→ باب اللعان | الروضة الندية شرح الدرر البهية - كتاب الطلاق باب العدة صديق حسن خان القنوجي |
تحريم وطء السابا حتى يضعن ما في بوطنهن ← |
وكانت من المشهورات المسلمة في الجاهلية ، وكانت مما يكادون يتركونه ، وكان فيها مصالح كثيرة فأقرها الشارع .
هي للطلاق من الحامل بالوضع لقوله تعالى : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن
ومن الحائض بثلاث حيض لقول تعالى : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء والقروء هي الحيض كما تقدم في قوله (ﷺ) : دع الصلاة أيام أقرائك والقرء وإن كان في الأصل مشتركاً بين الأطهار والحيض لكنه هنا قد دل الدليل على أن المراد أحد معنيي المشترك وهو الحيض لقوله (ﷺ) : تعتد بثلاث حيض وقوله : تجلس أيام اقرائها وقوله : وعدتها حيضتان وسيأتي .
ومن غيرهما أي غير الحامل والحائض وهي الصغيرة والكبيرة التي لا حيض فيها أو التي انقطع حيضها بعد وجوده فإنها تعتد بثلاثة أشهر لقوله تعالى : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن الآية . وقد وقع الخلاف في منقطعة الحيض لعارض فقيل أنها تتربص حتى يعود فتعتد بالحيض ، أو تيأس فتعتد بالأشهر ، والحق ما ذكرناه لأنه يصدق عليها عند الإنقطاع أنها من اللائي لم يحضن .
وللوفاة بأربعة أشهر وعشر لقوله تعالى : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا هذا في غير الحامل .
وإن كانت حاملاً فبالوضع لقوله تعالى : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن وقد بين ذلك النبي (ﷺ) أكمل بيان . ففي الصحيحين وغيرهما من حديث أم سلمة أن امرأة من أسلم يقال لها سبيعة كانت تحت زوجها فتوفي عنها وهي حبلى فخطبها أبو السنابل بن بعكك فأبت أن تنكحه فقال والله ما يصلح أن تنكحي حتى تعتدي آخر الأجلين فمكتث قريباً من عشر ليال ثم نفست ثم جاءت إلى النبي (ﷺ) فقال انكحي وأخرج البخاري عن ابن مسعود في المتوفي عنها زوجها وهي حامل قال : أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون لها الرخصة لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن وقد أخرج أحمد والدارقطني عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن للمطلقة ثلاثاً وللمتوفي عنها قال : هي للمطلقة ثلاثاً وللمتوفي عنها وأخرجه أبو يعلى ، والضياء في المختارة ، وابن مردويه ، وفي إسناده المثنى بن الصباح ، وثقه ابن معين وضعفه الجمهور ، وقد أخرج أبن ماجه عن الزبير بن العوام أنها كانت عنده أم كلثوم بنت عقبة فقالت له وهي حامل طيب نفسي بتطليقة فطلقها تطليقة ثم خرج إلى الصلاة فرجع وقد وضعت فقال ما لها قد خدعتني خدعها الله ثم أتى النبي (ﷺ) فقال سبق الكتاب أجله أخطبها إلى نفسها ورجال إسناده رجال الصحيح إلا محمد بن عمر بن هياج وهو صدوق لا بأس به . وقد تمسك بعض الصحابة بالآيتين فجعل عليها أطول الأجلين فقال : إذا وضعت قبل مضي أربعة أشهر وعشر لم تنقص عدتها حتى تمضي أربعة أشهر وعشر ، وإذا انقضت الأربعة الأشهر وعشر ولم تضع لم تنقض العدة حتى تضع ، وبه قال جماعة من أهل العلم . والحق أن عدة الحامل بالوضع في الطلاق والوفاة للأدلة التي ذكرناها ، وهي نصوص في محل النزاع ومبينة للمراد . قال ابن القيم : وقد كان بين السلف نزاع في المتوفي عنها أنها تتربص أبعد الأجلين ثم حصل الإتفاق على إنقضائها بوضع الحمل . وأما عدة الوفاة فتجب بالموت سواء دخل بها أو لم يدخل كما دل عليه عموم القرآن والسنة الصحيحة واتفاق الناس انتهى .
ولا عدة على غير مدخولة لقوله تعالى في غير الممسوسات فما لكم عليهن من عدة تعتدونها .
والأمة أي عدتها كالحرة لأن حديث عائشة أن النبي (ﷺ) قال : طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان أخرجه الترمذي ، وأبو داود ، والبيهقي ، قال فيه أبو داود هو حديث مجهول ، وقال الترمذي : حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث مظاهر بن أسلم ، ومظاهر لا يعرف له في العلم غير هذا الحديث انتهى . وأخرج أبن ماجه ، والدارقطني ، ومالك في الموطأ ، والشافعي من حديث ابن عمر عن النبي (ﷺ) قال : طلاق الأمة اثنتان وعدتها حيضتان وفي إسناده عمرو ابن شبيب ، وعطية العوفي وهما ضعيفان ، وصحح الدارقطني أنه موقوف على ابن عمر ، وأخرج الدارقطني من حديث ابن مسعود ، وابن عباس الطلاق بالرجال والعدة بالنساء ، وقد أعل بالوقف . وأخرج أحمد عن علي نحو ذلك وإذا كان الصحيح الوقف فيما عدا حديث عائشة فلم يكن في الباب ما تقوم به الحجة لأن حديث عائشة ضعيف كما عرفت فوجب الرجوع إلى أدلة الكتاب والسنة المشتملة على تفصيل العدد وهي غير مختصة بالحرائر .
