إدريس السنوسي أول ملك يحكم ليبيا من 24 ديسمبر 1951 وحتى 1969 كان هو أول ملك يحكم ليبيا بعد الاستقلال عن إيطاليا و قوات الحلفاء في 24 ديسمبر 1951 وحتى 1969. كان من العائلة السنوسية، حيث كَانَ حفيدَ محمد بن علي السنوسي، مؤسس الطريقةالسنوسية . وَرثَ موقعَ جَدِّه
فهرس |
محمد إدريس ابن السيد المهدي ابن محمد بن علي السنوسي ولد في الجغبوب بشرق ليبيا (20 رجب 1307هـ/12 مارس 1890م نشأ في كنف أبيه الذي كان قائما على أمر الدعوة السنوسية في ليبيا، وعلى يديه وصلت إلى ذروة قوتها وانتشارها.
قد التحق إدريس السنوسي بالكتاب، فأتم حفظ القرآن الكريم بزاوية "الكفرة"، مركز الدعوة السنوسية، ثم واصل تعليمه على يد العلماء السنوسيين، ثم رحل إلى برقة سنة (1320هـ - 1902م)، وتشاء الأقدار أن يتوفى في هذا العام أبوه "السيد المهدي" بعد أن بلغت الدعوة في عهده الذروة والانتشار، ووصل عدد "الزوايا" إلى 146 زاوية موزعة في برقة وطرابلس وفزان والكفرة ومصر والسودان وبلاد العرب، وانتقلت رئاسة الدعوة إلى السيد أحمد الشريف السنوسي، وصار وصيا على ابن عمه إدريس وجعله تحت عنايته ورعايته. قاد السيد أحمد الشريف في فترة من فترات إمارته للحركة السنوسية المجاهدين الليبيين وبعد هزيمته في المعركة التي قادها ضد الانجليز في مصر تنازل لابن عمه ادريس.
وبعد قيام الحرب العالمية الأولى سحبت إيطاليا كثيرا من قواتها بليبيا بسبب اشتراكها في هذا الحرب، وفي الوقت نفسه رأى السنوسيون أن يساعدوا الدولة العثمانية التي دخلت الحرب أيضا، فقام السيد أحمد الشريف بحملة عسكرية على مصر، كان الغرض منها إرغام بريطانيا على القتال في حدود مصر الغربية، ومن ثم شغلها عن الحملة التركية الألمانية على قناة السويس، غير أن هذا الحملة فشلت، وعاد السيد أحمد شريف إلى بلاده منهزما، تاركا مهمة قيادة الدعوة السنوسية إلى ابن عمه محمد إدريس السنوسي، فاستطاع أن يقبض على الأمور بيد قوية ويضرب على أيدي المفسدين، واتخذ من مدينة "أجدابية" مقرا لإمارته الناشئة، وأخذ يشن الغارات على معسكرات الإيطاليين.
