الرئيسيةبحث

الحياة في التخوم الغربية ( Western frontier life )



الحياة في التخوم الغربية نمط من الحياة يُعتبر من أمتع الفصول في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. وكان الاستقرار في الغرب يتمثل في أحلام المتعطشين للذهب والفلاحين الذين حولت جهودهم المضنية الأراضي القاحلة إلى حقول خضراء مثمرة. وتتضمن هذه الحياة أيضًا قصة رعاة البقر والمراعي المفتوحة، وقصة الهنود والخارجين على القانون، والقطارات وعربات الخيول التي كانوا يهاجمونها، وقصة المواطنين الذين طبقوا النظام في هذه التخوم.

لقد ظهرت قصة التخوم الغربية البعيدة لأول مرة نحو سنة 1850م، وانتهت في نحو سنة 1890م. لقد عبر المستوطنون المجازفون جبال الأبلاش في القرن الثامن عشر الميلادي واندفعوا من خلال فجوة كمبرلاند في سبعينيات القرن الثامن عشر الميلادي، وبنوا مساكنهم على امتداد نهر المسيسيبي بعد ذلك بفترة وجيزة. وقد وصل المكتشفون إلى ساحل المحيط الهادئ في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، غير أن المناطق الواقعة غربي نهر المسيسيبي لم تجتذب كثيرًا من المستوطنين إلا بعد منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. وامتدت الفترة النهائية للاستيطان من سنة 1850م إلى 1890م. ★ تَصَفح: الزحف غربا.

جذبت التخوم الغربية كثيرًا من الوجوه النابضة بالحيوية، فبعضهم مثل جسيّ جيمس والغلام بيلي اللذين يمثلان الخارجين على القانون، وماتا وهما واقفان، وغيرهما مثل: بات جاريت، والمحارب الهندي والاستعراضي والرائد بفلو بيل كودي، قد عملوا أكثر من غيرهم للفت الأنظار نحو الغرب. وكذلك كان أشخاص آخرون أقل منهم شهرة قد فعلوا الكثير لتطوير المنطقة نفسها. وأما تشارلز غودنايت مربي الأبقار العنيف، فقد ساعد في الاستيطان في مناطق تكساس. وجرانفيل ستيوارت في مونتانا وهو الرائد والمقاول الأمي الذي أصبح وزيرًا موفدًا إلى باراجواي وأروجواي من قِبَل الولايات المتحدة.

كان الغرب الأمريكي واعدًا للإيفاء باحتياجات القادمين الجدد من أوروبا وآلاف الأمريكيين غير الراضين عن حياتهم في الشرق، ذهب بعضهم إليه مجازفين، وذهب آخرون ليجدوا السعادة في الأودية الخضراء، أو بين الجبال الشاهقة، وكثيرون منهم بحثوا عن الثراء، ولكن قلة منهم كانوا محظوظين. وكان الغرب المكان الذي حارب فيه الهنود الأمريكيون دفاعًا عن أراضيهم، والمكان الذي تكثر فيه الحوادث، ويسود فيه العمل الشاق كنمط يومي مفروض على الجميع. لقد كانت الحياة في التخوم الغربية تبدو مضيئة إذا نظرنا إليها بمنظار اليوم، غير أن الذين استقروا هناك وجدوا الحياة شاقة وخطرة، بل ومملة أحيانًا.

بناء التخوم

مدن المناجم مثل مدينة فرجينيا كانت تعج بالحركة في ستينيات القرن التاسع عشر الميلادي وشكلت المدينة، وهي على ارتفاع 1,980مترًا في سييرّا نيفادا القريبة من جبل دافيدسن موقعًا لمعدني الذهب والفضة.
ظلت الأراضي الواقعة غربي نهر المسيسيبي ولسنين طويلة حدًا فاصلاً للاستيطان الأمريكي الذي اقتصر على آلاف قليلة من الوافدين الذين وصلوا إلى تكساس وكاليفورنيا في مستهل القرن التاسع عشر الميلادي. كانت الأراضي في الشرق ما زالت واسعة والمعاهدات التي أُبرمت مع الهنود تمنع البيض من الاستيطان في كثير من المناطق الغربية، غير أنه بعد عام 1850م كانت هناك أسباب عديدة، تدفع الناس إلى الانتشار نحو الغرب.

