باب أحكام من أفطر في رمضان |
[ قال الشافعي ] رحمه الله تعالى: من أفطر أياما من رمضان من عذر مرض أو سفر قضاهن في أي وقت ما شاء في ذي الحجة أو غيرها وبينه وبين أن يأتي عليه رمضان آخر متفرقات أو مجتمعات؛ وذلك أن الله عز وجل يقول { فعدة من أيام أخر } ولم يذكرهن متتابعات وقد بلغنا عن بعض أصحاب النبي ﷺ أنه قال إذا أحصيت العدة فصمهن كيف شئت.
قال: وصوم كفارة اليمين متتابع والله أعلم، فإن مرض وسافر المفطر من رمضان فلم يصح ولم يقدر حتى يأتي عليه رمضان آخر قضاهن ولا كفارة، وإن فرط وهو يمكنه أن يصوم حتى يأتي رمضان آخر صام الرمضان الذي جاء عليه وقضاهن. وكفر عن كل يوم بمد حنطة.
[ قال الشافعي ]: والحامل والمرضع إذا أطاقتا الصوم ولم تخافا على ولديهما.
[ قال الشافعي ]: وإن كانتا لا تقدران على الصوم فهذا مثل المرض أفطرتا وقضتا بلا كفارة إنما ككفران بالأثر وبأنهما لم تفطرا لأنفسهما إنما أفطرتا لغيرهما فذلك فرق بينهما وبين المريض لا يكفر والشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم ويقدر على الكفارة يتصدق عن كل يوم بمد حنطة خبرا عن بعض أصحاب النبي ﷺ وقياسا على من لم يطق الحج أن يحج عنه غيره وليس عمل غيره عنه عمله نفسه كما ليس الكفارة كعمله.
[ قال الشافعي ]: والحال التي يترك بها الكبير الصوم أن يكون يجهده الجهد غير المحتمل وكذلك المريض والحامل:
[ قال الشافعي ]: وإن زاد مرض المريض زيادة بينة أفطر، وإن كانت زيادة محتملة لم يفطر والحامل إذا خافت على ولدها: أفطرت وكذلك المرضع إذا أضر بلبنها الإضرار البين، فأما ما كان من ذلك محتملا فلا يفطر صاحبه، والصوم قد يزيد عامة العلل ولكن زيادة محتملة وينتقص بعض اللبن ولكنه نقصان محتمل، فإذا تفاحش أفطرتا.
[ قال الشافعي ]: فكأنه يتأول إذا لم يطق الصوم الفدية والله أعلم، فإن قال قائل: فكيف يسقط عنه فرض الصلاة إذا لم يطقها ولا يسقط فرض الصوم ؟ قيل ليس يسقط فرض الصلاة في حال تفعل فيها الصلاة ولكنه يصلي كما يطيق قائما أو قاعدا أو مضطجعا فيكون بعض هذا بدلا من بعض، وليس شيء غير الصلاة بدلا من الصلاة، ولا الصلاة بدلا من شيء، فالصوم لا يجزي فيه إلا إكماله ولا يتغير بتغير حال صاحبه ويزال عن وقته بالسفر والمرض؛ لأنه لا نقص فيه كما يكون بعض الصلاة قصرا وبعضها قاعدا وقد يكون بدلا من الطعام في الكفارة ويكون الطعام بدلا منه.
[ قال الشافعي ]: ومن مرض فلم يصح حتى مات: فلا قضاء عليه إنما القضاء إذا صح ثم فرط، ومن مات وقد فرط في القضاء أطعم عنه مكان كل يوم مسكين مدا من طعام.
[ قال الشافعي ]: ومن نذر أن يصوم سنة صامها وأفطر الأيام التي نهي عن صومها وهي يوم الفطر والأضحى وأيام منى وقضاها.
ومن نذر أن يصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان صامه، وإن قدم فلان وقد مضى من النهار شيء أو كان يوم فطر قضاه، وإن قدم ليلا فأحب إلي أن يصوم الغد بالنية لصوم يوم النذر، وإن لم يفعل لم أره واجبا.
[ قال الشافعي ]: ومن نذر أن يصوم يوم الجمعة فوافق يوم فطر أفطر وقضاه.
ومن نوى أن يصوم يوم الفطر لم يصمه ولم يقضه؛ لأن ليس له صومه.
وكذلك لو أن امرأة نذرت أن تصوم أيام حيضها لم تصمه ولم تقضه؛ لأنه ليس لها أن تصومها.
[ قال الربيع ]: وقد قال الشافعي مرة: من نذر صوم يوم يقدم فلان، فوافق يوم عيد لم يكن عليه شيء، ومن نذر صوم يوم يقدم فيه فلان فقدم في بعض النهار، لم يكن عليه شيء.