الرئيسيةبحث

إحياء علوم الدين/كتاب آداب الكسب والمعاش/الباب الثاني



الباب الثاني
في علم الكسب بطريق البيع والربا والسلم
والإجارة والقراض والشركة وبيان شروط الشرع في صحة هذه التصرفات التي هي مدار المكاسب في الشرع:


اعلم أن تحصيل علم هذا الباب واجب على كل مسلم مكتسب، لأن طلب العلم فريضة على كل مسلم، وإنما هو طلب العلم المحتاج إليه، والمكتسب، ومهما حصل علم هذا الباب وقف على مفسدات المعاملة فيتقيها، وما شذ عنه من الفروع المشكلة فيقع على سبب إشكالها فيتوقف فيها إلى أن يسأل، فإنه إذا لم يعلم أسباب الفساد بعلم جملي فلا يدري متى يجب عليه التوقف والسؤال، ولو قال لا أقدم العلم ولكني أصبر إلى أن تقع لي الواقعة فعندها أتعلموأستفتي، فيقال له: وبم تعلم وقوع الواقعة مهما لم تعلم جمل مفسدات العقود، فإنه يستمر في التصرفات ويظنها صحيحة مباحة، فلا بد له من هذا القدر من علم التجارة ليتميز له المباح عن المحظور، وموضع الإشكال عن موضع الوضوح: ولذلك روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يطوف السوق ويضرب بعض التجار بالدرة ويقول: لا يبيع في سوقنا إلا من يفقه، وإلا أكل الربا شاء أم أبى، ولم العقود كثير ولكن هذه العقود كثير ولكن هذه العقود الستة لا تنفك المكاسب عنها: وهي البيع والربا والسلم والإجارة والشركة والقراض، فلنشرح شروطها:

العقد الأول: البيع:

وقد أحله الله تعالى وله ثلاثة أركان: العاقد. والمعقود عليه، واللفظ.

الركن الأول:

العاقد، ينبغي للتاجر أن لا يعامل بالبيع أربعة: الصبي، والمجنون، والأعمى، لأن الصبي غير مكلف، وكذا المجنون، وبيعهما باطل، فلا يصح بيع الصبي وإن أذن له فبه الولي عند الشافعي، وما أخذه منهما مضمون عليه لهما وما سلمه في المعاملة إليهما فضاع في أيديهما فهو المضيع له. وأما العبد العاقل فلا يصح بيعه وشراؤه إلا بإذن سيده فعلى البقال والخباز والقصاب وغيرهم أن لا يعاملوا العبيد ما لم تأذن لهم السادة في معاملتهم، وذلك بأن يسمعه صريحاً أو ينتشر في البلد أنه مأذون له في الشراء لسيده وفي البيع له، فيعول على الاستفاضة أو على قول عدل يخبره بذلك، فإن عامله بغير إذن السيد فعقده باطل، وما أخذه منه مضمون عليه لسيده، وما تسلمه إن ضاع في يد العبد لا يتعلق برقبته ولا يضمنه سيده، بل ليس له إلا المطالبة إذا عتق. وأما الأعمى فإنه يبيع ويشتري ما لا يرى فلا يصح ذلك، فليأمره بأن يوكل وكيلاً بصيراً ليشتري له أو يبيع، فيصح توكيله ويصح بيع وكيله، فإن عامله التاجر بنفسه فالمعاملة فاسدة،وما أخذه منه مضمون عليه بقيمته. وما سلمه إليه أيضاً مضمون له بقيمته. وأما الكافر فتجوز معاملته لكن لا يباع منه المصحف ولا العبد المسلم، ولا يباع منه السلاح إن كان من أهل الحرب، فإن فعل فهي معاملات مردودة وهو عاص بها ربه. وأما الجندية من الأتراك والتركمانية والغرب والأكراد والسوق والخونة وأكلة الربا والظلمة وكل من أكثر ماله حرام، فلا ينبغي أن يتملك مما في أيديهم شيئاً لأجل أنها حرام إلا إذا عرف شيئاً بعينه أنه حلال، وسيأتي تفصيل ذلك في كتاب الحلال والحرام.

الركن الثاني:

في المعقود عليه: وهو المال المقصود نقله من أحد العاقدين إلى الآخر ثمناً كان أو مثمناً فيعتبر فيه ستة شروط.

الأول: أن لا يكون نجساً في عينه فلا يصح بيع كلب وخنزير، ولا بيع زبل وعذرة، ولا بيع العاج والأواني المتخذة منه، فإن العظم ينجس بالموت، ولا يطهر عظمه بالتزكية، ولا يجوز بيع الخمر ولا بيع النجس المستخرج من الحيوانات التي لا تؤكل، وإن كان يصلح للاستصباح أو طلاء السفن، ولا بأس ببيع الدهن في عينه الذي نجس بوقوع نجاسة أو موت فأرة فيه، فإنه يجوز الانتفاع به في غير الأكل،وهو في عينه ليس بنجس، وكذلك لا أرى بأساً ببيع بزر القز، فإنه أصل حيوان ينتفع به، وتشبيهه بالبيض وهو أصل حيوان من تشبيه الروث. ويجوز بيع فأرة المسك ويقضى بطهارتها إذا انفصلت من الظبية في حالة الحياة.