البحث عن الذهب والفضة:

اجتذب البحث عن الذهب والفضة آلافًا من المنقبين نحو الجبال الغربية على إثْر الاندفاع نحو كاليفورنيا سنة 1849م. وفي أول الأمر، أخذوا ينقبون في جبال سييرّا نيفادا شرقي ساكرامنتو، غير أنه كان من الصعب تعدين الذهب في هذه المنطقة بعد ذلك بسنين قليلة، لذلك تحرك المنقبون نحو الشرق بحثًا عن فرص أخرى أو اكتشافات أخرى، ووصلوا إلى أريزونا وكولورادو ونيفادا، وكان الاندفاع الأكبر الأخير نحو الذهب في بلاك هيلز بداكوتا الجنوبية في عامي 1874م و 1875م.

التقاء الشرق بالغرب:

لقد أدى الزخم الكبير للمنقبين إلى الحاجة إلى وسائل أفضل للنقل والمواصلات. وقد ظل آلاف المستوطنين بحاجة إلى تجهيزات، واحتاجت شركات التعدين إلى معدات ثقيلة لحفر خام المعدن ووسائل لنقله إلى المصاهر. وكانت نتيجة ذلك قيام بعض الشركات ببناء خطوط السكك الحديدية عبر القارة، وباشرت شركتان تنفيذ أول نظام للخطوط الحديدية في ستينيات القرن التاسع عشر الميلادي بدءًا من الشرق تحت اسم يونيون باسفيك مستخدمة عمالاً أيرلنديين. أما خط يونيون باسفيك الآتي من الغرب فقد استُخدم فيه آلاف من العمال الصينيين، والتقى الخطان في برومونتوري قرب أوجْدن في يوتا عام 1869م.

وبالاعتماد على خطوط السكك الحديدية في تزويد المستوطنين بالماء، لم يعد هؤلاء يخشون الصحارى الخالية من المياه أو الهنود المعادين لهم، كما أدى ظهور السكك الحديدية إلى انقراض الجاموس الأمريكي (البيسون) تقريبًا، حيث أخذت الملايين منه تجوب الأرض على امتداد المناطق الغربية. وقتل الصيادون معظمها للحصول على لحومها بالدرجة الأولى.

النمو السريع في أعداد الأبقار:

لقد بزغت فترة مملكة الأبقار مع ظهور السكك الحديدية، وبدأت بتربية الأبقار أولاً في تكساس الجنوبية، حيث أخذ الفلاحون يربون أبقارًا طويلة القرون أتوا بها من المكسيك ووسموها بعلامات تدل على مالكيها وحرسوها على ظهور الجياد. وبانتهاء الحرب الأهلية (1861 - 1865م)، ازدادت أعداد الأبقار، فأصبح باستطاعة مواطني الولايات الشمالية أن يبتاعوا لحوم البقر، ومن ثم بدأت مرحلة الاندفاع السريع أو الانتشار، عندما وجد مربو الأبقار أن باستطاعتهم بيع أبقارهم في الشرق إذا تمكنوا من نقلها عن طريق السكك الحديدية. وكان هناك طريق مناسب على امتداد تشيزهولم يربط جنوبي تكساس مع أبيلين في كنساس.

لم يدم هذا الوضع طويلاً، ففي سنة 1885م أدى تكاثر الأبقار إلى إلحاق الضرر بمربيها ؛ إذ كانت أعداد الأبقار تفوق طاقتهم على رعايتها، وجاءت العواصف القاسية في شتاء عامي 1886 ، 1887م لتعلن النهاية لمزيد منهم. وفي سلسلة من المعارك على المراعي حاول المربون إبعاد المستوطنين عنها، غير أن مرحلة المراعي المفتوحة كانت قد انتهت، وانتهت معها فترة النمو السريع للأبقار.

