الأقدام السودا (بالفرنسية ) تسمية تطلق على المعمريين أو المستوطنين الأروبيين اللذيين سكنوا أو ولودوا في المغرب العربي عموما وفي الجزائر خصوصا إبان الإستعمار الفرنسي مابين 1832-1962 .
أغلبيتهم تنحدر من أصول فرنسية أو إيطالية أو إسبانية أو مالطية وحتى من أوروبا الشرقية. 80% من الأوروبيين القاطنين في «الجزائر الفرنسية» أنذاك بحسب إحصاء عام 1948 ولدوا فيها لأجيال متتالية. ونسبة 11% منهم فقط، أوروبية ولدت في فرنسا. أما النسبة المتبقية فهي لأوروبيين أسبان وإيطاليين وآخرين من دول أوروبية كسويسرا وألمانيا.
وهي وضع إدارى أطلقته السلطات الفرنسية سنة 1962 على المرحلين من الجزائر غداة الإستقلال بعد 5 يوليو 1962 وعددهم يقدر بأكثر من مليون نسمة كانت نسبتهم تمثل أكثر من 12% من سكان الجزائر. ثم توسع المصطلح ليشمل الفرنسيين العائدين من تونس و المغرب والمصطلح يستثنى المسلمين الجنود المسلمين اللذين كانوفي صفوف الجيش الفرنسي والمنسحبين معه غداة استقلال الجزائر حيث يعرف هولاء بمصطلح أخر هو الحركي بالفرنسية . وما يعرف "بالحركتين" هم الجزائريين الذين حاربوا في صفوف القوات الفرنسية ضد أبناء بلدهم ايام الاستعمار، والذين ما زالوا يعيشون في فرنسا في معسكرات ومخيمات وأحياء شبه مقفلة .
ومعروف عن جمعيات الحركي و الأقدام السوداء رفضها المطلق لأي اعتذار عن الجرائم التي ارتكبتها فرنسا بالجزائر أو حتى الإعتراف بها كحل وسط. و بعد مرور أكثر من اربعين سنة من استقلال الجزائر تطالب بحق العودة, كما تطالب باسترجاع ممتلكاتها والاقامة في الجزائر.
فهرس |
كان الاستيطان على مرحلتين، مرحلة العهد العسكري (1830 ـ 1870) والاستيطان في العهد المدني (في الشمال أساسا) (1870 ـ 1900) الذي أحضر مستوطنين أقل برجوازية. وتحت مظلة «أن الأراضي غير الأوروبية تُعد مناطق خالية من الحضارة، فهي ملائمة للاستعمار»، تحول حُفاة وقطاع طرق وعاطلون في فرنسا وأوروبا من «خدم» إلى أسياد استولوا على أراضي غيرهم وحَقروا أهاليها.
قامت التنظيمات الإرهابية التابعة لبعض المدنيين الأوروبيين مثل «اليد الحمراء» و«منظمة الجيش السري»OAS) ) يوم وقف إطلاق النار في مارس 1962 بسلسة من الجرائم البشعة في حق المدنيين العرب، وتضاعفت وتيرة القتل والحرق المتعمد للمؤسسات. حقد وعنصرية عمياء أتت، حتى على حرق مكتبة جامعة الجزائر.
لم يطردوا يوما من الجزائر، بل فضلوا، هم الرحيل. جبهة التحرير الوطني الجزائرية( 1954 ـ 1962)، كررت نداءتها لهم مشيرة إلى أن الحاجة ستكون ماسة «إلى كافة أبناء الجزائر مهما اختلفت أصولهم ودياناتهم لإعادة الإعمار»، وأن الدولة المستقلة ستضمن «بواقعية وعدالة مستقبلهم» في كنفها.
كما دعى فرحات عباس رئيس الحكومة المؤقتة (1958 ـ 1961) الأوروبيين الجزائريين قائلاٌ: «إن الجزائر إرث للجميع، فمنذ أجيال عديدة وأنتم تقولون أنكم جزائريون! لا أحد يعارض هكذا ميزة، لكن الجزائر لما أصبحت بلدا لكم، لم تكف أن تكون لنا. افهموا هذا، وتقبلوا أنه لا يوجد وطن آخر ممكنا لنا»[1].
