→ باب الذبح | الروضة الندية شرح الدرر البهية - كتاب الأطعمة باب الضيافة صديق حسن خان القنوجي |
باب آداب الآكل ← |
يجب على من وجد ما يقرى به من نزل من الضيوف أن يفعل ذلك ، وحد الضيافة إلى ثلاثة أيام وما كان وراء ذلك فصدقة ، ولا يحل للضيف أن يثوي عنده حتى يخرجه ، وإذا لم يفعل القادر على الضيافة ما يجب عليه ، كان للضيف أن يأخذ من ماله بقدر قراه لحديث عقبة بن عامر في الصحيحين قال : قلت يا رسول الله إنك تبعثنا فننزل بقوم لا يقرونا فما ترى ؟ قال : إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا ، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم وفيهما من حديث أبي شريح الخزاعي عن رسول الله (ﷺ) من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته قال : وما جائزته يا رسول الله ؟ قال : يوم وليلة والضيافة ثلاثة أيام فما كان وراء ذلك فهو صدقة ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يخرجه أي يضيق صدره . وأخرج أحمد وأبو دادو من حديث المقدام أنه سمع النبي (ﷺ) يقول : ليلة الضيف واجبة على كل مسلم فإن أصبح بفنائه محروماً كان ديناً له عليه إن شاء اقتضاه وإن شاء تركه وإسناده صحيح . وأخرج أحمد وأبو داود والحاكم من حديث أبي هريرة نحوه وإسناده صحيح وفي الباب أحاديث . وقد ذهب الجمهور إلى أن الضيافة مندوبة لا واجبة واستدلوا بقوله فليكرمه ضيفه جائزته قالوا : والجائزة هي العيطة والصلة وأصلها الندب . ولا يخفى أن هذا اللفظ لا ينافي الوجوب ، وأدلة الباب مقتضية لذلك . لأن التغريم لا يكون للإخلال بأمر مندوب ، وكذلك قوله واجبة فإنه نص في محل النزاع ، وكذلك قوله فما كان وراء ذلك فهو صدقة قال في المسوى : وفي قوله جائزته قولان : أحدهما يتكلف له في اليوم الأول بما اتسع له . ويقدم له في اليوم الثاني والثالث ما كان بحضرته ولا يزيد على عادته . وما كان بعد الثلاثة فهو صدقة ومعروف إن شاء فعل وإن شاء ترك . والثاني أن جائزته أن يعطيه ما يجوز به مسافر يوماً وليلة .
ويحرم أكل طعام الغير بغير إذنه لقوله تعالى ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وكل مادل على تحريم مال الغير دل على ذلك لأنه مال . وإنما خص منه ما ورد فيه دليل يخصه . كالضيف إذا حرمه من يجب عليه ضيافته كما مر .
ومن ذلك حلب ماشيته وأخذ ثمرته وزرعه لا يجوز إلا بإذنه إلى أن يكون محتاجاً إلى ذلك فليناد صاحب الإبل أو الحائط فإن أجابه وإلا فليشرب وليأكل غير متخذ خبنة للأدلة العامة والخاصة . أما العامة فظاهر كالآية الكريمة ، وحديث خطبة الوداع ونحو ذلك . وأما الأدلة الخاصة فمثل : حديث ابن عمر في الصحيحين أن رسول الله (ﷺ) قال : لا يحلبن أحدكم ماشية أحد إلا بإذنه أيحب أحدكم أن يؤتى مشربته فينتثل طعامه وإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه وأخرج أحمد من حديث عمير مولى آبى اللحم قال : أقبلت مع سادتي نريد الهجرة حتى إذا دنونا من المدينة قال : فدخلوا وخلفوني في ظهرهم فأصابتني مجاعة شديدة قال : فمر بي بعض من يخرج من المدينة فقالوا : لو دخلت المدينة فأصبت من تمر حوائطها قال : فدخلت حائطاً فقطعت منه قنوين فأتاني صاحب الحائط وأتى بي رسول الله (ﷺ) وأخبره خبري وعلي ثوبان فقال لي : أيهما أفضل ؟ فأشرت إلى أحدهما فقال : خذه وأعط صاحب الحائط الآخر فخلى سبيلي وفي إسناده ابن لهيعة ، وله طريق آخرى عند أحمد وفي إسناده أيضاً أبو بكر بن يزيد بن المهاجر غير معروف الحال . وقد أعل هذا الحديث بأن في إسناده عبد الرحمن بن اسحق عن محمد بن زيد وهو ضعيف . وأخرج أحمد والترمذي وابن ماجة من حديث ابن عمر قال : سئل رسول الله (ﷺ) عن الرجل يدخل الحائط فقال : يأكل غير متخذ خبنة وأخرج أبو داود والترمذي وصححه من حديث سمرة أن النبي (ﷺ) قال : إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه فإن أذن له فليحتلب وليشرب وإن لم يكن فيها أحد فليصوت ثلاث فإن أجابه أحد فليستأذنه فإن لم يجبه أحد فليحتلب وليشرب ولا يحمل وهو من سماع الحسن عن سمرة وفيه مقال معروف . وأخرج أحمد وأبن ماجه وأبو يعلي وابن حبان والحاكم من حديث أبي سعيد أن رسول الله (ﷺ) قال : إذا أتى أحدكم حائطاً فأراد أن يأكل فليناد صاحب الحائط ثلاثاً فإن أجابه وإلا فليأكل وإذا مر أحدكم بابل فأراد أن يشرب من ألبانها فليناد يا صاحب الإبل أو يا راعي الغنم فإن أجابه وإلا فليشرب وأخرج الترمذي وأبو داود من حديث رافع قال : كنت أرمي نخل الأنصار فأخذوني فذهبوا بي إلى رسول الله (ﷺ) فقال : يارافع لم ترمي نخلهم ؟ قال : قلت يا رسول الله : الجوع . قال : لا ترم وكل ما وقع أشبعك الله وأرواك وأخرج أبو داود والنسائي من حديث شرحبيل بن عباد في قصة مثل قصة رافع وفيها فقال رسول الله (ﷺ) لصاحب الحائط : ما علمت إذا كان جاهلاً ولا أطعمت إذا كان جائعاً والمراد بالخبنة ما يحمله الإنسان في حضنه وهي بضم الخاء المعجمة وسكون الباء الموحدة وبعدها نون ويمكن الجمع بين الأحاديث بأن تغريم النبي (ﷺ) لآبي اللحم لعدم المناداة منه . ولو فرضنا عدم صحة الجمع بهذا . كانت أحاديث الأذن عند الحاجة مع المناداة أرجح