Padova بادوفا ، مدينة إيطالية بإقليم فينيتو شمال البلاد ، عاصمة مقاطعة بادوفا و المحور الاقتصادي و الاتصالاتي بالمقاطعة . يبلغ عدد قاطينها 210.301 ساكن .
تقع بادوفا على نهر باكيليوني ، و نهر برينتا (يمر بجزء داخل المدينة) يلامس الأجزاء الشمالية ، و تبعد 40 كم إلى الغرب من مدينة البندقية و 29 كم جنوب شرق مدينة فيشنسا . محيطها الزراعية هو السهل الفينيتي (Pianura Veneta) ، ترتفع جنوب غربي المدينة تلال يوغاني ، أشاد بها الشعراء لوكانوس و مارتيال و فرانشيسكو بتراركا و أوغو فوسكولو و بيرسي بايسش شيلي .
المدينة خلابة ، بشبكة كثيفة من الشوارع المزودة بممرات تؤدي إلى ساحات عامة كبيرة ، و العديد من الجسور تعبر مختلف فروع الباكيليوني ، و الذي يحيط بالأسوار القديمة مثل الخندق المائي .
و هي مقر لجامعة مرموقة أسست سنة 1222 م ، تفتخر بادوفا بالعديد من الشواهد عن ماضٍ ثقافي و فني عريق ، مما جعلها مقصداً للسياح من جميع أنحاء العالم. و هي اليوم مركز اقتصادي هام و أحد أهم و أكبر مراكز تبادل النقل بما فيه النهري على مستوى أوروبا ، و تعد حاليا أكبر محطة في شمال إيطاليا .
و بادوفا هي مسرح لأغلب أحداث رواية شكسبير ترويض النمرة .
فهرس |
تدعي بادوفا بأنها أقدم مدينة في شمال إيطاليا . وفقاً لتأريخ تقليدي على الأقل بالنسبة لإنياذة فيرجيل ، و أعادت اكتشافه بلدية القرون الوسطى لتمجيد ذاتها ، أنها تأسست في عام 1183 قبل الميلاد من قبل الأمير أنتينور الناجي من تدمير طروادة ، الذي يفترض أنه قاد شعب الفينيتيين أو الإنيتيين من المنطقة البلقان إلى إيطاليا. نبشت المدينة قبراً حجرياً كبيراً في سنة 1274 و أعلنت أن هذه تمثل آثار أنتينور .
سكن فينيتيو الأدرياتي في Patavium كما سماها الرومان . عُرفوا بسلالات خيولهم و أصواف أغنامهم ممتازتين . قاتل رجالها مع الرومان في معركة كاناي . صارت المدينة بلديةً رومانية منذ سنة 45 قبل الميلاد . أصبحت قويةً جداً حتى قيل أنها كانت قادرة على توفير مائتي ألف رجل مقاتل . أبانو القريبة هي مسقط المؤرخ الشهير تيتوس ليفيوس . و كانت بادوفا مسقط رأس كل من : الشاعر غايوس فاليريوس فلاكوس ، و اللغوي و المؤرخ أسكونيوس بيديانوس ، و الفيلسوف الرواقي تراسيا بايتوس .
ويقال أن القديس بروسدوسيموس هو من نَصـّرَ المنطقة . و يُبجـّل باعتباره أول أسقف للمدينة.
تاريخ بادوفا بعد أواخر العصور القديمة تبع مسار الأحداث المشتركة بين معظم مدن شمال شرق إيطاليا.
و قد عانى شمال شرق إيطاليا عموماً بشدة من غزو الهون بقيادة أتيلا (452) . ثم حكمها ملوك القوط أودواكر و ثيودوريك العظيم. و لكن خلال الحرب القوطية استسلمت للبيزنطيين سنة 540. أعاد القوط استيلاء على المدينة مرة أخرى بقيادة توتيلا ، ولكن نارسيس استرجعها إلى جانب الإمبراطورية الشرقية عام 568.
ثم سقطت تحت سيطرة اللومبارديين . في سنة 601 ثارت المدينة ضد أجيلولفواللومبارديين ملك ، و بعد معاناة طويلة (12 سنة) و حصار دامي ، اقتحمها و أحرقها . لقد مُحقت بادوفا العصور القديمة : بقايا مدرج (Arena) و بعض أساسات جسر هما كل ما تبقى من بادوفا رومانية حتى اليوم . فرّ أهالي المدينة إلى التلال و عادوا ليعيشوا بتقشف بين الأطلال ؛ استنادا للروايات أن الطبقة الحاكمة تخلت عن المدينة للاغونا . لم تسترد المدينة عافيتها بسهولة من هذه الضربة ، و كانت بادوفا ما تزال ضعيفة لمّا حلّ الفرنجة محل اللومباديين كأسياد لشمال إيطاليا.
