باب العرية |
[قال الشافعي]: رحمه الله: والعرية التي رخص رسول الله ﷺ في بيعها أن قوما شكوا إلى رسول الله ﷺ أن الرطب يحضر وليس عندهم ما يشترون به من ذهب ولا ورق وعندهم فضول تمر من قوت سنتهم فرخص لهم رسول الله ﷺ أن يشتروا العرية بخرصها تمرا يأكلونها رطبا. ولا تشتري بخرصها إلا كما (سن رسول الله ﷺ أن تخرص رطبا) فيقال مكيلته كذا وينقص كذا إذا صار تمرا فيشتريها المشتري لها بمثل كيل ذلك التمر ويدفعه إليه قبل أن يتفرقا فإن تفرقا قبل أن يتقابضا فالبيع فاسد ولا يشتري من العرايا إلا أقل من خمسة أوسق بشيء ما كان فإذا كان أقل من خمسة أوسق جاز البيع وسواء الغني والفقير في شراء العرايا ؛ لأن رسول الله ﷺ لما نهى عن بيع الرطب بالتمر والمزابنة والعرايا تدخل في جملة اللفظ ؛ لأنها جزاف بكيل وتمر برطب استدللنا على أن العرايا ليست مما نهي عنه غني ولا فقير ولكن كان كلامه فيها جملة عام المخرج يريد به الخاص وكما نهى عن صلاة بعد الصبح والعصر وكان عام المخرج ولما أذن في الصلاة للطواف في ساعات الليل والنهار وأمر من نسي صلاة أن يصليها إذا ذكرها، فاستدللنا على أن نهيه ذلك العام إنما هو على الخاص، والخاص أن يكون نهى عن أن يتطوع الرجل فأما كل صلاة لزمته فلم ينه عنه وكما قال (البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه) وقضى بالقسامة وقضى باليمين مع الشاهد فاستدللنا على أنه إنما أراد بجملة المدعي والمدعى عليه خاصا وأن اليمين مع الشاهد والقسامة استثناء مما أراد ؛ لأن المدعي في القسامة يحلف بلا بينة والمدعي مع الشاهد يحلف ويستوجبان حقوقهما والحاجة في العرية والبيع وغيرهما سواء.
[قال الشافعي]: ولا تكون العرايا إلا في النخل والعنب؛ لأنه لا يضبط خرص شيء غيره ولا بأس أن يبيع ثمر حائطه كله عرايا إذا كان لا يبيع واحدا منهم إلا أقل من خمسة أوسق.