باب ما جاء في الصرف |
[قال الشافعي]: رحمه الله: لا يجوز الذهب بالذهب، ولا الورق بالورق، ولا شيء من المأكول والمشروب، بشيء من صنفه إلا سواء بسواء، يدا بيد إن كان مما يوزن، فوزن بوزن، وإن كان مما يكال، فكيل بكيل، ولا يجوز أن يباع شيء وأصله الوزن بشيء من صنفه كيلا. ولا شيء أصله الكيل بشيء من صنفه وزنا لا يباع الذهب بالذهب كيلا؛ لأنهما قد يملان مكيالا، ويختلفان في الوزن أو يجهل كم وزن هذا من وزن هذا؟ ولا التمر بالتمر وزنا؛ لأنهما قد يختلفان، إذا كان وزنها واحدا في الكيل، ويكونان مجهولا من الكيل بمجهول. ولا خير في أن يتفرق المتبايعان بشيء من هذه الأصناف من مقامهما الذي يتبايعان فيه حتى يتقابضا، ولا يبقى لواحد منهما قبل صاحبه من البيع شيء، فإن بقي منه شيء، فالبيع فاسد، وسواء كان المشتري مشتريا لنفسه، أو كان وكيلا لغيره وسواء تركه ناسيا أو عامدا في فساد البيع، فإذا اختلف الصنفان من هذا، وكان ذهبا بورق أو تمرا بزبيب، أو حنطة بشعير، فلا بأس بالفضل في بعضه على بعض، يدا بيد لا يفترقان من مقامهما الذي تبايعا فيه حتى يتقابضا، فإن دخل في شيء من هذا تفرق قبل أن يتقابضا جميع المبيع، فسد البيع كله ولا بأس بطول مقامهما في مجلسهما، ولا بأس أن يصطحبا من مجلسهما إلى غيره ليوفيه؛ لأنهما حينئذ لم يفترقا وحد الفرقة أن يتفرقا بأبدانهما وحد فساد البيع، أن يتفرقا قبل أن يتقابضا وكل مأكول ومشروب من هذا الصنف قياسا عليه وكلما اختلف الصنفان فلا بأس أن يباع أحدهما بالآخر جزافا؛ لأن أصل البيع إذا كان حلالا بالجزاف، وكانت الزيادة إذا اختلف الصنفان حلال، فليس في الجزاف معنى أكثر من أن يكون أحدهما أكثر من الآخر ولا يدرى أيهما أكثر؟ فإذا عمدت أن لا أبالي أيهما كان أكثر، فلا بأس بالجزاف في أحدهما بالآخر.
[قال الشافعي]: فلا يجوز أن يشترى ذهب فيه حشو، ولا معه شيء غيره بالذهب، كان الذي معه قليلا أو كثيرا؛ لأن أصل الذي نذهب إليه، أن الذهب بالذهب مجهول أو متفاضل، وهو حرام من كل واحد من الوجهين وهكذا الفضة بالفضة، وإذا اختلف الصنفان، فلا بأس أن يشترى أحدهما بالآخر، ومع الآخر شيء ولا بأس أن يشترى بالذهب فضة منظومة بخرز؛ لأن أكثر ما في هذا أن يكون التفاضل بالذهب والورق، ولا بأس أن يشتري بالذهب فضة منظومة بحرز لأن أكثر ما في هذا أن يكون التفاضل بالذهب والورق ولا بأس بالتفاضل فيهما، وكل واحد من المبيعين بحصته من الثمن.
[قال الشافعي]: وإذا صرف الرجل الدينار بعشرين درهما، فقبض تسعة عشر، ولم يجد درهما، فلا خير في أن يتفرقا قبل أن يقبض الدرهم، ولا بأس أن يأخذ التسعة عشر بحصتها من الدينار ويناقصه بحصة الدرهم من الدينار. ثم إن شاء أن يشتري منه بفضل الدينار مما شاء ويتقابضا قبل أن يتفرقا، ولا بأس أن يترك فضل الدينار عنده، يأخذه متى شاء [قال الربيع]: قال أبو يعقوب البويطي: ولا بأس أن يأخذ الدينار حاضرا.
