الرئيسيةبحث

كتاب الأم/كتاب البيوع/باب بيع الآجال

باب بيع الآجال

[قال الشافعي]: وأصل ما ذهب إليه من ذهب في بيوع الآجال أنهم رووا أن عالية بنت أنفع أنها سمعت عائشة أو سمعت امرأة أبي السفر تروي (عن عائشة أن امرأة سألتها عن بيع باعته من زيد بن أرقم بكذا وكذا إلى العطاء ثم اشترته منه بأقل من ذلك نقدا، فقالت عائشة: بئس ما اشتريت وبئس ما ابتعت، أخبري زيد بن أرقم أن الله عز وجل قد أبطل جهاده مع رسول الله ﷺ إلا أن يتوب).

[قال الشافعي]: قد تكون عائشة لو كان هذا ثابتا عنها عابت عليها بيعا إلى العطاء؛ لأنه أجل غير معلوم، وهذا مما لا تجيزه، لا أنها عابت عليها ما اشترت منه بنقد وقد باعته إلى أجل، ولو اختلف بعض أصحاب النبي ﷺ في شيء فقال بعضهم فيه شيئا وقال بعضهم بخلافه كان أصل ما نذهب إليه أنا نأخذ بقول الذي معه القياس، والذي معه القياس زيد بن أرقم، وجملة هذا أنا لا نثبت مثله على عائشة مع أن زيد بن أرقم لا يبيع إلا ما يراه حلالا، ولا يبتاع مثله، فلو أن رجلا باع شيئا أو ابتاعه نراه نحن محرما، وهو يراه حلالا لم نزعم أن الله يحبط من عمله شيئا، فإن قال قائل فمن أين القياس مع قول زيد؟ قلت أرأيت البيعة الأولى أليس قد ثبت بها عليه الثمن تاما؟ فإن قال بلى، قيل: أفرأيت البيعة الثانية أهي الأولى؟ فإن قال: لا قيل: أفحرام عليه أن يبيع ماله بنقد، وإن كان اشتراه إلى أجل؟ فإن قال: لا، إذا باعه من غيره، قيل: فمن حرمه منه؟ فإن قال: كأنها رجعت إليه السلعة أو اشترى شيئا دينا بأقل منه نقدا، قيل إذا قلت: كان لما ليس هو بكائن، لم ينبغ لأحد أن يقبله منك، أرأيت لو كانت المسألة بحالها فكان باعها بمائة دينار دينا واشتراها بمائة أو بمائتين نقدا؟ فإن قال: جائز، قيل: فلا بد أن تكون أخطأت كان ثم أو ههنا؛ لأنه لا يجوز له أن يشتري منه مائة دينار دينا بمائتي دينار نقدا. فإن قلت: إنما اشتريت منه السلعة، قيل فهكذا كان ينبغي أن تقول أولا ولا تقول كان لما ليس هو بكائن، أرأيت البيعة الآخرة بالنقد لو انتقضت أليس ترد السلعة ويكون الدين ثابتا كما هو فتعلم أن هذه بيعة غير تلك البيعة؟ فإن قلت: إنما اتهمته، قلنا هو أقل تهمة على ماله منك، فلا تركن عليه إن كان خطأ ثم تحرم عليه ما أحل الله له؛ لأن الله عز وجل أحل البيع وحرم الربا وهذا بيع وليس بربا، وقد روي إجازة البيع إلى العطاء عن غير واحد، وروي عن غيرهم خلافه، وإنما اخترنا أن لا يباع إليه؛ لأن العطاء قد يتأخر ويتقدم، وإنما الآجال معلومة بأيام موقوتة أو أهلة وأصلها في القرآن، قال الله عز وجل: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج}، وقال تعالى: {واذكروا الله في أيام معدودات}، وقال عز وجل: {فعدة من أيام أخر}، فقد وقت بالأهلة كما وقت بالعدة وليس العطاء من مواقيته تبارك وتعالى، وقد يتأخر الزمان ويتقدم وليس تستأخر الأهلة أبدا أكثر من يوم، فإذا اشترى الرجل من الرجل السلعة فقبضها وكان الثمن إلى أجل فلا بأس أن يبتاعها من الذي اشتراها منه ومن غيره بنقد أقل أو أكثر مما اشتراها به أو بدين كذلك أو عرض من العروض ساوى العرض ما شاء أن يساوي، وليست البيعة الثانية من البيعة الأولى بسبيل، ألا ترى أنه كان للمشتري البيعة الأولى إن كانت أمة أن يصيبها أو يهبها أو يعتقها أو يبيعها ممن شاء غير بيعه بأقل أو أكثر مما اشتراها به نسيئة؟ فإذا كان هكذا فمن حرمها على الذي اشتراها؟ وكيف يتوهم أحد؟ وهذا إنما تملكها ملكا جديدا بثمن لها لا بالدنانير المتأخرة؟ أن هذا كان ثمنا للدنانير المتأخرة وكيف إن جاز هذا على الذي باعها لا يجوز على أحد لو اشتراها؟

