و تصنف في المراكز العليا باستمرار في ذلك على مستوى مدن البلاد .
تعتمد المدينة إقتصادياً على خليط من القديم و الجديد مثل الزراعة المكثفة ذات الجوده العالية (بما في ذلك النبيذ والفاكهة ومنتجات الالبان) و السياحة والصناعات التقليدية (الخشب والسيراميك) والخدمات المتطورة . تم تفكيك الصناعات الثقيلة (الآلات والسيارات والصلب) التي ركبت خلال عام الثلاثينات من القرن الماضي . من ناحية أخرى يعتمد الاقتصاد المحلي اعتمادا كبيرا على القطاع العام و خاصة على حكومة المقاطعة المحلية .