الرئيسيةبحث

نهج السلامة إلى مباحث الإمامة/المبحث الأول في بيان فرق الشيعة



المبحث الأول في بيان فرق الشيعة



الفرقة الأولى: الشيعة الأولى

ويسمّون الشيعة المخلصين أيضا، وهم عبارة عمّن كان في وقت خلافة الأمير كرم الله تعالى وجهه من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان وكلهم عرفوا له حقه، واحلوه من الفضل محله، ولم ينتقصوا أحدا من أخوانه أصحاب رسول الله ﷺ، فضلا عن إكفاره وسبه، بيد أن منهم من قاتل معه على تأويل القران، كما قاتلوا مع ابن عمه عليه الصلاة والسلام على تنزيله.

فقد كان معه رضي الله تعالى عنه في حرب صفين من أصحاب بيعة الرضوان ثمانمائة صحابي، وقد استشهد منهم تحت رايته هناك ثلاثمائة، ومنهم من تقاعد عن القتال تورعا واحتياطا لشبهة عرضت له، ولكنه مع ذلك كان قائما بمحبته وتعظيمه، ونشر فضائله وذلك لا يقصر بكثير عن القتال معه، ومن مشهوري هذا الصنف عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وقد كشف عن عينه من بعد غين الشبهة غاية فندم غاية الندم على قعوده وتخلفه عن الأمير كرم الله تعالى وجهه، لكن فات ذاك، وتعذر الأستدراك، وحالت المنية دون الأمنية.

وهذا يشبه من وجه ما كان من محمد بن الحنفية، رضي الله تعالى عنه من التوقف يوم الجمل حتى قال له أسد الله: ويحك أتتوقف وأبوك سائقك.

ومنهم من غلب عليه القضاء والقدر، فوقع منه ما أدى إلى قتاله كطلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم، فهم وإن وقع بينهم وبين الأمير كرم الله تعالى وجهه ما وقع يوم الجمل، محبون له عارفون له فضله، كما أنه رضي الله تعالى عنه في حقهم كذلك.

وليس بين ذلك وبين القتال الواقع في البين تناف، لأن القتال لم يكن مقصودا بل وقع عن غير قصد، لمكر من قتلة عثمان رضي الله تعالى عنه الذين كانوا بعشائرهم في عسكر الأمير، إذ غلب على ظنهم من خلوته بطلحة والزبير أنه سيسلمهم إلى أولياء عثمان، فاطاروا من نيران غدرهم شرارا، ومكروا مكرا كبّارا، فأوقعوا القتال بين الفريقين، فوقع ما وقع إن شاء وإن أبى أبو الحسنين، فكل من الفريقين كان معذورا، وكان أمر الله قدرا مقدورا، وتفصيل ذلك في محله، ولولا مخافة الإملال لمنحتك به كله.

على أن القتال لو فرض أنه كان قصدا فهو لشبهة قوية عند المقاتل، أوجب عليه أن يقاتل، فهو بزعمه من الدين ونصرة المسلمين، وليس من الغي والإستهانة بالأمير في شيء، ومتى كان كذلك فهو لا ينافي المحبة ولا يدّنس رداء الصحبة، وقد صرح بعض العلماء أن شكوى الولد على أبيه، لدين له عليه قادر على أدائه ومماطل فيه ليس من العقوق، ولا مخل بما للوالد من واجب الحقوق.

وإنْ أبى تعصبك هذا قلنا إنّ القوم رضي الله تعالى عنهم، كانوا من قبل ما وقع من الشيعة المخلصين الأبرار، لكن لعدم العصمة وقع منهم ما غسلوه بِبَرَد التوبة وثلج الاستغفار، ويأبى الله تعالى أن يذهب صحابي إلى ربه قبل أن يغسل بالتوبة والإستغفار دَرَن ذنبه.

وبنحو هذا يجاب عن أصحاب صفين من رؤساء الفرقة الباغية على علي أمير المؤمنين والمتلوثة سيوفهم في تلك الفتنة من الصحابة أقل قليل، ولولا عريض الصحبة وعميق المحبة، لدلع أفعوان القلم لسانه الطويل، فقف عند مقدارك، فما أنت وإن بلغت الثريا، إلا دون ثرى نعال أولئك، نعم يلزمك أن تقول، إن الحق في ما وقع كان مع زوج البتول، هذا واعلم أن ظهور هذا اللقب كان عام سبع وثلاثين من الهجرة، والله تعالى أعلم.

الفرقة الثانية: الشيعة التفضيلية

وهم عبارة عن الذين يفضلون الأمير كرم الله تعالى وجهه، على سائر الصحابة من غير إكفار أحد منهم ولا سب ولا بغض كأبي الأسود الدؤلي الذي اشتهر، وهو الأصح، بل الصحيح أنه واضع النحو بأمر باب مدينة العلم كرم الله تعالى وجهه، وكتلميذه أبي سعيد يحيى بن يعمر أحد قرّاء البصرة، وكسالم ابن أبي حفصة راوي الحديث عن الإمامين الباقر وابنه الصادق رضي الله تعالى عنهما، وكعبد الرزاق صاحب المصنف في الحديث، وكأبي يوسف يعقوب بن إسحاق المعروف بابن السكيت صاحب إصلاح المنطق في اللغة، وكخلق آخرين، ولبعض متأخري الصوفية قدست أسرارهم، كالفاضل الجامي، كلمات ترشح بالتفضيل، وانسلاكهم في هذا القبيل، وكثير من العلماء يصرفها عن ذلك صيانة لأولئك الأجلّة عن أن ينسب إليهم الابتداع، والأنخزال عن الشيعة المخلصين من الأشياع، وقد ظهرت هذه الفرقة بعد الأولى بنحو عامين أو ثلاثة، وقد صح ان الأمير كرم الله تعالى وجهه أحس أيام خلافته بقوم يفضلونه على الشيخين [ رضي الله تعالى عنهما ]، فكان ينهى عن ذلك، حتى قال: « لئن سمعت أحدا يفضلني على الشيخين رضي الله عنهما لأحدنه حد الفِرية »، وهو على ما في التحفة ثمانون جلدة، وقيل عشرة والله تعالى أعلم.

الفرقة الثالثة: الشيعة السبية

ويقال لها التبرائية، وهم عبارة عن الذين يسبون الصحابة إلا قليلا منهم كسلمان الفارسي وأبي ذر والمقداد وعمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهم، وينسبونهم - وحاشاهم - إلى الكفر والنفاق ويبرؤن منهم، ومنهم من يزعم – والعياذ بالله تعالى – ارتداد جميع من حضر غدير خم يوم قال عليه الصلاة والسلام: « من كنت مولاه فعلي مولاه... الحديث »، ولم يف ِبمقتضاه من بيعة الأمير كرم الله تعالى وجهه بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، بل بايع غيره.

وهذه الفرقة حدثت في عهد الأمير رضي الله تعالى عنه بإغواء عبد الله بن سبأ اليهودي الصنعاني، وليس هو هيان بن بيان، وزعم ذلك مكابرة وإنكار للمتواتر، ولما ظهرت أظهر الأمير كرم الله تعالى وجهه، البراءة منها وخطب عدة خطب في قدحها وذمها.

وقد روى الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة الزيدي في آخر كتابه ( طوق الحمامة في مباحث الإمامة )، عن سويد بن غفلة انه قال: « مررت بقوم ينتقصون أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، فأخبرت عليا كرم الله تعالى وجهه، وقلت لولا إنهم يرون انك تضمر [ مثل الذي أعلنوا به ] ما أعلنوا وما اجتروا على ذلك [ منهم عبد الله بن سبأ ]. فقال علي رضي الله تعالى عنه، نعوذ بالله، رحمهما الله، ثم نهض وأخذ بيدي، وأدخلني المسجد فصعد المنبر، ثم قبض على لحيته وهي بيضاء فجعلت دموعه تتحادر عليها وجعل ينظر للبقاع حتى اجتمع الناس، ثم خطب فقال: ما بال أقوام يذكرون أخوي رسول الله ﷺ ووزيريه وصاحبيه، وسيدي قريش وأبوي المسلمين، وأنا بريء مما يذكرون، وعليه معاقب، صحبا رسول الله ﷺ بالجد والوفاء، والجد في أمر الله يأمران وينهيان ويبغضان ويعاقبان، لا يرى رسول الله كرأيهما رأيا ولا يحب كحبهما حبا لما يرى من عزمهما في أمر الله، فقبض وهو عنهما راض والمسلمون راضون، فما تجاوزا في أمرهما وسيرتهما رأي رسول الله ﷺ، وأمره في حياته وبعد موته فقبضا على ذلك رحمهما الله فو الذي فلق الحبة، وبرئ النسمة لا يحبهما إلا مؤمن فاضل ولا يبغضهما إلا شقي مارق، وحبهما قربة، وبغضهما مروق... » الحديث، وفي رواية: « لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل ».

ثم أرسل إلى ابن سبأ فسيره إلى المدائن، وقال: لا تساكني [ في بلدة ] أبدا، وهذا مما يفت باعضاد هذه الفرقة، أعني الشيعة السبيّة لو ينصفون، ولما ظهرت ما ارتضى الشيعة المخلصون بلقب الشيعة فتركوه تحرزا عن الالتباس، وكراهة للاشتراك الاسمي مع أولئك الأرجاس، ولقبوا أنفسهم بأهل السنة والجماعة.

فما وقع في بعض الكتب كتاريخ الواقدي والاستيعاب، من أن فلانا كان من الشيعة مثلا، لا ينافي ما وقع في غيرها من أنه من رؤساء أهل السنة والجماعة، حيث ان المراد بالشيعة هناك الشيعة الأولى، وكل أهل السنة منهم، وكيف لا وهم يرون فرضيّة حب أهل البيت، وعلي كرم الله تعالى وجهه عمادهم.