[قال الشافعي]: وإذا صرف الرجل من الرجل دينارا بعشرة دراهم، أو دنانير بدراهم، فوجد فيها درهما زائفا، فإن كان زاف من قبل السكة أو قبح الفضة، فلا بأس على المشتري أن يقبله، وله رده، فإن رده رد البيع كله؛ لأنها بيعة واحدة، وإن شرط عليه أن له رده، فالبيع جائز وذلك له، شرطه أو لم يشرطه. وإن شرط أنه لا يرد الصرف فالبيع باطل، إذا عقد على هذا عقدة البيع.
قال: وإن كان زاف من قبل أنه نحاس أو شيء غير فضة، فلا يكون للمشتري أن يقبله، من قبل أنه غير ما اشترى، والبيع منتقض بينهما. ولا بأس أن يصرف الرجل من الصراف دراهم، فإذا قبضها وتفرقا، أودعه إياها، وإذا صرف الرجل شيئا لم يكن له أن يفارق من صرف منه حتى يقبض منه ولا يوكل به غيره إلا أن يفسخ البيع ثم يوكل هذا بأن يصارفه ولا بأس إذا صرف منه وتقابضا أن يذهبا فيزنا الدراهم وكذلك لا بأس أن يذهب هو على الانفراد فيزنها.
وإذا رهن الرجل الدينار عند رجل بالدراهم ثم باعه الدينار بدراهم وقبضها منه فلا بأس أن يقبضه منها بعد أن يقبضها، وإذا كان للرجل عند الرجل دنانير وديعة فصارفه فيها ولم يقر الذي عنده الدنانير أنه استهلكها حتى يكون ضامنا ولا أنها في يده حين صارفه فيها فلا خير في الصرف؛ لأنه غير مضمون ولا حاضر وقد يمكن أن يكون هلك في ذلك الوقت فيبطل الصرف.
[قال الشافعي]: وإذا رهن الرجل عند الرجل رهنا فتراضيا أن يفسخ ذلك الرهن ويعطيه مكانه غيره فلا بأس إن كان الرهن دنانير فأعطاه مكانها دراهم أو عبدا فأعطاه مكانه عبدا آخر غيره وليس في شيء من هذا بيع فيكره فيه ما يكره في البيوع، ولا نحب مبايعة من أكثر ماله الربا أو ثمن المحرم ما كان أو اكتساب المال من الغصب والمحرم كله، وإن بايع رجل رجلا من هؤلاء لم أفسخ البيع؛ لأن هؤلاء قد يملكون حلالا فلا يفسخ البيع ولا نحرم حراما بينا إلا أن يشتري الرجل حراما يعرفه، أو بثمن حرام يعرفه وسواء في هذا المسلم والذمي والحربي، الحرام كله حرام.
[وقال]: لا يباع ذهب بذهب مع أحد الذهبين شيء غير الذهب ولا بأس أن يباع ذهب وثوب بدراهم.
[قال الشافعي]: وإذا تواعد الرجلان الصرف فلا بأس أن يشتري الرجلان الفضة ثم يقرانها عند أحدهما حتى يتبايعاها ويصنعا بها ما شاءا.
[قال الشافعي]: ولو اشترى أحدهما الفضة ثم أشرك فيها رجلا آخر وقبضها المشترك ثم أودعها إياه بعد القبض فلا بأس،، وإن قال أشركك على أنها في يدي حتى نبيعها لم يجز.
[قال الشافعي]: ومن باع رجلا ثوبا بنصف دينار ثم باعه ثوبا آخر بنصف دينار حالين أو إلى أجل واحد فله عليه دينار، فإن شرط عليه عند البيعة الآخرة أن له عليه دينارا فالشرط جائز، وإن قال دينارا لا يعطيه نصفين ولكن يعطيه واحدا جازت البيعة الأولى ولم تجز البيعة الثانية، وإن لم يشترط هذا الشرط ثم أعطاه دينارا وافيا فالبيع جائز.
[قال الشافعي]: وإذا كان بين الرجلين ذهب مصنوع فتراضيا أن يشتري أحدهما نصيب الآخر بوزنه أو مثل وزنه ذهبا يتقابضانه قبل أن يتفرقا فلا بأس، ومن صرف من رجل صرفا فلا بأس أن يقبض منه بعضه ويدفع ما قبض منه إلى غيره أو يأمر الصراف أن يدفع باقيه إلى غيره إذا لم يتفرقا من مقامهما حتى يقبضا جميع ما بينهما أرأيت لو صرف منه دينارا بعشرين وقبض منه عشرة، ثم قبض منه بعدها عشرة قبل أن يتفرقا، فلا بأس بهذا.
