قد قام أناس في هذا العصر بترويج الأكاذيب الملفقة بأن طرق الصوفية ليست من الاسلام في شئ، بل هي أثر عقائد الفلسفة اليونانية والهندية، وقولهم هذا يكفر أكثر الأمة الاسلامية التي تتبع طريق القوم، ولا تجتمع أمة الاسلام على الضلال، وقد انبرى للدفاع عن هذه الطائفة الكريمة الكثير من الأكابر وذلك في بيان أن أكثرهم على منهج الإسلام الوسيط ، والمتتبع لعلومهم في العقيدة يعلم أنهم على منهج النبي صلى الله عليه وسلم لم يخالفوا ولم ينحرفوا، لا في العقيدة ولا في الأحكام، ولا في الأعمال ولا في الآداب النبوية الشريفة، وإليك ما جمعناه لك من دروسهم وأقوالهم في العقيدة الإسلامية من أقطابهم ومشايخهم وأشرافهم مما يبين لك صحة انتمائهم وصدق اتباعهم وبيان عقيدتهم.
قول الشيخ أبو بكر الكلاباذي
يقول الشيخ أبو بكر الكلاباذي في بيان عقيدة أهل التصوف بعد كلام له:
أقوال الشيخ أحمد الرفاعي
وقال الشيخ أحمد الرفاعي :
وقد سأل السيد عبدالرحيم السيد الجليل الشيخ أحمد الرفاعي الكبير قدس سره: "
|
الناس يسألوني عن عقيدتي فما أقول لهم. |
|
وقال الشيخ أحمد الرفاعي:
أقول الصوفية
- وقال أيضا: "انّ الله تعالى خلق العرش اظهارا لقدرته ولم يتّخذه مكانا لذاته".
- ويقول الإمام جعفر الصادق : "من زعم أنّ الله في شيء أو على شيء أو من شيء فقد أشرك، اذ لو كان في شيء لكان محصورا، ولو كان على شيء لكان محمولا، ولو كان من شيء لكان محدثًا أي مخلوقًا"
- قال الإمام السجاد زين العابدين في الصحيفة السجادية التي رواها الحافظ الفقيه اللغوي مرتضى الزبيدي في شرح الإحياء: "أنت الله الذي لا تحد فتكون محدودا".
- وقال أيضا: "سبحانك أنت الله الذي لا يحويك مكان لا تحس ولا تمس ولا تجس". وقال أيضا: "سبحانك أنت الذي ليس بمحدود"
- وقال الشيخ أبو بكر الكلاباذي الحنفي ما نصه: "اجتمعت الصوفية على أنّ الله لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان".
- وقال الشيخ أحمد الرفاعي: "اذا قلتم لا إله إلا الله فقولوها بالإخلاص الخالص من الغيرية، ومن خطورات التشبيه والكيفية، والتحتية والفوقية، والبعدية والقربية وهو واحد في ذاته غير منقسم ولا متحيز ولا حال ولا متحد".
- وقال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي الأندلسي: "البارىء تعالى يتقدس عن أن يحد بالجهات أو تكتنفه الأقطار".
- وقال القاضي أبو بكر أيضا ما نصه: "إن الله سبحانه منزه عن الحركة والانتقال لأنه لا يحويه مكان كما لا يشتمل عليه زمان، ولا يشغل حيزا كما لا يدنو إلى مسافة بشيء، متقدس الذات عن الآفات منزه عن التغيير، وهذه عقيدة مستقرة في القلوب ثابتة بواضح الدليل".
- وقال أيضا ما نصه: "الله تعالى يتقدس عن أن يحد بالجهات".
- وقال الامام الرفاعي: "غاية المعرفة بالله الإيقان بوجوده تعالى بلا كيف ولا مكان".
- وقال الرفاعي أيضا ما نصه: لا يحده – تعالى- المقدار، ولا تحويه الأقطار، ولا تحيط به الجهات، ولا تكتنفه السماوات، وأنه مستو على العرش على الوجه الذي قاله وبالمعنى الذي أراده، استواءًا منزهًا عن المماسة والاستقرار والتمكن والتحول والانتقال، لا يحمله العرش بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته، ومقهورون بقبضته، وهو فوق العرش، وفوق كل شيء إلى تخوم الثرى، فوقية لا تزيده قربا إلى العرش والسماء بل هو رفيع الدرجات عن العرش كما أنه رفيع الدرجات عن الدرجات.
- قال الإمام الحافظ المفسر عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي الحنبلي ما نصه: "الواجب علينا أن نعتقد أنّ ذات الله تعالى لا يحويه مكان ولا يوصف بالتغير والانتقال".