ويروون في ذلك عدة أحاديث منها ما رواه البيهقي، وأبو الشيخ والديلمي إن رسول الله ﷺ قال: « لا يؤمن أحد حتى أكون أحب إليه من نفسه، وتكون عترتي أحب إليه من نفسه »، وعن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: « أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي »، إلى غير ذلك مما لا يكاد يحصى أو يحصر، وقد نسب للإمام الشافعي، وموضعه من أهل السنة موضع الواسطة من العقد نظم كثير يشهد بما ذكرناه عن أهل السنة، ويرد به على من أنكر ذلك من جهلة الشيعة كقوله:

يا أهلَ بيتِ رسولِ الله حُبُّكُمُ ** فَرْضٌ مِنَ اللهِ في القرآنِ أنْزَلَه

يَكْفِيكُمُ مِنْ عَظِيمِ الفَخْرَ أنَّكُمُ ** مَنْ لمْ يُصَلِّ عَليْكُمْ لا صَلاةَ لَهُ

وقوله:

ان فتشوا قلبي رأوا وسطه ** سطرين قد خطا بلا كاتب

العلم والتوحيد في جانب ** وحب أهل البيت في جانب

وقوله:

إذَا ذكروا عَليا أو بنيهِ ** وجاءوا بالرواياتِ العلية

يقال تجاوزوا يا قَوْمُ عنه ** فهذَا مِنْ حَديثِ الرَّافِضّية

برئْتُ إلى المهمين مِنْ أنَاس ** يَرونَ الرَّفْضَ حُبَّ الفاطمِيّة

وقوله:

يَا راكبا قِفْ بالمُحصَّب مِنْ مِنًى ** وَاهْتِفْ بساكنِ خَيْفهِا والنَّاهِضِ

سَحَرا إذا فَاضَ الحَجيجُ إلى منًى ** فَيْضا كَمُلْتَطمِ الفُرَاتِ الفَائِضِ

إنْ كانَ رَفْضا حُبذُ آلِ مُحَمَّدٍ ** فْلَيشْهَدِ الثَّقلانِ أنَّي رَافِضِي

وقوله:

إلام الأم وحتى ومتى ** أعاتب في حب هذا الفتى

فهل زوجت غيره فاطم ** وفي غيره هل أتى هل أتى

إلى غير ذلك مما هو مذكور في كتب الشيعة صحت نسبته إليه أم لا.

وهذا أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه، وهو هو بين أهل السنة كان يفخر ويقول بأفصح لسان: لولا السنتان لهلك النعمان، يريد السنتين اللتين صحب فيها لأخذ العلم الإمام جعفر الصادق، وقد قال غير واحد انه أخذ العلم والطريقة من هذا الإمام، ومن أبيه الإمام محمد الباقر، ومن عمه زيد بن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهم.

وللأعمش وهو أحد مجتهدي أهل السنة سفر كبير في مناقب الأمير كرم الله تعالى وجهه، ويكفي في هذا الباب أن معظم طرائق أهل السنة موصولة بأهل البيت، ولا يكاد ينكر هذا إلا من ينكر الفرق بين الحي والميت، ومن الشيعة من يزعم انه لا يعد محبا لعلي وسائر أهل البيت رضي الله تعالى عنهم من أحب الشيخين واضرابهم من الصحابة الذين لم يبايعوا الأمير كرم الله تعالى وجهه، يوم وفاته عليه الصلاة والسلام حيث يزعمون أنهم أعداء الأمير، وينشدون في ذلك من قال:

إذا صافى صديقك من تعادي ** فقد عاداك وانقطع الكلام

وقوله:

صديق صديقي داخل في صداقتي ** عدو صديقي ليس لي بصديق

ولا يخفى كذب مبناه، ويشير إلى كذبه الخبر الذي قدمناه، عن يحيى بن حمزة المؤيد بالله، وكذا غيره من الأخبار التي ملئت منها بطون الأسفار، ورحم الله تعالى أمرءا انصف، وعرف الحق فاعترف.

الفرقة الرابعة: الشيعة الغلاة

وهم عبارة عن القائلين بألوهية الأمير كرم الله تعالى وجهه، ونحو ذلك من الهذيان، وعندنا ان ابن أبي الحديد في بعض تلوناته، وكان يتلون تلون الحرباء كان من هذه الفرقة، وكم له في قصائده السبع الشهيرة من هذيان، كقوله يمدح الأمير كرم الله تعالى وجهه:

ألا إنما الإسلام لولا حسامه ** كعطفة عنز أو قلامة ظافر

وقوله:

يجل عن الأعراض والأين والمتى ** ويكبر عن تشبيهه بالعناصر

إلى غير ذلك. وأول حدوثهم، قيل في عهد الأمير بإغواء ابن سبأ أيضا، وقد قتل كرم الله تعالى وجهه من صح عنده انه يقول بألوهيته فلم ينحسم بذلك عرق ضلالتهم، ولم ينصرم حبل جهالتهم، بل استمر الفساد، وقوى العناد، ومن يضلل الله فما له من هاد، وهذه الفرقة على قلتها بالنسبة إلى الفرق الأخرى انقسمت إلى أربع وعشرين فرقة: السبئية، والمفضلية والسريغية، والكاملية، والبزيغية، والمغيرية، والجناحية، والبيانية، والمنصورية والغمامية، ويقال لهم الربيعية، والأموية والتفويضية، والخطابية، والمعمرية، والغرابية، والذبابية، والذمية، والاثنينية، والخمسية، والنصيرية والإسحاقية، والعلبائية، والمروزية، والمقنعية، وبيان ما غلت به في التحفة وفي غيرها.

وأكثر الفرق الأربع الشيعة السبيّة، فقد انتشرت في جميع الربع المعمور، فلا تكاد ترى بلدا إلا وهو بها مغمور، والإمامية فرقة منها، وهي أيضا فرقة كبيرة وطائفة كثيرة، وقد انقسمت إلى تسع وثلاثين فرقة على ما في التحفة:

الأولى الحسنية: يقولون ان الحسن المجتبى هو الإمام بعد أبيه علي المرتضى، والإمام من بعده الحسن المثنى بوصيته له، ثم ابنه عبد الله، ومن ثم ابنه محمد الملقب بالنفس الزكية، ثم أخوه إبراهيم بن عبد الله، وهذان خرجا في عهد المنصور الدوانيقي، ودعوا الناس إلى متابعتهما فتبعهما خلق كثير، واستشهدا بعد حرب شديد على يد بعض أمراء الدوانيقي رحمه الله تعالى عليهما، وقد ظهرت هذه الفرقة سنة مائة وخمس وتسعين.

الثانية النفسية: وهي طائفة من الحسنية تقول: ان النفس الزكية لم يقتل بل غاب واختفى وسيظهر بعد.

الثالثة الحكمية: ويقال لها الهشامية أيضا، وهم أصحاب هشام بن الحكم يقولون بإمامة الحسين بعد أخيه الحسن، ثم بإمامة أولاده على الترتيب المشهور إلى الصادق، وقد ظهرت سنة مائة وتسع.

الرابعة السالمية: ويقال لهم أيضا الجواليقية أصحاب هشام بن سالم الجواليقي، وهم في الإمامة كالحكمية وفي الاعتقاد مختلفون، فالحكمية يقولون ان الله عز وجل جسم طويل عريض عميق متساوي الأبعاد غير مصور بالصور المتعارفة، وهم يقولون جسم مصور بصورة الإنسان تعالى الله عما يصفون علوا كبيرا، وقد ظهرت سنة مائة وثلاثة عشر.

الخامسة الشيطانية: ويقال لها النعمانية أيضا اصحاب محمد بن نعمان الصيرفي الملقب بشيطان الطاق، وهم يقولون بالإمامة على الترتيب المشهور إلى موسى الكاظم، وبالتجسيم كالسالمية، وقد ظهرت سنة مائة وثلاثة عشر أيضا.

السادسة الزرارية: أصحاب زرارة بن أعين الكوفي، وهم في الإمامة كالحكمية، وخالفوهم في زعمهم ان صفاته سبحانه حادثة، لم تكن في الأزل، وقد ظهرت سنة مائة وخمس وأربعين.

السابعة والثامنة والتاسعة اليونسية: أصحاب يونس بن عبد الرحمن القمي، والبدائية والمفوضة، وكلهم متفقون على إمامة الأئمة الستة بالترتيب المشهور، وزعمت اليونسية منهم ان الله سبحانه على العرش بالمعنى المعروف تحمله الملائكة، والبدائية ان الله سبحانه قد يريد بعض الأشياء، ثم يبدو له ويندم لكونه خلاف المصلحة، وحملت خلافة الثلاثة ومدحهم في الآيات على ذلك.

والمفوضة: منهم من يزعم ان الله تعالى فوض خلق الدنيا إلى محمد عليه الصلاة والسلام، ومنهم من يقول إلى علي كرم الله تعالى وجهه، ومنهم من يقول إلى كليهما، وقد ظهرت الأخيرتان سنة ظهور الزرارية.

العاشرة الباقرية: ويقولون ان الإمام محمد الباقر لم يمت وهو الإمام المنتظر.

الحادية عشر الحاصرية: يقولون ان الإمام بعد الباقر ابنه زكريا، وهو مختف في جبل الحاصر لا يخرج حتى يؤذن له.

الثانية عشر الناؤسية: أصحاب عبد الله بن ناؤس البصري، يقولون إن الإمام جعفر الصادق حي غائب، وهو المهدي المنتظر.