الزراعة في السهول الواسعة:

كانت هذه السهول قد اجتذبت قليلاً من المستوطنين قبل الحرب الأهلية، وساعدت التطورات الجديدة في سبعينيات القرن التاسع عشر الميلادي على توجيه المستوطنين نحو زراعة الأرض المعشوشبة. وكان ظهور الأسلاك الشائكة سنة 1873م قد عوَّض المزارعين عن إنشاء أسوار خشبية لمزارعهم، وحلت طواحين الهواء مشكلة الحصول على المياه الجوفية، وطبق الخبراء الزراعيون أساليب زراعية خاصة بالمناطق الجافة. ★ تَصَفح: الزراعة الجافة. باستخدام آلات مطورة، تمكن الزرَّاع من حرث مناطق واسعة. وهكذا فإن معظم مناطق الغرب كانت قد ازدحمت بحلول سنة 1890م بحيث ورد في إعلان حكومي أن عبارة تخم معين لم يعد لها وجود.

الحياة في التخوم

شكل الناس في التخوم الغربية خليطًا متنوعًا، فلقد تدفق الأمريكيون نحو الغرب من الساحل الشرقي ومن الغرب الأوسط ومن الجنوب. وكان معظم المستوطنين من الزرّاع عمالاً غير مهرة من الميكانيكيين وعمال المناجم وجنودًا سابقين. وكان من بينهم السود الذين ذاقوا الأمرَّين من التحيز ضدهم في الشرق والجنوب، كما أن الهنود قد وفروا الأيدي العاملة الرخيصة. اشتغل الباسك من فرنسا وأسبانيا برعي الأغنام، بينما اشترى الإسكندينافيون والأوروبيون الآخرون مزارع على السهول الواسعة، وجاء عمال المناجم من إنجلترا وويلز ليلتحقوا بالباحثين عن المعادن الثمينة. كما شارك الصينيون في تأسيس طرق السكك الحديدية، ثم انتقلوا إلى مخيمات المناجم، حيث باشروا أعمال غسيل الملابس وإنشاء المطاعم والحوانيت الصغيرة. كانت التخوم تتمتع بكفاءات متنوعة، فكان هناك وايات إيرب ضابط الأمن وصائد الجاموس وسائق عربة الجياد ومقامر، وهانك مونك سائق عربة الجياد الشهير الذي اشتغل كذلك في المناجم وركب الخيول الخاصة بنقل البريد السريع.

الطعام:

كان الطعام عادةً بسيطًا ؛ إذ كان الدقيق يستخدم في عمل البسكوت والخبز والكعك والفطائر. كانت الأطعمة الرئيسية الأخرى تتألف من الفاصوليا اليابسة ولحوم الطرائد كالجاموس والغزال والظبي وبقر الوحش ولحم الطيور، وكانوا يحفظون اللحوم كلحم البقر والخنزير واللحم المقدد أو الجاف، وكانوا قليلاً ما يتناولون الفواكه الطازجة أو الخضراوات أو منتجات الألبان. وحتى رعاة البقر لم يحلبوا الأبقار.

الملابس:

اقتضت الحاجة أن تكون الملابس عملية حيث كان معظمهم يلبسون ثيابًا بسيطة يومًا بعد يوم. فالرجال كانوا يلبسون أحذية من جلد البقر وسراويل صوفية فضفاضة وقمصان صوفية وستر وصدريات وقبعات من اللباد وبعضهم كانوا يلبسون الجوارب. وغالبًا ما كان المرء يلتفح بمنديل أحمر مطرز حول عنقه ليقيه من الغبار ومن البرد. وكانت النساء يلبسن قلنسوات تقيهن من الشمس وملابس من أقمشة قطنية بسيطة أو مخططة، وكان رعاة البقر يلبسون سراويل من الجلد لوقاية سيقانهم من الدَّغل. وكانت قبعاتهم المسماة سُمبريرو، تميَّز بجوانب عريضة لوقاية العينين، والجزء العلوي منها عميق بحيث يمنع سقوطها عن الرأس.

وكثير من الرجال في الغرب ـ ولاسيما الخارجون على القانون وضباط الأمن ـ كانوا يحملون الأسلحة وكانت أشيعها بنادق وينشستر ومسدسات كولت ذات الطلقات الست والمُدْية الغمدية. ★ تَصَفح: المدية الغمدية.