- وقال أيضا: "فترى أقواما يسمعون أخبار الصفات فيحملونها على ما يقتضيه الحس كقول قائلهم: ينزل بذاته إلى السماء وينتقل، وهذا منهم ردىء، لأن المنتقل يكون من مكان إلى مكان، ويوجب ذلك كون المكان أكبر منه، ويلزم منه الحركة، وكل ذلك محال على الحق عز وجل" اهـ.
- وقال أيضا: "كل من هو في جهة يكون مقدرا محدودا وهو يتعالى عن ذلك، وانّما الجهات للجواهر والأجسام لأنها أجرام تحتاج إلى جهة، واذ ثبت بطلان الجهة ثبت بطلان المكان" اهـ.
- وقال الشيخ الصوفي الصالح عبد الله بن سعد المعروف بابن أبي جمرة ما نصه: "فمحمد عليه السلام فوق السبع الطباق ويونس عليه السلام في البحار وهما بالنسبة إلى القرب من الله سبحانه على حد سواء، ولو كان عز وجل مقيدا بالمكان أو الزمان لكان النبي صلى الله عليه وسلم أقرب اليه، فثبت بهذا نفي الاستقرار والجهة في حقه جلّ جلاله" اهـ.
- وقال الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعي اليمني (768هـ) بعد أن ذكر عقيدة الصوفية في تنزيه الله عن الجهة والمكان ما نصه:
- وقال الشيخ أبو علي محمد بن علي بن عبد الرحمن الصوفي الزاهد المعروف بابن عراق الكناني الدمشقي نزيل بيروت (933 هـ) ما نصه: "كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان، جلّ عن التشبيه والتكييف، والتأليف والتصوير" اهـ.
- وقال أيضا ما نصه: "ذات الله ليس بجسم، فالجسم بالجهات محفوف، هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس، على العرش استوى من غير تمكن ولا جلوس" اهـ.
- وقال الصوفي الزاهد العارف الشيخ عبد الغني النابلسي الدمشقي الحنفي (1143هـ) ما نصه: "فيتنزه سبحانه وتعالى عن جميع الأمكنة العلوية والسفلية وما بينهما".
- وقال أيضا:
- وقال الشيخ الصوفي الزاهد العلامة مولانا خالد بن أحمد النقشبندي (1242هـ) ما نصه: "أشهد بأن الله ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض، وكذلك صفاته لا يقوم به حادث ولا يحل في شيء ولا يتحد بغيره، مقدس عن التجسم وتوابعه وعن الجهات والأقطار".
- وقال الصوفي العارف بالله الزاهد العابد الشيخ بهاء الدين محمد مهدي بن علي الرواس الصيادي الحسيني الشافعي (1287هـ) ما نصه: "الوسيلة الأولى صحة الاعتقاد، ولنذكر ذلك بالاختصار على الوجه الكافي، وهو أن يعتقد المرء أن الله واحد لا شريك له، وهو الأول والآخر، والظاهر والباطن ليس كمثله شيء، لا يحده المقدار، ولا تحويه الأقطار، ولا تحيط به الجهات، ولا تكتنفه السموات" انتهى باختصار.
- وقال الرفاعي: "التوحيد وجدان تعظيم في القلب يمنع من التعطيل والتشبيه" اهـ.
- ويَنقل الامام الشعراني عن علي الخواص قوله: "لا يجوز أن يقال إنّه تعالى في كل مكان كما تقول المعتزلة القدرية" اهـ.
- وقال أبو القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري عند ذكر عقيدة الصوفية ما نصه :
- ويقول الامام القشيري: "اعلموا أن شيوخ هذه الطائفة بنوا قواعدهم على أصول صحيحة في التوحيد، صانوا بها عقائدهم عن البدع، ودانوا بما وجدوا عليه السلف، وأهل السنة من توحيد، ليس فيه تمثيل ولا تعطيل" اهـ. ويقول مقدم الصوفية الجنيد البغدادي: "التوحيد افراد القديم من المحدث" اهـ.
- ويقول الامام الشيخ أحمد الرفاعي الكبير: صونوا عقائدكم من التمسك بظاهر ما تشابه من الكتاب والسنة فانّ ذلك من أصول الكفر" اهـ.
- وقال رضي الله عنه أيضا: "فسبيل المتقين من السلف تنزيه الله تعالى عما دلّ عليه ظاهره، وتفويض معناه المراد إلى الحق تعالى وتقدس" اهـ.
- وقال أيضا: "ولكم حمل المتشابه على ما يوافق أصل المحكم لأنه أصل الكتاب، والمتشابه لا يعارض المحكم" اهـ. **وقال رضي الله عنه: "أصموا أسماعكم عن علم الوحدة، وعلم الفلاسفة، وما شاكلهم فانّ هذه العلوم مزالق الأقدام إلى النار" اهـ.
- وقال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "من زعم أنّ الهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود" اهـ.