في مؤتمر آخن (828) ، قُسمت أملاك الماركيين و من ضمنها بادوفا إلى أربع بلدان أخذها إحداها اسمها ، مدينة بادوفا.
خلال فترة الحكم الأسقفي على مدن شمال إيطاليا ، لم تبدو بادوفا مهمة جداً أو نشطة جداً . الاتجاه العام لسياستها طوال فترة صراع التتويج كان إمبراطورياً و ليس رومانياً ؛ و أساقفتها كانوا ألماناً في الأغلب .
الحدث الرئيسي في أواسط العصور الوسطى كان نهب المجريين للمدينة في سنة 899 . و احتاجت بادوفا للعدة سنوات قبل أن تتعافى من هذا التخريب .
كانت تجري تحت السطح عدة حركات هامة كإرهاصات لتطور بادوفا اللاحق.
أقرّ المواطنون دستوراً في بداية القرن الحادي عشر ، يتكون من مجلس عام أو جمعية تشريعية و هيئة تنفيذية (credenza) .
و أثناء القرن القادم دخلت حروباً مع البندقية و فيشنسا حول حقوق الملاحة عبر نهري باكيليوني برينتا . و هذا يعني تنامي قوة المدينة ، و اعتمادها على ذاتها .
بدأت تظهر عائلات كامبوسامبييرو و إستي و دا رومانو الكبرى و قسـّمت المنطقة البادوفية فيما بينها . اضطر المواطنين لانتخاب بوديستا من أجل حماية حرياتهم . وقع اختيارهم الأول على أحد أعضاء آل إستي .
دمر حريق بادوفا في عام 1174 . و يفترض أن المدينة خضعت لعملية إعادة بناء.
ساعد النجاح المؤقت للعصبة اللومباردية في تقوية المدن . و لكن سرعان ما أعادتهم غيرتهم الحضارية إلى الضعف مرة أخرى . و نتيجة لذلك ، في عام 1236 لم يجد فريدريك الثاني صعوبة تذكر في تثبيت نائبه الإستبدادي إتسيلينو دا رومانو في بادوفا و المدن المجاورة ، حيث مارس أعمالا وحشية مخيفة على السكان . أُسقط إتسيلينو في يونيو 1256 دون أراقة دماء مدنيين ، بفضل البابا ألكسندر الرابع .
ثم تمتعت بادوفا بفترة من الهدوء و الرخاء : بدأ بناء كاتدرائية القديس ؛ أصبح البادوفيون أسياد فيشنسا . تأسست الجامعة (الثالثة في إيطاليا) في عام 1222 ، و ازدهرت القرن الثالث عشر .
و لكن تقدم بادوفا في القرن الثالث عشر وضعهم أخيراً في صراع مع كانغراندي الأول ديلا سكالا سيد فيرونا. و في سنة 1311 استسلمت بادوفا لفيرونا.
انتخب ياكوبو دا كرارا سيداً لبادوفا في عام 1318. و منذ ذلك الحين حتى سنة 1405 تناوب تسعة أعضاء من أسرة كراريزي المستنيرة على سيادة المدينة ، باستثناء فترة وجيزة من من سيادة آل ديلا سكالا بين عامي 1328 و 1337 و سنتين (1388-1390) لمّا استولى جانغالياتسو فيسكونتي على المدينة . فترة آل كراريزي كانت فترة طويلة من القلق ، لخوضهم الحروب باستمرار . في سنة 1387 انتصر جون هوكوود في معركة كاستانيارو لصالح بادوفا ، على جوفاني أورديلافي الذي قاتل لحساب فيرونا.
انتهى أخيراً عهد آل كراريزي كقوة لصالح آل فيسكونتي و تنامت أهمية البندقية .
وقعت بادوفا تحت حكم الفينيتي في عام 1405 ، و ظلت هكذا غالباً حتى سقوط جمهورية البندقية في سنة 1797.
كان هناك مجرد فترة وجيزة تغيرت فيها السلطة على المدينة (1509) خلال حرب العصبة المقدسة . ففي 10 ديسمبر 1508 اتفق ممثلون عن البابوية ، و فرنسا ، و الإمبراطورية الرومانية المقدسة ، و فرناندو الثاني ملك إسبانيا على تشكيل العصبة المقدسة أو عصبة كامبراي ضد جمهورية البندقية . و نص الاتفاق على التقطيع الكامل لأوصال أراضي البندقية في إيطاليا و تقسيمها بين المُوقـّعين : و كانت بادوفا من نصيب ماكسيمليان الأول إمبراطور الرومانية المقدسة من آل هابسبورغ بالإضافة إلى فيرونا و أراضي غيرها . في سنة 1509 استولى أنصار الإمبراطورية على بادوفا لبضعة أسابيع فقط . ثم استعادتها قوات البنادقة بسرعة و تمكنت من الدفاع عنها أثناء حصار القوات الإمبراطورية . (انظر حصار بادوفا) .
