فيصل بن تركي بن عبد الله ( Faysal ibn- Turki ibn- 'Abdullah )
فيصل بن تركي بن عبدالله (1203هـ - 1282هـ ، 1788م- 1865م). فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان ابن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع بن ربيعة المريدي.. وينتهي نسبهم إلى بكر بن وائل من بني أسد بن ربيعة. هو أحد حكام الدولة السعودية في القرن التاسع عشر الميلادي.
اتصف الإمام فيصل بن تركي بشدة التدين والتمسك بأحكام الإسلام ومبادئه، آمرًا بالمعروف وناهيًا عن المنكر، وكان متوقد الذكاء، كثير التواضع، ميالاً إلى العدل، شجاعًا ومدربًا على الفروسية والحروب، اشتهر بالشدة على عماله، كي يضمن أن تسير الأمور الإدارية في دولته على ما يرام، ومارس الأعمال الحربية قبل أن يتولى المسؤولية الرسمية ؛ فاشترك مع جيش الإمام سعود الكبير عندما دخل مكة المكرمة، ولم يتجاوز عمره آنذاك الخامسة عشرة، وحارب مع القوات السعودية المدافعة عن الدرعية عندما حاصرها إبراهيم باشا عام 1233هـ ، 1818م.
تولى فيصل بن تركي الحكم مرتين ؛ الأولى من عام 1250هـ - 1254هـ، 1834 - 1838م، والثانية من عام 1259هـ - 1282هـ، 1843 - 1865م.
حكمه وإنجازاته في الفترة الأولى:
أهم إنجازاته في الفترة الأولى أنه قضى على حركة ابن عمه مشاري بن عبدالرحمن بن سعود الذي ثار على والده ودبر مؤامرة قتله، وتمكن فيصل بعد ذلك من السيطرة الكاملة على مقاليد الحكم في البلاد على الرغم من الحركات المحلية التي واجهته في منطقة الدواسر وغيرها من المناطق الأخرى، خاصة في مناطق عالية نجد، والمناطق الشرقية. وقد حاول فيصل بن تركي أن يثبت جذور الحكم السعودي الجديد، لكن هذه المحاولة اصطدمت بمقاومة شديدة من محمد علي باشا وقواته، خاصة وأنه كان آنذاك يعمل لحسابه الخاص بعد إعلان انفصاله عن الدولة العثمانية، وإصراره على حكم البلاد العربية، التي كانت تابعة للدولة العثمانية في القارة الآسيوية، بعد ضمها في دولة واحدة تحت زعامته، وجهز محمد علي باشا قوات كبيرة، كانت تحت قيادة إسماعيل بك، ومعه خالد بن سعود الكبير، وهو من الأفراد السعوديين الذين عاشوا في مصر وهو أخو الإمام عبدالله بن سعود الكبير آخر حكام الدولة السعودية الثانية.حاول الإمام فيصل قدر استطاعته تلافي الصدام مع القيادة المصرية، وحاول أيضًا وقف زحف تلك القوات، لكنه لم يحالفه التوفيق لكثرة القوات المعادية وأسلحتها الحديثة وإصرار محمد علي على احتلال نجد، ومد حكمه الجديد إلى الجزيرة العربية. وقد اتضح هذا الإصرار في تعزيز قواته في نجد بقوات مصرية جديدة بقيادة خورشيد باشا الذي وصل إلى منطقة القصيم ثم واصل زحفه باتجاه الرياض، وبعد عدة وقعات اضطر فيصل إلى الاستسلام، وكان ذلك في العشر الأواخر من رمضان عام 1254هـ، ديسمبر 1838م. وأُرسل فيصل إلى القاهرة وعاش فيها نحو أربع سنوات منفيًا ؛ وهكذا ضاع الجهد السعودي كله في إعادة تكوين الدولة السعودية القوية المستقرة.
حكمه وإنجازاته في الفترة الثانية:
أفرجت السلطة في مصر عن فيصل بعد معاهدة لندن عام 1256هـ، 1840م، وبعد أن تغيرت الظروف الدولية وفي مقدمتها تحجيم سيادة محمد علي باشا في ولاية مصر فقط. فجاء فيصل إلى حائل عند صديقه الحميم عبدالله بن رشيد، ومنها بعث بالرسائل إلى أمراء البلدان والزعماء وشيوخ القبائل، ولقي من معظمهم كل ود وترحيب ومساعدة، وبذلك أضاع الفرصة على منافسه عبدالله بن ثنيان الذي كان قد استولى على السلطة بالقوة من خالد بن سعود، لفشله في كسب تأييد النجديين له ؛ إذ إنه جاء يحكم البلاد باسم محمد علي باشا فعليًا، وهكذا تسلم فيصل مقاليد الحكم في نجد، بعد أن قضى على مقاومة ابن عمه ابن ثنيان. ثم وطّدَ النظام والسلطة، وبدأ في استعادة المناطق التي تتكون منها الدولة السعودية الأولى في المنطقة الشرقية ومنطقة الخليج، بالإضافة إلى ولاء منطقة عسير وبواديها.وقد تفاهم فيصل وديًا مع الدولة العثمانية، وأقام علاقات طيبة مع بريطانيا صاحبة النفوذ القوي في منطقة الخليج العربي، ووازن في علاقاته مع الدول الكبرى ذات الصلة. ودامت فترة حكمه الثانية نحو اثنتين وعشرين سنة متواصلة قضاها في تكوين دولة سعودية ثابتة مستقرة ساد الأمن والاستقرار كل أرجائها، ونعمت البلاد بقدر ملحوظ من الرخاء. وجاء في تقرير اللفتنانت كولونيل لويس بلي البريطاني الذي زار الرياض قبل وفاة الإمام فيصل بشهور (إن جميع الأطراف الشرقية اعترفت بعدالة حكم فيصل بن تركي وصرامته، وأن حكمه لم يسبق له مثيل في النجاح، فقد كان يكبح جماح قبائله، ويوجههم نحو الزراعة والتجارة). وهذه الثوابت والصفات هي التي جعلت الملك عبدالعزيز آل سعود شغوفًا بسيرة جده الإمام فيصل بن تركي.
توفي الإمام فيصل بن تركي في الرياض في اليوم الحادي والعشرين من رجب عام 1282هـ،1865م.