→ جماع بيان أهل الصدقات | كتاب الأم - كتاب قسم الصدقات المؤلف: الشافعي |
باب علم قاسم الصدقة بعدما أعطى غير ما علم ← |
باب من طلب من أهل السهمان |
[ قال الشافعي ] رحمه الله تعالى: الأغلب من أمور الناس أنهم غير أغنياء حتى يعرف غناهم ومن طلب من جيران الصدقة باسم فقر، أو مسكنة أعطي ما لم يعلم منه غيره، أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه ( عن عبد الله بن عدي بن الخيار قال حدثني رجلان أنهما أتيا رسول الله ﷺ يسألانه من الصدقة فصعد فيهما النظر وصوب ثم قال: إن شئتما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب ).
[ قال الشافعي ]: رأى النبي ﷺ جلدا ظاهرا يشبه الاكتساب الذي يستغنى به وغاب عنه العلم في المال وعلم أن قد يكون الجلد فلا يغني صاحبه مكسبه به إما لكثرة عيال وإما لضعف حرفة فأعلمهما أنهما إن ذكرا أنهما لا غنى لهما بمال ولا كسب أعطاهما، فإن قيل: أين أعلمهما ؟ قيل حيث قال ( لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب ) أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن ريحان بن يزيد قال سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: لا تصلح الصدقة لغني ولا لذي مرة، أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار: أن رسول الله ﷺ قال ( لا تحل الصدقة إلا لغاز في سبيل الله، أو لعامل عليها، أو لغارم، أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين للغني ).
[ قال الشافعي ]: وبهذا قلنا يعطى الغازي والعامل، وإن كانا غنيين والغارم في الحمالة على ما أبان رسول الله ﷺ لا غارم غيره إلا غارما لا مال له يقضي منه فيعطى في غرمه، ومن طلب سهم ابن السبيل وذكر أنه عاجز عن البلد الذي يريد إلا بالمعونة أعطي على مثل معنى ما قلت من أنه غير قوي حتى تعلم قوته بالمال ومن طلب بأنه يغزو أعطي غنيا كان، أو فقيرا، ومن طلب بأنه غارم، أو عبد بأنه مكاتب لم يعط إلا ببينة تقوم على ما ذكر؛ لأن أصل أمر الناس أنهم غير غارمين حتى يعلم غرمهم والعبيد أنهم غير مكاتبين حتى تعلم كتابتهم، ومن طلب بأنه من المؤلفة قلوبهم لم يعط إلا أن يعلم ذلك، وما وصفته يستحق به أن يعطى من سهم المؤلفة.