الرئيسيةبحث

ذو الحجة ( Zulhjjah )



ذو الحِجَّة أحد الشهور الهجرية. وينطق بعضهم اسم هذا الشهر (ذو الحَجَّة) بفتح الحاء، وهو الشهر الثاني عشر من شهور السنة وفق التقويم الهجري. سُمّي بهذا الاسم نحو عام 412م في عهد كلاب بن مُرّة الجدّ الخامس للرسول ﷺ. وقد سُمّي بهذا الاسم لأنه شهر الحج. والحج في الأصل هو القَصْد، ثم ساد استعماله في القصد إلى مكة لأداء النسك والحج إلى بيت الله والقيام بالأعمال المشروعة فرضًا وسُنَّة. وهذا الشهر آخر الأشهر المعلومات التي قال فيها الله سبحانه وتعالى: ﴿الحج أشهر معلومات..﴾ البقرة : 197، وتبدأ هذه الأشهر بأول يوم من شوال، وتنتهي مع نهاية العاشر من ذي الحِجَّة.

كما أن ذا الحِجَّة هو الشهر الثاني من (الأشهر الحرم) ★ تَصَفح: التقويم الهجري.

والأشهر الأربعة تأتي ثلاثة منها متتابعة هي ذو القعدة وذو الحِجَّة والمحرم ، وواحد فَرْد هو رجب . وقد ذكر الله سبحانه وتعالى هذه الأشهر بقوله : ﴿إن عِدَّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حُرُم﴾ التوبة : 36.

كانت كل القبائل تحترم حرمة هذه الأشهر، فلا تغير فيها على بعضها، إلا أنه كان هناك حيان لا يتقيّدان بهذه الحرمة هما خَثْعَم وطَيئ. وكان ذو الحِجَّة ـ شأنه في ذلك شأن سائر الأشهر الحرم الأخرى ـ مناسبة تقام فيها الأسواق للتجارة، والشِّعْر، وتبادل المنافع في أسواق ارْتَضَوْها هي عُكاظ والمِربَد والمجنَّة. أما ذو الحجة، فقد كان يعقد فيه سوق ذي المجاز من أوَّله، وذلك بعد انصرافهم من عُكاظ في آخر أيام ذي القعدة. وفي هذه الأسواق، كان الرجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه فلا يهيجه تعظيمًا لحرمة الشهر الحرام. إلا أن العرب كانوا يكرهون أن تتوالى عليهم ثلاثة أشهر حرم، لا يغيرون فيها، لأن معاشهم كان من الغارة ؛ لذا كانوا إذا صدروا من مِنىً يقوم رجل من كنانة يسمّونة القَلمَّس (البحر الزاخر في العلم) فيقول : أنا الذي لا أُعاب ولا أُجاب ، ولا يُرَدّ لي قضاء. فيقولون : صدقتَ ! أنْسِئْنا شهرًا ؛ أي أخِّر عنا حرمة الشهر الحرام ؛ فيُحلُّ لهم أحد الأشهر الحرم ويؤخره إلى شهر آخر. لذا كانت نوبة النّسيء ـ عندما هاجر الرسول ﷺ ـ قد بلغت شعبان فسُمِّي محرمًا وشهر رمضان صفرًا، فانتظر النبي ﷺ حتى حج حجة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة، لذلك سمِّيت حجة الوداع الحج الأقوم، ثم حرم النسيء (التأخير والتأجيل) تحريمًا أبديًا.

من المعلوم أن عدد أيام هذا الشهر 29 يومًا، إلا أنه في السنة الكبيسة يضاف له يوم فيصير 30 يومًا ؛ ذلك لأن السنة القمرية الحقيقية تزيد على السنة الاصطلاحية بمقدار 0,367 من اليوم تقريبًا. ويبلغ هذا الفرق 11 يومًا كل 30 سنة فيلزم إضافتها. ولتحقيق ذلك جعلوا في كل 30 سنة إحدى عشرة سنة كبيسة، وأضافوا اليوم الزائد إلى ذي الحجة. والسنين الكبيسة في كل 30 سنة هي السنوات : 2، 5، 7، 10، 13 ، 16، 18، 21، 24، 26، 29. لمزيد من المعلومات ★ تَصَفح: التقويم الهجري.