الثاني: أن يكون منتفعاً به فلا يجوز بيع الحشرات ولا الفأرة ولا الحية، ولا التفات إلى انتفاع المشعبذ بالحية، وكذا لا التفات إلى انتفاع أصحاب الحلق بإخراجها من السلة وعرضها على الناس، ويجوز بيع الهرة والنحل وبيع الفهد والأسد وما يصلح لصيد أو ينتفع بجلده، ويجوز بيع الفيل لأجل الحمل، ويجوز بيع الطوطي وهي للبغاء والطاووس والطيور المليحة الصور وإن كانت لا تؤكل، فإن التفرج بأصواتها والنظر إليها غرض مقصود مباح، وإنما الكلب هو الذي لا يجوز أن يقتني إعجاباً بصورته لني رسول الله ﷺ عنه. ولا يجوز بيع العود والصنج والمزامير والملاهي فإنه لا منعة لها شرعاً، وكذا بيع الصور المصنوعة من الطين كالحيوانات التي تباع في الأعياد للعب الصبيان فإن كسرها واجب شرعاً، وصور الأشجار متسامح بها، وأما الثياب والأطباق وعليها صور الحيوانات فيصح بيعها وكذا الستور، وقد قال رسول الله ﷺ لعائشة رضي الله عنها "اتخذي منها نمارق" ولا يجوز استعمالها منصوبة، ويجوز موضوعة، وإذا جاز الانتفاع من وجهه صح البيع لذلك الوجه.

الثالث: أن يكون المتصرف فيه مملوكاً للعاقد أو مأذوناً من جهة المالك "ولا يجوز أن يشتري من غير المالك انتظاراً للإذن من المالك، بل لو رضي بعد ذلك وجب استئناف العقد، ولا ينبغي أن يشتري من الزوجة مال الزوج ولا من الزوج مال الزوجة، ولا من الوالد مال الولد ولا من الولد مال الوالد. اعتماداً على أنه لو عرف لرضي، فإنه إذا لم يكن الرضا متقدماً لم يصح البيع، وأمثال ذلك مما يجري في الأسواق؛ فواجب على العبد المتدين أن يحترز منه.

الرابع: أن يكون المعقود عليه مقدوراً على تسليمه شرعاً وحساً؛ فما لا يقدر على تسليمه حساً لا يصح بيعه كالآبق والسمك في الماء والجنين في البطن وعسب الفحل: وكذلك بيع الصوف على ظهر الحيوان، واللبن في الضرع لا يجوز، فإنه يتعذر تسليمه لاختلاط غير المبيع بالمبيع، والمعجوز عن تسليمه شرعاً كالمرهون والموقوف، والمستولدة فلا يصح بيعها أيضاً، وكذا بيع الأم دون الولد إذا كان الولد صغيراًن وكذا بيع الولد دون الأم؛ لأن تسليمه تفريق بينهما وحرام، فلا يصح التفريق بينهما بالبيع.

الخامس: أن يكون المبيع معلوم العين والقدر والوصف، أما العلم بالعين فبأن يشير إليه بعينه، فلو قال: بعتك شاة من هذا القطيع أي شاة أردت، أو ثوباً من هذه الثياب التي بين يديك، أو ذراعاً من هذا الكرباس، وخذه من أي جانب شئت، أو عشرة أذرع من هذه الأرض، وخذه من أي طرف شئت، فالبيع باطل، وكل ذلك مما يعتاده المتساهلون في الدين إلا أن يبيع شائعاً، مثل أن يبيع نصف الشيء أو عشره، فإن ذلك جائز. وأما العلم بالقدر فإنما يحصل بالكيل أو الوزن أو النظر إليه، فلو قال بعتك هذا الثوب مما باع به فلان وهما لا يدريان ذلك فهو باطل، ولو قال: بعتك بزنة هذه الصنجة فهو باطل، إذا لم تكن الصنجة معلومة، ولو قال:بعتك بهذه الصرة من الدراهم أو بهذه القطعة من الذهب وهو يراها. صح البيع وكان تخمينه بالنظر كافياً في معرفة المقدار. وأما العلم بالوصف فيحصل بالرؤية في الأعيان، ولا يصح بيع الغائب إلا إذا سبقت رؤيته منذ مدة لا يغلب التغير فيها، والوصف لا يقوم مقام العيان. هذا أحد المذهبين، ولا يجوز بيع الثوب في المنسج اعتماداً على الرقوم، ولا بيع الحنطة في سنبلها، ويجوز بيع الأرز في قشرته التي يدخر فيها، وكذا بيع الجوز واللوز في القشرة السفلى، ولا يجوز في القشرتين، ويجوز بيع الباقلاء الرطب في قشرته للحاجة، ويتسامح ببيع الفقاع لجريان عادة الأولين به ولكن نجعله إباحة بعوض، فإن اشتراه ليبيعه فالقياس بطلانه لأنه ليس مستتراً ستر خلقة، ولا يبعد أن يتسامح به، إذ في إخراجه إفساده كالمان وما يستر بستر خلق معه.

السادس: أن يكون المبيع مقبوضاً إن كان قد استفاد ملكه بمعاوضة، وهذا شرط خاص، وقد نهى رسول الله صلى اله عليه وسلم عن بيع ما لم يقبض ويستوي فيه العقار والمنقول، فكل ما اشتراه أو باعه قبل القبض فبيعه باطل، وقبض المنقول بالنقل بالنقل، وقبض العقار بالتخلية، وقبض ما ابتاعه بشرط الكيل لا يتم إلا بأن يكتاله، وأما بيع الميراث والوصية والوديعة وما لم يكن الملك حاصلاً فيه بمعاوضة، فهو جائز قبل القبض.

الركن الثالث:

لفظ العقد، فلا بد من جريان إيجاب وقبول متصل به بلفظ دال على المقصود، مفهم إما صريح أو كناية، فلو قال: أعطيتك هذا بذاك، بدل قوله: بعتك، فقال: قبلته، جاز مهما قصد به البيع، لأنه قد يحتمل الإعارة إذا كان في ثوبين أو دابتين، والنية تدفع الاحتمال، والصريح أقطع للخصومة، ولكن الكناية تفيد الملك أيضاً والحل فيما يختاره، ولا ينبغي أن يقرر بالبيع شرطاً على خلاف مقتضى العقدة، فلو شرط أن يزيد شيئاً آخر وأن يحمل المبيع إلى داره، أو اشترى الحطب بشرط النقل إلى داره. كل ذلك فاسد إلا إذا أفرد استئجاره على النقل بأجرة معلومة منفردة عن الشراء للمنقول، ومهما لم يجر بينهما إلا المعاطاة بالفعل دون التلطف باللسان لم ينعقد البيع عند الشافعي أصلاً، وانعقد عند أبي حنيفة إن كان في المحقرات ثم ضبط المحقرات عسير؛ فإن رد الأمر إلى العادات فقد جاوز الناس المحقرات في المعاطاة، إذ يتقدم الدلال إلى البزاز يأخذ منه ثوباً ديباجاً قيمته عشرة دنانير مثلاً ويحمله إلى المشتري ويعود إليه بأنه ارتضاه، فيقول له؛ خذ عشرة، فيأخذ من صاحبه العشرة ويحملها ويسلمها إلى البزاز، فيأخذها ويتصرف فيها، ومشترى الثوب يقطعه ولم يجر بينهما إيجاب قبول أصلاً، وكذلك يجتمع المجهزون على حانوت البياع فيعرض متاعاً قيمته مائة دينار مثلاً فيمن يزيد، فيقول أحدهم: هذا علي بتسعين، ويقول الآخر: هذا علي بخمسة وتسعين، ويقول الآخر: هذا بمائة، فيقال له زن، فيزن ويسلم ويأخذ المتاع من غير إيجاب وقبول؛ فقد استمرت به العادات، وهذه من المعضلات التي ليست تقبل العلاج، إذ الاحتمالات ثلاثة: إما فتح باب المعاطاة مطلقاً في الحقير والنفيس وهو محال، إذ فيه نقل الملك من غير لفظ دال عليه، وقد أحل الله البيع، والبيع اسم للإيجاب والقبول، ولم يجر ولم ينطلق اسم البيع على مجرد فعل بتسليم وتسلم، فماذا يحكم بانتقال الملك من الجانبين،لا سيما في الجواري والعبيد والعقارات والدواب النفيسة وما يكثر التنازع فيه؛ إذ للمسلم أن يرجع ويقول: قد ندمت وما بعته، إذ لم يصدر مني إلا مجرد تسليم، وذلك ليس ببيع. الاحتمال الثاني أن نسد الباب بالكلية كما قال الشافعي رحمه الله من بطلان العقد، وفيه إشكال من وجهين، أحدهما: أنه يشبه أن يكون ذلك في المحقرات معتاداً في زمن الصحابة: ولو كانوا يتكلفون الإيجاب والقبول من البقال والخباز والقصاب لثقل عليهم فعله، ولنقل ذلك نقلاًمنتشراً، ولكان يشتهر وقت الإعراض بالكلية عن تلك العادة؛ فإن الأعصار في مثل هذا تتفاوت. والثاني: أن الناس الآن قد انهمكوا فيه فلا يشتري الإنسان شيئاً من الأطعمة وغيرها إلى إلا ويعلم أن البائع قد ملكه بالمعاطاة فأي فائدة في تلفظه بالعقد إذا كان الأمر كذلك، الاحتمال الثالث أن يفصل بين المحقرات وغيرها كما قاله أبو حنيفة رحمه الله، وعند ذلك يتعسر الضبط في المحقرات، ويشكل وجه نقل الملك من غير لفظ يدل عليه، وقد ذهب ابن سريج إلى تخريج قول للشافعي رحمه الله على وفقه وهو أقرب الاحتمالات إلا الاعتدال، فلا بأس لو ملنا إليه لمسيس الحاجات، ولعموم ذلك بين الخلق، ولما يغلب على الظن بأن ذلك كان معتاداً في الأعصار الأولى. فأما الجواب عن الإشكالين: فهو أن نقول: أما الضبط في الفصل بين المحقرات وغيرها فليس علينا تكلفة بالتقدير، فإن ذلك غير ممكن، بل له طرفان واضحان إذ لا يخفى أن شراء البقل وقليل من الفواكه والخبز واللحم من المعدود من المحقرات التي لا يعتاد فيها إلا المعاطاة، وطالب الإيجاب والقبول فيه يعد مستقصياً ويستبرد تكليفه لذلك ويستثقل وينسب إلى أنه يقيم الوزن لأمر حقير ولى وجه له هذا طرف الحقارة،، والطرف الثاني الدواب والعبيد والعقارات والثياب النفيسة فذلك مما لا يستبعد تكلف الإيجاب والقبول فيها? وبينهما أوساط متشابهة يشك فيها في محل الشبهة؛ فحق ذي الدين أن يميل فيها إلى الاحتياط وجميع ضوابط الشرع فيما يعلم بالعادة كذلك ينقسم إلى أطراف واضحة وأوساط مشكلة. وأما الثاني وهو طلب سبب لنقل الملك، فهو أن يجعل الفعل باليد أخذاً وتسليماً سبباً لعينه بل لدالته وهذا الفعل قد دل على مقصود البيع دلالة مستمرة في العادة، وانضم إليه مسيس الحاجة وعادة الأولين واطرد جميع العادات بقبول الهدايا من غير إيجاب وقبول مع التصرف فيها، وأي فرق بين أن يكون فيه عوض أو لا يكون، إذ الملك لا بد من نقله في الهبة أيضاً، إلا أن العادة السالفة لم تفرق في الهدايا بين الحقير والنفيس، بل كان طلب الإيجاب والقبول يستقبح فيه كيف كان، وفي المبيع لم يستقبح في غير المحقرات هذا ما نراه أعدل الاحتمالات وحق الورع المتدين أن لا يدع الإيجاب والقبول للخروج عن شبهة الخلاف، فلا ينبغي أن يمتنع من ذلك لأجل أن البائع قد تملكه بغير إيجاب وقبول؛ فإن ذلك لا يعرف تحقيقاً؛ فربما اشتراه بقبول وإيجاب، فإن كان حاضراً عند شرائه أو أقر البائع به فيمتنع منه وليشتر من غيره فإن كان الشيء محقراً وهو إليه محتاج فليتلفظ بالإيجاب والقبول فإنه يستفيد به قطع الخصومة في المستقبل معه، إذ الرجوع من اللفظ الصريح غير ممكن، ومن الفعل ممكن.