حكم المدينة نبيلان بندقيان ، بودستا مدني و قائد للشؤون العسكرية . ينتخب كلاهما لستة عشر شهرا . في ظل هؤلاء الحكام ، واصل المجلسان الكبير و الصغير بتصريف أعمال البلدية و إدارة القانون البادوفي ، و الوارد في تشريعات 1276 و 1362. كان هنالك أمينان يديران الخزانة ؛ و مرة كل خمس سنوات يرسل البادوفيون أحد نبلاءهم للإقامة في البندقية كسفير (nuncio) ، للإهتمام بمصالح مدينته.
حصنت البندقية بادوفا بأسوار جديدة ، بنيت بين عامي 1507 و 1544 ، مع مجموعة من البوابات الضخمة.
زالت جمهورية البندقية من على الخريطة عام 1797 بموجب معاهدة كامبوفورميو ، و منحت بادوفا للإمبراطورية النمساوية . بعد سقوط نابليون ، في عام 1814 أصبحت المدينة جزءاً من مملكة لومباردو فينيتو .
لم يتمتع النمساويون بالشعبية في الأوساط التقدمية بشمال إيطاليا . في سنة الثورات 1848 ، شهدت بادوفا انتفاضة طلابية في 8 فبراير تحولت فيها الجامعة و مقهى بيدروكي إلى ساحات معارك قاتل فيها الطلاب و البادوفيون العاديون جنبا إلى جنب.
بدأت بادوفا تطورها الصناعي تحت الحكم النمساوي ؛ و أنشئ خط بادوفا - البندقية أحد أوائل خطوط السكك الحديدية الإيطالية في سنة 1845.
في عام 1866 أعطت معركة سادوفا إيطاليا الفرصة لطرد النمساويين من الجمهورية الفينيتية القديمة ، و انضمت بادوفا و بقية فينيتو إلى المملكة إيطالية المتحدة .
ضمت بادوفا إلى إيطاليا خلال سنة 1866 ، كانت في مركز أفقر منطقة في شمال إيطاليا ، و هي كانت حالة فينيتو حتى الستينات . و رغم هذا ازدهرت المدينة في العقود التالية على الصعيدين الاقتصادي و الاجتماعي ، و مطورةً صناعتها ، و صارت سوقاً زراعياً هاماً و مركز ثقافي و تكنولوجي ذو أهمية بالغة كما الجامعة . استضافت المدينة أيضا قيادة عسكرية رئسية و العديد من الأفواج.
عند دخول إيطاليا الحرب العالمية الأولى في 24 مايو 1915 ، اختيرت بادوفا كمقر لقيادة الجيش الإيطالي الرئيسية . أقام الملك فيتوريو إمانويلي الثالث و لويجي كادورنا القائد العام في بادوفا خلال فترة الحرب . بعد هزيمة إيطاليا في معركة كابوريتو خريف سنة 1917 ، كان خط الجبهة يقع على نهر بيافي . و هو لا يبعد عن بادوفا سوى 50 - 60 كم ، و صارت المدينة آنذاك في مرمى المدفعية النمساوية . بيد أن القيادة العسكرية الإيطاليه لم ينسحب . و قُصفت المدينة عدة مرات (قتل حوالي 100 مدني). و تذكر رحلة الشاعر غابرييلي دانونسيو الجريئية إلى فيينا من ميدان سان بيلادجو الجوي القريب قائداً 9 طائرات أسقطت آلاف المنشورات الدعائية .
زال الخطر عن بادوفا بعد سنة . فقد انتصر الجيش الايطالي بمعركة فيتوريو فينيتو الحاسمة أواخر تشرين الأول أكتوبر 1918 (سنة بالضبط بعد كابوريتو) ، و انهارت القوات النمساوية . تم توقيع الهدنة بفيلا جوستي في بادوفا ، في الثالث من تشرين الثاني نوفمبر عام 1918 ، باستسلام الإمبراطورية النمساوية المجرية لإيطاليا.
تقدمت الصناعة بقوة خلال الحرب ، ما أعطى بادوفا قاعدةً لمزيد من التطور في فترة ما بعد الحرب . في السنوات التي تلت الحرب العظمى ، نمت بادوفا خارج البلدة التاريخية ، متزايدة سكانياً ، رغم تفشي الصراعات العمالية و الاجتماعية ذلك الوقت.
بوابة سافونارولا |
|||