أسماؤه:

عرف العرب أربع مجموعات من الأسماء، للشهور العربية، كانت آخرها المجموعة المستخدمة حاليًا، وهي التي استقرّ عليها الرأي في مطلع القرن الخامس الميلادي على وجه التقريب. لم تُستخدم كل هذه الأسماء في زمن واحد أو مكانٍ واحد ؛ فقد كان للعرب المستعربة أسماء أطلقوها على شهورهم، كما كان للعرب العاربة أسماء خاصة لشهورهم. وشهور التقويم الهجري التي نستخدمها اليوم هي أسماء وضعتها العرب المستعربة ظلّت على ما هي عليه دون تعديل أو تغيير منذ ما يقرب من 19 قرنًا. أما ثمود قوم صالح عليه السلام الذين سكنوا الحِجْر، فكانت لديهم سلسلة أخرى غير الشهور التي استعملتها بقية العرب. وكانوا يبدأون سنتَهم بشهر دَيْمَر الموافق لشهر رمضان، وليس بالمحَرَّم مُوجِب وسموا ذا الحِجَّة مُسْبِل. ومن أسمائه التي وضعتها العرب العاربة، ولم تكن مستعملة حين ظهر الإسلام نَعَس وبُرَك، وفي الاسم الأخير إشارة إلى بُروك الإبل للنّحر (يوم النَّحر).

المواسم والأعياد:

أقسم الله سبحانه وتعالى بالليالي العشر الأولى من شهر ذي الحجة في سورة الفجر فقال ﴿والفَجْر¦ وليال عشر..﴾ الفجر: 1، 2. وهذه الأيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من غيرها، وتبدأ بعدها الأيام المعدودات وهي أيام التشريق. ففي اليوم الثامن منه (يوم التّروية)، ـ وكان من المآثر الجاهلية ـ ففي عام 440م على وجه التقريب استْرَدَّ قصيُّ بن كلاب الجد الرابع للرسول ﷺ الحكم في مكة من قبيلة خزاعة، وجعل من مظاهر حكمه سِقاية الحجيج الماءَ العذبَ الذي كان عزيزًا في مكة، وعندما جاء الإسلام أبقى على السقاية.

وفي اليوم التاسع من ذي الحجة أيضًا، يومُ عرفة، وصيامه مستحب لغير الحاج، وفيه يباهي الله بعبيده الملائكة وهو يوم الحج الأكبر. واليوم العاشر من ذي الحِجَّة هو أول أيام عيد الأضحى الذي يحتفل به كل المسلمين، وهو يوم النحر للحاج. ★ تَصَفح: الحج. ويستمر هذا العيد أربعة أيام. أما الأيام الثلاثة بعد يوم النحر فتسمى أيام التشريق. ويسمى اليوم الأول من أيام التشريق ـ وهو اليوم الحادي عشر ـ يوم القَرّ لأن الحجاج يستقرون فيه بمِنىً ويمكثون ثلاثة أيام لرمي الجمار، ويسمى اليوم الثاني منها ؛ أي الثاني عشر من ذي الحجة يوم النَّفْر لأن الناس يتفرَّقون فيه متعجِّلين إلى أوطانهم، ويسمى اليوم الثالث من أيام التشريق ؛ أي الثالث عشر من ذي الحِجَّة النَّفْر الأخيِر. وفي تسمية هذه الأيام بأيام التشريق ثلاثة آراء ؛ إما لأن لحم الأضاحي كان يُشَرَّقُ (يُشَرَّرُ) فيها للشمس، أو لأن الهَدْيَ والأضاحي لا تُنْحَرُ حتى تَشْرُقَ الشمس، وقيل بل سُمِّيت بذلك لأنهم كانوا يقولون في الجاهلية: أشرِقْ ثَبِيرُ كَيْما نُغير ؛ (أي ندفع في السير) وثبير جبل في مكة، ومعناها ؛ ادخل أيها الجبل في الشروق ـ ضوء الشمس ـ كيما نَدْفَع للنَّحْر ؛ لأنهم كانوا لا يُفِيضُون حتى تَطْلُعَ الشمس.

أحداث مهمة في ذي الحجة:

وقعت في هذا الشهر غزوة بني قريظة، وكانت قد بدأت في نفس اليوم الذي انتهت فيه غزوة الأحزاب (الخندق) وذلك في سنة الزلزال ؛ أي السنة الخامسة من الهجرة. وفي يوم الجمعة التاسع من ذي الحجَّة سنة الوداع من السنة العاشرة للهجرة، كانت خطبة حجّة الوداع التي ألقاها الرسول ﷺ على أكثر من ماِئَة ألفِ من المسلمين عند جبل عرفات.

وتعتبر هذه الخطبة الخالدة دستور الإسلام، بيَّن فيها قواعده، ونادى فيها بالمساواة بين الناس. ومن الأحداث الأخرى التي وقعت فيه، مقتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه في 26 منه عام 23 هـ قتله عبد يدعى فيروز ولقبه أبو لؤلؤة. كما قُتل فيه أيضًا الخليفة الثالث عثمان بن عفان في 18 منه عام 35 هـ ، وفي 25 منه بويع الخليفة الرابع علي بن أبي طالب.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية