الرئيسيةبحث

النبذ في أصول الفقه الظاهري/المقدمة


- مقدمة قال الشيخ الفقيه الامام الحافظ الوزير أبو محمد علي بن احمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي رضى الله عنه : الحمد لله الذي خلقنا ورزقنا وجعل لنا السمع والأبصار والأفئدة ، نسأله أن يجعلنا من الشاكرين ، وصلى الله على سيد المرسلين محمد عبده ورسوله أتم صلاة وأفضلها وأزكاها ، وعليه من ربنا تعالى ثم منا أفضل السلام وأطيبه ثم على أزواجه وآله وأصحابه وتابعيهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . - أما بعد وفقنا الله تعالى وإياكم لإيفاء ما كلفنا وعصمنا وأياكم من مواقعة ما عنه نهانا ، فاننا لما كتبنا كتابنا الكبير في الأصول وتقصينا أقوال المخلفين وشبههم وأوضحنا بعون الله تعالى ومنه البراهين في كل ذلك ، رأينا بعد إستخارة الله تعالى والضراعة اليه في عونه على بيان الحق أن نجمع تلك الجمل في كتاب لطيف يسهل تناوله ويقرب حفظه ويكون ان شاء الله عز وجل درجة إلى الاشراف على ما في كتابنا الكبير في ذلك وحسبنا الله ونعم الوكيل . - فصل في القيام ماكلفنا الله به أعلموا رحمكم الله أننا لم نخرجنا ربنا الى الدنيا لتكون لنا دار اقامة لكن لتكون لنا محلة رحله ومنزله قلعة , والمراد منا القيام بما كلفنا به ربنا تعالى مما بعث به الينا رسوله ﷺ فقط ولذلك خلقنا ومن أجله اسكننا هذه الدار ثم النقلة منها الى احدى الدارين { إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم } ثم بين لنا تعالى من الأبرار ومن الفجار فقال عز وجل { ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين } , فوجب أن نطلب كيف هذه الطاعة وهذه المعصية فوجدناه تعالى قد قال { ما فرطنا في الكتاب من شيء } وقال تعالى {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } وقال تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم } , فأيقنا ولله الحمد بأن الدين الذي كلفنا به ربنا ولم يجعل لنا مخلصا من النار إلا باتباعه مبين كله في , القرآن الكريم وسنة رسوله ﷺ واجماع الأمة وأن الدين قد كمل فلا مزيد فيه ولا نقص وأيقنا أن كل ذلك محفوظ مضبوط لقول الله تعالى { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }.

فصح من هذا صحة مستيقنة لا مجال للشك فيها أنه لا يحل لأحد أن يفتي ولا أن يقضي ولا أن يعمل في الدين إلا بنص القرآن الكريم أو نص حكم صحيح عن رسول الله ﷺ أو اجماع متيقن من أولى أمر منا لا خلاف فيه من أحد منهم وصح أن من نفى شيئا أو أوجبه فإنه لا يقبل منه إلا ببرهان لأنه لا موجب ولا نافي إلا الله تعالى فلا يجوز الخبر عن الله تعالى إلا بخبر وارد من تقبله تعالى أما في القرآن وما في السنة والإباحة تقتضي مبيحا والتحريم يقتضي محرما والفرض يقتضي فارضا ولا مبيح ولا محرم ولا مفترض إلا الله تعالى خالق الكل ومالكه لا إله إلا هو .