باب ما اشتري مما يكون مأكوله داخله |
[قال الشافعي]: من اشترى رانجا، أو جوزا، أو لوزا، أو فستقا أو بيضا فكسره فوجده فاسدا أو معيبا فأراد رده والرجوع بثمنه ففيها قولان: أحدهما: أن له أن يرده والرجوع بثمنه من قبل أنه لا يصل إلى معرفة عيبه وفساده، وصلاحه إلا بكسره، وإذا كان المقصود قصده بالبيع داخله فبائعه سلطه عليه، وهذا قول.
قال: ومن قال هذا القول انبغى أن يقول على المشتري الكاسر أن يرد القشر على البائع إن كانت له قيمة، وإن قلت إن كان يستمتع به كما يستمتع بقشر الرانج ويستمتع بما سواه أو يرد فإن لم يفعل أقيم قشرها فكانت للقشر قيمة منه وداخله على أنه صحيح وطرح عنه حصة ما لم يرده من قشره من الثمن ويرجع بالباقي ولو كانت حصة القشر سهما من ألف سهم منه، والقول الثاني إنه إذا كسره لم يكن له رده إلا أن يشاء البائع، ويرجع بما بين قيمته صحيحا وقيمته فاسدا، وبيض الدجاج كله لا قيمة له فاسدا؛ لأن قشره ليس فيه منفعة فإذا كسره رجع بالثمن، وأما بيض النعام فلقشرته ثمن فيلزم المشتري بكل حال؛ لأن قشرتها ربما كانت أكثر ثمنا من داخلها، فإن لم يرد قشرتها صحيحة رجع عليه بما بين قيمتها غير فاسدة وقيمتها فاسدة، وفي القول الأول يردها ولا شيء عليه؛ لأنه سلطه على سرها إلا أن يكون أفسدها بالكسر، وقد كان يقدر على كسر لا يفسد، فيرجع بما بين القيمتين ولا يردها.
[قال الشافعي]: فأما القثاء والخربز وما رطب فإنه يذوقه بشيء دقيق من حديد أو عود فيدخله فيه فيعرف طعمه إن كان مرا أو كان الخربز حامضا فله رده، ولا شيء عليه في نقبه في القولين؛ لأنه سلطه على ذلك أو أكثر منه ولا فساد في النقب الصغير عليه. وكان يلزم من قال لا يرده إلا كما أخذه بأن يقول يرجع بما بين قيمته سالما من الفساد وقيمته فاسدا.
قال: ولو كسرها لم يكن له ردها ورجع عليه بنقصان ما بين قيمته صحيحا وفاسدا ما كان ذلك الفضل إلا أن يشاء البائع أن يأخذه مكسورا. ويرد عليه الثمن؛ لأنه قد كان يقدر على أن يصير إليه طعمه من ثقبه صحيحا ليس كالجوز لا يصل إلى طعمه من نقبه وإنما يصل إليه ريحه لا طعمه صحيحا فأما الدود فلا يعرف بالمذاقة فإذا كسره ووجد الدود كان له في القول الأول رده، وفي القول الثاني الرجوع بفضل ما بين القيمتين. ولو اشترى من هذا شيئا رطبا من القثاء والخربز فحبسه حتى ضمر وتغير وفسد عنده ثم وجده فاسدا بمرارة أو دود كان فيه فإن كان فساده من شيء يحدث مثله عند المشتري فالقول قول البائع في فساده مع يمينه، وذلك مثل البيض يقيم عند الرجل زمانا ثم يجده فاسدا وفساد البيض يحدث. والله تعالى أعلم.