الفلسفة اليونانية
امتصت الفلسفة اليونانية مادة اساسية من العناصر المقومة لها مما أنجزته الحضارات الأخرى خارج الفضاء الاوروبي، مضافاً إلى ما انجزته البيئة المحلية الخاصة بها، فعملت على مزجه وهضمه وتمثله، ثم أعادت إنتاجه في إطار المحيط اليوناني الخاص وما يتوالد فيه من سجالات و معارك عقلية عارمة.
صحيح ان للمحيط اليوناني أثراً بالغاً في تخصيب مضمون الفلسفة اليونانية، وتغذيتها بالوقود اللازم للاشعاع والتوهج بعيداً عن المركز مكانياً وزمانياً، لكن ذلك ما كان يتحقق لو لا اقتباس خامات معرفية من حضارات ازدهرت في قارة آسيا قبل ذلك بقرون عديدة. ذلك ان الشرق مهد النبوات والحضارات كما تقول لنا الكتب المقدسة والوثائق التاريخية ، والفلسفة اليونانية لم تكن مقطوعة الصلة عما يدور في وادي النيل و آسيا الصغرى ، التي كانت بدورهاعلى اتصال جغرافي وتاريخي من جهة الشرق بحضارات ما بين النهرين وغيرها. وانه لا يمكن اكتشاف حجم ابداع اليونانيين إلاّ بمعرفة المصادر الشرقية للمعارف اليونانية، وقد ادرك بعض الباحثين هذه الحقيقة فصرح شارل فرنر مثلاً: (إن الفلسفة اليونانية انما نشأت من تماس اليونان بالشرق).