[قال الشافعي]: المأكول والمشروب كله مثل الدنانير والدراهم لا يختلفان في شيء وإذا بعت منه صنفا بصنفه، فلا يصلح إلا مثلا بمثل يدا بيد، إن كان كيلا فكيل، وإن كان وزنا فوزن، كما لا تصلح الدنانير بالدنانير إلا يدا بيد وزنا بوزن، ولا تصلح كيلا بكيل وإذا اختلف الصنفان منه فلا بأس بالفضل في بعضه على بعض يدا بيد ولا خير فيه نسيئة كما يصلح الذهب بالورق متفاضلا ولا يجوز نسيئة، وإذا اختلف الصنفان فجاز الفضل في أحدهما على الآخر فلا بأس أن يشتري منه جزافا بجزاف؛ لأن أكثر ما في الجزاف أن يكون متفاضلا والتفاضل لا بأس به، وإذا كان شيء من الذهب أو الفضة أو المأكول أو المشروب فكان للآدميين فيه صنعة يستخرجون بها من الأصل شيئا يقع عليه اسم دون اسم فلا خير في ذلك الشيء بشيء من الأصل، وإن كثرت الصنعة فيه، كما لو أن رجلا عمد إلى دنانير فجعلها طستا أو قبة أو حليا ما كان لم تجز بالدنانير أبدا إلا وزنا بوزن، وكما لو أن رجلا عمد إلى تمر فحشاه في شن أو جرة أو غيرها نزع نواه أو لم ينزعه لم يصلح أن يباع بالتمر وزنا بوزن؛ لأن أصلهما الكيل، والوزن بالوزن قد يختلف في أصل الكيل، فكذلك لا يجوز حنطة بدقيق؛ لأن الدقيق من الحنطة وقد يخرج من الحنطة من الدقيق ما هو أكثر من الدقيق الذي بيع بها وأقل ذلك أن يكون مجهولا بمعلوم من صنف فيه الربا، وكذلك حنطة بسويق وكذلك حنطة بخبز، وكذلك حنطة بفالوذج إن كان نشا سععه من حنطة وكذلك دهن سمسم بسمسم وزيت بزيتون لا يصلح هذا لما وصفت، وكذلك لا يصلح التمر المنثور بالتمر المكبوس؛ لأن أصل التمر الكيل.

[قال الشافعي]: وإذا بعت شيئا من المأكول أو المشروب أو الذهب أو الورق بشيء من صنفه فلا يصلح إلا مثلا بمثل، وأن يكون ما بعت منه صنفا واحدا جيدا أو رديئا، ويكون ما اشتريت منه صنفا واحدا، ولا يبالي أن يكون أجود أو أردأ مما اشتريته به، ولا خير في أن يأخذ خمسين دينارا مروانية وخمسين حدبا بمائة هاشمية ولا بمائة غيرها، وكذلك لا خير في أن يأخذ صاع بردي وصاع لون بصاعي صيحاني وإنما كرهت هذا من قبل أن الصفقة إذا جمعت شيئين مختلفين فكل واحد منهما مبيع بحصته من الثمن، فيكون ثمن صاع البردي بثلاثة دنانير، وثمن صاع اللون دينارا، وثمن صاع الصيحاني يسوى دينارين، فيكون صاع البردي بثلاثة أرباع صاعي الصيحاني وذلك صاع ونصف وصاع اللون بربع صاعي الصيحاني وذلك نصف صاع صيحاني فيكون هذا التمر بالتمر متفاضلا، وهكذا هذا في الذهب والورق وكل ما كان فيه الربا في التفاضل في بعضه على بعض.

[قال الشافعي]: وكل شيء من الطعام يكون رطبا ثم ييبس فلا يصلح منه رطب بيابس؛ لأن (النبي ﷺ سئل عن الرطب بالتمر فقال أينقص الرطب إذا يبس؟ فقال: نعم، فنهى عنه) فنظر في المعتقب فكذلك ننظر في المعتقب فلا يجوز رطب برطب؛ لأنهما إذا تيبسا اختلف نقصهما فكانت فيهما الزيادة في المعتقب، وكذلك كل مأكول لا ييبس إذا كان مما ييبس فلا خير في رطب منه برطب كيلا بكيل ولا وزنا بوزن ولا عددا بعدد، ولا خير في أترجة بأترجة ولا بطيخة ببطيخة وزنا ولا كيلا ولا عددا، فإذا اختلف الصنفان فلا بأس بالفضل في بعضه ولا خير فيه نسيئة، ولا بأس بأترجة ببطيخة وعشر بطيخات وكذلك ما سواهما، فإذا كان من الرطب شيء لا ييبس بنفسه أبدا مثل الزيت والسمن والعسل واللبن فلا بأس ببعضه على بعض، إن كان مما يوزن فوزنا، وإن كان مما يكال فكيلا مثلا بمثل، ولا تفاضل فيه حتى يختلف الصنفان، ولا خير في التمر بالتمر حتى يكون ينتهي يبسه، وإن انتهى يبسه إلا أن بعضه أشد انتفاخا من بعض فلا يضره إذا انتهى يبسه كيلا بكيل.

