| → يا من رأى | أراك الحمى المؤلف: محمود سامي البارودي |
في رثاء أمه ← |
| أَرَاكَ الْحِمَى شَوْقِي إِلَيْـكَ شَدِيـدُ | وصَبْرِي وَنَوْمِي فِي هَـوَاكَ شَريـدُ |
| مَضَى زَمَنٌ لَمْ يَأْتِنِي عَنْـكَ قَـادِمٌ | بِبُشْرَى ولَمْ يَعْطِـفْ عَلَـيَّ بَرِيـدُ |
| وَحِيدٌ مِنَ الْخُلانِ فِي أَرْضِ غُرْبَـةٍ | أَلا كُلُّ مَنْ يَبْغِـي الْوَفَـاءَ وَحِيـدُ |
| فَهَلْ لِغَرِيبٍ طَوَّحَتْـهُ يَـدُ النَّـوَى | رُجُـوعٌ وَهَـلْ لِلْحَائِمَـاتِ وُرُودُ |
| وَهَلْ زَمَنٌ وَلَّى وَعَيْـشٌ تَقَيَّضَـتْ | غَضَارَتُـهُ بَعْـدَ الذَّهَـابِ يَعُـودُ |
| أُعَـلِّلُ نَفْسِـي بِالقَدِيـمِ وَإِنَّمـا | يَلَذُّ اقْتِبَالُ الشَّـيءِ وَهْـوَ جَدِيـدُ |
| وَمَـا ذِكْـرِيَ الأَيَّـامَ إِلاَّ لأَنَّهـا | ذِمَـامٌ لِعِرْفَـان الصِّـبَا وَعُهـودُ |
| فَلَيْسَ بِمَفْقُودٍ فَتَىً ضَمَّـهُ الثَّـرَى | وَلَكِـنَّ مَنْ غَـالَ الْبِعَـاد فَقِيـدُ |
| أَلا أَيُّها الْيَوْمُ الَّـذِي لَمْ أَكُـنْ لَـهُ | ذَكُوراً سِوَى أَنْ قِيلَ لِي هُـوَ عِيـدُ |
| أَتَسْأَلُنَـا لُبْـسَ الجَدِيـدِ سَفَاهَـةً | وَأَثْوابُنَا ما قَـدْ عَلِمْـتَ حَدِيـدُ |
| فَحَظُّ أُنـاسٍ مِنْـهُ كَـأْسٌ وَقَيْنَـةٌ | وَحَـظُّ رِجـالٍ ذُكْـرَةٌ وَنَشِيـدُ |
| لِيهنَ بِهِ منْ باتَ جـذْلانَ ناعمـاً | أخا نشَـواتٍ مَـا عَليـهِ حَقـودُ |
| تَـرَى أَهلَـهُ مُستَبشِريـنَ بِقربِـهِ | فَهُمْ حَولَـهُ لاَ يَبْرَحُـونَ شُهُـودُ |
| إِذَا سَارَ عنهُمْ سَارَ وَهُـوَ مكـرَّمٌ | وإن عَادَ فِيهِمْ عَـادَ وَهُـوَ سَعيـدُ |
| يُخَاطِبُ كُلاًّ بِالَّـذِي هُـوَ أَهلُـهُ | فَمُبـدِئُ شُكـرٍ تَـارَةً وَمُعِيـدُ |
| فَمَنْ لِغَرِيبٍ -سَرْنَسُوفُ- مُقَامُـهُ | رَمَتْ شَمْلَهُ الأَيَّـامُ فَهْـوَ لَهِيـدُ |
| بِلادٌ بِهَـا مـا بِالْجَحِيـمِ وإِنَّمـا | مَكَانَ اللَّظَى ثَلْـجٌ بِهَـا وَجَلِيـدُ |
| تَجَمَّعتِ البُلغـارُ والـرُّومُ بينَـها | وَزَاحَمَهَا التَّاتَـارُ، فَهِـيَ حُشُـودُ |
| إِذَا رَاطَنُوا بَعْضاً سَمِعْتَ لِصَوْتِهِـمْ | هَدِيداً تَكَـادُ الأَرْضُ مِنْـهُ تَمِيـدُ |
| قِبَاحُ النَّوَاصِي والوُجُـوهِ، كأنَّهُـمْ | لِغَيـرِ أَبِـي هَـذا الأَنـامِ جُنُـودُ |
| سَواسِيَـةٌ لَيْسُـوا بِنَسْـلِ قَبيلَـةٍ | فَتُـعْـرَف آبـاءٌ لَهُـمْ وجُـدُودُ |
| لَهُمْ صُوَرٌ لَيْسَتْ وُجُوهـاً وإِنَّمـا | تُنَـاطُ إِلَيْـهَا أَعْـيُـنٌ وَخُـدودُ |
| يَخُورُونَ حَولِي كَالْعُجُولِ وَبَعْضُهُمْ | يُهَجِّنُ لَحْنَ الْقَـوْلِ حِيـنَ يُجِيـدُ |
| أَدُورُ بِعَينِـي لا أَرَى بَيْنَهُـمْ فَتَـىً | يَرُودُ مَعِي فِي الْقَـوْلِ حَيْـثُ أَرُودُ |
| فَلا أَنَـا مِنْهُـمْ مُسْتَفِيـدٌ غَرِيبَـةً | وَلا أَنَـا فِيهِـمْ ما أَقَمْـتُ مُفِيـدُ |
| فَمَنْ لِي بِأَيَّامٍ مَضَـتْ قَبْـلَ هَـذِهِ | بِمِصْرَ وَعَيْشِي لَـوْ يَـدُومُ حَمِيـدُ |
| عَسَى اللهُ يَقضِي قُربَةً بَعـدَ غُربَـةٍ | فَيَـفـرَحَ باللُّقيَـا أَبٌ وَوَلِـيـدُ |