الرئيسيةبحث

نهج السلامة إلى مباحث الإمامة/مقدمة المؤلف



مقدمة المؤلف


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي لخص الأدلة على الحق الحقيق بالقبول، وخلّص الأجلّة عن شرك الأوهام التي كم ارتكبت بها نسور العقول، والصلاة والسلام على حبيبه الذي أخرجه من قشر الإمكان لبابا، واختاره من بين أعيان الأعْيان، وأختار له أصحابا، فهو ﷺ حَوَر عين العماء، وتوّرد وجنة النبوة وآدم عليه السلام بين الطين والماء، وعلى آله الذين يُخفٌّ في حقهم رزين المدائح إذ كانوا أحد الثقلين، ويُجفُّ في وصفهم معين القرائح، إذ كانوا خير مِعَين لسيد الكَوْنين، وعلى أصحابه الذين بدوا في سماء الدين نجوما، وغَدَوا لشياطين الكفرة الملحدين رجوما.. وبعد.

فان إهاب العراق قد تهرى من سم الضلالة، وعرى معظم أهله داء السكتة لعظم الجهالة، وذلك لأن الإمامية أوقدوا نار الحرب بأسنة الشُبَهِ، أمام كل لاحِبْ، فعشي إليها كل أعشى غرّه قياس الَشّبَه، ولم يعلم أنه نار الحبَاحِب، فعظم تأجج الشر، وشاع التشيع في البر والبحر.

ولما كان في مثل ذلك يجب على العالم إظهار علمه، وتلافي هتك حرمة الدين وإعظام ثلمه، فيشفق على الجاهل شفقة أبيه أو عِرْسِه لئلا يهوى في مهاوي الضلال على أم رأسه؛ أحببت أن أكتب وريقات تتضمن بيان شيء من المهم في هذا الباب، فلعل الله تعالى يهدي بها من يشاء من عباده إلى صْوَب الصواب، ورتبت ذلك على مقدمة ومقصد وخاتمة، وسميته: ( نهج السلامة إلى مباحث الإمامة ).

وقد أخذت معظم ما ذكر من الترجمة العبقرية والصولة الحيدرية للتحفة الاثني عشرية، حيث إنّها لم تترك لأحدٍ مقالا ولم تدع فيما يرام جوابا وسؤالا، ولقد فاقت الكتب المؤلفة في ذلك الشأن كلها، فلعمري أني لم أجد فيها عيبا سوى أنها في بابها لا نظير لها، ولولا أن غرضي الاقتصار على ما كثر درره من مطالبها، والإعراض لبعض الأغْراض عن غالبها، مع ذكر ما خُيّل لي حسن التنبيه عليه، وألقي في روعي لطف الإشارة إليه:

لقُلتُ لِعُشّاقِ الملاحةِ: أقبِلوا ** إليها، على رأيي، وعن غيرِها ولّوا

وأسأل الله تعالى أن يوفقني والسامعين للسداد، وأن يجعل كلامي لثغور المعاندين أحكم سداد، فأقول:

أما المقدمة ففيها بحثان: أما الأول ففي بيان المراد بالإمامية عند الإطلاق في محل خلاف أو وفاق، وهو أمر مهم كما لا يخفى.


اعلم أنّ الإمامية إحدى فرق الشيعة، لكنها تنقسم إلى فرق كثيرة، بينها فروق في أمور خطيرة وتفصيل الكلام في هذا المقام، على وجه لا يورث في وجه المرام خللا، ولا يؤثر في قلب الناظر أو السامع مللا، إن الشيعة الذين يدعون إن صدقا وإن كذبا، مشايعة الأمير علي كرم الله تعالى وجهه ومتابعته وحبه الذي افترضه الله تعالى على عباده أربع فرق: