| → بادر الفرصة | أعد يا دهر المؤلف: محمود سامي البارودي |
الفؤاد المفجع ← |
| أَعِـدْ يَا دَهْرُ أَيَّامَ الشَّبَابِ | وَأَيْنَ مِنَ الصِّبَا دَرْكُ الطِّلابِ |
| زَمَانٌ كُلَّما لاحَتْ بِفِكْرِي | مَخَايِلُهُ بَكَيْتُ لِفَرْطِ مابي |
| مَضَى عَنِّي وَغَادَرَ بِي وَلوعاً | تَوَلَّدَ مِنْهُ حُزْنِي وَاكْتِئَابي |
| وَكَيْفَ تَلَذُّ بَعْدَ الشَّيْبِ نَفْسِي | وَفِي اللَّذَّاتِ إِنْ سَنَحَتْ عَذَابِي |
| أَصُدُّ عَنِ النَّعِيـمِ صُـدُودَ عَجْـزٍ | وَأُظْهِـرُ سَلْـوَةً وَالْقَلْـبُ صَابِـي |
| وَمَا فِي الدَّهْرِ خَيْـرٌ مِـنْ حَيَـاةٍ | يَكُـونُ قِـوَامُهـا رَوْحَ الشَّـبَابِ |
| فَـيَـا للهِ كَـمْ لِـي مِـنْ لَيَـالٍ | بِـهِ سَـلَـفَـتْ وَأَيَّـامٍ عِـذَابِ |
| إِذِ النَّـعْـمَـاءُ وَارِفَـةٌ عَلَيْـنَـا | وَمَرْعَى اللَّهْـوِ مُخْضَـرُّ الْجَنَـابِ |
| نَطِيـرُ مَـعَ السُّـرُورِ إِذَا انْتَشَيْنَـا | بِأَجْنِحَـةِ الْخَلاعَـةِ وَالتَّصَـابِـي |
| فَـغُـدْوَتُنَـا وَرَوْحَتُنَـا سَـوَاءٌ | لعَـابٌ فِي لعَـابٍ فِـي لعَـابِ |
| وَرُبَّـتَ رَوْضَـةٍ مِلْـنـا إِلَيْـهَا | وَقَرْنُ الشَّمْـسِ تِبْـرِيُّ الإِهَـابِ |
| نَمَتْ أَدْوَاحُها وسَمَـتْ فَكَانَـتْ | عَلَى السَّاحـاتِ أَمْثَـالَ الْقِبـابِ |
| فَزَهْـرُ غُصُونِهَـا طَلْـقُ الْمُحَـيَّا | وَجَدْوَلُ مائِهـا عَـذْبُ الرُّضـابِ |
| كَـأَنَّ غُصُونَهـا غِيـدٌ تَهَـادَى | مِنَ الزَّهْـرِ الْمُنَمَّـقِ فِـي ثِيَـابِ |
| سَقَتْهَا السُّحْـبُ رَيِّقَـها فَمَالَـتْ | كَمَا مَالَ النَّزِيـفُ مِـنَ الشَّـرَابِ |
| فَسَبَّـحَ طَيْرُهـا شُكْـراً وَأَثْنَـتْ | بِأَلْسِنَةِ النَّبـاتِ عَلَـى السَّحَـابِ |
| وَيَـوْمٍ ناعِـمِ الطَّـرَفَيْـنِ نَـادٍ | عَلِيـلِ الْجَـوِّ هَلْهَـالِ الرَّبَـابِ |
| سَبَقْتُ بِهِ الشُّـرُوقَ إِلَى التَّصَابِـي | بُكُـوراً قَبْـلَ تَنْعـابِ الغُـرابِ |
| وسُقْتُ مَعَ الْغُـواةِ كُمَيْـتَ لَهْـوٍ | جَمُوحاً لا تَلِيـنُ عَلَـى الْجِـذَابِ |
| إِذَا أَلْجَمْـتَـها بِالْـمَـاءِ قَـرَّتْ | وَدَارَ بِجِيـدِهـا لَبَـبُ الْحَبـابِ |
| مُـوَرَّدَةً إِذَا اتَّـقَـدَتْ بِـكَـفٍّ | جَلَتْـها لِلأَشِعَّـةِ فِـي خِضَـابِ |
| هُوَ العَصْـرُ الَّـذِي دَارَتْ عَلَيْنَـا | بِـهِ اللَّـذَّاتُ واضِعَـةَ النِّقَـابِ |
| نُجَـاهِـرُ بِالْغَـرَامِ وَلا نُبَـالِـي | وَنَنْطِـقُ بِالصَـوابِ وَلا نُحَابِـي |
| فَيَا لَكَ مِنْ زَمـانٍ عِشْـتُ فِيـهِ | نَدِيمَ الـرَّاحِ وَالْهيـفِ الكِعـابِ |
| إِذَا ذَكَـرَتْـهُ نَفْسِـي أَبْصَـرَتْـهُ | كَأَنِّي مِنْـهُ أَنْظُـرُ فِـي كِتـابِ |
| تَحَـوَّلَ ظِلُّـهُ عَـنِّـي وَأَذْكَـى | بِقَلْبِـي لَوْعَـةً مِثـلَ الشِّهَـابِ |
| كَـذَاكَ الدَّهْـرُ مَـلاَّقٌ خَلُـوبٌ | يَغُـرُّ أَخَـا الطَّمَاعَـةِ بِالْكِـذَابِ |
| فَلا تَرْكَـنْ إِلَيْـهِ فَكُـلُّ شَـيْءٍ | تَـرَاهُ بِـهِ يَـؤُولُ إِلَـى ذَهـابِ |
| وَعِشْ فَرْداً فَمَا فِي النَّـاسِ خِـلٌّ | يَسُـرُّكَ فِـي بِعَـادٍ وَاقْـتِـرَابِ |
| حَلَبْـتُ الـدَّهْـرَ أَشْطُـرَهُ مَلِيَّـاً | وَذُقْتُ الْعَيْشَ مِـنْ أَرْيٍ وَصـابِ |
| فَمَا أَبْصَـرْتُ فِي الإِخْـوَانِ نَدْبَـاً | يَجِـلُّ عَـنِ الْمَلامَـةِ وَالْعِتَـابِ |
| وَلَكِـنَّـا نُعَـاشِـرُ مَـنْ لَقِينَـا | عَلَى حُكْـمِ الْمُـرُوءَةِ وَالتَغَابِـي |