[قال الشافعي]: ومن اشترى من رجل فضة بخمسة دنانير ونصف فدفع إليه ستة وقال خمسة ونصف بالذي عندي ونصف وديعة فلا بأس به.
[قال الشافعي]: وإذا وكل الرجل الرجل بأن يصرف له شيئا أو يبيعه فباعه من نفسه بأكثر مما وجد أو مثله أو أقل منه فلا يجوز؛ لأن معقولا أن من وكل رجلا بأن يبيع له فلم يوكله بأن يبيع له من نفسه كما لو قال له بع هذا من فلان فباعه من غيره لم يجز البيع؛ لأنه وكله بفلان ولم يوكله بغيره.
[قال الشافعي]: وإذا صرف الرجل من الرجل الدينار بعشرة فوزن له عشرة ونصفا فلا بأس أن يعطيه مكان النصف نصف فضة إذا كان في بيعه غير الشرط الأول، وهكذا لو باعه ثوبا بنصف دينار فأعطاه دينارا وأعطاه صاحب الثوب نصف دينار ذهبا لم يكن بذلك بأس؛ لأن هذا بيع حادث غير البيع الأول ولو كان عقد عقدة البيع على ثوب ونصف دينار بدينار كان فاسدا؛ لأن الدينار مقسوم على نصف الدينار والثوب.
[قال الشافعي]: ومن صرف من رجل دراهم بدنانير فعجزت. الدراهم فتسلف منه دراهم فأتمه جميع صرفه فلا بأس.
[قال الشافعي]: ولا بأس أن يباع الذهب بالورق جزافا مضروبا أو غير مضروب؛ لأن أكثر ما فيه أن يكون أحدهما أكثر من الآخر وهذا لا بأس به، ولا بأس أن تشتري الدراهم من الصراف بذهب وازنة ثم تبيع تلك الدراهم منه أو من غيره بذهب وازنة أو ناقصة؛ لأن كل واحدة من البيعتين غير الأخرى قال الربيع لا يفارق صاحبه في البيعة الأولى حتى يتم البيع بينهما.
[قال الشافعي]: حرم رسول الله ﷺ الذهب بالذهب وما حرم معه إلا مثلا بمثل وزنا بوزن يدا بيد، والمكيل من صنف واحد مع الذهب كيلا بكيل فلا خير في أن يأخذ منه شيئا بأقل منه وزنا على وجه البيع معروفا كان أو غير معروف والمعروف ليس يحل بيعا ولا يحرمه، فإن كان وهب له دينارا وأثابه الآخر دينارا أوزن منه أو أنقص فلا بأس.
[قال الشافعي]: فأما السلف، فإن أسلفه شيئا ثم اقتضى منه أقل فلا بأس؛ لأنه متطوع له بهبة الفضل، وكذلك إن تطوع له القاضي بأكثر من وزن ذهبه فلا بأس؛ لأن هذا ليس من معاني البيوع، وكذلك لو كان عليه سلف ذهبا فاشترى منه ورقا فتقابضاه قبل أن يتفرقا، وهذا كله إذا كان حالا، فأما إذا كان له عليه ذهب إلى أجل فجاءه بها وأكثر منها فلا بأس به، كان ذلك عادة أو غير عادة، ومن كانت عليه دراهم لرجل وللرجل عليه دنانير فحلت أو لم تحل فتطارحاها صرفا، فلا يجوز؛ لأن ذلك دين بدين، وقال مالك رحمه الله تعالى إذا حل فجائز، وإذا لم يحل فلا يجوز.
[قال الشافعي]: ومن كان له على رجل ذهب حالا فأعطاه دراهم على غير بيع مسمى من الذهب فليس ببيع والذهب كما هو عليه وعلى هذا دراهم مثل الدراهم التي أخذ منه، وإن أعطاه دراهم بدينار منها أو دينارين فتقابضاه فلا بأس به، ومن أكرى من رجل منزلا إلى أجل فتطوع له المكتري بأن يعطيه بعض حقه مما أكراه به وذلك ذهب فلا بأس به، وإن تطوع له بأن يعطيه فضة من الذهب ولم يحل الذهب فلا خير فيه، ومن حل له على رجل دنانير فأخرها عليه إلى أجل أو آجال فلا بأس به، وله متى شاء أن يأخذها منه؛ لأن ذلك موعد وسواء كانت من ثمن بيع أو سلف، ومن سلف فلوسا أو دراهم أو باع بها ثم أبطلها السلطان فليس له إلا مثل فلوسه أو دراهمه التي أسلف أو باع بها.