الترويح:

كان الترويح متنوعًا حسب مناطق التخوم ونوع المستوطنين. كانت الأسر الزراعية في السهول تتجمع للقيام برقصات وحضور حفلات الأعياد والحفلات المنزلية. وكانت مباريات الروديو في سوق الماشية تبرز فروسية رعاة البقر ومهاراتهم الأخرى. ★ تَصَفح: الروديو.

الديانة:

كانت الدِّيانة تُمارس في التخوم الغربية حتى قبل أن يصل إليها معظم المستوطنين، ففي أوائل القرن التاسع عشر الميلادي جاءت إليها الإرساليات الكاثوليكية والبروتستانتية، وتوغلت في الغرب على يد كل من الأب بيير دي سميه وماركوس ويتمان اللذين حرصا على تنصير الهنود.

إلا أن الاستيطان الجديد قد واصل نموه دون إرساليات تنصيرية، وكان الناس يعتمدون على الوعاظ المتجولين الذين كانوا يسمونهم المنصرين الجوالين للقيام بالخدمات الدينية. وكان هؤلاء يتجولون بصورة منتظمة وعندما يصل أحدهم إلى إحدى البلدان يبدأ بإلقاء المواعظ، ويجري مراسيم الزواج والتعميد والواجبات الأخرى للذين انتظروا قدومه منذ أسابيع. وقد قام هؤلاء المنصرون الجوالون بإنشاء مدارس الأحد، وعقدوا اجتماعات في مخيمات صيفية.

مدن التخوم:

بزغت هذه المدن بشكل مفاجئ تقريبًا. وقد ذكر أحد الوافدين المبكرين إلى بوفارد في نيفادا كيف أنه مرّ خلال البلدة صباحًا ولاحظ وجود أربع أو خمس خيام، وعندما عاد بعد الظهر كان شارع البلدة، قد امتد إلى 1,5كم، وكانت البلدة تعج بحركة تعامل صاخبة في خيام على امتداد الشارع.

كانت معظم البلدات في التخوم محرومة من وسائل الراحة ؛ فكثيرًا ما كان عمال المناجم ينامون في العراء أثناء الصيف، ويقضون الشتاء في أكواخ بسيطة يبنونها من جذوع الأشجار. وقد تكون لديهم خيمة أو يشيدون لأنفسهم ملجأ من الصخور والزجاجات الفارغة أو صناديق التعبئة، والأثاث كان بسيطًا وغالبًا ما كان يصنع في البيت.

أبقار تكساس اللنجهورن (طويلة القرون) حيوانات جريئة وعنيفة وقد أدخلها إلى أمريكا مربو الأبقار الأسبان ووسموها أو ثلموا آذانها ليسهل التعرف عليها.

حظائر الأبقار:

كانت هذه الحظائر تتألف من أبنية بسيطة وقليلة مقسمة إلى أجزاء ومحاطة بسياج عال من الأوتاد والأعمدة والأرض المعشوشبة المفتوحة التي تؤلف المرعى.

كان مربو الأبقار يتركون أبقارهم ترعى في الأرض المفتوحة، لذلك فإنهم كانوا يحتاجون إلى أبنية قليلة بلا أسيجة، ولكنهم كانوا بحاجة إلى رعاة لكي يسوقوا الحيوانات خلال الربيع إلى المراعي الغنية على الجبال. ★ تَصَفح: راعي البقر ؛ تربية المواشي.

المزارع:

كانت المزارع على نقيض حظائر المواشي تعتمد على التربة. وقد قام الفلاحون بزراعة الحبوب وبخاصة القمح، وكانت الجنادب والرياح الساخنة والحرائق تجعل الحياة صعبة على المستوطنين الذين استقروا في السهول، كما أضرّ بهم مربو المواشي الذين كانوا يبغضون الأسلاك الشائكة التي حدت من الأراضي المفتوحة. ثم جاءت المعارك الدموية في حرب الأراضي أو ما سمي بحرب الأسلاك الشائكة التي تلتها، وقام المزارعون بإنشاء الأسيجة في مواقع الري وفي الممرات الضيقة، بينما قطع مربو المواشي الأسلاك. وفي النهاية تغلبت الأسلاك الشائكة، وانتشرت المزارع بصورة أسرع وإلى مسافات أبعد على الأرض المعشوشبة الغنية في السهول الواسعة.