وعلى المعتدة للوفاة ترك التزين لحديث أم سلمة في الصحيحين أن النبي (ﷺ) قال : لا يحل لامرأة مسملة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاثة أيام إلى على زوجها أربعة أشهر وعشراً وفي الباب عن أم حبيبة وزينب بنت جحش في الصحيحين وغيرهما وفيهما أيضاً من حديث أم سلمة أن امرأة توفي زوجها فخشوا على عينها فأتوا رسول الله (ﷺ) فاستأذنوه في الكحل فقال : لاتكتحل كانت إحداكن تمكث في شر أحلاسها أو شر بيتها فإذا كان حول فمر كلب رمت ببعرة فلا حتى تمضي أربعة أشهر وعشر وفي الصحيحين من حديث أم عطية قالت : كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ، ولا نكتحل ، ولا نطيب ، ولا نلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب وقد رخص لنا عند الطهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة من كست أظفار وفي الباب أحاديث . وقد روي ما يعارض هذه الأحاديث فأخرج أحمد ، وابن حبان وصححه من حديث أسماء بنت عميس قالت : دخل علي رسول الله (ﷺ) لليوم الثالث من قتل جعفر بن أبي طالب قال : لا تحدي بعد يومك هذا وهي كانت امرأته بالاتفاق وقد أجيب بأنه حديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة ، وقد وقع الإجماع على خلافه ، وقيل أنه منسوخ وقد أعله البيهقي بالانقطاع ، وهذه الأحاديث المؤقتة في الأحداد بأربعة أشهر وعشر هي في غير الحامل ، وأما هي فعليها ذلك حتى تنقضي عدتها بالوضع ثم الاحداد إنما يكون للموت لا لغيره لأنه التظهر بما يدل على الحزن والكآبة لمفارقة الزوج بالموت لا لمطلق المفارقة بالطلاق وغيره لأنه لم يرد فيه شئ ولا فعلته النساء في أيام النبوة والخلفاء الراشدين فمن ادعى وجوبه على غير المميتة فنحن نطالبه بالدليل .
والمكث في البيت الذي كانت فيه عند موت زوجها أبو بلوغ خبره لحديث فريعة بنت مالك عند أحمد ، وأهل السنن ، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم قالت : خرج زوجي في طلب أعلاج له فأدركهم في طريق القدوم فقتلوه فأتى نعيه وأنا في دار شاسعة من دور أهلي فأتيت النبي (ﷺ) فذكرت ذلك له فقلت : أن نعي زوجي أتاني في دار شاسعة عن أهلي من دور أهلي ولم يدع نفقة ولا مالاً ورثته ، وليس المسكن له فلو تحولت إلى أهلي وإخوتي لكان أرفق بي في بعض شأني قال : تحولي . فلما خرجت إلى المسجد أو إلى الحجرة دعاني أو أمر بي فدعيت فقال أمكثي في بيتك الذي أتاك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله قالت : فأعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً وفي بعض ألفاظه أنه أرسل إليها عثمان بعد ذلك فأخبرته فأخذ به . وقد أعل هذا الحديث بما لا يقدح في الإحتجاج به . وأخرج النسائي وأبو داود وعزاه المنذري إلى البخاري عن ابن عباس في قوله تعالى : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج نسخ ذلك بآية الميراث بما فرض الله تعالى لها من الربع والثمن ونسخ أجل الحول أن جعل أجلها أربعة أشهر وعشراً وقد ذهب إلى العمل بحديث فريعة جماعة من الصحابة فمن بعدهم وقد روي جواز الخروج للعذر عن جماعة من الصحابة فمن بعدهم ، ولم يأت من أجاز ذلك بحجة تصلح لمعارضة حديث فريعة . وغاية ما هناك روايات عن بعض الصحابة وليست بحجة ، ولا سيما إذا عارضت الموفوع . وأخرج الشافعي ، وعبد الرزاق عن مجاهد مرسلاً أن رجالاً استشهدوا بأحد فقال نساؤهم : يارسول الله إنا نستوحش في بيوتنا أفنبيت عند إحدانا فأذن لهن أن يتحدثن عند احداهن فإذا كان وقت النوم تأوي كل واحدة إلى بيتها وهذا مع إرساله لا تقوم به الحجة ، وأما أن لا تعتد بما مضى من الأيام قبل العلم وبعد الطلاق أو نحوه فلا وجه له ، لأن مشروعية العدة لم يشترطها الشارع بعلم المعتدة ، إنما ضرب للعدة مقادير كما في القرآن ، فإذا مضت تلك المقادير من يوم الطلاق أو الموت انقضت العدة ، ومن زعم أنه لا يحتسب بجميع العدة أو ببعضها قبل العلم فعليه الدليل لأنه يدعي أما فقد شرط أو وجود مانع وكلاهما خلاف الأصل . ثم الفرق بين بعض المعتدات دون بعض في اعتبار العلم وعدمه كما وقع في كتب الفروع لا مستند له إلا خيالات مختلة