كما اقتُرح عليهم إما الحفاظ على جنسيتهم (الفرنسية الجزائرية)، أو قبول حق المواطنة الجزائرية كاملة شرط أن يتساووا في الحقوق والواجبات مع غيرهم من الجزائريين. هذا الشرط وُضع بناء على خلفية «قانون الأهالي»، الذي طبقه المستعمر في تعامله مع «العرب الأندجين» جاعلا من أي أوروبي مواطنا «فوق العادة». من ثم، ارتبط بقاؤهم بمدى قدرتهم على تجاوز مثل هذه الحالة النفسية، فضلا عن أمور أخرى تتعلق بأملاكهم.
يحتلون في فرنسا مناصب عليا, واحرزوا نجاحات كبيرة على الصعيد الاقتصادي والثقافي والسياسي, بحيث اندمجوا في المجتمع الفرنسي وانقلبوا إلى " لوبي قوي" يتحسب له في كل موعد انتخابي.
حيث أنشأت جماعات اليمين المتطرف في فرنسا ما سمته " الاتحاد من اجل الدفاع عن حقوق الفرنسيين المطرودين من الجزائر ومن بلدان اخرى". ورفع نحو الف من "الاقدام السوداء" دعوى للحصول على تعويضات [2]إستناداً إلى قانون فرنسي مؤرخ في 15 يوليو 1970 ينص على ان ما قدمته الحكومة الفرنسية لهم من اموال هو مجرد "استباق" على الحساب لما يحق لهم.
عوضت الحكومة الفرنسية من فقدوا املاكهم على دفعتين: عندما غادر معظمهم البلاد يوم استقلال الجزائر عام 1962، ثم عند صدور مرسوم تأميم الاراضي الزراعية في 20 مارس 1963، بخاصة "المهجورة" منها، وأخيراً مرسوم اصدره الرئيس بن بلة في1 اكتوبر 1963 والخاص بتأميم آخر ممتلكات المستعمرين.
في فرنسا حالياً نحو مليون ممن ينعتون بلقب "الاقدام السوداء"، نصفهم تقريباً يعيش في المقاطعات الفرنسية الجنوبية على شواطئ المتوسط، النقطة الأقرب إلى ما زالوا يعتبرونه موطنهم الأصلي.
يشكل "الأقدام السوداء" قوة ضغط لا يُستهان بها في فرنسا. وهم متغلغلون في كافة جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاعلامية والفنية. ذكرنا اسم الصناعي بابالاردو، ولكن هناك أسماء أكثر شهرة كالمغني انريكو ماسياسي (وريث عائلة موسيقية في عاصمة الشرق الجزائري مدينة قسنطينة)، او السينمائي روجيه حنين (عديل الرئيس السابق فرانسوا ميتران)، وعدد لا بأس به من الفكاهيين والكتّاب والممثلين... وبينهم نسبة كبيرة من اليهود، مما يعطي لدورهم وتأثيرهم طابعاً خاصاً.
وقد استطاعوا تحقيق لعبة الجذب السياسي ومقايضة أصواتهم الانتخابية كلما حلت مناسبة سياسية ولم تعد مسألة الأقدام السوداء بفرنسا تتعلق بمسألة التعويضات المالية فقط بل بنظرة للتاريخ من زاوية المنظور الإيجابي.
وتكونت جمعية شباب الأقدام السوداء التي ركزت نشاطها على الدفاع عن قانون 23 فبراير وتدافع على مبدأ تعويض المستوطنين العائدين من الجزائر.
ظل اليسار الفرنسي، وبالضبط فرنسوا ميتيران من أشد المدافعين عن الأقدام السوداء، وقد التزم بإعادة إدماجهم وإعلان العفو الشامل عن قدماء منظمة الجيش السري الإرهابية· بما في ذلك الجنرالات الذين شاركوا في انقلاب أبريل 1961 ضد الجنرال ديغول· بالإضافة إلى كل الإداريين المطرودين من الوظيفة الحكومية بين 1961 و 1963 بتهمة الانخراط في المنظمة السرية·