الثالثة عشر العمارية: أصحاب عمار، يقولون إن الصادق قد مات والإمام بعده ابنه محمد، وقد ظهرت سنة مائة وخمس وأربعين.

الرابعة عشر المباركية: من الإسماعيلية أصحاب المبارك، يعتقدون ان الإمام بعد جعفر ابنه الأكبر إسماعيل ثم ابنه محمد، وهو خاتم الأئمة، والمهدي المنتظر.

الخامسة عشر الباطنية: منهم يرسلون الإمامة بعد إسماعيل بن جعفر في أولاده بنص السابق على اللاحق، ويزعمون وجوب العمل بباطن الكتاب دون ظاهره.

السادسة عشر القرامطة: منهم، وهم أصحاب قرمط، وهو المبارك في قول، وقال بعض العلماء هو اسم رجل آخر من أهل سواد الكوفة، اخترع ما عليه القرامطة، وقيل هو اسم أبيه، وأما المخترع نفسه فاسمه حمدان، وكان ظهوره سنة سبعين ومائتين، وقيل ان قرمط اسم لقرية من قرى واسط منها حمدان المخترع فهو قرمطي واتباعه قرامطة، وكان ظهوره فيها، وقيل غير ذلك، ومذهبهم ان إسماعيل بن جعفر خاتم الأئمة وهو حي لا يموت، ويقولون بإباحة المحرمات.

السابعة عشر الشمطية: أصحاب يحيى ابن أبي الشمط، يزعمون أن الإمامة تعلقت بعد الصادق بكل من أبنائه الخمسة بهذا الترتيب: إسماعيل ثم محمد ثم موسى الكاظم ثم عبد الله الأفطح، ثم إسحاق.

الثامنة عشر الميمونية: أصحاب عبد الله بن ميمون القداح الأهوازي، وهم قائلون بإمامة إسماعيل ويزعمون أن العمل بظواهر الكتاب والسنة حرام ويجحدون الميعاد.

التاسعة عشر الخلفية: أصحاب خلف، وهم القائلون بإمامة إسماعيل ونفي المعاد كالميمونية، إلا انهم يقولون كل ما في الكتاب والسنة من الصلاة والزكاة ونحوهما محمول على المعنى اللغوي لا غير.

العشرون البرقعية: أصحاب محمد بن علي البرقعي، وهم في الإمامة كمن سمعت آنفا، وينكرون أيضا المعاد، ويؤلون النصوص بما تهوى أنفسهم، وينكرون نبوة بعض الأنبياء، ويوجبون لعنهم والعياذ بالله تعالى.

الحادية والعشرون الجنابيّة: اتباع أبي الطاهر الجنابيّ، وهم كالقرامطة في الإمامة، وينكرون المعاد والأحكام بأسرها، ويوجبون قتل من يعمل بها، ولذا قتلوا الحجاج وقلعوا الحجر الأسود، وعدهم غير واحد فرقة من القرامطية كما انهم عدوا القرامطة فرقة من الإسماعيلية.

الثانية والعشرون السبعية: وهم من الإسماعيلية أيضا، يقولون ان الأنبياء الناطقين بالشرائع سبعة آدم وأولوا العزم الخمس والمهدي، وان بين كل رسولين سبعة رجال آخرون يقيمون الشريعة السابقة إلى حدوث اللاحقة، وإسماعيل بن جعفر كان أحد هؤلاء السبعة، وهم المقيمون للشريعة بين محمد عليه الصلاة والسلام والمهدي المنتظر الذي هو آخر الرسل بزعمهم، وزعموا انه لا يخلو الزمان عن واحد من أولئك الرجال.

الثالثة والعشرون المهدوية: زعموا ان الإمامة بعد إسماعيل لابنه محمد الوصي ثم لابنه أحمد الوفي، ثم لابنه محمد التقي، وفي بعض الكتب قاسم التقي، ثم لابنه عبيد الله الرضي، ثم لابنه أبي القاسم عبد الله، ثم لابنه محمد الذي لقب نفسه بالمهدي، وقد صار واليا بالمغرب، واستولى على بلاد أفريقية، وملك مصر وما حولها، ثم لابنه [ محمد ] القائم بأمر الله، ثم لابنه إسماعيل المنصور بقوة الله ثم لابنه معد المعز لدين الله، ثم لابنه المنصور نزار العزيز بالله، ثم لابنه أبي علي الحاكم بأمر الله، ثم لأبي الحسن الظاهر بدين الله، ثم لمعد المستنصر بالله، وذلك بنص الآباء للأبناء بترتيب الولاء.

وهذا الترتيب إلى هنا مجمع عليه عندهم، واختلفوا بعد المستنصر لما انه نص أولا على إمامة أخيه نزار، وثانيا على إمامة ابنه أبي القاسم المستعلي بالله، فبعضهم تمسك بالنص الثاني، وقال انه ناسخ للأول فقال بإمامة المستعلي فسموا بالمهدوية المستعلية، ثم بإمامة ابنه المنصور الآمر بأحكام الله، ثم بإمامة أخي المنصور هذا عبد المجيد الحافظ لدين الله، ثم بإمامة ابنه أبي المنصور محمد الظافر بأمر الله، ثم بإمامة ابنه أبي القاسم الفائز بنصر الله، ثم بإمامة ابنه محمد العاضد لدين الله، وقد خرج على هذا أمراء الشام واستولوا عليه فسجنوه حتى مات، وما بقي بعده أحد من أولاد المهدي داعيا للإمامة.

وبعضهم تمسك بالنص الأول وألغى الثاني، فقال بإمامة نزار، ويقال للقائلين بذلك النزارية، ويقال لهم الصباحية والحميرية نسبة للحسن بن صباح الحميري، حيث قام بالدعوة لطفل سماه الهادي زاعما انه ابن نزار، فهو الإمام عندهم بعد أبيه، ثم ابنه الحسن وزعم هذا انه يجوز للإمام ان يفعل ما شاء، وان يسقط التكاليف الشرعية، وقد قال لأصحابه انه أوحي إلي أن اسقط عنكم التكاليف الشرعية، وأبيح لكم المحرمات بشرط ان لا تنازعوا بينكم، ولا تعصوا إمامكم.

ثم ابنه محمد وكان متخلقا بأخلاق أبيه وكذا ابنه علاء الدين محمد، وأما ابنه جلال الدين حسن ابن محمد بن الحسن فقد كان متصلبا في الإسلام منكرا مذهب آبائه حسن الأخلاق آمرا بالمعروف ناهياعن المنكر، وأما ابنه علاء الدين، فقد صار ملحدا بعد أبيه الحسن، وكذا ابنه ركن الدين.

وقد ظهر في زمن هذا جنكيزخان، فخرب مملكته، وكان إذ ذاك بالري، وتحصن في قلعة ألموت من قلاع طبرستان، ولم يتم له ذلك بل كان آخر أمره من أتباع جنكيز خان، وقد انطلق معه حين عاد إلى وطنه فمات في الطريق.

ثم خرج ابنه الملقب نفسه بجديد الدولة، فلما سمع به ملوك التتار فرقوا جمعه، فاختفى في قرى طبرستان حتى مات، فلم يبق من أولاده أحد مدعيا الإمامة، وهذه الفرقة هي الرابعة والعشرون، وكان ظهور المهدوية الجامعة للفرقتين سنة مائتين وتسع وتسعين.

الخامسة والعشرون الأفطحية: ويقال لها العمائية أيضا لأنهم كانوا أصحاب عبد الله بن عماءة، وهم القائلون بإمامة عبد الله الأفطح، أي عريض الرجلين ابن جعفر الصادق شقيق إسماعيل معتقدين موته ورجعته، إذ لم يترك ولدا حتى ترسل سلسلة الإمامة في نسله.

السادسة والعشرون المفضلية: أصحاب مفضل بن عمرو ويقال لهم القطعية أيضا لأنهم قاطعون بإمامة موسى الكاظم قاطعون بموته.

السابعة والعشرون الممطورية: وهم قائلون بإمامة موسى معتقدون انه حي وانه المهدي الموعود، متمسكين بقول الأمير كرم الله تعالى وجهه سابعهم قائمهم سمي صاحب التوراة، وقيل لهم ممطورية لقول يونس بن عبد الرحمن رئيس القطعية لهم أثناء مناظرة وقعت بينهما: أنتم أهون عندنا من الكلاب الممطورة، أي المبللة بالمطر.

الثامنة والعشرون الموسوية: يقطعون بإمامة موسى ويترددون في حياته وموته، ولذا لا يرسلون سلسلة الإمامة بعده في أولاده.

التاسعة والعشرون الرجعية: وهم قائلون بإمامة موسى أيضا، لكنهم يقولون بموته ورجعته وهذه الفرق الثلاث يقال لها الواقفية أيضا لوقفهم الإمامة على موسى الكاظم وعدم إرسالها في أولاده.

الثلاثون الإسحاقية: يعتقدون بإمامة إسحاق بن جعفر، وكان في العلم والتقوى على جانب عظيم، وقد روى عنه ثقات المحدثين من أهل السنة كسفيان بن عيينة وغيره.

الحادية والثلاثون الأحمدية: يقولون بإمامة أحمد بن موسى الكاظم بعد وفاة أبيه.

الثانية والثلاثون الاثنا عشرية: وهذه هي المتبادرة عند الإطلاق من لفظ الإمامية، وهم قائلون بإمامة علي الرضا بعد أبيه موسى الكاظم، ثم بإمامة ابنه محمد التقي المعروف بالجواد، ثم بإمامة ابنه علي النقي المعروف بالهادي، ثم بإمامة ابنه الحسن العسكري، ثم بإمامة ابنه محمد المهدي معتقدين انه المهدي المنتظر، ولم يختلفوا في ترتيب الإمامة على هذا الوجه.

