الرئيسيةبحث

كتاب الأم/مختصر الحج المتوسط/دخول منى

دخول منى

[قال الشافعي]: أحب أن لا يرمي أحد حتى تطلع الشمس ولا بأس عليه أن يرمي قبل طلوع الشمس وقبل الفجر إذا رمى بعد نصف الليل أخبرنا داود بن عبد الرحمن وعبد العزيز بن محمد الدراوردي عن هشام بن عروة عن أبيه قال (دار رسول الله ﷺ يوم النحر إلى أم سلمة فأمرها أن تعجل الإفاضة من جمع حتى ترمي الجمرة وتوافي صلاة الصبح بمكة وكان يومها فأحب أن توافيه). أخبرنا الثقة عن هشام عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة عن النبي ﷺ مثله.

[قال الشافعي]: وهذا لا يكون إلا وقد رمت الجمرة قبل الفجر بساعة ولا يرمي يوم النحر إلا جمرة العقبة وحدها ويرميها راكبا، وكذلك يرميها يوم النفر راكبا ويمشي في اليومين الآخرين أحب إلي، وإن ركب فلا شيء عليه أخبرنا سعيد بن سالم قال أخبرني أيمن بن نابل قال أخبرني قدامة بن عبد الله بن عمار الكلابي قال (رأيت النبي ﷺ يرمي جمرة العقبة على ناقته الصهباء ليس ضرب ولا طرد وليس قيل إليك إليك).

[قال الشافعي]: وأحب إلي أن يأخذ حصى الجمرة يوم النحر من مزدلفة ومن حيثما أخذه أجزأه وكذلك في أيام منى كلها من حيث أخذه أجزأه إلا أني أكرهه من ثلاثة مواضع من المسجد لئلا يخرج حصى المسجد منه وأكرهه من الحش لنجاسته ومن كل موضع نجس وأكرهه من الجمرة؛ لأنه حصى غير متقبل وأنه قد رمى به مرة وإن رماها بهذا كله أجزأه.

[قال]: ولا يجزي الرمي إلا بالحجارة وكل ما كان يقع عليه اسم حجر من مرو أو مرمر أو حجر برام أو كذان أو صوان أجزأه وكل ما لا يقع عليه اسم حجر لا يجزيه مثل الآجر والطين المجموع مطبوخا كان أو نيئا والملح والقوارير وغير ذلك مما لا يقع عليه اسم الحجارة، فمن رمى بهذا أعاد وكان كمن لم يرم ومن رمى الجمار من فوقها أو تحتها أو بحذائها من أي وجه لم يكن عليه شيء ولا يرمي الجمار في شيء من أيام منى غير يوم النحر إلا بعد الزوال ومن رماها قبل الزوال أعاد ولا يرمى منها شيء بأقل من سبع حصيات فإن رماها بست ست أو كان معه حصى إحدى وعشرون فرمى الجمار ولم يدر: أي جمرة رمى بست عاد فرمى الأولى بواحدة حتى يكون على يقين من أنه قد أكمل رميها بسبع ثم رمى الاثنتين بسبع سبع، وإن رمى بحصاة فأصابت إنسانا أو محملا ثم استنت حتى أصابت موضع الحصى من الجمرة أجزأت عنه، وإن وقعت فنفضها الإنسان أو البعير فأصابت موقف الحصى لم تجز عنه ولو رمى إنسان بحصاتين أو ثلاث أو أكثر في مرة لم يكن إلا كحصاة واحدة وعليه أن يرمي سبع مرات، وأقل ما عليه في الرمي أن يرمي حتى يوقع حصاه في موضع الحصى، وإن رمى بحصاة فغابت عنه فلم يدر أين وقعت أعادها ولم تجز عنه حتى يعلم أنها قد وقعت في موضع الحصى، ويرمي الجمرتين الأولى والوسطى يعلوهما علوا ومن حيث رماهما أجزأه ويرمي جمرة العقبة من بطن الوادي ومن حيث رماها أجزأه وإذا رمى الجمرة الأولى تقدم عنها فجعلها في قفاه في الموضع الذي لا يناله ما تطاير من الحصى ثم وقف فكبر، وذكر الله ودعا بقدر سورة البقرة، ويصنع مثل ذلك عند الجمرة الوسطى إلا أنه يترك الوسطى بيمين؛ لأنها على أكمة لا يمكنه غير ذلك، ويقف في بطن المسيل منقطعا عن أن يناله الحصى ولا يصنع ذلك عند جمرة العقبة ويصنعه في أيام منى كلها، وإن ترك ذلك فلا إعادة عليه ولا فدية، ولا بأس إذا رمى الرعاء الجمرة يوم النحر أن يصدروا ويدعوا المبيت ب " منى " ويبيتوا في إبلهم ويقيموا ويدعوا الرمي الغد من بعد يوم النحر ثم يأتوا بعد الغد من يوم النحر، وذلك يوم النحر الأول فيبتدئوا فيرموا لليوم الماضي الذي أعيوه في الإبل حتى إذا أكملوا الرمي أعادوا على الجمرة الأولى فاستأنفوا رمي يومهم ذلك فإن أرادوا الصدر فقد قضوا ما عليهم من الرمي، وإن رجعوا إلى الإبل أو أقاموا بمنى لا يريدون الصدر رموا الغد، وهو يوم النفر الآخر.

[قال]: ومن نسي رمي جمرة من الجمار نهارا رماها ليلا ولا فدية عليه وكذلك لو نسي رمي الجمار حتى يرميها في آخر أيام منى وسواء رمى جمرة العقبة إذا نسيه أو رمى الثلاث إذا رمى ذلك في أيام الرمي فلا شيء عليه، وإن مضت أيام الرمي وقد بقيت عليه ثلاث حصيات لم يرم بهن أو أكثر من جميع الرمي فعليه دم، وإن بقيت عليه حصاة فعليه مد، وإن بقيت حصاتان فمدان وإن بقيت عليه ثلاث فدم وإذا تدارك عليه رميان ابتدأ الرمي الأول حتى يكمله ثم عاد فابتدأ الآخر ولا يجزيه أن يرمي في مقام واحد بأربع عشرة حصاة، فإن أخر ذلك إلى آخر أيام منى فلم يكمل جميع ما عليه من الرمي إلى أن تغيب الشمس افتدى - كما وصفت -: الفدية في ثلاث حصيات فصاعدا دم، ولا رمي إذا غابت الشمس.

قال: وكذلك لو نفر يوم النفر الأول ثم ذكر أنه قد بقي عليه الرمي أهراق دما ولو احتاط فرمى لم أكره ذلك ولا شيء عليه؛ لأنه قطع الحج وله القطع ويرمي عن المريض الذي لا يستطيع الرمي وقد قيل يرمي المريض في يد الذي يرمي عنه ويكبر، فإن فعل فلا بأس وإن لم يفعل فلا شيء عليه فإن صح في أيام منى فرمى ما رمى عنه أحببت ذلك له فإن لم يفعل فلا شيء عليه ويرمى عن الصبي الذي لا يستطيع الرمي فإن كان يعقل أن يرمي إذا أمر رمى عن نفسه وإذا رمى الرجل عن نفسه ورمى عن غيره أكمل الرمي عن نفسه ثم عاد فرمى عن غيره كما يفعل إذا تدارك عليه رميان، وأحب إذا رمى أن يرفع يديه حتى يرى بياض ما تحت منكبيه ويكبر مع كل حصاة وإن ترك ذلك فلا فدية عليه.

[قال]: وإذا كان الحصى نجسا أحببت غسله أو ذلك إن شككت في نجاسته لئلا ينجس اليد أو الإزار وإن لم يفعل ورمى به أجزأه ويرمي الجمار بقدر حصى الخذف لا يجاوز ذلك أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أن (النبي ﷺ رمى الجمار بمثل حصى الخذف) أخبرنا سفيان عن حميد بن قيس عن محمد عن إبراهيم بن الحارث التيمي عن رجل من قومه من بني تيم يقال له معاذ أو (ابن معاذ رأى النبي ﷺ ينزل الناس بمنى منازلهم وهو يقول: ارموا ارموا بمثل حصى الخذف).

[قال الشافعي]: والخذف ما خذف به الرجل وقدر ذلك أصغر من الأنملة طولا وعرضا وإن رمى بأصغر من ذلك أو أكبر كرهت ذلك وليس عليه إعادة.