تولى السيد/ إدريس السنوسي إمارة الحركة السنوسيّة في عام 1916م من ابن عمه السيد أحمد الشريف. دخل السيد/ إدريس بن المهدي السنوسي في النصف الثاني من عشرينات القرن الماضي في مفاوضات مع إيطاليا. منها مفاوضات الزويتينة (من يوليو إلى سبتمبر 1916م).. مفاوضات منطقة عكرمة القريبة من مدينة طبرق ( من يناير إلى أبريل 1917م)، مفاوضات الرجمة (1914) وكان أهم شروطها هو الاعتراف بالسيد/ إدريس السنوسي كأمير سنوسي لإدارة الحكم الذاتي بحيث يشمل نطاقها واحات: الجغبوب وجالو والكفرة ويكون مقرها في إجدابيا، واتفاقية أبو مريم و اجتماع إدريس السنوسي بوزير المستعمرات الإيطالية أمندولا في عام 1922م في منطقة غوط الساس بالقرب من جردس العبيد. لم تستمر حكومة إجدابيا طويلاً لأنّ إيطاليا أرادت التخلص من اتفاقاتها. فقرر إدريس السنوسي الرحيل إلى مصر وكلف شقيقه الأصغر محمّد الرضا السنوسي وكيلاً عنه على شؤون الحركة السنوسيّة في برقة، وعين عمر المختار نائباً له وقائداً للجهاد العسكري في شهر نوفمبر 1922م
لما قامت الحرب العالمية الثانية في عام 1939م راهن الأمير إدريس السنوسي على الحلفاء وأعلن فيما بعد إنظمامه إليهم وعقد إتفاق مع البريطانيين . ودخل إلى ليبيا بجيش أسسه في المنفى (الجيش السنوسي) في 9 أغسطس 1940م متحالفاً مع البريطانيين لطرد الغزاة الإيطاليين. ولما انتهت الحرب بهزيمة إيطاليا، وخروجها من ليبيا، عاد إدريس السنوسي إلى ليبيا في (شعبان 1364هـ الموافق يوليو 1944م)، وأصبحت ليبيا منذ ذلك التاريخ تحت حكم الإدارة البريطانيّة والفرنسية (الحلفاء). تحصلَ في نوفمبر 1920م على حكم ذاتي (حكومة إجدابيا) ، ثم أعلن استقلال ولاية برقة في 11 أكتوبر 1949م، وانتقلت سلطات الإدارة العسكريّة البريطانية إلى حكومة برقة،
ولما أوشكت الحرب العالمية الأولى على الانتهاء، ولم تكن المعارك بين الليبيين والإيطاليين حاسمة، لجأ الطرفان إلى مائدة المفاوضات، وعقدا هدنة في سنة (1336هـ= 1917م) يعلنان فيها أنهما راغبان في وقف القتال والامتناع عن الحرب. وتضمنت هذه الهدنة عدة بنود، منها أن يقف الإيطاليون عند النقط التي كانوا يحتلونها، وأن يبقى على المحاكم الشرعية، وأن تفتح المدارس العملية والمهنية في برقة، وأن تعيد إيطاليا الزوايا السنوسية والأراضي التابعة لها، وأن تعفى من الضرائب، وفي مقابل ذلك يتعهد السنوسيون بتسريح جنودهم وتجريد القبائل من السلاح.
غير أن بنود هذه الهدنة لم تجد من ينفذها، فعاود الطرفان المفاوضات من جديد وعقدا اتفاقا جديدا سنة (1339هـ=1920م) عرف باتفاق "الرجمة" بموجبه قسمت برقة إلى قسمين: شمالي، وفيه السواحل وبعض الجبل الأخضر، ويخضع للسيادة الإيطالية، وجنوبي، ويشمل: الجغبوب، وأوجيلة، وجالوا، والكفرة، ويكون إدارة مستقلة هي الإمارة السنوسية، ويتمتع السيد محمد إدريس بلقب "أمير" مع حفظ حقه في التجول في جميع أنحاء برقة، ويتدخل في إدارة المنطقة الإيطالية متى شعر أن مصلحة أهالي البلاد تتطلب ذلك، وفي الوقت نفسه تعهد الأمير بأن يحل قواته العسكرية، على أن يحتفظ بألف جندي فقط يستخدمهم في شئون الإدارة وحفظ النظام.
لم تنجح هذه الاتفاقيات في تهدئة الأوضاع في البلاد وتوفير الاستقرار، وكانت أصابع إيطاليا وراء زرع بذور الشقاق في البلاد، وأدرك العقلاء أنه لا بد من توحيد الصف لمواجهة الغازي المحتل فعقد مؤتمر في "غربان" حضره زعماء الحركة الوطنية، وذلك في (ربيع الأول 1339هـ=نوفمبر 1920م)، واتخذ فيه القرار التالي: "إن الحالة التي آلت إليها البلاد لا يمكن تحسينها إلا بإقامة حكومة قادرة ومؤسسة على ما يحقق الشرع الإسلامي من الأصول بزعامة رجل مسلم منتخب من الأمة، لا يعزل إلا بحجة شرعية وإقرار مجلس النواب، وتكون له السلطة الدينية والمدنية والعسكرية بأكملها بموجب دستور تقره الأمة بواسطة نوابها، وأن يشمل حكمه جميع البلاد بحدودها المعروفة".