النقل والاتصالات

الخطوط الحديدية ساعدت في فتح غربي أمريكا. وهذا القطار كان يعمل على خط فرجينيا ـ تراكي في نيفادا.

النقل:

اختلف النقل باختلاف المواقع والوسائل المتوافرة. وإلى حين ظهور السكك الحديدية كان السفر بطيئاً دائمًا وغير مريح، وكثيرًا ما كان ينطوي على خطورة وكانت الطرق قليلة وسيئة.

كان معظم الناس يسافرون في عربات تجرها الجياد، يغمرهم الغبار في الصيف، ويرتجفون من البرد في الشتاء. وكانوا يحاولون النوم على المقاعد الصلبة. وكانت توجد محطات للاستراحة كل 16كم في الطريق، يتزود فيها الركاب والخيول بالطعام. وقد واجه المسافرون خطرًا دائمًا من هجمات الهنود ومن الجو القاسي. وكان سفر الشخص بمفرده ينطوي على خطورة أكبر، والمتعجلون كانوا يسافرون على جيادهم وكان الذين يسافرون مع أسرهم يستخدمون العربات.

كانت قوافل العربات أفضل وسيلة لنقل البضائع قبل إنشاء السكك الحديدية، وكان من بينها نحو 25 عربة ثقيلة بعجلات مرتفعة يجر كل واحدة منها من ستة إلى عشرين ثورًا أو بغلاً ويسمونها بلواكار أو سائقي البغال الذين كانوا يقودون تلك العربات ويحرسون حمولتها، كما استخدم الناس في التخوم الغربية الحمير والبغال لنقل البضائع، واستخدم بعضهم الجمال التي استوردوها من آسيا نظرًا لتحملها العيش في الصحراء.

الاتصالات:

كانت الأخبار تنتقل ببطء وتُرسل عن طريق المركبات التي تجرها الجياد وتُستخدم في الأسفار وكان بريد الخيول السريع ينقل البريد بين سانت جوزيف في ميسوري وساكرامنتو في كاليفورنيا، وتبلغ المسافة بينهما 3,200كم. لقد بدأ هذا النظام في شهر أبريل من عام 1860م إلا أنه توقف بعد مرور 19 شهرًا فقط، حين وصل نظام البرق إلى كاليفورنيا في أكتوبر من عام 1861م. ★ تَصَفح: بريد الخيول السريع.

القانون والنظام

لقد عاشت أسر المزارعين على التخوم الغربية في جو هادئ، غير أن الجرائم كانت قد عكرت صفو مخيمات المناجم ومدن الأبقار، وظل الغرب بعيدًا عن الغرب الهائج الذي صوروه في الأسطورة والقصة.

الجريمة:

كانت الجريمة تنجم عادة عن الإغراء الذي يولده الذهب والفضة ؛ إذ إن أصحاب المناجم كانوا يحصلون على نصيب وافر منها، ويزدادون ثراءً، لذا كانوا يحتفلون بتلك المناسبة عن طريق السُكر، فيُعتدى عليهم أو يسلبون أو يغشونهم في ألعاب القمار. وقد شجع الذهب والفضة بعض العصابات على الادعاء بأن ملكية منجم معين تعود إلى أشخاص آخرين غير مالكيها الفعليين، وظهر محتالون يغشون الناس ببيعهم بعض الخامات التي لا تساوي شيئًا، أو يضعون فيها قليلاً من الخامات الجيدة بغية ذر الرماد في العيون.

كذلك فإن الخيول والأبقار والأغنام كانت تشكل إغراء للصوص ومنتهكي القوانين، وكان لصوص الأبقار يسرقونها ويغيِّرون الشارات الموسومة بها.