[قال الشافعي]: وإذا كان منه شيء مغيب مثل الجوز واللوز وما يكون مأكوله في داخله فلا خير في بعضه ببعض عددا ولا كيلا ولا وزنا، فإذا اختلف فلا بأس به من قبل أن مأكوله مغيب وأن قشره يختلف في الثقل والخفة فلا يكون أبدا إلا مجهولا بمجهول، فإذا كسر فخرج مأكوله فلا بأس في بعضه ببعض يدا بيد مثلا بمثل، وإن كان كيلا فكيلا، وإن كان وزنا فوزنا، ولا يجوز الخبز بعضه ببعض عددا ولا وزنا ولا كيلا من قبل أنه إذا كان رطبا فقد ييبس فينقص، وإذا انتهى يبسه فلا يستطاع أن يكتال وأصله الكيل فلا خير فيه وزنا؛ لأنا لا نحيل الوزن إلى الكيل. [أخبرنا الربيع]: قال.

[قال الشافعي]: وأصله الوزن والكيل بالحجاز، فكل ما وزن على عهد النبي ﷺ فأصله الوزن وكل ما كيل فأصله الكيل، وما أحدث الناس منه مما يخالف ذلك رد إلى الأصل.

[قال الشافعي]: وإذا ابتاع الرجل ثمر النخلة أو النخل بالحنطة فتقابضا فلا بأس بالبيع؛ لأنه لا أجل فيه، وإني أعد القبض في رءوس النخل قبضا كما أعد قبض الجزاف قبضا إذا خلى المشتري بينه وبينه لا حائل دونه فلا بأس فإن تركته أنا فالترك من قبلي ولو أصيب كان علي؛ لأني قابض له ولو أني اشتريته على أن لا أقبضه إلى غد أو أكثر من ذلك فلا خير فيه لأني إنما اشتريت الطعام بالطعام إلى أجل، وهكذا اشتراؤه بالذهب والفضة لا يصلح أن اشتريه بهما على أن أقبضه في غد أو بعد غد؛ لأنه قد يأتي غد أو بعد غد فلا يوجد، ولا خير في اللبن الحليب باللبن المضروب؛ لأن في المضروب ماء فهو ماء ولبن، ولو لم يكن فيه ماء فأخرج زبده لم يجز بلبن لم يخرج زبده؛ لأنه قد أخرج منه شيء هو من نفس جسده ومنفعته، وكذلك لا خير في تمر قد عصر وأخرج صفوه بتمر لم يخرج صفوه كيلا بكيل من قبل أنه قد أخرج منه شيء من نفسه، وإذا لم يغير عن خلقته فلا بأس به.

[قال الشافعي]: ولا يجوز اللبن باللبن إلا مثلا بمثل كيلا بكيل يدا بيد ولا يجوز إذا خلط في شيء منه ماء بشيء قد خلط فيه ماء ولا بشيء لم يخلط فيه ماء؛ لأنه ماء ولبن بلبن مجهول، والألبان مختلفة، فيجوز لبن الغنم بلبن الغنم الضأن والمعز وليس لبن الظباء منه، ولبن البقر بلبن الجواميس والعراب وليس لبن البقر الوحش منه، ويجوز لبن الإبل بلبن الإبل العراب والبخت وكل هذا صنف: الغنم صنف، والبقر صنف، والإبل صنف، وكل صنف غير صاحبه فيجوز بعضه ببعض متفاضلا يدا بيد ولا يجوز نسيئة، ويجوز أنسيه بوحشيه متفاضلا وكذلك لحومه مختلفة يجوز الفضل في بعضها على بعض يدا بيد، ولا يجوز نسيئة، ويجوز رطب بيابس إذا اختلف، ورطب برطب، ويابس، بيابس، فإذا كان منها شيء من صنف واحد مثل لحم غنم بلحم غنم لم يجز رطب برطب ولا رطب بيابس، وجاز إذا يبس فانتهى يبسه بعضه ببعض وزنا، والسمن مثل اللبن.

[قال الشافعي]: ولا خير في مد زبد ومد لبن بمدي زبد ولا خير في جبن بلبن لأنه قد يكون من اللبن جبن، إلا أن يختلف اللبن والجبن فلا يكون به بأس.

[قال الشافعي]: وإذا أخرج زبد اللبن فلا بأس بأن يباع بزبد وسمن؛ لأنه لا زبد في اللبن ولا سمن، وإذا لم يخرج زبده فلا خير فيه بسمن ولا زبد، ولا خير في الزيت إلا مثلا بمثل يدا بيد إذا كان من صنف واحد، فإذا اختلف فلا بأس بالفضل في بعضه على بعض يدا بيد ولا خير فيه نسيئة، ولا بأس بزيت الزيتون بزيت الفجل، وزيت الفجل بالشيرج متفاضلا.

[قال الشافعي]: ولا خير في خل العنب بخل العنب إلا سواء، ولا بأس بخل العنب بخل التمر، وخل القصب؛ لأن أصوله مختلفة، فلا بأس بالفضل في بعضه على بعض. وإذا كان خل لا يوصل إليه إلا بالماء مثل خل التمر وخل الزبيب فلا خير فيه بعضه ببعض من قبل أن الماء يكثر ويقل، ولا بأس به إذا اختلف، والنبيذ الذي لا يسكر مثل الخل.

[قال الشافعي]: ولا بأس بالشاة الحية التي لا لبن فيها حين تباع باللبن يدا بيد ولا خير فيها إن كان فيها لبن حين تباع باللبن؛ لأن للبن الذي فيها حصة من اللبن الموضوع لا تعرف، وإن كانت مذبوحة لا لبن فيها فلا بأس بها بلبن ولا خير فيها مذبوحة بلبن إلى أجل ولا بأس بها قائمة لا لبن فيها بلبن إلى أجل؛ لأنه عرض بطعام؛ ولأن الحيوان غير الطعام فلا بأس بما سميت من أصناف الحيوان بأي طعام شئت إلى أجل؛ لأن الحيوان ليس من الطعام ولا مما فيه ربا ولا بأس بالشاة للذبح بالطعام إلى أجل.