[قال الشافعي]: ولا بأس بالسلف في الفلوس إلى أجل؛ لأن ذلك ليس مما فيه الربا ومن أسلف رجلا دراهم على أنها بدينار أو بنصف دينار فليس عليه إلا مثل دراهمه وليس له عليه دينار ولا نصف دينار، وإن استسلفه نصف دينار فأعطاه دينارا فقال خذ لنفسك نصفه وبع لي بدراهم ففعل ذلك كان له عليه نصف دينار ذهب، ولو كان قال له بعه بدراهم ثم خذ لنفسك نصفه ورد علي نصفه كانت له عليه دراهم؛ لأنه حينئذ إنما أسلفه دراهم لا نصف دينار.
[قال الشافعي]: ومن باع رجلا ثوبا فقال أبيعكه بعشرين من صرف عشرين درهما بدينار فالبيع فاسد من قبل أن صرف عشرين ثمن غير معلوم بصفة ولا عين.
[قال الشافعي]: ومن كانت عليه دنانير منجمة أو دراهم فأراد أن يقبضها جملة فذلك له، ومن كان له على رجل فأعطاه شيئا يبيعه له غير ذهب ويقبض منه مثل ذهبه فليس في هذا من المكروه شيء إلا أن يقول لا أقضيك إلا بأن تبيع لي وما أحب من الاحتياط للقاضي، ومن كان لرجل عليه دينار فكان يعطيه الدراهم تتهيأ عنده بغير مصارفة حتى إذا صار عنده قدر صرف دينار فأراد أن يصارفه فلا خير فيه؛ لأن هذا دين بدين، وإن أحضره إياها فدفعها إليه ثم باعه إياها فلا بأس، ولا بأس بأن ينتفع بالدراهم إذا لم يكن أعطاه إياها على أنها بيع من الدينار وإنما هي حينئذ سلف له إن شاء أن يأخذ بها دراهم، وإذا كانت الفضة مقرونة بغيرها خاتما فيه فص أو فضة أو حلية للسيف أو مصحف أو سكين فلا يشترى بشيء من الفضة قل أو كثر بحال؛ لأنها. حينئذ فضة بفضة مجهولة القيمة والوزن وهكذا الذهب ولكن إذا كانت الفضة مع سيف اشتري بذهب، وإن كان فيه ذهب اشتري بفضة، وإن كان فيه ذهب وفضة لم يشتر بذهب ولا فضة واشتري بالعرض. [قال الربيع]: وفيه قول آخر أنه لا يجوز أن يشترى شيء فيه فضة مثل مصحف أو سيف وما أشبهه بذهب ولا ورق؛ لأن في هذه البيعة صرفا وبيعا لا يدرى كم حصة البيع من حصة الصرف.
[قال الشافعي]: ولا خير في شراء تراب المعادن بحال؛ لأن فيه فضة لا يدرى كم هي لا يعرفها البائع ولا المشتري وتراب المعدن والصاغة سواء ولا يجوز شراء ما خرج منه يوما ولا يومين ولا يجوز شراؤه بشيء ومن أسلف رجلا ألف درهم على أن يصرفها منه بمائة دينار ففعلا فالبيع فاسد حين أسلفه على أن يبيعه منه ويترادان، والمائة الدينار عليه مضمونة؛ لأنها بسبب بيع وسلف.
[قال الشافعي]: ومن أمر رجلا أن يقضي عنه دينارا أو نصف دينار فرضي الذي له الدينار بثوب مكان الدينار أو طعام أو دراهم فللقاضي على المقضى عنه الأقل من دينار أو قيمة ما قضى عنه ومن اشترى حليا من أهل الميراث على أن يقاصوه من دين كان له على الميت فلا خير في ذلك. [قال أبو يعقوب]: معناها عندي أن يبيعه أهل الميراث وأن لا يقاصوه عند الصفقة ثم يقاصوه بعد فلا يجوز؛ لأنه اشترى أولا حليا بذهب أو ورق إلى أجل وهو قول أبي محمد.
[قال الشافعي]: ومن سأل رجلا أن يشتري فضة ليشركه فيه وينقد عنه فلا خير في ذلك كان ذلك منه على وجه المعروف أو غير ذلك.