وكان الخارجون على القانون عادة يعملون معًا في هيئة عصابات كالتي كان يقودها هنري بلامر والإخوة يونج وفتيان دالتون وفرانك وجسيّ جيمس، إذ كانوا يسطون على المصارف والقطارات وعربات السفر في مناطق شاسعة، وقد قُضي على هؤلاء المجرمين تدريجيًا إما بقتلهم أو شنقهم.

تنفيذ القانون:

عندما كان بعض الأمريكيين يستقرون في مناطق غير منظمة في الغرب الأقصى فإنهم كانوا يأتون بقوانينهم التي كانوا يطبقونها في مناطقهم السابقة، غير أن هذه القوانين لم تكن تأخذ في الاعتبار الأوضاع الجديدة مثل سرقة الأبقار. ومن المعلوم أنه حتى وإن كانت بعض القوانين مناسبة لمجتمع ما، فإنها قد تواجه بعض الصعوبات في تنفيذها. لكن وجود مواطنين ملتزمين بالقانون أدى في نهاية الأمر إلى سيادة القانون والنظام. واتضح للناس في الغرب أن منفذي القانون أناس ليسوا أقل شجاعة من مخالفيه. وقد خدم بعضهم ُعمدًا اتحاديين. كما ساعد الحراس الجوالون في تكساس في فرض القانون وإقرار النظام. ★ تَصَفح: تكساس رينجرز. وقد قدم مواطنو مدن التخوم مساعدة أخرى لحل مشكلة تنفيذ القانون ؛ فقد انخرطوا في مجموعات لجان الأمن الأهلية للقبض على المجرمين ومعاقبتهم. ★ تَصَفح: الفيجيلانت .

الحروب الهندية:

كانت هذه الحروب قد عكَّرت صفو منطقة التخوم الغربية لسنوات عدة. وكانت حكومة الولايات المتحدة قد حجزت مناطق واسعة لصالح الهنود، غير أن المتعطشين للأرض من المستوطنين كانوا قد دخلوا إلى هذه المناطق، وحاولت الجهات الحكومية المحافظة على الهنود وتطبيق القانون على الجميع. غير أن الجنود الذين كانوا قد وُضعوا في نحو مائة نقطة عسكرية في سائر أنحاء الغرب وافقوا كثيرًا من المهاجرين في رأيهم بأن الهنود المسالمين هم الهنود الميتون.

تقليد أمريكي

جِسِّي جيمس قَتَل، كما تقول إحدى الأساطير الغنائية، رجالاً كثيرين، كما أنه سطا على قطار الجلينديل. وكان هو وأفراد عصابته قد روعوا منطقة نهر ميسوري لعدة سنوات. وهذه الصورة رسم لمنظر رسمه توماس هارت بنتون. وهو جزء من رسم على الحائط في مبنى الكابيتول بمدينة جيفرسون.
اختفت الحدود الآن وأصبحت معظم معسكرات المناجم مدن أشباح خالية. وتغيرت بعض النواحي التي استقرت فيها بعض الجماعات إلى مجموعات يعمها السلام والأمن. وأصبحت المدن مثل: دنفر وكولورادو وسولت ليك ويوتا تقوم الآن في أماكن كانت من قبل مواقع ضرب فيها المهاجرون خيامهم. غير أن الحياة التي ظهرت في الحدود الغربية خلَّفت تقاليد أمريكية راسخة. وقبل أن يقوم بفلو بيل بتقديم عرضه الفني المسمَّى معرض الغرب الهائج في عام 1883م فإن الحدود الأمريكية الغربية كانت قد استولت على قلوب الناس في أماكن أخرى كثيرة من العالم. وما زالت هناك كميات من الكتب والقصص والرسومات والأغاني والمسرحيات و الأفلام تتدفق، مصورة ذلك الغرب العتيق، وكأنما هي نهر لا انقطاع له. وقد ظهر حتى الآن أكثر من 450 مؤلفًا عن بيلي الغلام، وقد احتوت هذه المؤلفات على قصائد وقصص طويلة ومسرحيات وباليهات وأفلام. كذلك فإن الغرب كان له تراثه الشعبي، الذي انبثق من واقعه بأبطاله من أمثال: بيكوس بيل الذي علَّم رعاة البقر كل ما يعرفون وكما علموا برونكو أو الجواد الأمريكي كيف يطيح على الأرض. ★ تَصَفح: البرونكو، حصان.