[قال الشافعي]: ولا بأس بالشاة باللبن إذا كانت الشاة لا لبن فيها، من قبل أنها حينئذ بمنزلة العرض بالطعام، والمأكول كل ما أكله بنو آدم وتداووا به حتى الإهليلج والصبر فهو بمنزلة الذهب بالذهب والورق بالذهب وكل ما لم يأكله بنو آدم وأكلته البهائم فلا بأس ببعضه ببعض متفاضلا يدا بيد وإلى أجل معلوم.

[قال الشافعي]: والطعام بالطعام إذا اختلف بمنزلة الذهب بالورق سواء، يجوز فيه ما يجوز فيه، ويحرم فيه ما يحرم فيه.

[قال الشافعي]: وإذا اختلف أجناس الحيتان فلا بأس ببعضها ببعض متفاضلا وكذلك لحم الطير إذا اختلف أجناسها ولا خير في اللحم الطري بالمالح والمطبوخ. ولا باليابس على كل حال ولا يجوز الطري بالطري ولا اليابس بالطري حتى يكونا يابسين أو حتى تختلف أجناسهما فيجوز على كل حال كيف كان. [قال الربيع]: ومن زعم أن اليمام من الحمام فلا يجوز لحم اليمام بلحم الحمام متفاضلا. ولا يجوز إلا يدا بيد مثلا بمثل، إذا انتهى يبسه، وإن كان من غير الحمام، فلا بأس به متفاضلا.

[قال الشافعي]: ولا يباع اللحم بالحيوان على كل حال، كان من صنفه أو من غير صنفه.

[قال الشافعي]: أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب (أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الحيوان باللحم).

[قال الشافعي]: أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن القاسم بن أبي بزة قال قدمت المدينة فوجدت جزورا قد جزرت فجزئت أجزاء كل جزء منها بعناق فأردت أن أبتاع منها جزءا فقال لي رجل من أهل المدينة: (إن رسول الله ﷺ نهى أن يباع حي بميت) فسألت عن ذلك الرجل فأخبرت عنه خيرا قال أخبرنا ابن أبي يحيى عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس عن أبي بكر الصديق أنه كره بيع الحيوان باللحم.

[قال الشافعي]: سواء كان الحيوان يؤكل لحمه أو لا يؤكل.

[قال الشافعي]: سواء اختلف اللحم والحيوان أو لم يختلف ولا بأس بالسلف في اللحم إذا دفعت ما سلفت فيه قبل أن تأخذ من اللحم شيئا وتسمي اللحم ما هو والسمانة والموضع والأجل فيه، فإن تركت من هذا شيئا لم يجز ولا خير في أن يكون الأجل فيه إلا واحدا فإذا كان الأجل فيه واحدا ثم شاء أن يأخذ منه شيئا في كل يوم أخذه، وإن شاء أن يترك ترك.

[قال الشافعي]: ولا خير في أن يأخذ مكان لحم ضأن قد حل لحم بقر؛ لأن ذلك بيع الطعام، قبل أن يستوفى.

[قال الشافعي]: ولا خير في السلف في الرءوس. ولا في الجلود من قبل أنه لا يوقف للجلود على ذرع وأن خلقتها تختلف فتتباين في الرقة والغلظ وأنها لا تستوي على كيل ولا وزن، ولا يجوز السلف في الرءوس؛ لأنها لا تستوي على وزن ولا تضبط بصفة فتجوز كما تجوز الحيوانات المعروفة بالصفة، ولا يجوز أن تشترى إلا يدا بيد.

[قال الشافعي]: ولا بأس بالسلف في الطري من الحيتان إن ضبط بوزن وصفة من صغر وكبر وجنس من الحيتان مسمى لا يختلف في الحال التي يحل فيها فإن أخطأ من هذا شيئا لم يجز.

[قال الشافعي]: ولا بأس بالسلف في الحيوان كله في الرقيق والماشية والطير إذا كان تضبط صفته ولا يختلف في الحين الذي يحل فيه وسواء كان مما يستحيا أو مما لا يستحيا فإذا حل من هذا شيء، وهو من أي شيء ابتيع لم يجز لصاحبه أن يبيعه قبل أن يقبضه ولا يصرفه إلى غيره ولكنه يجوز له أن يقيل من أصل البيع ويأخذ الثمن ولا يجوز أن يبيع الرجل الشاة ويستثني شيئا منها جلدا ولا غيره في سفر ولا حضر ولو كان الحديث ثبت عن النبي ﷺ في السفر أجزناه في السفر والحضر.

[قال الشافعي]: فإن تبايعا على هذا فالبيع باطل، وإن أخذ ما استثنى من ذلك وفات رجع البائع على المشتري فأخذ منه قيمة اللحم يوم أخذه.

[قال الشافعي]: ولا خير في أن يسلف رجل في لبن غنم بأعيانها، سمى الكيل أو لم يسمه كما لا يجوز أن يسلف في طعام أرض بعينها، فإن كان اللبن من غنم بغير أعيانها فلا بأس وكذلك إن كان الطعام من غير أرض بعينها فلا بأس.