فإن قلت: فإن أمكن هذا فيما يشتريه، فكيف يشتريه، فكيف يفعل إذا حضر في ضيافة أو على مائدة وهو يعلم أصحابها يكتفون بالمعاطاة في البيع والشراء أو سمع منهم ذلك أو رآه? أيجب عليه الامتناع من الأكل فأقول: يجب عليه الامتناع من الشراء إذا كان ذلك الشيء الذي اشتروه مقداراً نفيساً ولم يكن من المحقرات. وأما الأكل، فلا يجب الامتناع منه؛ فإني أقول؛ إن ترددنا في جعل الفعل دلالة على نقل الملك، فلا ينبغي أن لا نجعله دلالة على الإباحة، فإن أمر الإباحة أوسع، وأمر نقل الملك أضيق، فكل مطعوم جرى فيه بيع معاطاة فتسليم البائع إذن في الأكل يعلم ذلك بقرينة الحال، كإذن الحمامي في دخول الحمام، والإذن في الطعام لمن يريده المشتري فينزل منزلة ما لو قال: أبحت لك أن تأكل هذا الطعام، أو تطعم من أردت؛ فإنه يحل له ولو صرح وقال: كل هذا الطعام ثم أغرم لي عوضه، لحل الأكل ويلزمه الضمان بعد الأكل، هذا قياس الفقه عندي، ولكنه بعد المعاطاة آكل ملكه ومتلفاً له فعليه الضمان وذلك في ذمته، والثمن الذي سلمه إن كان مثل قيمته فقد ظفر المستحق بمثل حقه، فله أن يتملكه مهما عجز عن مطالبة من عليه، وإن كان قادراً على مطالبته فإنه لا يمتلك ما ظفر به من ملكه، لأنه ربما لا يرضى بتلك العين أن يصرفها إلى دينه فعليه المراجعة. وأما هاهنا فقد عرف رضاه بقرينة الحال عند التسليم، فلا يبعد أن يجعل الفعل دلالة على الرضاء بأن يستوفي دينه مما يسلم إليه فيأخذه بحقه، لكن على كل الأحوال جانب البائع أغمض لأن ما أخذه قد يريد المالك ليتصرف فيه ولا يمكنه التملك إلا إذا أتلف عين طعامه في يد المشتري، ثم ربما يفتقر إلى استئناف قصد التملك، ثم يكون قد تملك بمجرد رضاً استفاده من الفعل دون القول. وأما جانب المشتري للطعام وهو لا يريد إلا الأكل فهين، فإن ذلك يباح بالإباحة المفهومة من قرينة الحال، ولكن ربما يلزم من مشاورته أن الضيف يضمن ما أتلفه، وإنما يسقط الضمان عنه إذا تملك البائع ما أخذه من المشتري فيسقط، فيكون كالقاضي دينه والمتحمل عنه، فهذا ما نراه في قاعدة المعاطاة على غموضها، والعلم عند الله وهذه احتمالات وظنون رددناها، ولا يمكن بناء الفتوى إلا على هذه الظنون، وأما الورع فإنه ينبغي أن يستفتى قلبه ويتقي مواضع الشبه.

العقد الثاني: عقد الربا:

وقد حرمه الله تعالى وشدد الأمر فيه، ويجب الاحتراز منه على الصيارفة المتعاملين على النقدين، وعلى المتعاملين على الأطعمة. ، الله تعالى وشدد الأمر فيه، ويجب الاحتراز منه على الصيارفة المتعاملين على النقدين، وعلى المتعاملين على الأطعمة، إذ لا ربا إلا في نقد أو في طعام. وعل الصيرفي أن يحترز من النسيئة والفضل. أما النسيئة فأن لا يبيع شيئاً من جواهر النقدين بشيء من جواهر النقدين إلا يداً بيد:وهو أن يجري التقابض في المجلس، وهذا احتراز من النسيئة، وتسليم الصيارفة الذهب إلى دار الضرب وشراء الدنانير المضروبة حرام من حيث النساء، ومن حيث إن الغالب أن يجري فيه تفاضل، إذ لا يرد المضروب بمثل وزنه. وأما الفضل، فيحترز منه في ثلاثة أمور: في بيع المكسر بالصحيح، فلا تجوز المعاملة فيهما إلا مع المماثلة. وفي بيع الجيد بالرديء، فلا ينبغي أن يشتري رديئاً بجيد دونه في الوزن، أو يبيع رديئاً بجيد فوقه في الوزن، أعني إذا باع الذهب بالذهب والفضة بالفضة، فإن اختلف الجنسان فلا حرج في الفضل. والثالث في المركبات من الذهب والفضة كالدنانير المخلوطة من الذهب والفضة: إن كان مقدار الذهب مجهولاً لم تصح المعاملة عليها أصلاً إلا إذا كان ذلك نقداً جارياً في البلد فإنا نرخص في المعاملة عليه إذا لم يقابل بالنقد، وكذا الدراهم المغشوشة بالنحاس إن لم تكن رائجة في البلد لم تصح المعاملة عليها لأن المقصود منها النقرة وهي مجهولة. وغن كان نقداً رائجاً في البلد رخصنا في المعاملة لأجل الحاجة وخروج النقرة عن أن يقصد استخراجها، ولكن لا يقابل بالنقرة أصلاً، وكذلك كل حلي مركب من ذهب وفضة لا يجوز شراؤه لا بالذهب ولا بالفضة بل ينبغي أن يشتري بمتاع آخر إن كان قدر الذهب منه معلوماً إلا إذا كان مموهاً بالذهب تمويهاً لا يحصل منه ذهب مقصود عند العرض على النار، فيجوز بيعها بمثلها من النقود بما أريد من غير النقرة، وكذلك لا يجوز للصيرفي أن يشتري قلادة فيها خرز وذهب بذهب، ولا أن يبيعه، بل بالفضة يداً بيد إن لم يكن فيها فضة ولا يجوز شراب ثوب منسوج بذهب يحصل منه ذهب مقصود عند العرض على النار بذهب. ويجوز بالفضة غيرها وأما المتعاملين على الأطعمة فعليهم التقابض في المجلس، اختلف جنس الطعام المبيع والمشترى أو لم يختلف؛ فإن اتحد الجنس فعليهم التقابض ومراعاة المماثلة، والمعتاد في هذا معاملة القصاب بأن يسلم إليه الغنم ويشتري بها اللحم نقداً أو نسيئة فهو حرام، ومعاملة الخباز بأن يسلم إليه الحنطة ويشتري بها الخبز نسيئة أو نقداً فهو حرام، ومعاملة العصار بإن يسلم إليه البزر والسمسم والزيتون ليأخذ منه الأدهان فهو حرام، وكذا اللبان يعطي اللبن ليؤخذ منه الجبن والسمن وسائر أجزاء اللبن، فهو أيضاً حرام، ولا يباع الطعام بغير جنسه من الطعام إلا نقداً، وبجنسه إلا نقداً ومتماثلاً، وكل ما يتخذ من الشيء المطعوم فلا يجوز أن يباع به متماثلاً ولا متفاضلاً، فلا يباع بالحنطة دقيق وخبز وسويق، ولا بالعنب والتمر دبس وخل وعصير، ولا باللبن سمن وزبد ومخيض ومصل وجبن، والمماثلة لا تفيد إذا لم يكن الطعام في حال كمال الادخار، فلا يباع الطب بالرطب والعنب بالعنب متفاضلاً ومتماثلاً، فهذه جمل مقنعة في تعريف البيع والتنبيه على ما يشعر التاجر بمثارات الفساد حتى يستفتي فيها إذا تشكك والتبس عليه شيء منها، وإذا لم يعرف هذا لم يتفطن لمواضع السؤال، واقتحم الربا والحرام وهو لا يدري.