الأدب:

معظم ما كُتب عن الغرب في هذه الفترة، كتبه رجال كانوا قد شاركوا في تطويره. وكان كتاب مارك توين بعنوان العيش بتقشف قد أصبح من روائع الغرب. وكانت القصص القصيرة لبريت هارت وقصائد جواكيم ميلر قد وجدت كثيرًا من المعجبين لا في الولايات المتحدة فحسب ولكن في أوروبا أيضًا. وكانت رواية أوين ويستر عن الغرب بعنوان الفيرجيني قد جذبت الكثير من الاهتمام. وقدم أندي آدمز وهو من رعاة البقر صورة أصدق عن حياة الرعي في روايته يوميات راعي بقر.

الموسيقى:

كانت موسيقى الغرب الأمريكي أشبه ما تكون بالأدب، فقد كانت شعبية بشكل رئيسي أكثر منها جدية. ومن بين الأغاني المشهورة رحلة ممر تشيشولم والبراري الطويلة وشوارع لاريدو، وكثير من هذا الشعر الغنائي تولد من التراث الإنجليزي أو الأسباني ؛ إذ كان رعاة البقر يتغنون بتلك الأغاني لتهدئة الأبقار أو لملء ساعات الفراغ الطويلة التي تتسم بالوحدة والملل.

ومن بين قطع الموسيقى الجادة التي لها مساس بحياة الغرب الأمريكي أوبرا جياكومو بوتشيني المسماة فتاة الغرب الذهبي. وباليه آرون كوبلاند بعنوان بيلي الغلام والروديو، وقصيدة فيردي جروفس المسماة جراند كانيون سويت، وباليه هيرشلي كي السيمفونية الغربية. ومن بين أكثر المسرحيات الأمريكية شعبية مسرحية أوكلاهوما لمؤلفها ريتشارد رودجرز وأوسكار همرشتاين الثاني، وهي تتحدث عن كيفية دخول رعاة البقر في صراعات مع الزراع.

الفن:

كان لون مناظر الغرب، ونشاط الخيول وهي تعدو، والبقر المندفع هاربًا، والرجال الذين اخشوشنت حياتهم، كل هذه الأشياء وجدت صدىً طيبًا لدى كثير من الفنانين الرسامين. وقد رسم فردريك رمنجتون أشهر الرسامين أكثر من 2,700 صورة للغرب الأمريكي. وهناك رسامون آخرون كثيرون، من بينهم توماس هارت بنتون وجورجيا أوكيف قد اتخذوا الغرب الأمريكي خلفيات لرسومهم.

الترويح:

جعلت الأفلام السينمائية والتلفاز حياة الغرب الأمريكي أمرًا مألوفًا لدى الناس في كل مكان في المغامرات الغربية. وقد أصبح فيلم الرجل الأسكواو ـ ذلك الفيلم الذي أُنتج في هوليوود وهو من الأفلام الطويلة جدًا، بداية لاتجاه من هذا القبيل استمر حتى اليوم. وأصبح وليم س. هارت الذي كان يمثل راعي بقر بمسدسين بطلاً قوميًا. ومن بين رعاة البقر في الشاشة الذين كسبوا إعجاب الناس: الممثل بك جونز وتوم ميكس، وروي روجرز وجون واين ووليم بويد الذي مثل في أول فيلم يدعى هو بالونج كاسيدي في سنة 1934م. وكانت بعض الأفلام الغربية مثل العربة ومنتصف النهار قد نجحت نجاحًا كبيرًا. وكان أبطال الروديو، خاصة في الولايات المتحدة الغربية، إنما يمثلون رعاة البقر الذين يركبون خيول البرونكو الهائجة والبقر الوحشي. ويقضي آلاف الناس في الولايات المتحدة إجازاتهم في مزارع ركوب الخيل، وهم يلبسون ملابس رعاة البقر في مواقف يحاولون بها أن يعيدوا الحقب الماضية إلى الحاضر.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية