الرئيسيةبحث

أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن


سلطان المغرب والأندلس وثاني سلاطين الدولة الموحدية التي حكمت الأندلس والمغرب بعد سقوط دولة المرابطين العظيمة، أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن بن علي، ولد بتينملّل بالمغرب في شهر رجب سنة 533هـ، وتولى السلطنة بعد وفاة أبيه «عبد المؤمن» مؤسس الدولة، في جمادى الآخرة سنة 558هـ, وقد واجه في بداية حكمه بعض الاعتراضات من إخوانه الأكبر سنًا ولكنها زالت سريعًا([1]).

كان هذا الرجل من أعظم سلاطين الأندلس والمغرب لولا ما فيه من اتباع لعقيدة المهدي التي وضعها لهم ابن تومرت المتوفى سنة 524هـ, والتي هي خليط من الاعتزال والتجهم والتعطيل، فلقد كان يوسف بن عبد المؤمن عادلاً حازمًا دينًا خبيرًا بشئون الحكم والملك، معنيًا بشئون وأحوال الرعية، شديدًا على العصاة والمفسدين، بعيد الهمة، شديد الكرم والبذل والمواساة، وكان من العلماء الأدباء حافظًا للقرآن الكريم، من رواة الحديث المتقنين, حتى أنه كان يحفظ صحيح البخاري بسنده الخاص به, ورغم أرومته البربرية كان شديد الفصاحة باللغة العربية، يعلم أخبار العرب في الجاهلية والإسلام، لذلك انتظم في بلاطه أعظم علماء وأدباء العصر.

أما أفضل خصاله، فهي شغفه الكبير بالجهاد في سبيل الله، فلقد كان دائم الغزو والتجهيز له، واعتنى بالجيوش وقواها واستمال العرب بالمغرب وضمهم لجنوده، حتى أنه قد ألف رسالة مشهورة في فضل الجهاد في سبيل الله ومكانته والحض عليه، صارت هذه الرسالة تطبع وتدرس حتى وقت قريب.

ويكفي دليلاً على حبه للجهاد أنه قد قتل في معركة شنترين الشهيرة بالأندلس وهذا في غاية الندرة أن يقتل سلطان الدولة وقائد الجيش في المعركة مما يبرهن على مدى صدق حبه للجهاد، وقد أصابته إصابات بالغة في هذه المعركة توفي على إثرها في 18 ربيع الآخر 580هـ ـ 29 يوليو 1184م، وبالجملة كان رجلاً صالحًا فاضلاً وسلطانًا عظيمًا، لولا اتباعه لعقيدة المهدي الباطلة، ولا يوجد أهم من صحة العقيدة ونقائها والله أعلم بالخواتيم والعواقب.