→ باب الجماع في رمضان والخلاف فيه | كتاب الأم - كتاب الصيام الصغير المؤلف: الشافعي |
باب أحكام من أفطر في رمضان ← |
باب صيام التطوع |
[ قال الشافعي ]: والمتطوع بالصوم مخالف للذي عليه الصوم من شهر رمضان وغيره الذين يجب عليهم الصوم لا يجزيهم عندي إلا إجماع الصوم قبل الفجر والذي يتطوع بالصوم ما لم يأكل ولم يشرب، وإن أصبح يجزيه الصوم، وإن أفطر المتطوع من غير عذر كرهته له ولا قضاء عليه، وخالفنا في هذا بعض الناس فقال عليه القضاء، وإذا دخل في شيء فقد أوجبه على نفسه واحتج بحديث الزهري ( أن النبي ﷺ أمر عائشة وحفصة أن يقضيا يوما مكان يومهما الذي أفطرتا فيه ).
[ قال الشافعي ]: فقيل له ليس بثابت إنما حدثه الزهري عن رجل لا نعرفه ولو كان ثابتا كان يحتمل أن يكون إنما أمرهما على معنى إن شاءتا والله أعلم كما أمر عمر أن يقضي نذرا نذره في الجاهلية وهو على معنى إن شاء. قال فما دل على معنى ما قلت فإن الظاهر من الخبر ليس فيه ما قلت.
[ قال الشافعي ]: أخبرنا ابن عيينة عن طلحة بن يحيى عن عمته عائشة بنت طلحة ( عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله ﷺ فقلت إنا خبأنا لك حيسا فقال: أما إني كنت أريد الصوم ولكن قربيه ).
[ قال الشافعي ]: فقلت له لو كان على المتطوع القضاء إذا خرج من الصوم لم يكن له الخروج منه من غير عذر وذلك أن الخروج حينئذ منه لا يجوز، وكيف يجوز لأحد أن يخرج من عمل عليه تمامه من غير عذر إذا كان عليه أن يعود فيه لم يكن له أن يخرج منه.
[ قال الشافعي ]: والاعتكاف وكل عمل له قبل أن يدخل فيه أن لا يدخل فيه فله الخروج قبل إكماله وأحب إلي لو أتمه إلا الحج والعمرة فقط، فإن قال قائل: فكيف أمرته إذا أفسد الحج والعمرة أن يعود فيهما فيقضيهما مرتين دون الأعمال ؟ قلنا: لا يشبه الحج والعمرة الصوم ولا الصلاة ولا ما سواهما. ألا ترى أنه لا يختلف أحد في أنه يمضي في الحج والعمرة على الفساد كما يمضي فيهما قبل الفساد ويكفر ويعود فيهما ؟ ولا يختلف أحد في أنه إذا أفسد الصلاة لم يمض فيها ولم يجز له أن يصليها فاسدة بلا وضوء وهكذا الصوم إذا أفسد لم يمض فيه. أو لا ترى أنه يكفر في الحج والعمرة متطوعا كان أو واجبا عليه كفارة واحدة ولا يكفر في الصلاة على كل حال ولا في الاعتكاف ولا في التطوع في الصوم ؟ وقد روى الذين يقولون بخلافنا في هذا عن ابن عمر أنه صلى ركعة وقال: إنما هو تطوع، وروينا عن ابن عباس شبيها به في الطواف.