العقد الثالث: السلم:

وليراع التاجر فيه عشرة شروط:

الأول: أن يكون رأس المال معلوماً على مثله حتى ولو يعذر تسليم المسلم فيه أمكن الرجوع إلى قيمة رأس المال: فإن أسلم كفا من الدراهم جزافاً في كر حنطة لم يصح في أحد القولين.

الثاني: أن يسلم رأس المال في مجلس العقد قبل التفرق فلو تفرقا قبل القبض انفسخ السلم.

الثالث: أن يكون المسلم فيه مما يمكن تعريف أوصافه كالحبوب والحيوانات والمعادن والقطن والصوف والابريسم والألبان واللحوم ومتاع العطارين وأشباهها، ولا يجوز في المعجنات والمركبات وما تختلف أجزاؤه كالقسي المنوعة والنبل المعمول والخفاف والنعال المختلفة أجزاؤها وصنعتها وجلود الحيوانات. ويجوز السلم في الخبز. وما يتطرق إليه من اختلاف قدر الملح والماء بكثرة الطبخ وقلته يعفى عنه ويتسامح قيه.

الرابع: أن يستقصي وصف هذه الأمور القابلة للوصف. حتى لا يبقى وصف تتفاوت به القيمة تفاوتاً لا يتغابن بمثله الناس إلا ذكره. فإن ذلك الوصف هو القائم مقام الرؤية في البيع. الخامس: أن يجعل الأجل معلوماً إن كان مؤجلاً فلا يؤجل إلى الحصاد ولا إلى إدراك الثمار بل إلى الأشهر والأيام فإن الإدراك قد يتقدم وقد يتأخر.

السادس: إن يكون المسلم فيه مما يقدر على تسليمه وقت المحل ويؤمن فيه وجوده غالباً. فلا ينبغي إن يسلم في العنب إلى أجل لا يدرك فيه. وكذا سائر الفواكه، فإن كان الغالب وجوده وجاء المحل وعجز عن التسليم بسبب آفة. فله أن يمهله إن شاء أو يفسخ ويرجع في رأس المال إن شاء.

السابع: أن يذكر مكان التسليم فيما يختلف الغرض به كي لا يثير ذلك نزاعاً.

الثامن: أن لا يعلقه بمعين فيقول: من حنطة هذا الزرع، أو ثمرة هذا البستان، فإن ذلك يبطل كونه ديناً. نعم لو أضاف إلى ثمرة بلد أو قرية كبيرة، لم يضر ذلك.

التاسع: أن لا يسلم في شيء نفيس عزيز الوجود مثل درة موصوفة يعز وجود مثلها، أوجارية حسناء معها ولدها، أو غير ذلك مما لا يقدر عليه غالباً.

العاشر: أن لا يسلم في طعام مهما كان رأس المال طعاماً سواء كان من جنسه أو لم يكن، ولا يسلم في نقد إذا كان رأس المال نقداً، وقد ذكرنا هذا في الربا.