نعم اختلفوا في وقت غيبة المهدي وعامها وسنّهُ يوم غاب، بل قال بعضهم بموته وانه سيرجع إلى الدنيا إذا عم الجور وفشا والعياذ بالله تعالى [ من ] الحور بعد الكور، وقد ظهرت هذه الفرقة سنة مائتين وخمس وخمسين، وهي قائلة بالبداء، ولذا تراها تنادي بأعلى صوت عند زيارة روضة موسى الكاظم: « أنت الذي بدا الله فيه »، يعنون ما كان بزعمهم من نصب أخيه إسماعيل إماما بعد أبيه، وموته من قبل أن ينال الإمامة ونصب أبيه إياه إماما، وكأنهم تبعوا في ذلك البدائية أو أنهم قالوا بالبداء بمعنى وقالت البدائية بمعنى آخر.

في بيان فرق الاثني عشرية

الثالثة والثلاثون الجعفرية: يرتبون الإمامة نحو ترتيب الاثني عشرية بيد انهم يقولون ان الإمام بعد الحسن العسكري أخوه جعفر، وقد اتفقوا على ذلك واختلفوا في انه هل ولدَ ولدٌ للعسكري أسمه محمد أم لا؟، فقال بعضهم بأنه لم يولد له، وقال آخرون ولد وعاش بعد أبيه لكنه مات صغيرا، أو قتله سرا من كان في زمانه من خلفاء [ بني ] العباس، وقد علم بذلك عمه جعفر فادعى أرثه فلقبته الاثنا عشرية بالكذاب، هذا ولعل ما سمعت من اختلاف بعض الفرق يجعل كل طائفة من المختلفين فرقة، وبذلك تتم فرق الإمامية تسعا وثلاثين، فليراجع وليتأمل.

ثم اعلم أن الاثني عشرية المعروفين اليوم على علاتهم في الاعتقاديات أهون شرا بكثير من كثير من فرق الإمامية وسائر الشيعة، فهم في معظم الاعتقادات متطفلون على المعتزلة، وقول الخواجة نصير الدين الطوسي المتكلم على ما نقله عنه تلميذه ابن المطهر الحلي انهم مخالفون لجميع الفرق في ذلك، مما يتعجب منه المطلع على اعتقاداتهم، وأعجب من ذلك جعله تلك المخالفة دليلا على أنهم الفرقة الناجية.

وإنه قد ظهرت في هذه الاعصار من الاثني عشرية طائفة يقال لهم الشيخية، وقد يقال لهم الأحمدية، وهم أصحاب الشيخ أحمد الأحسائي ترشح كلماتهم بأنهم يعتقدون في الأمير كرم الله تعالى وجهه نحو ما يعتقد الفلاسفة في العقل الأول بل أدهى وأمر.

وطائفة أخرى يقال لها الرشتية، وكثيرا ما يقال لها الكشفية، وهو لقب لقبهم به بعض وزراء الزوراء أعلى الله تعالى درجته إلى أعلى عليين، وهم أصحاب السيد كاظم الحسيني الرشتي وهو تلميذ الأحسائي وخريجه لكن خالفه في بعض المسائل، وكلماته ترشح بما هو أدهى وأمر مما ترشح به كلمات شيخه، حتى ان الاثني عشرية يعدونه من الغلاة، وهو يبرأ مما تشعر به ظواهر كلماته، وقد عاشرته كثيرا فلم أدرك منه ما يقوله فيه مكفروه من علماء الاثني عشرية، نعم عنده على التحقيق غير ما عندهم في الأئمة وغيرهم مما يتعلق بالمبدأ والمعاد، ولقد وجدت أكثر ما يقرره ويحرره مما لا برهان له سوى سراب شبه يحسبه الظمآن ماء، ولا أظن ان مخالفاته لشيخه تجعله وأصحابه القائلين بقوله فرقة غير الشيخية.

وطائفة أخرى يقال لها البابية: وهم أصحاب ميرزا الملقب بالباب، والباب واحد الأبواب، وهم أحد الأقسام السبعة لمن لا بد منه في بناء المذهب، الأول الإمام الذي يصل إليه علم الغيب بلا واسطة، والثاني الحجة الذي يقرر علم الإمام على وفق مذاق المخاطبين وقدر عقولهم وفهومهم بالبرهان والخطابة، الثالث ذو المصة الذي يمتص العلم من ثدي الحجة، الرابع الأبواب، ويقال لهم الدعاة، ولهم مراتب وأكبرهم من يرفع درجات المؤمنين عند الإمام، والحجة وهذا الأكبر هو رابع السبعة، الخامس الداعي المأذون الذي يأخذ العهود والمواثيق من الناس ويفتح للطالب باب العلم والمعرفة، السادس المكلّب الذي شأنه البحث والاحتجاج والترغيب في صحبة الداعي وليس له الأذن بالدعوة، وسمي بذلك على التشبيه بالمكلب المعلّم السابع المؤمن المتبع الذي يؤمن بالإمام بمساعي المكلّب والداعي.