وقد انبثق عن هذا المؤتمر هيئة الإصلاح المركزية، قامت سنة (1341هـ= 1922) بمبايعة إدريس السنوسي أميرا للقطرين طرابلس وبرقة، وذلك من أجل توحيد العمل في الدفاع عن البلاد، والجهاد ضد المحتلين.
وكان قبول السنوسي لهذه البيعة وتوحيد الجهود هو ما تخشاه إيطاليا، وأدرك السنوسي بقبوله هذا أن إيطاليا لا بد أن تضمر الشر، وأنه صار هدفا، فذهب إلى مصر لمواصلة الجهاد من هناك، تاركا عمر المختار يقود حركة المقاومة فوق الأراضي الليبية، وكانت القضية الليبية تلقى عونا وتعاطفا من جانب المصريين.
وبعد أن استولى الفاشيون على الحكم في إيطاليا سنة (1341هـ= 1922م) اشتدت وطأة الاحتلال في ليبيا، وعادت المذابح البشرية تطل من جديد، واستولى المحتلون على الزوايا السنوسية وأعلنوا إلغاء جميع الاتفاقات التي عقدتها الحكومة الإيطالية مع السنوسيين، وكان من نتيجة ذلك أن اشتعلت حركة الجهاد، وكلما عجز المحتلون على وقف المقاومة أمعنوا في أساليب الإبادة، والإفناء ومحاربة اللغة العربية والإسلام، والعمل على تنصير المسلمين وإضعاف الدين والأخلاق.
وبعد أن استقر إدريس السنوسي في القاهرة أصبحت حركته محدودة بعد أن فرض عليه الاحتلال البريطاني في مصر عدم الاشتغال بالسياسة، وكان من حين إلى آخر يكتب في الصحف المصرية حول قضية بلاده.
ولم اشتعلت الحرب العالمية الثانية نشط إدريس السنوسي وعقد اجتماعا في داره بالإسكندرية حضره ما يقرب من 40 شيخا من المهاجرين الليبيين، وذلك في (6 من رمضان 1359هـ= 20 من أكتوبر 1939م) وانتهى الحاضرون إلى تفويض الأمير في أن يقوم بمفاوضة الحكومة المصرية والحكومة البريطانية لتكوين جيش سنوسي، يشترك في استرجاع الوطن بمجرد دخول إيطاليا الحرب ضد الحلفاء.
وبدأ الأمير في إعداد الجيوش لمساندة الحلفاء في الحرب، وأقيم معسكر للتدريب في إمبابة بمصر بلغ المتطوعون فيه ما يزيد عن 4 آلاف ليبي، كانوا فيما بعد عونا كبيرا للحلفاء في حملاتهم ضد قوى "المحور" في شمال أفريقيا، وساهموا مساهمة فعلية في الحرب، بالإضافة إلى ما قدمه المدنيون في ليبيا من خدمات كبيرة للجيوش المحاربة ضد إيطاليا.
لما انتهت الحرب بهزيمة إيطاليا، وخروجها من ليبيا، عاد إدريس السنوسي إلى ليبيا في (شعبان 1364هـ= يوليو 1944م) فاستقبله الشعب في برقة استقبالا حافلا.
وما إن استقر في برقة حتى أخذ يعد العدة لنقل الإدارة إلى حكومته، فأصدر قرارا بتعيبن حكومة ليبية تتولى إدارة البلاد، وأصدر دستور برقة، وهو يعد وثيقة مهمة من وثائق التاريخ العربي الحديث، وقد تكفل هذا الدستور حرية العقيدة والفكر، والمساواة بين الأهالي وحرية الملكية، واعتبر اللغة العربية لغة الدولة الرسمية، ونص الدستور على أن حكومة برقة حكومة دستورية قوامها مجلس نواب منتخب.
وفي عام (1366هـ= 1946م) اعترفت إيطاليا باستقلال ليبيا، وبحكم السيد محمد إدريس السنوسي لها، ولم تكن إمارته كاملة السيادة بسبب وجود قوات إنجليزية وفرنسية فوق الأراضي الليبية.
في 24 ديسمبر 1951م، أعلن الأمير محمّد إدريس السنوسي من شرفة قصر المنارة في مدينة بنغازي الإستقلال وميلاد الدولة الليبيّة كنتيجة لجهاد الشعب الليبي، وتنفيذاً لقرار هيئة الأمم المتحدة، وبناءاً على قرار الجمعيّة الوطنيّة الصادر بتاريخ 2 ديسمبر 1950م. وأعلن أنّ ليبيا منذ اليّوم – 24 ديسمبر 1951م – أصبحت دولة مستقلة ذات سيادة، وأنّه اتخذ لنفسه لقب ملك المملكة الليبية المتحدة، وأنّه سيمارس سلطاته وفقاً لأحكام الدستور.
نتيجة لمطالبة الليبيين بضرورة الاحتفاظ بوحدة الأقاليم الثلاثة (برقة- طرابلس- فزان) تحت زعامة الأمير إدريس أرسلت الأمم المتحدة مندوبها إلى ليبيا لاستطلاع الأمر، وأخذ رأي زعماء العشائر فيمن يتولى أمرهم، فاتجهت الآراء إلى قبول الأمير إدريس السنوسي حاكما على ليبيا.
اتجه الأمير بعد أن توحدت البلاد تحت قيادته إلى تقوية دولته، فأسس أول جمعية وطنية تمثل جميع الولايات الليبية في (13 من صفر 1370هـ= 25 نوفمبر 1950)، وقد أخذت هذه الجمعية عدة قرارات في اتجاه قيام دولة ليبية دستورية، منها أن "تكون ليبيا دولة ديمقراطية اتحادية مستقلة ذات سيادة على أن تكون ملكية دستورية، وأن يكون سمو الأمير السيد محمد إدريس السنوسي أمير برقة ملك المملكة الليبية المتحدة"، كما انصرفت إلى وضع دستور للمملكة، وأصدرته في (6 من المحرم 1371هـ= 7 أكتوبر 1951م) متضمنا 204 مواد دستورية.
وبعد أن أعلن الملك إدريس السنوسي أن ليبيا أصبحت دولة ذات سيادة عقب إصدار الدستور انضمت إلى جامعة الدول العربية سنة (1373هـ= 1953م) وإلى هيئة الأمم المتحدة سنة (1375هـ= 1955م).
كان تداول السلطة التفيديه يتم بالطرق السلميه وخير ذليل على ذلك هو انتقال السلطه مابين11 حكومة خلال فترة العهد الملكى وهى 18 سنه وهذا بيان بالحكومات الليبيه التى ترئاسة السلطة التنفيديه:
ظل السنوسي ملكا على ليبيا حتى قامت ثورة الفاتح في 16 من جمادي الآخر 1389 = 1 سبتمبر 1969 م بزعامة العقيد معمر القذافي فأطاحت بحكم الملك إدريس السنوسي، الذي انتقل إلى مصر لاجئا سياسيا برفقته زوجته الملكة فاطمة . وظل بها مقيما حتى توفي في (12 من شعبان 1404هـ= 25 من مايو 1983م).ودفن بالبقيع حسب وصيته, ولاتزال أرملته الملكة فاطمة مقيمة في الاسكندرية .