العقد الرابع:الإجارة:

وله ركنان: الأجرة، والمنفعة. فأما العاقد واللفظ فيعتبر فيه ما ذكرناه في البيع والأجرة كالثمن، فينبغي أن يكون معلوماً وموصوفاً بكل ما شرطناه في المبيع إن كان عيناً، فإن كان ديناً فينبغي أن يكون معلوم الصفة والقدر، وليحترز فيه عن أمور جرت العادة بها، وذلك مثل كراه الدار بعمارتها فذلك باطل، إذ قدر العمارة مجهول. ولو قدر دراهم وشرط على المكتري أن يصرفها إلى العمارة لم يجز، لأن عمله في الصرف إلى العمارة مجهول. ومنها استئجار الطحان بالنخالة أو بعض الدقيق فهو باطل، وكذلك كل ما يتوقف حصوله وانفصاله على عمل الأجير، فلا يجوز أن يجعل أجرة. ومنها: أن يقدر في إجارة الدور والحوانيت مبلغ الأجر، فلو قال لكل شهر دينار ولم يقدر أشهر الإجارة كانت المدة مجهولة ولم تنعقد الإجارة.

الركن الثاني:

المنفعة المقصودة بالإجارة وهي العمل وحده إن كان عمل مباح معلوم يلحق العامل فيه كلفة ويتطوع به الغير عن الغير، فيجوز الاستئجار عليه؛ وجملة فروع الباب تندرج تحت هذه الرابطة، ولكنا لا نطول في شرحها فقد طولنا القول فيها في الفقهيات، وإنما نشير إلى ما تعم به البلوى، فليراع في العمل المستأجر عليه خمسة أمور:

الأول: أن يكون فيه كلفة وتعب. فلو استأجر طعاماً ليزين به الدكان. أو أشجاراً ليجفف عليها الثياب؛ أو دراهم ليزين بها الدكان. لم يجز، فإن هذه المنافع تجري مجرى حبة السمسم وحبة بر من الأعيان وذلك لا يجوز بيعه، وهي كالنظر في مرآة الغير، والشرب من بئره، والاستظلال بجداره، والاقتباس من ناره ولهذا لو استأجر بياعاً على أن يتكلم بكلمة يروج بها سلعته لم يجز. وما يأخذوه البياعون عوضاً عن حشمتهم وجاههم وقبول قولهم في ترويج السلع فهو حرام، إذ ليس يصدر منهم إلا كلمة لا تعب فيها ولا قيمة لها، وإنما يحل لهم ذلك إذ تعبوا بكثرة التردد أو كثرة الكلام في تأليف أمر المعاملة. ثم لا يستحقون إلا أجرة المثل، فأما ما تواطأ عليه الباعة فهو ظلم وليس مأخوذاً بالحق.

الثاني: أن لا تتضمن الإجارة استيفاء عين مقصودة فلا يجوز إجارة الكرم لارتفاقه. ولا إجارة المواشي للبنها. ولا إجارة البساتين لثمارها. ويجوز استئجار المرضعة ويكون اللبن تابعاً: لأن إفراده غير ممكن. وكذا يتسامح بحبر الورق وخيط الخياط. لأنهما لا يقصدان على حيالهما.

الثالث: أن يكون النيابة عن المستأجر. فلا يجوز أخذ الأجرة على الجهاد ولا سائر العبادات التي لا نيابة فيها. إذ لا يقع ذلك عن المستأجر. ويجوز عن الحج وغسل الميت وحفر القبور ودفن الموتى وحمل الجنائز. وفي أخذ الأجرة على إمامة صلاة التراويح وعلى الأذان وعلى التصدي للتدريس وإقراء القرآن خلاف. أما الاستئجار على تعليم مسألة بعينها أو تعليم سورة بعينها لشخص معين فصحيح.

الخامس: أن يكون العمل والمنفعة معلوماً. فالخياط يعرف عمله بالثوب والمعلم يعرف عمله بتعيين السورة ومقدارها. وحمل الدواب يعرف بمقدار المحمول وبمقدار المسافة. وكل ما يثير خصومة في العادة فلا يجوز إهماله. وتفصيل ذلك يطول. وإنما ذكرنا هذا القدر ليعرف به جليات الأحكام ويتفطن به لمواقع الإشكال. فإن الاستقصاء شأن الفتي لا شأن العوام.

العقد الخامس: القراض:

وليراع فيه ثلاثة أركان:

الركن الأول:

رأس المال، وشرطه أن يكون نقداً معلوماً مسلماً إلى العامل؛ فلا يجوز القراض على الفلوس ولا على العروض؛ فإن التجارة تضيق فيه. ولا يجوز على صرة من الدراهم، لأن قدر الربح لا يتبين فيه. ولو شرط مالك اليد لم يجز، لأن فيه تضييق طريق التجارة.

الركن الثاني:

الربح وليكن معلوماً بالجزئية بأن يشترط له الثلث أو النصف أو ما شاء، فلو قال: على أن لك من الربح مائة والباقي لي لم يجز إذ ربما لا يكون الربح أكثر من مائة فلا يجوز تقديره بمقدار معين بل بمقدار شائع.