- وقال أبو بكر الشبلي: "الله الواحد المعروف قبل الحدود وقبل الحروف سبحانه لا حد لذاته ولا حرف لكلامه" اهـ.
- وقال الشيخ عبد الغني النابلسي: "من زعم أن الله يسكن السماء، أو أنه جسم قاعد فوق العرش فهو كافر" اهـ. ويقول أيضا:
معرفة الله عليك تفترض |
|
بأنه لا جوهر ولا عرض |
وليس يحويه مكان لا ولا |
|
تـدركه العقول جل وعلا |
لا ذاتـه يـشبه للذوات |
|
ولا حكت صفاته الصفات |
التصوف الحقيقي ما هو
واعلم أن التصوف الحقيقي هو حق وصدق، وموافق لما عليه أهل السنة والجماعة من العقيدة الصافية و خاليا من شوائب التشبيه والتكييف، ومما يدلنا على ذلك ما روي أن السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، كان صوفيا كبيرا محبا لأهل التصوف مقربا لهم وها هو يأمر بأن تذاع عقيدة أهل السنة والجماعة على ما قرره الامام أبو الحسن الأشعري رحمه الله على المآذن، فقد كان أشعري العقيدة شافعي المذهب صوفي المشرب، وقد قال الحافظ السيوطي في كتابه "الوسائل إلى مسامرة الأوائل" ما نصه: "إنّ السلطان صلاح الدين بن أيوب أمر المؤذنين في وقت التسبيح أن يعلنوا بذكر العقيدة الأشعرية فوظف المؤذنين على ذكرها كل ليلة إلى وقتنا هذا" أي إلى وقت السيوطي المتوفى سنة 911هـ. ولا يخفى على كل مسلم مكانة السلطان المجاهد صلاح الدين بين المسلمين وشهرته وصلاحه وهو ظاهر ومشهور. ولما كان للسلطان صلاح الدين هذا الاهتمام بعقيدة الأشعري (عقيدة أهل السنة والجماعة) ألّف له الشيخ النحوي محمد بن هبة الله المكي رسالة سماها "حدائق الفصول وجواهر الأصول" وأهداها للسلطان فأقبل عليها وأمر بتعليمها حتى للصبيان في الكتاتيب، وصارت تسمى فيما بعد "بالعقيدة الصلاحية" وهي منظومة شعرا حتى يسهل حفظها للصغار. ونذكر شيئا منها لبيان ما كان عليه مشاهير المتصوفة من الاعتقاد السليم ما يدلك على صفاء معتقدهم ورقي منهجهم
. يقول الناظم محمد بن هبة البرمكي وهو من على القرن السادس الهجري:
فـهـذه قـواعـد الـعقائد |
|
ذكـرت منها معظم المقاصد |
جـمـعتها لـلملك الأمـين |
|
الناصر الغازي صلاح الدين |
وصانع العالم فرد صمد |
|
ليس له في خلقه مساعد |
جلّ عن الشريك والأولاد |
|
وعز عن نقيصة الأنداد |
ويقول عن الله عز وجل:
هـو قـديم ما له ابتداء |
|
ودائـم لـيس لـه انتهاء |
لأن كـل ما استقر قدمه |
|
فيستحيل في العقول عدمه |
ويقول في تنزيه الله عن الحد والمكان:
وصـانع الـعالم لا يـحويه |
|
قطر(1) تعالى الله عن تشبيه |
قـد كـان موجودا ولا مكانا |
|
وحـكمه الآن عـلى ما كانا |
سـبحانه جـل عـن المكان |
|
وعـزّ عـن تـغير الزمان |
فـقد غـلا وزاد فـي الغلو |
|
مـن خـصه بـجهة الـعلو |
وحـصر الصانع في السماء |
|
مـبدعها والعرش فوق الماء |
وأثـبـتوا لـذاته الـتحيزا |
|
قد ضلّ ذو التشبيه فيما جوّزا |
ويقول في تأويل ما تشابه من القرءان:
إعـلم أصـبت نهج الخلاص |
|
وفـزت بالتوحيد والاخلاص |
أنّ الـذي يـؤمن بـالرحمن |
|
يـثبت ما قد جاء في القرءان |
مـن سائر الصفات والتنزيه |
|
عـن سنن التعطيل والتشبيه |
مـن غـير تجسيم ولا تكييف |
|
لـما أتـى فـيه ولا تحريف |
فـإن مـن كـيّف شيئا منها |
|
زاغ عـن الـحق وضلّ عنها |
وهـكذا مـا جاء في الأخبار |
|
عـن النبي المصطفى المختار |
فـكل مـا يُروى عن الآحاد |
|
في النص في التجسيم والالحاد |
فـاضرب به وجه الذي رواه |
|
واقـطـع بـأنه قـد افـتراه |
فـاحفظ حـديث هذه الأصولا |
|
ثـم الـزمنها ودع الـفضولا |