→ الوصية بالمكاتب نفسه | كتاب الأم الوصية للمكاتب الشافعي |
الوصية للعبد أن يكاتب ← |
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا أوصى سيد المكاتب بعتقه عتق بالأقل من قيمته أو ما بقي عليه من كتابته كأن قيمته كانت ألفا والذي بقي عليه من كتابته خمسمائة فأعتق بخمسمائة؛ لأنه إذا أوصى بعتقه فقد وضع كتابته وإذا أوصى فوضع كتابته فقد عتق كأنه كان قيمته ألفا وبقي من كتابته ألفان فيعتق بالألف وإذا عتق سقطت كتابته، فإن قال ضعوا عنه كتابته أو أوصى له بكتابته فهي كوصيته بعتقه لأن كتابته إذا وضعت عنه فيعتق بالأقل من قيمته أو الكتابة، وسواء كانت الكتابة دينا أو حالة تحسب من الثلث حالة.
ولو أوصى له بنجم من كتابته كان ذلك للورثة يعطونه أي نجم شاءوا متأخرا أو متقدما وإن كانت نجومه مختلفة فأقلها إن شاءوا، فإن قال: ضعوا عنه أي نجم من نجومه شئتم فهكذا وإن قال ضعوا عنه أي نجم من نجومه شاء هو فذلك إلى المكاتب فأي نجم من نجومه شاء وضع عنه من الثلث متقدما كان أو متأخرا وإن كانت له نجوم مختلفة فقال ضعوا عنه أوسط نجم من نجومه فأوسط نجم من نجومه يحتمل أوسطها في العدد وأوسطها في الأجل ليس واحد منهما أولى بظاهرها من الآخر فيقال للورثة ضعوا أوسط نجم من نجومه إن شئتم فأوسطها في العدد وإن شئتم فأوسطها في الأجل، فإن ادعى المكاتب أن الذي أوصى له به غير الذي وضع عنه أحلف الورثة ما يعلمون ما قال ووضعوا عنه الأوسط من أيها شاءوا ولو كانت المسألة بحالها، وكانت بقيت عليه ثلاثة نجوم أولها وآخرها أقل قيل لكم أن تضعوا الأوسط من العدد أو المال، فإن أردتم وضع الأوسط من الآجال فضعوه وهو الثاني الذي قبله واحد وبعده واحد، ولو كانت عليه أربعة أنجم فأرادوا وضع الأوسط من النجوم المؤجلة وضعوا عنه أي النجمين شاءوا الثاني أو الثالث؛ لأنه ليس واحد أولى باسم الأوسط من الآخر، ولو كانت خمسة كان لها أوسط وهو الثالث؛ لأن قبله نجمين وبعده نجمين إذا كانت نجومه وترا فلها أوسط نجم واحد وإذا كانت شفعا فلها أوسطان، فإن كانت نجومه مختلفة عدد المال فكان منها عشرة ومنها مائة ومنها ثلاثة فقال ضعوا عنه نجما من نجومه وضعوا عنه أيها شاءوا، فإن قال ضعوا عنه أكثر نجومه أو أقل نجومه وضعوا عنه ما أوصى به ولا يحتمل هذا إلا العدد فيوضع عنه - إذا قال: أكثر - أكثرها عددا، - وإذا قال أقل - أقلها عددا.
وإذا قال أوسط احتمل موضع المال وموضع الوسط وإن قال: ضعوا عنه أوسط نجومه من عدد المال وعليه ثلاثة أنجم وضع عنه الأوسط الذي لا أقلها ولا أكثرها وإن كانت أربعة واحد عشر وواحد عشرون وواحد ثلاثون وواحد أربعون فقال: ضعوا عنه أوسط نجومه عددا وضعوا عنه إن شاءوا العشرين وإن شاءوا الثلاثين لأنه ليس واحد منهما أولى باسم الأوسط من الآخر فعلى هذا هذا الباب كله وقياسه.
ولو قال: ضعوا عنه ثلث كتابته كان لهم أن يضعوا عنه ثلث كتابته في العدد إن شاءوا المؤخر منها وإن شاءوا ما قبله منها، وكذلك إن قال نصفها أو ربعها أو عشرة منها.
ولو أوصى لمكاتبه بما وصفت من نجم أو ثلث أو أقل أو أكثر ولم يقبل المكاتب الوصية كان ذلك للمكاتب.
وإذا أوصى له بشيء يوضع عنه فعجز فقد صار رقيقا.
ولو أوصى لمكاتب بمال بعينه جازت الوصية، فإن عجز المكاتب قبل أن يقبض الوصية بطلت الوصية عنه؛ لأنه لا يجوز أن يوصي لعبده؛ لأن ذلك ملك لورثته؛ لأن الوصية لهم على قدر ملكهم فيه.
ولو قال: إن شاء مكاتبي فبيعوه فشاء مكاتبه قبل أن يؤدي الكتابة بيع وإن لم يشأ لم يبع.
وإذا قال الرجل إن عجز مكاتبي فهو حر فقال المكاتب قبل حلول النجم قد عجزت لم يكن حرا وإذا حل نجم من نجومه فقال قد عجزت وقال الورثة ليس بعاجز طلبوا ماله، فإن وجدوا وفاء بنجمه لم يكن عاجزا وإن لم يوجد له وفاء أحلف ما يجد لهم وفاء وكان عاجزا.
وإذا قال في وصيته: إن شاء مكاتبي فبيعوه فلم يعجز حتى قال: قد شئت أن تبيعوني قيل لا تباع إلا برضاك بالعجز، فإن قال: قد رضيت به بيع وإن لم يرض فالوصية باطلة؛ لأنه لا يجوز بيعه ما كان على الكتابة.
وإذا قال الرجل في مرضه ضعوا عن مكاتبي بعض كتابته أو بعض ما عليه وضعوا عنه ما شاءوا من كتابته وإن قل ولهم أن يضعوا ذلك عنه من آخر نجومه وأولها كما لو أوصى لرجل بشيء عليه من دين حال وآجل وضعوا عنه إن شاءوا من الحال وإن شاءوا من الآجل؛ لأن ذلك كله من كتابة المكاتب ودين من الدين.
ولو قال: ضعوا عنه نجما من نجومه أو بعض نجومه لم يكن لهم إلا أن يضعوا عنه نجما وذلك لهم أن يضعوا أي نجم شاءوا، ولو قال: ضعوا عنه من بعض نجومه كان لهم أن يضعوا عنه ما شاءوا لأن بينا في قوله أن يضعوا عنه نجما أنه وضع عنه شيء منه، فإن قال: ضعوا عنه ما يخفف عنه من كتابته أو ضعوا عنه جزءا من كتابته أو ضعوا عنه كثيرا من كتابته، أو قليلا من كتابته أو ذا مال من كتابته، أو غير ذي مال من كتابته كان إليهم أن يضعوا ما شاءوا؛ لأن القليل يخفف عنه من كتابته، وكذلك يثقل عليه مع غيره في كتابته، وكذلك يكون كثيرا وقليلا، وكذلك لو قال ضعوا عنه المائة الباقية عليه من كتابته وزيادة وضعت المائة ولم يكن قوله وزيادة شيئا؛ لأنه لا يضع عنه ما ليس عليه.
ولو قال: ضعوا عنه أكثر ما بقي من كتابته وضعوا عنه النصف وزيادة ما شاءوا؛ لأن ذلك أكثر ما بقي من كتابته.
ولو قال: ضعوا عنه أكثر ما بقي من كتابته ومثل نصفه وضعوا عنه أكثر من النصف بما شاءوا ومثل نصف الذي وضعوا عنه، وهكذا إن قال: ومثل ثلاثة أرباعه وضع عنه ما قال.
ولو قال: ضعوا عنه أكثر ما عليه من الكتابة ومثله معه وضعت عنه الكتابة كلها والفضل عن الكتابة باطل؛ لأنه وضع ما ليس عليه.
ولو قال: ضعوا عنه ما شاء من كتابته فقال: قد شئت أن يضعوها كلها لم يكن ذلك له؛ لأن معقولا أن ما يوضع من الشيء لا يكون إلا وقد بقي من الشيء الموضوع منه شيء ويوضع عنه كل ما قال إذا بقي شيء من الكتابة قل أو كثر؛ لأن ذلك شيء من الكتابة.