قال: ولا يجوز أن يسلف في لبن غنم بعينها الشهر ولا أقل من ذلك ولا أكثر بكيل معلوم كما لا يجوز أن يسلف في ثمر حائط بعينه ولا زرع بعينه، ولا يجوز السلف بالصفة إلا في الشيء المأمون أن ينقطع من أيدي الناس في الوقت الذي يحل فيه ولا يجوز أن يباع لبن غنم بأعيانها شهرا يكون للمشتري ولا أقل من شهر ولا أكثر من قبل أن الغنم يقل لبنها ويكثر وينفذ وتأتي عليه الآفة وهذا بيع ما لم يخلق قط وبيع ما إذا خلق كان غير موقوف على حده بكيل؛ لأنه يقل ويكثر وبغير صفة؛ لأنه يتغير فهو حرام من جميع جهاته وكذلك لا يحل بيع المقاثي بطونا، وإن طاب البطن الأول؛ لأن البطن الأول، وإن رئي فحل بيعه على الانفراد فما بعده من البطون لم ير، وقد يكون قليلا فاسدا ولا يكون وكثيرا جيدا وقليلا معيبا وكثيرا بعضه أكثر من بعض فهو محرم في جميع جهاته ولا يحل البيع إلا على عين يراها صاحبها أو بيع مضمون على صاحبه بصفة يأتي بها على الصفة ولا يحل بيع ثالث.

[قال الشافعي]: ولا خير في أن يكتري الرجل البقرة ويستثني حلابها؛ لأن ههنا بيعا حراما وكراء.

[قال الشافعي]: ولا خير في أن يشتري الرجل من الرجل الطعام الحاضر على أن يوفيه إياه بالبلد ويحمله إلى غيره؛ لأن هذا فاسد من وجوه، أما أحدها إذا استوفاه بالبلد خرج البائع من ضمانه وكان على المشتري حمله فإن هلك قبل أن يأتي البلد الذي حمله إليه لم يدر، كم حصة البيع من حصة الكراء؟ فيكون الثمن مجهولا والبيع لا يحل بثمن مجهول فأما أن يقول هو من ضمان الحامل حتى يوفيه إياه بالبلد الذي شرط له أن يحمله إليه فقد زعم أنه إنما اشتراه على أن يوفيه ببلد فاستوفاه ولم يخرج البائع من ضمانه ولا أعلم بائعا يوفي رجلا بيعا إلا خرج من ضمانه ثم إن زعم أنه مضمون ثانية، فبأي شيء ضمن بسلف أو بيع أو غصب فهو ليس في شيء من هذه المعاني فإن زعم أنه ضمن بالبيع الأول فهذا شيء واحد بيع مرتين وأوفي مرتين والبيع في الشيء الواحد لا يكون مقبوضا مرتين.

[قال الشافعي]: ولا خير في كل شيء كان فيه الربا في الفضل بعضه على بعض وإذا اشترى الرجل السمن أو الزيت وزنا بظروفه، فإن شرط الظرف في الوزن فلا خير فيه، وإن اشتراها وزنا على أن يفرغها ثم يزن الظرف فلا بأس وسواء الحديد والفخار والزقاق.

[قال الشافعي]: ومن اشترى طعاما يراه في بيت أو حفرة أو هري أو طاقة فهو سواء فإذا وجد أسفله متغيرا عما رأى أعلاه فله الخيار في أخذه أو تركه؛ لأن هذا عيب وليس يلزمه العيب إلا أن يشاء كثر ذلك أو قل.

[قال الشافعي]: (نهى رسول الله ﷺ عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها) فإذا كان الحائط للرجل وطلعت الثريا واشتدت النواة واحمر بعضه أو اصفر، حل بيعه على أن يترك إلى أن يجد وإذا لم يظهر ذلك في الحائط لم يحل بيعه، وإن ظهر ذلك فيما حوله؛ لأنه غير ما حوله وهذا إذا كان الحائط نخلا كله ولم يختلف النخل، فأما إذا كان نخلا وعنبا أو نخلا وغيره من الثمر فبدا صلاح صنف منه فلا يجوز أن يباع الصنف الآخر الذي لم يبد صلاحه ولا يجوز شراء ما كان المشترى منه تحت الأرض مثل الجزر والبصل والفجل وما أشبه ذلك ويجوز شراء ما ظهر من ورقه؛ لأن المغيب منه يقل ويكثر ويكون ولا يكون ويصغر ويكبر وليس بعين ترى فيجوز شراؤها ولا مضمون بصفة فيجوز شراؤه ولا عين غائبة فإذا ظهرت لصاحبها كان له الخيار ولا أعلم البيع يخرج من واحدة من هذه الثلاث.

[قال الشافعي]: وإذا كان في بيع الزرع قائما خبر يثبت عن رسول الله ﷺ أنه أجازه في حال دون حال فهو جائز في الحال التي أجازه فيها وغير جائز في الحال التي تخالفه، وإن لم يكن فيه خبر رسول الله ﷺ فلا يجوز بيعه على حال؛ لأنه مغيب يقل ويكثر ويفسد ويصلح كما لا يجوز بيع حنطة في جراب ولا غرارة وهما كانا أولى أن يجوزا منه. ولا يجوز بيع القصيل إلا على أن يقطع مكانه إذا كان القصيل مما يستخلف، وإن تركه انتقض فيه البيع؛ لأنه يحدث منه ما ليس في البيع، وإن كان القصيل مما لا يستخلف ولا يزيد لم يجز أيضا بيعه إلا على أن يقطعه مكانه فإن قطعه أو نتفه فذلك له، وإن لم ينتفه فعليه قطعه إن شاء رب الأرض والثمرة له؛ لأنه اشترى أصله ومتى ما شاء رب الأرض أن يقلعه عنه قلعه، وإن تركه رب الأرض حتى تطيب الثمر فلا بأس وليس للبائع من الثمرة شيء.

قال: وإذا ظهر القرط أو الحب فاشتراه على أن يقطعه مكانه فلا بأس وإذا اشترط أن يتركه فلا خير فيه، وإذا اشترى الرجل ثمرة لم يبد صلاحها على أن يقطعها فالبيع جائز وعليه أن يقطعها متى شاء رب النخل، وإن تركه رب النخل متطوعا فلا بأس والثمرة للمشتري ومتى أخذه بقطعها قطعها فإن اشتراها على أن يتركه إلى أن يبلغ فلا خير في الشراء فإن قطع منها شيئا فكان له مثل رد مثله ولا أعلم له مثلا، وإذا لم يكن له مثل رد قيمته والبيع منتقض ولا خير في شراء التمر إلا بنقد أو إلى أجل معلوم والأجل المعلوم يوم بعينه من شهر بعينه أو هلال شهر بعينه فلا يجوز البيع إلى العطاء ولا إلى الحصاد ولا إلى الجداد؛ لأن ذلك يتقدم ويتأخر وإنما قال الله تعالى {إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى} وقال عز وجل: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج} فلا توقيت إلا بالأهلة أو سني الأهلة.

قال: ولا خير في بيع قصيل الزرع كان حبا أو قصيلا على أن يترك إلا أن يكون في ذلك خبر عن النبي ﷺ فإن لم يكن فيه خبر فلا خير فيه.

[قال الشافعي]: ومن اشترى نخلا فيها ثمر قد أبرت فالثمرة للبائع إلا أن يشترط المبتاع، فإن اشترطها المبتاع فجائز، من قبل أنها في نخله، وإن كانت لم تؤبر فهي للمبتاع، وإن اشترطها البائع فذلك جائز؛ لأن صاحب النخل ترك له كينونة الثمرة في نخله حين باعه إياها إذا كان استثنى على أن يقطعها فإن استثنى على أن يقرها فلا خير في البيع؛ لأنه باعه ثمرة لم يبد صلاحها على أن تكون مقرة إلى وقت قد تأتي عليها الآفة قبله ولو استثنى بعضها لم يجز إلا أن يكون للنصف معلوما فيستثنيه على أن يقطعه ثم إن تركه بعد لم يحرم عليه والاستثناء مثل البيع يجوز فيه ما يجوز في البيع ويفسد فيه ما يفسد فيه.

قال: وإذا أبر من النخل واحدة فثمرها للبائع، وإن لم يؤبر منها شيء فثمرها للمبتاع كما إذا طاب من النخل واحدة يحل بيعه، وإن لم يطب الباقي منه، فإن لم يطب منه شيء لم يحل بيعه ولا شيء مثل ثمر النخل أعرفه إلا الكرسف فإنه يخرج في أكمامه كما يخرج الطلع في أكمامه ثم ينشق فإذا انشق منه شيء فهو كالنخل يؤبر وإذا انشق النخل ولم يؤبر فهي كالإبار؛ لأنهم يبادرون به إبارته إنما يؤبر ساعة ينشق وإلا فسد فإن كان من الثمر شيء يطلع في أكمامه ثم ينشق فيصير في انشقاقه فهو كالإبار في النخل وما كان من الثمر يطلع كما هو لا كمام عليه أو يطلع عليه كمام ثم لا يسقط كمامه فطلوعه كإبار النخل؛ لأنه ظاهر فإذا باعه رجل، وهو كذلك فالثمرة له إلا أن يشترطه المبتاع ومن باع أرضا فيها زرع تحت الأرض أو فوقها بلغ أو لم يبلغ فالزرع للبائع والزرع غير الأرض.

[قال الشافعي]: ومن باع ثمر حائطه فاستثنى منه مكيلة، قلت أو كثرت، فالبيع فاسد؛ لأن المكيلة قد تكون نصفا أو ثلثا أو أقل أو أكثر فيكون المشتري لم يشتر شيئا يعرفه ولا البائع، ولا يجوز أن يستثني من جزاف باعه شيئا إلا ما لا يدخله في البيع وذلك مثل نخلات يستثنين بأعيانهن فيكون باعه ما سواهن أو ثلث أو ربع أو سهم من أسهم جزاف فيكون ما لم يستثن داخلا في البيع وما استثني خارجا منه فأما أن يبيعه جزافا لا يدري كم هو ويستثني منه كيلا معلوما فلا خير فيه؛ لأن البائع حينئذ لا يدري ما باع والمشتري لا يدري ما اشترى، ومن هذا أن يبيعه الحائط فيستثني منه نخلة أو أكثر لا يسميها بعينها فيكون الخيار في استثنائها إليه فلا خير فيه؛ لأن لها حظا من الحائط لا يدري كم هو؛ وهكذا الجزاف كله.

[قال الشافعي]: ولا يجوز لرجل أن يبيع رجلا شيئا ثم يستثني منه شيئا لنفسه ولا لغيره إلا أن يكون ما استثنى منه خارجا من البيع لم يقع عليه صفقة البيع كما وصفت، وإن باعه ثمر حائط على أن له ما سقط من النخل فالبيع فاسد من قبل أن الذي يسقط منها قد يقل ويكثر أرأيت لو سقطت كلها أتكون له؟ فأي شيء باعه إن كانت له؟ أو رأيت لو سقط نصفها أيكون له النصف بجميع الثمن؟ فلا يجوز الاستثناء إلا كما وصفت.

[قال الشافعي]: ومن باع ثمر حائط رجل وقبضه منه وتفرقا ثم أراد أن يشتريه كله أو بعضه فلا بأس به.

[قال الشافعي]: وإذا اكترى الرجل الدار وفيها نخل قد طاب ثمره على أن له الثمرة فلا يجوز من قبل أنه كراء وبيع وقد ينفسخ الكراء بانهدام الدار ويبقى ثمر الشجر الذي اشترى فيكون بغير حصة من الثمن معلوما والبيوع لا تجوز إلا معلومة الأثمان فإن قال قد يشتري العبد والعبدين والدار والدارين صفقة واحدة؟ قيل نعم فإذا انتقض البيع في أحد الشيئين المشتريين انتقض في الكل، وهو مملوك الرقاب كله والكراء ليس بمملوك الرقبة إنما هو مملوك المنفعة والمنفعة ليست بعين قائمة، فإذا أراد أن يشتري ثمرا ويكتري دارا تكارى الدار على حدة واشترى الثمرة على حدة ثم حل في شراء الثمرة ما يحل في شراء الثمرة بغير كراء ويحرم فيه ما يحرم فيه.

[قال الشافعي]: ولا بأس ببيع الحائطين أحدهما بصاحبه استويا أو اختلفا إذا لم يكن فيهما ثمر فإن كان فيهما تمر فكان التمر مختلفا فلا بأس به إذا كان الثمر قد طاب أو لم يطب، وإن كان ثمره واحدا فلا خير فيه. [قال الربيع]: إذا بعتك حائطا بحائط وفيهما جميعا ثمر فإن كان الثمران مختلفين مثل أن يكون كرم فيه عنب أو زبيب بحائط نخل فيه بسر أو رطب بعتك الحائط بالحائط على أن لكل واحد حائطا بما فيه فإن البيع جائز، وإن كان الحائطان مستويي الثمر مثل النخل ونخل فيهما الثمر فلا يجوز من قبل أني بعتك حائطا وثمرا بحائط وثمر والثمر بالثمر لا يجوز. [قال الربيع]: معنى القصيل عندي الذي ذكره الشافعي إذا كان قد سنبل فأما إذا لم يسنبل وكان بقلا فاشتراه على أن يقطعه فلا بأس.

[قال الشافعي]: (عامل رسول الله ﷺ أهل خيبر على الشطر وخرص بينهم وبينه ابن رواحة وخرص النبي ﷺ تمر المدينة وأمر بخرص أعناب أهل الطائف فأخذ العشر منهم بالخرص والنصف من أهل خيبر بالخرص) فلا بأس أن يقسم ثمر العنب والنخل بالخرص ولا خير في أن يقسم ثمر غيرهما بالخرص؛ لأنهما الموضعان اللذان أمر رسول الله ﷺ بالخرص فيهما ولم نعلمه أمر بالخرص في غيرهما وأنهما مخالفان لما سواهما من الثمر باستجماعهما وأنه لا حائل دونهما من ورق ولا غيره وأن معرفة خرصهما تكاد أن تكون بائنة ولا تخطئ ولا يقسم شجر غيرهما بخرص ولا ثمره بعدما يزايل شجره بخرص.

[قال الشافعي]: وإذا كان بين القوم الحائط، فيه الثمر لم يبد صلاحه فأرادوا اقتسامه فلا يجوز قسمه بالثمرة بحال وكذلك إذا بدا صلاحها لم يجز قسمه من قبل أن للنخل والأرض حصة من الثمن وللثمرة حصة من الثمن فتقع الثمرة بالثمرة مجهولة لا بخرص ولا بيع ولا يجوز قسمه إلا أن يكونا يقتسمان الأصل وتكون الثمرة بينهما مشاعة إن كانت لم تبلغ أو كانت قد بلغت غير أنها إذا بلغت فلا بأس أن يقتسماها بالخرص قسما منفردا، وإن أرادا أن يكونا يقتسمان الثمرة مع النخل اقتسماها ببيع من البيوع فقوما كل سهم بأرضه وشجره وثمره ثم أخذا بهذا البيع لا بقرعة.

[قال الشافعي]: وإذا اختلف فكان نخلا وكرما فلا بأس أن يقسم أحدهما بالآخر وفيهما ثمرة؛ لأنه ليس في تفاضل الثمرة بالثمرة تخالفها ربا في يد بيد، وما جاز في القسم على الضرورة جاز في غيرها وما لم يجز في الضرورة لم يجز في غيرها.