وقد أظهر هذا الباب شنائع كثيرة، منها زعم ارتفاع فرضية الصلوات الخمس، وان سترفع فرضية الحج، وانه يوحى إليه، وألف كتابا زعم أنه تفسير سورة يوسف مع انه ليس فيه تفسير شيء من آياتها، وقد حشاه هذيانات وحرّف فيه آيات وزعم التحدي به، وذكر فيه انه تحرم كتابته بالحبر الأسود المعروف، وانه يحرم مسه لغير متطهر، إلى أمور أخرى شنيعة، ينكرها عليه سائر الشيعة، وقد أرسل بعض دعاته بكتابه إلى قصبة كربلاء، فزمر فيها بنغم شنائع تودّ أذن المؤمن لو كانت عنها صماء، فرقص على زمره في المقام الحسيني جملة من جهلة شيعة العراق، وصبا إليه غير واحد من ذوي الشقاء والشقاق.

فلما سمعت عرضت ذلك لوزير الزوراء، فانتهض لإطفاء تلك الثائرة بهمته الشمّاء، وعَقدَ لحل ما عُقِدَ من المحنة مجلسا عظيما فيه علماء الاثني عشرية وعلماء أهل السنة، فكنت أنا والحمد لله تعالى المباحث ذلك الداعي إلى مهاوي الحَيْن، فلم يتفرق ذلك الجمع حتى أجمع على كفر تلك الفرقة علماء الفرقتين، فكتبوا بذلك محضر للدولة العلية العثمانية، فبعد أيام حضر الأمر بنفي ذلك الداعي إلى الديار الرومية، فنفي واثبت محبوسا في تكرلي طاغ، وأرغم بموته هناك أنف كل طاغ.

وأما الباب ففتح باب البغي والخروج على شاه إيران، وأمر بعض مردته بقتله غيلة ليتم له ما أضمره من الإضلال والعدوان، فلم يتيسر له ما أراد، وقتل في تبريز مع جملة من اتباعه ذوي الفساد، ولم يزل الشاه يتتبع قتل أتباع الباب بعد تعذيبهم بأنواع العذاب، والعجب انهم يرون العذاب عذبا، فترى أحدهم يضحك والعذاب يصب على رأسه صبا، والإنصاف ان الشاه كان فيما فعل ناصر الدين، وحافظا له من فساد أولئك المفسدين، والله تعالى يجزي المحسنين

وطائفة أخرى يقال لها القرتية: أصحاب امرأة اسمها هند، وكنيتها أم سلمة، ولقبها قرة العين، لقبها بذلك السيد كاظم الرشتي في مراسلاته لها إذ كانت من أصحابه، وهي ممن قلدت الباب بعد موت الرشتي، ثم خالفته في عدة أشياء منها التكاليف، فقيل أنها كانت تقول بحل الفروج ورفع التكاليف بالكلية، وأنا لم أحس منها بشيء من ذلك مع أنها حبست في بيتي نحو شهرين، وكم بحث جرى بيني وبينها رفعت فيه التقية من البين.

والذي تحقق عندي أن البابية والقرتية طائفة واحدة، يعتقدون في الأئمة نحو اعتقاد الكشفية فيهم، ويزعمون انتهاء زمن التكليف بالصلوات الخمس، وان الوحي غير منقطع فقد يوحى للكامل لكن لا وحي تشريع، بل وحي تعليم لما شرع قبل ولنحو ذلك، وهو رأي لبعض المتصوفة.

وأخبرني بعض من خالطهم انهم يوجبون على من نظر أجنبية من غير قصد التصدق بمثقال من الذهب، وعلى من نظرها بقصد التصدق بمثقالين منه، وأن منهم من يحيي الليل بكاءً وتضرعا، وأنهم يخالفون الاثني عشرية في كثير من الفروع، وأنا حققت أن الاثني عشرية يكفرونهم ويبرؤن منهم، ثم إني أرى أنهم شرارة من نيران الكشفية والأحسائية، وأعظم أسباب ضلالتهم النظر في كلام الرشتي وشيخه الأحسائي مع عدم فهم مقاصدهما منه، وحمله على ما هو بعيد عن الدين المحمدي بمراحل، ولذا أكفرهم أصحاب هذين الرجلين أيضا على ما سمعته بأذني من كبارهم.

وقد قتلت هذه المرأة أيضا بعد أن بغت وخرجت على الشاه في طهران، وتتبع أصحابها بالقتل، فقتلوا إلا قليلا منهم تحصّن بالتقية، والانسلاك ظاهرا في سلك الاثني عشرية، وفي قرى العراق بقية باقية منهم، وكم وكم من شنيعة تروى عنهم؟ ثم انه لا يبعد أن تظهر فرق أخرى من الإمامية بعد، نسأل الله تعالى العافية في الدين والدنيا والآخرة، هذا والله تعالى أعلم.