[قال الشافعي]: الشركة والتولية بيعان من البيوع يحلهما ما يحل البيوع ويحرمهما ما يحرم البيوع، فإن ولى رجل رجلا حليا مصوغا أو أشركه فيه بعدما يقبضه المولى ويتوازناه ولم يتفرقا قبل أن يتقابضا جاز كما يجوز في البيوع، وإن تفرقا قبل أن يتقابضا فسد، وإذا كانت للرجل على الرجل الدنانير فأعطاه أكثر منها فالفضل للمعطي إلا أن يهبه للمعطى ولا بأس أن يدعه على المعطي مضمونا عليه حتى يأخذه منه متى شاء أو يأخذ به منه ما يجوز له أن يأخذه لو كان دينا عليه من غير ثمن بعينه ولا قضاء، وإن أعطاه أقل مما له عليه فالباقي عليه دين ولا بأس أن يؤخره أو يعطيه به شيئا مما شاء مما يجوز أن يعطيه بدينه عليه، وإن اشترى الرجل من الرجل السلعة من الطعام أو غيره بدينار فوجد ديناره ناقصا فليس على البائع أن يأخذه إلا وافيا، وإن تناقضا البيع وباعه بعدما يعرف وزنه فلا بأس، وإن أراد أن يلزمه البيع على أن ينقصه بقدره لم يكن ذلك على البائع ولا المشتري.
[قال الشافعي]: والقضاء ليس ببيع فإذا كانت للرجل على رجل ذهب فأعطاه أو وزن منها متطوعا فلا بأس وكذلك إن تطوع الذي له الحق فقبل منه أنقص منها وهذا لا يحل في البيوع ومن اشترى من رجل ثوبا بنصف دينار فدفع إليه دينارا فقال اقبض نصفا لك وأقر لي النصف الآخر فلا بأس به ومن كان له على رجل نصف دينار فأتاه بدينار فقضاه نصفا وجعل النصف الآخر في سلعة متأخرة موصوفة قبل أن يتفرقا فلا بأس.
[قال الشافعي]: في الرجل يشتري الثوب بدينار إلى شهر على أنه إذا حل الدينار أخذ به دراهم مسماة إلى شهرين فلا خير فيه وهو حرام من ثلاثة وجوه من قبل بيعتين في بيعة وشرطين في شرط وذهب بدراهم إلى أجل ومن راطل رجلا ذهبا فزاد مثقالا فلا بأس أن يشتري ذلك المثقال منه بما شاء من العرض نقدا أو متأخرا بعد أن يكون يصفه ولا بأس بأن يبتاعه منه بدراهم نقدا إذا قبضها منه قبل أن يتفرقا، وإن رجحت إحدى الذهبين فلا بأس أن يترك صاحب الفضل منهما فضله لصاحبه؛ لأن هذا غير الصفقة الأولى، فإن نقص أحد الذهبين فترك صاحب الفضل فضله فلا بأس، وإذا جمعت صفقة البيع شيئين مختلفي القيمة مثل تمر بردي وتمر عجوة بيعا معا بصاعي تمر وصاع من هذا بدرهمين وصاع من هذا بعشرة دراهم فقيمة البردي خمسة أسداس الاثني عشر وقيمة العجوة سدس الاثني عشر وهكذا لو كان صاع البرني وصاع العجوة بصاعي لون كل واحد منهما بحصته من اللون فكان البرني بخمسة أسداس صاعين والعجوة بسدس صاعين فلا يحل من قبل أن البرني بأكثر من كيله والعجوة بأقل من كيلها وهكذا ذهب بذهب كان مائة دينار مروانية وعشرة محمدية بمائة دينار وعشرة هاشمية فلا خير فيه من قبل أن قيم المروانية أكثر من قيم المحمدية وهذا الذهب بالذهب متفاضلا؛ لأن المعنى الذي في هذا في الذهب بالذهب متفاضلا.
ولا بأس أن يراطل الدنانير الهاشمية التامة بالعتق الناقصة مثلا بمثل في الوزن، وإن كان لهذه فضل وزنها وهذه فضل عيونها فلا بأس بذلك إذا كان وزنا بوزن ومن كانت له على رجل ذهب بوزن فلا بأس أن يأخذ بوزنها أكثر عددا منها ولا يجوز الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ويدا بيد وأقصى حد يدا بيد قبل أن يتفرقا، فإن تفرقا قبل أن يتقابضا فسد بيعهما إن كانا تبايعا مثلا بمثل والموازنة أن يضع هذا ذهبه في كفة وهذا ذهبه في كفة فإذا اعتدل الميزان أخذ وأعطى، فإن وزن له بحديدة واتزن بها منه كان ذلك لا يختلف إلا كاختلاف ذهب في كفة وذهب في كفة فهو جائز ولا أحسبه يختلف، وإن كان يختلف اختلافا بينا لم يجز، فإن قيل لم أجزته؟ قيل كما أجيز مكيالا بمكيال، وإذا كيل له مكيال ثم أخذ منه آخر، وإذا اشترى رجل من رجل ذهبا بذهب فلا بأس أن يشتري منه بما أخذ منه كله أو بعضه دراهم أو ما شاء، وإذا باع الرجل الرجل السلعة بمائة دينار مثاقيل فله مائة دينار مثاقيل أفراد ليس له أكثر منها ولا أقل إلا أن يجتمعا على الرضا بذلك، وإذا كانت لرجل على رجل مائة دينار عتق فقضاه شرا منها أكثر من عددها أو وزنها فلا بأس إذا كان هذا متطوعا له بفضل عيون ذهبه على ذهبه وهذا متطوع له بفضل وزن ذهبه على ذهبه، وإن كان هذا عن شرط عند البيع أو عند القضاء فلا خير فيه؛ لأن هذا حينئذ ذهب بذهب أكثر منها ولا بأس أن يبيع الرجل الرجل الثوب بدينار إلا وزنا من الذهب معلوم ربع أو ثلث أو أقل أو أكثر؛ لأنه باعه حينئذ الثوب بثلاثة أرباع دينار أو ثلثي دينار ولا خير في أن يبيعه الثوب بدينار إلا درهم ولا دينار إلا مد حنطة؛ لأن الثمن حينئذ مجهول ولا بأس أن يبيعه ثوبا ودرهما يراه وثوبا ومد تمر يراه بدينار [قال الربيع]: فيه قول آخر أنه إذا باعه ثوبا وذهبا يراه فلا يجوز من قبل أن فيه صرفا وبيعا لا يدري حصة البيع من حصة الصرف فأما إذا باعه ثوبا ومد تمر بدينار يراه فجائز؛ لأن هذا بيع كله.
[قال الشافعي]: ولا خير في أن يسلم إليه دينارا إلا درهما ولكن يسلم دينارا ينقص كذا وكذا.
[قال الشافعي]: من ابتاع بكسر درهم شيئا فأخذ بكسر درهمه مثل وزنه فضة أو سلعة من السلع فلا بأس بذلك وكذلك من ابتاع بنصف دينار متاعا فدفع دينارا وأخذ فضل ديناره مثل وزنه ذهبا أو سلعة من السلع فلا بأس بذلك وهذا في جميع البلدان سواء ولا يحل شيء من ذلك في بلد يحرم في بلد آخر وسواء الذي ابتاع به قليل من الدينار أو كثير ولا خير في أن يصارف الرجل الصائغ الفضة بالحلي الفضة المعمولة ويعطيه إجارته؛ لأن هذا الورق بالورق متفاضلا ولا خير في أن يأتي الرجل بالفص إلى الصائغ فيقول له اعمله لي خاتما حتى أعطيك أجرتك وقاله مالك.
[قال الشافعي]: ولا خير في أن يعطي الرجل الرجل مائة دينار بالمدينة على أن يعطيه مثلها بمكة إلى أجل مسمى أو غير أجل؛ لأن هذا لا سلف ولا بيع، السلف ما كان لك أخذه به وعليك قبوله وحيث أعطاكه والبيع في الذهب ما يتقابضاه مكانهما قبل أن يتفرقا فإذا أراد أن يصح هذا له فليسلفه ذهبا، فإن كتب له بها إلى موضع فقبل فقبضها فلا بأس وأيهما أراد أن يأخذها من المدفوع إليه لم يكن للمدفوع إليه أن يمتنع وسواء في أيهما كان له فيه المرفق أو لم يكن ومن أسلف سلفا فقضى أفضل من ذلك في العدد والوزن معا فلا بأس بذلك إذا لم يكن ذلك شرطا بينهما في عقد السلف ومن ادعى على رجل مالا وأقام به شاهدا ولم يحلف والغريم يجحد ثم سأله الغريم أن يقر له بالمال إلى سنة، فإن قال لا أقر لك به إلا على تأخير كرهت ذلك له إلا أن يعلم أن المال له عليه فلا أكره ذلك لصاحب المال وأكرهه للغريم.