[قال الشافعي]: ولا يصلح السلم في ثمر حائط بعينه؛ لأنه قد ينفذ ويخطئ ولا يجوز السلم في الرطب من الثمر إلا بأن يكون محله في وقت تطيب الثمرة فإذا قبض بعضه ونفدت الثمرة الموصوفة قبل قبض الباقي منها كان للمشتري أن يأخذ رأس ماله كله ويرد عليه مثل قيمة ما أخذ منه، وقيل يحسب عليه ما أخذ بحصته من الثمن فكان كرجل اشترى مائة إردب فأخذ منها خمسين وهلكت خمسون فله أن يرد الخمسين وله الخيار في أن يأخذ الخمسين بحصته من الثمن ويرجع بما بقي من رأس ماله وله الخيار في أن يؤخره حتى يقبض منه رطبا في قابل بمثل صفة الرطب الذي بقي له ومكيلته كما يكون له الحق من الطعام في وقت لا يجده فيه فيأخذه بعده.

[قال الشافعي]: ولا خير في الرجل يشتري من الرجل له الحائط النخلة أو النخلتين أو أكثر أو أقل على أن يستجنيها متى شاء على أن كل صاع بدينار؛ لأن هذا لا بيع جزاف فيكون من مشتريه إذا قبضه، ولا بيع كيل يقبضه صاحبه مكانه وقد يؤخره فيضمن إذا قرب أن يثمر، وهو فاسد من جميع جهاته.

[قال الشافعي]: ولا خير في أن يشتري شيئا يستجنيه بوجه من الوجوه إلا أن يشتري نخلة بعينها أو نخلات بأعيانهن ويقبضهن فيكون ضمانهن منه ويستجدهن كيف شاء ويقطع ثمارها متى شاء أو يشتريهن وتقطعن له مكانه فلا خير في شراء إلا شراء عين تقبض إذا اشتريت لا حائل دون قابضها أو صفة مضمونة على صاحبها وسواء في ذلك الأجل القريب والحال والبعيد لا اختلاف بين ذلك ولا خير في الشراء إلا بسعر معلوم ساعة يعقدان البيع.

وإذا أسلف الرجل الرجل في رطب أو تمر أو ما شاء فكله سواء، فإن شاء أن يأخذ نصف رأس ماله ونصف سلفه فلا بأس إذا كان له أن يقيله من السلف كله ويأخذ منه السلف كله فلم لا يكون له أن يأخذ النصف من سلفه والنصف من رأس ماله؟ فإن قالوا كره ذلك ابن عمر فقد أجازه ابن عباس، وهو جائز في القياس ولا يكون له أن يأخذ نصف سلفه ويشتري منه بما بقي طعاما ولا غيره؛ لأنه له عليه طعاما وذلك بيع الطعام قبل أن يقبض ولكن يفاسخه البيع حتى يكون له عليه دنانير حالة.

وإذا سلف الرجل الرجل في رطب إلى أجل معلوم فنفد الرطب قبل أن يقبض هذا حقه بتوان أو ترك من المشتري أو البائع أو هرب من البائع فالمشتري بالخيار بين أن يأخذ رأس ماله؛ لأنه معوز بماله في كل حال لا يقدر عليه وبين أن يؤخره إلى أن يمكن الرطب بتلك الصفة فيأخذه به وجائز أن يسلف في ثمر رطب في غير أوانه إذا اشترط أن يقبضه في زمانه ولا خير أن يسلف في شيء إلا في شيء مأمون لا يعوز في الحال التي اشترط قبضه فيها فإن سلفه في شيء يكون في حال ولا يكون لم أجز فيه السلف وكان كمن سلف في حائط بعينه وأرض بعينها فالسلف في ذلك مفسوخ، وإن قبض سلفه رد عليه ما قبض منه وأخذ رأس ماله.

كتاب الأم - كتاب البيوع
باب بيع الخيار | باب الخلاف فيما يجب به البيع | باب بيع الكلاب وغيرها من الحيوان غير المأكول | باب الخلاف في ثمن الكلب | باب الربا - باب الطعام بالطعام | باب جماع تفريع الكيل والوزن بعضه ببعض | باب تفريع الصنف من المأكول والمشروب بمثله | باب في التمر بالتمر | باب ما في معنى التمر | باب ما يجامع التمر وما يخالفه | باب المأكول من صنفين شيب أحدهما بالآخر | باب الرطب بالتمر | باب ما جاء في بيع اللحم | باب ما يكون رطبا أبدا | باب الآجال في الصرف | باب ما جاء في الصرف | باب في بيع العروض | باب في بيع الغائب إلى أجل | باب ثمر الحائط يباع أصله | باب الوقت الذي يحل فيه بيع الثمار | باب الخلاف في بيع الزرع قائما | باب بيع العرايا | باب العرية | باب الجائحة في الثمرة | باب في الجائحة | باب الثنيا | باب صدقة الثمر | باب في المزابنة | باب وقت بيع الفاكهة | باب ما ينبت من الزرع | باب ما اشتري مما يكون مأكوله داخله | مسألة بيع القمح في سنبله | باب بيع القصب والقرط | باب حكم المبيع قبل القبض وبعده | باب النهي عن بيع الكراع والسلاح في الفتنة | باب السنة في الخيار | باب بيع الآجال | باب الشهادة في البيوع