الأسبرين(Aspirin او acetylsalicylic acid) ،هو أحد أشهر الأدوية وأكثرها شعبية في كل مكان عندما أنقذ بلايين البشر من الحمي والنوبات القلبية والآلام الروماتيزمية خلال القرن الماضي وما زال حتى الآن يعتبر علاج متميزا علي بدائله . حتي بات أكثر الأدوية إنتاجا ومبيعا في العالم منذ أكثر من قرن عندما أطلق الصيادلة الألمان في مصانع (باير) للكيماويات هذا الإسم علي حامض أستيل سالسيك الإسم الكيماوي فأطلقوا علي هذه المادة اسم أسبرين.
فهرس
|
عرف الإنسان القديم الأسبرين منذ مئات السنين قبل إكتشافه وتحضيره في المعامل عام 1853إلا أنه لم يستعمل كدواء إلا عام 1899 وأطلق عليه اسم شائع هو أسبرين(Aspirin) بالألمانية. فلقد كان الإغريق والهنود الحمر بالأمريكتين وقدماء المصر يين يستخدمون اللحاء الداخلي اللين من قلف (قشر) وأوراق نبات الصفصاف كمنقوع في الماء ويشرب لعلاج إرتفاع حرارة الجسم في الحميات وعلاج الصداع والآلام الروماتيزمية . وكان هذا التأثير العلاجي سببه وجود مادة سالسين (Salicin) بوفرة في هذا النبات الذي تنمو أشجاره في المناطق المعتدلة قرب مياه الأنهار والترع والمصارف . وهو ينموحاليا بوفرة في مصر. ووجد الصيادلة الألمان أن جزيء السالسين يتحول بالجسم إلي شكل نشط .
كانت خلاصة لحاء (قشر الساق) نبات الصفصاف تحضر منذ عام 1757 وكانت شديدة المرارة . وحاول الصيدلي الألماني (بوخنر) تحضير المادة الفعالة في هذه الخلاصة بمعهد ميونخ للأقرباذين (الأدوية ) فحصل علي مادة الساليسين في شكل إبر بللورية صفراء مرة المذاق .وفي فرنسا إستطاع الصيدلي الفرنسي (هوليروا)تحضير هذه المادة في نفس العام. فلقد إستطاع إستخلاص أوقية من 3 رطل لحاء شجرة الصفصاف . وكان في عام 1833 بألمانيا قد قام الصيدلي الشهير( إ. مرك ) بتحضير مادة ساليسين أكثر نقاوة بمعمله بدرمشتادت. وكانت أرخص كثيرا من خلاصة الصفصاف الغير نقية التي كانت تحضر من قبل . وفي إيطاليا عام 1838 قد أطلق الصيدلي (رفائيل بيريا)من بيزا علي مادة الساليسين اسم حامض السالسيلك (salicylic acid). وكان قد إكتشف نبات آخر هو حلوي المروج به زيت عطري به إسترات حامض السالسيلك وهو أحد مشتقات حامض السالسيلك ويستعمل هذا الزيت كمروخ لدهان الجلد وتسكين اللآلام الروماتيزميةوأطلق علي هذه المادة (asalicylin).
في عام 1874 إستطاع الصيدلي الألماني فردريك هايدن تحضير السالسلات صناعيا بمصنع بدريسدن بألمانيا وهي أرخص من الساليسين الطبيعي . فحضر مادة سلسلات الصوديوم التي تذوب في الماء وأقل حامضية من الساليسين (حامض السالسيلك) . وهذه المادة الجديدة شاع إستعمالها في تخفيف اللآلام الروماتيزمية منذ عام 1876. إلا أن الأسبرين كحامض خلات (أستيل) السالسليك دخل عام 1899 ماراثون السباق في علاج اللآلام وتخفيض الحرارة بالحميات والصداع وأصبح دواء شعبيا بعدما إكتشف الصيدلي (هوفمان) طريقة تحضيره في معامل "باير" وأطلق عليه أسبرين حيث (ِِA) بالكلمة ترمز لمشتق (Acetyl) ومشتق (spirin) يرمز للكلمة الألمانية (spirsaure)وهي المادة التي في زيت نبات حلوي المروج.
و يوجد خلاف حول مكتشف أو لمن يرجع تصنيعه أول مرة. ينسب البعض الفضل للكميائي الألماني يهودي الأصل Arthur Eichengrün الذي تم سجنه في معتقلات النازيين. و ينسب آخرون الإكتشاف لهوفمان متهمين النازيين بعدم ذكر أيشغرين بسبب أصوله اليهودية.