الثالث:

العمل الذي على العامل، وشرطه أن يكون تجارة غير مضيقة عليه بتعيين وتأقيت، فلو شرط أن يشتري بالمال ماشية ليطلب نسلها فيتقاسمان النسل، أو حنطة فيخبزها ويتقاسمان الربح، لم يصح، لأن القراض مأذون فيه في التجارة وهو البيع والشراء وما يقع من ضرورتهما فقط، وهذا حرف - أعني الخبز ورعاية المواشي - ولو ضيق عليه وشرط أن لا يشتري إلا من فلان أو لا يتجر إلا في الخز الأحمر، أو شرط ما يضيق باب التجارة فسد العقد، ثم مهما انعقد فالعامل وكيل فيتصرف بالغبطة تصرف الوكلاء، ومهما أراد المالك الفسخ فله ذلك، فإذا فسخ في حالة والمال كله فيها نقد لم يخفف وجه القسمة، وإن كان عروضاً ولا ربح فيه رد عليه ولم يكن للمالك تكليفه أن يرده إلى النقد، لأن العقد قد انفسخ وهو لم يلتزم شيئاً، وإن قال العامل: أبيعه وأبي المالك، فالمتبوع رأى المالك، إلا إذا وجد العامل زبوناً يظهر بسببه ربح على رأس المال، ومهما كان ربح فعلى العامل بيع مقدار رأس المال،بجنس رأس المال لا بنقد آخر، حتى يتميز الفاضل ربحاً فيشتركان فيه، وليس عليهم بيع الفاضل على رأس المال، ومهما كان رأس السنة فعليهم تعرف قيمة المال لأجل الزكاة: فإذا كان قد ظهر من الربح شيء فالأقيس أن زكاة نصيب العامل على العامل وأنه يملك الربح بالظهور، وليس للعامل أن يسافر بمال القراض دون إذن المالك، فإن فعل صحت تصرفاته، ولكنه إذا فعل ضمن الأعيان والأثمان جميعاً، لأن عدوانه بالنقل يتعدى إلى ثمن المنقول، وإن سافر بالإذن جاز ونفقة النقل وحفظ المال على مال القراض، كما أن نفقة الوزن والكيل والحمل الذي لا يعتاد التاجر مثله على رأس المال، فأما نشر الثوب وطيه والعمل اليسير المعتاد فليس له أن يبذل عليه أجرة. وعلى العامل نفقته وسكناه في البلد، وليس عليه أجرة الحانوت. ومهما تجرد في السفر لمال القراض. فإذا رجع فعليه أن يرد بقايا آلات السفر من المطهرة والسفرة وغيرهما.

العقد السادس: الشركة:

وهي أربعة أنواع: ثلاثة منها باطلة:

الأول: شركة المفاوضة وهو أن يقولا: تفاوضنا لنشترك في كل مالنا وعلينا ومالهما ممتازان، فهي باطلة.

الثاني: شركة الأبدان: وهو أن يتشارطا الاشتراك في أجرة العمل فهي باطلة.

الثالثة: شركة الوجوه: وهو أن يكون لأحدهما حشمة وقول مقبول فيكون من جهته التنفيل ومن وجهة غيره العمل، فهذا أيضاً باطل. وإنما الصحيح العقد الرابع المسمى شركة العنان: وهو أن يختلط مالهما بحيث يتعذر التمييز بينهما إلا يقسمه، ويأذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف، ثم حكمها توزيع الربح والخسران على قدر المالين، ولا يجوز أن يغير ذلك بالشرط، ثم بالعزل يمتنع التصرف عن المعزول، وبالقسمة ينفصل الملك عن الملك، والصحيح أنه يجوز عقد الشركة على العروض المشتراة، ولا يشترط النقد، بخلاف القراض.

فهذا القدر من علم الفقه يجب تعلمه على كل مكتسب، وإلا اقتحم الحرام من حيث لا يدري. وأما معاملة القصاب والخباز والبقال فلا يستغني عنها المكتسب وغير المكتسب، والخلل فيها من ثلاثة وجوه: من إهمال شروط البيع، أو إهمال شروط السلم، أو الاقتصار على المعاطاة، إذ العادات جارية بكتبه الخطوط على هؤلاء بحاجات كل يوم، ثم المحاسبة في كل مدة، ثم التقويم بحسب ما يقع عليه التراضي، وذلك مما نرى القضاء بإباحته للحاجة، ويحمل تسليمهم على إباحة التناول مع انتظار العوض فيحل أكله، ولكن يجب الضمان بأكله وتلزم قيمته يوم الإتلاف، فتجمع في الذمة تلك القيم، فإذا وقع التراضي على مقدار ما فينبغي أن يلتمس منهم الإبراء المطلق لا تبقي عليه عهدة إن تطرق إليه تفاوت في التقويم، فهذا ما تجب القناعة به، فإن تكليف وزن الثمن لكل حاجة من الحوائج في كل يوم وكل ساعة تكليف شطط، وكذا تكليف الإيجاب والقبول وتقدير ثمن كل يسير منه فيه عسر، وإذا كثر كل نوع سهل تقويمه، والله الموفق.