يتميز الأسبرين أنه ضد الصداع و الإلتهابات و مسكن للآلام و مخفض للحرارة بالجسم في حالة الأمراض المعدية وضد تجلط الدم مما يجعله أكثر سيولة ويقي القلب من نوباته و الموت الفجائي ولاسيما مرضي الذبحة الصدرية أو إنسداد الشرايين والذين يعانون من الآلام الروماتيزمية الحادة والمزمنة ومرض الذئبة الحمراء الذين يعانون من إحمرار الجلد . وعلي الأطباء وصف الأسبرين في هذه الحالات لكن بجرعات قليلة رغم أن له تأثيراته الجانبية من بينها الإلتهابات بالمعدة . ولابد من إستعماله تحت إشراف طبي واع حتي لايصاب المريض الذي يتعاطاه بالنزيف الدموي وفي حالات نادرة يصيب المريض بنزيف بالمخ .لهذا المرضي الذين يعانون من الحساسية للأسبرين أومشتقات السالسيلات أويعانون من الربو أو ضغط الدم المرتفع (الغير مستقر أو مسيطرعليه) أو لديهم مرض بالكلي أو الكبد أو نزيف حاد علي الطبيب المعالج الموازنة بين مواصلة إستمرار المريض تناول هذه الأدوية السالسيلاتية أم لا . حتي لايتعرض مريضه للمخاطرة . كما يجب عليه مراعاة أن الأسبرين له تأثيره علي جسم المريض ككل وعلي أجهزته ووظائفها . والجرعات العالية منه يمكن أن تسبب فقدان السمع أو طنينا دائما بالأذن . وقد لاتظهر هذه الأعراض علي مرضي القلب والشرايين الذين يتناولون كميات قليلة من الأسبرين .
ولقد نشرت جامعة هارفارد دراسة إكلينيكية بينت أن الكثيرين من مرضي الذبحة الصدرية أوالأزمات القلبية الحادة والمؤلمة يعانون من عدم وصول الدم لعضلة القلب . و المعرضون للجلطات الدماغية قد تم إنقاذ حياتهم عن طريق استعمال الأسبرين علي نطاق واسع وأكثر مما هو متوقع . ففي حالة الأزمة القلبية الحادة فالأسبرين قد يعالجها عن طريق مضغ قرصين أسبرين . لأن المضغ يجعله يمتص بسرعة أكثر من إبتلاعه . لأنه في حالة الأزمة الحادة فإن الدقائق لها أهميتها علي عضلة القلب . وكلما إنتظرنا أطول وقتا كلما أصيب المريض بأضرار أكثر . وللوقاية يكفي قرص أسبرين أطفال يوميا أو نصف قرص أسبرين عادي .
وبعض المضادات الحيوية كالستربتومايسين والجليكوزيدات (جنتاميسين)تسبب فقدان السمع . لهذا يفضل تناول الأسبرين عند تعاطيها لمنع هذا الفقدان . فهذه المضادات الحيوية أكثرشيوعا في العالم .لأنها تقضي علي البكتريا المعدية المقاومة لغيرها من المضادات الحيوية . لأن هذه المضادات الحيوية تولد الجذور الحرة(الشاردة) مع الحديد في الجسم .وهي جزيئات غير مستقرة تتلف الخلايا الحية ولاسيما آلاف الخلايا الشعرية الدقيقة بالأذن الداخلية مما يفقدها القدرة علي تمييز الأصوات أوتسبب فقدانا دائما للسمع. . فالأسبرين ومشتقات السالسيلات يمنعان تراكم هذه الجذور الحرة والضارة والتي تولدها المضادات الحيوية .
ولقد ثبت أن مرض السكري بالذات يسبب في زيادة إفراز مادة الثرومبكسان (Thromboxane) وهي تسبب تراكم الصفائح الدموية بالدم مما قد تسبب جلطة أو إنسداد الأوعية الدموية القلبية . فتناول جرعات قليلة من الأسبرين تفيد من ألإقلال من إفراز هذه المادة المجلطة للدم . مما يقلل ظهور النوبات القلبية أو حدوثها.ولهذا قبل تناول الأسبرين يجب التأكد من عدم إستعداد الشخص للنزيف الدموي . لأن الأسبرين يؤخر تجلط الدم . ولايتناوله الأشخاص الذين يعانون من إضطرابات الجهاز الهضمي أو يعانون من القرحة المعدية أو قرحة الإثني عشر أو الذين سيجرون عملية جراحية .ووجد أن الجرعات العالية من الأسبرين يكون مفعولها أقل في تسييل الدم ووجد أن الأسبرين والأدوية الغير ستيرويدية المانعة للإلتهابات والآلام يمنعان السرطان ويقللان الأورام ولاسيما في حالة سرطان القولون والمريء والمعدة .
وفي مطلع الألفية الثالثة سيدخل الطب في عالم الأسبرين لأنه يسيطر علي الإلتهابات التي تسبب العديد من الأمراض مما يقللها . لأنه يقلل إفراز إنزيم كوكس2(Cox 2) الذي يسبب الإلتهابات والآلام . فزيادة هذاالإنزيم لها صلة بإلتهابات المفاصل وأمراض القولون والسرطان ومرض الزهايمر (عته الشيخوخة ). وقرص أسبرين واحد قبل النوم يفيد مرضي السكر لأنه ينشط البنكرياس لإفراز الأنسولين الذي يحول السكر لطاقة ويقلل مقاومة الخلايا وزيادة حساسيتها للإنسولين . والجرعات العالية من الأسبرين تخفض السكر في البول والدم لدي مرضي السكر من النوع (2) لو تناولها المريض علي فترات لعدة أيام . والأسبرين يفيد في سرطان القولون والشرج ويقلل الأورام بهما. لأنه ينشأ من (Multiple polyps) وهي عبارة عن زوائد من كتل نسيجية تبرز من بطانة العضو كالأنف والمثانة والمعدة . ويمكنها سد الممرات التي تنمو بها. وسرطان الشرج والقولون له صلة بمعدل زيادة البروستاجلاندينات بجداريهماالتي تسبب ظهور هذا النوع من السرطان . والأسبرين يقلل من وجودها مع الجذور الحرة كمانع للأكسدة. فالذين يواظبون علي تناول الأسبرين يوميا (4-6 قرص إسبوعيا ) تقل لديهم فرصة ظهور هذا المرض. كما يقي من سرطان الثدي والمبيض والرحم حتي ولو كان لدي المرأة ورم غددي أو سرطان الشرج . فيمكن تناول 325مجم يوما بعد يوم للوقاية . وهذه الجرعات الزائدة تقلل وقوع النوبات القلبية . وفي دراسة بمركز (مايو كلينك) وجد أن الأسبرين وأدوية الإلتهابات الروماتيزمية الغير ستيرويدية تقي من سرطان البروستاتا . فقرص أسبرين واحد يوميا يكفي لو تناوله الشخص فوق سن الستين . . ففي مرض الزاهيمر .. وجد أن إلتهابات المخ تؤدي للمرض . وثبت أن الذين يتناولون جرعات قليلة من الأسبرين للوقاية من أمراض الأوعية القلبية أو إلتهابات المفاصل أقل عرضة للإصابة بهذا المرض . وبهذا يحافظ الشيوخ علي ذاكرتهم ومعرفتهم مع التقدم في العمرلو تناولوا الأسبرين بصفة مستمرة .
والأسبرين والباراسيتامول والأدوية الغير ستيرويدية المضادة لآلام الروماتيزم كالإيبوبروفين تخفض الحرارة العالية بالجسم أثناء الحميات .لأنها تعمل علي جزء من المخ الذي ينظم الحرارة . لأن المخ يرسل إشارات للأوعية الدموية لتتسع مما يحعل الحرارة تنخفض بسرعة وتترك جسم المريض .
و هناك قواعد خاصة لتعاطي الأسبرين من بينها :
و قد يسبب الأسبرين لدي البعض لو تناولوه لمدة طويلة :
قد يسبب نزيفا للحامل ومشاكل ونزيفا للجنين أثناء مراحل نموه ويجعل وزنه أقل من المعتاد عند ولادته .
لقد ظهرمن بين هذه الأدوية الباراسيتامول (اسيتامينوفين) والذي لايسبب تهيجا بالمعدة ويسكن الآلام ويخفض الحرارة . لكنه لايسكن الألم بالأطراف وليس له قدرة علي تحقيق سيولة الدم كالأسبرين . ويعتبر بديلا له في تخفيف الصداع وتخفيض الحرارة لدي الأشخاص الذين عندهم موانع لإستعمال الأسبرين سواء أكانوا أطفالا أم بالغين. والباراسيتامول يمكن للأطفال والكبار تحمله بلا مشاكل ظاهرية .إلا أن الجرعات العالية منه يمكن أن تدمر الكبد ولاسيما ولو كان المريض يتناول الخمور . لقد ظهرت الأدوية التي يطلق عليها قاتلة للألم بما فيها الأسبرين بأنواعه . وهي تعمل علي إستهداف إنزيمات كوكس(Cox) التي يطلق عليها (Cyclo oxygenases )وهي نوعان كوكس (1) الذي يجعل الصفائح الدموية تتجلط وكوكس(2)الذي يشجع بعض الكيماويات في التدخل في الآلام والتورم والتي تسبب الإلتهابات. وهذه الأدوية لها صلة أيضا بمنع إفراز إنزيمات الإلتهابات الأخري مثل (IKK Beta) والتي لها صلة إضافية لزيادة حساسية الخلايا للإنسولين. تعتبر أدوية (NSAIDS) المسكنة للآلام والمخففة للإلتهابات الغير ستيرويدية كمادة الإيبوبروفين أوالنبروكسين أو الإندوميثازين أوالكيتوبروفين أو البيروكسيكام أو الديكلوفيناك أدوية قاتلة للألم كما يقال . وهي مواد غير كورتيزونية تخفض إرتفاع الحرارة في الحميات وتسكن الآلام وآلام ماقبل الطمث وإلتهابات العظام والمفاصل لدي الكبار والأطفال إلا أنها تسبب تهيجا في المعدة .ولايؤخذ الأسبرين مع هذه الأدوية لأتهما معا يسببان إحمرارا جلديا متعدد الأشكال (ُErythema multiform). لأن الإزدواجية الدوائية (الأسبرين مع هذه الأدوية) تسبب تأثيرا متداخلا سيئا. والأسيرين وهذه الأدوية لهما قدرة علي إغلاق صنع البروستاجلاندينات (Prostaglandines)التي هي شبيه هورموني كيماوي لها تأثير مختلف عن الكوكسات ومسئولة عن ظهور أنواع من الآلم والإلتهابات . لكن الأسبرين يتميز علي هذه الأدوية بجرعاته المعقولة والمحتملة نسبيا. لأن لها تأثيرا سيئا علي الكبد وتسبب اليرقان(الصفراء) والغثيان وزغللة في العين وطنينا في الأذن والصداع والطفح الجلدي والإسهال ومشاكل بالمعدة والنعاس والغازات وحرقان القلب(حموضة بالمعدة) . ومع طول الإستعمال تسبب قرحة بالمعدة . ولاتستعمل هذه الأدوية مع الأسبرين لأنهما يسببان آلاما بالمعدة أو جلطة دموية . كما أن هذه الأدوية لايمكن أن تكون بديلا للأسبرين في الوقاية من الأزمات القلبية وتسييل الدم والإقلال من تخثره للإقلال من حدوث الجلطات . رغم أنها قد تسبب نزيفا بالمعدة مع طول الإستعمال أو تناول جرعات عالية .
تعتبر متلازمة راي(Reye syndrome) مرض يهدد حياة الشخص نتيجة تناوله الأسبرين ويظهر عليه عقب الإصابة بفيروسات أو الأمراض المعدية كالجديري المائي (الكاذب)والإنفلونزا والإلتهابات التنفسية الحادة . مما قد يؤثر علي الكبد والمخ. وهذا المرض أعراضه متغيرة . فقد تكون متوسطة وخفيفة أو محدودة أو تتطور بسرعة مسببا الموت خلال ساعات من وقوعه وعادة يسبب تورما في المخ . وقد يتوقف المرض في أي مرحلة منه مع الشفاء التام في خلال 5-6 أيام ويصبح المريض عاديا ويستعيد الكبد وظائفه. فالأسبرين حتي ولو كان أسبرين الأطفال لايعطي لهم وحتي سن 12سنة أثناء إصابتهم بالبرد والإنفلونزا أو إصابتهم بالجديري المائي . لأنه يسبب متلازمة (راي) التي تسبب الموت المفاجيء لهم .لأنها تصيب الجهاز العصبي والكبد وتسبب تورم المخ. فالذين يصابون بهذه الحالة قد يموتون ومن ينجو يعش ولديه تلف بالمخ . وعندما يعطي للأطفال لعلاج آلام المفاصل أو الروماتيزم لمدة طويلة لابد أن يستشر الطبيب المتخصص . وبصفة عامة لايؤخذ الأسبرين في هذه الحالة أكثر من 10 أيام متصلة . وهذا ماجعل الشركات المنتجة للأسبرين يضعون تحذيرات علي المستحضر بأن ثمة علاقة بين الأسبرين ومتلازمة (راي) بعدها هبطت نسبة إصابة الأطفال بها .لأن الآباء أصبحوا حذرين عند إستعمالهم الأسبرين حتي ولو كان أسبرين الأطفال . وهذا التحذير مع كل أسف لايوجد لدينا رغم أنه صادر عن هيئة الغذاء والدواء الأمريكية المرجع الصحي لكل السلطات الصحية بالعالم .
الأسبرين ليس بالدواء الآمن 100%.وهذا يتطلب التوعية به. فلا يعطى دون قيود. ولابد أن يكون الأطباء علي بينة تامة بأبعاده العلاجية وإلا تسببوا في كارثة لمرضاهم بحسن نية . فيجب الحذر عند استخدام الأسبرين ولاسيما وأنه لايوجد أي قيود أو محاذير علي إستعماله أو صرفه .