بريد الخيول السريع ( Pony express )
بريد الخيول السريع يستبدل الفارس جواده ليبدأ رحلة أخرى حاملاً البريد عبر الغرب الأمريكي. صور الفنان الأمريكي فريدريك رينجتون هذا المشهد في لوحته رحلة الذهاب والإياب لبريد الخيول السريع. |
وفي أوائل عام 1860م، اتفق السناتور وليم م. جوين من كاليفورنيا ووليم هـ.رسل، وهو رجل أعمال من ميسوري، على إنشاء خدمة بريد سريع بين سان خوزيه والساحل الغربي. وكانت سان خوزيه آنذاك أقصى محطة وصول في الغرب لشبكة السكك الحديدية الأمريكية. وساندت شركة رسل العملاقة للشحن (رسل وميجورز ووادل) المشروع.
وجمع رسل وشركاؤه نحو 400 من الخيول السريعة واستأجروا نحو 80 خيالاً، وأقاموا 190 محطةً لبريد الخيول السريعة. وكانت المسافة بين كلٍّ محطتين تتراوح بين 16 و 24 كم. وكان طريق البريد السريع يمر بمحاذاة نهر بلات فيما يُعرف الآن بنبراسكا، وصولاً إلى ساوث باس وفورت بريدجر، وكلتاهما الآن في ولاية ويومينج. ثم ينعطف المسار جنوبًا إلى بحيرة سولت ليك الكبرى. ويتجه المسار غربًا من مدينة سولت ليك سيتي في يوتا، عبر صحراء مِلحِة إلى سيرا نيفادا. وقام بريد الخيول السريع بأول عملية نقل له في 3 أبريل 1860م. وفي البداية كان الرسم البريدي 5 دولارات لإرسال بريد يزن 14 جرامًا. وانخفض هذا الرسم إلى دولار واحد لنفس الوزن. وكان الشباب خفيفو الوزن فقط هم من يقودون الخيل في هذا النظام البريدي، والعديد منهم في سن المراهقة. وكان يوم العمل يتكون من رحلة لمسافة 120كم أو أكثر. ويمتطي الخيَّال حصانًا بديلاً في كل محطة من المحطات الواقعة على المسار، وكان ينتهي يوم عمله لدى وصوله إلى المحطة الواقعة في بلده حيث يقوم خيال آخر بالحلول محله في الرحلة. وكان الخيَّالة التابعون لبريد الخيول السريع يتقاضون أجرًا تراوح بين 100و150 دولارًا أمريكيًا في الشهر.
كان الخيَّال يحمل البريد في خُرْج صُمِّم خصيصًا لهذا الغرض ؛ حيث يستقر الخُرْج فوق السرج ولا يثبته في مكانه سوى وزن الخيال نفسه. كان الخيَّال يستطيع تغيير الحصان في غضون دقيقتين فقط تقريبًا.
وفي العادة كان هذا النظام ينقل البريد بمعدل أكثر من 320كم في اليوم. وحدثت أسرع عملية نقل بريدي بين سان خوزيه وساكرامنتو في مارس 1861م. ففي ذلك الشهر وصلت نسخة من أول خطاب يلقيه الرئيس أبراهام لنكولن أمام الكونجرس إلى ساكرامنتو بعد سبعة أيام و 17 ساعة فقط من مغادرتها سان خوزيه.
وكان هذا النظام البريدي يعمل ليلاً ونهارًا حيث باشر الخيَّالة عملهم في مختلف أنواع الطقس وتعرضوا لخطر الهجمات الهندية. وكان معظم الخيالة يحملون زوجًا من المسدسات وسكينًا. وقد لَقيَ خيّال واحد فقط مصرعه على أيدي الهنود طوال تاريخ نظام بريد الخيول السريع.
ووضع نظام البرق عبر القارة حدًا للحاجة الأساسية لنظام بريد الخيول السريع. وتم افتتاح الخدمة البرقية في 24 أكتوبر 1861م، وأُلغي بريد الخيول السريع بعد يومين من ذلك التاريخ. وخسرت شركة رسل للشحن أكثر من 100 ألف دولار أمريكي في تأسيس بريد الخيول السريع.
بريد الخيول السريع يستبدل الفارس جواده ليبدأ رحلة أخرى حاملاً البريد عبر الغرب الأمريكي. صور الفنان الأمريكي فريدريك رينجتون هذا المشهد في لوحته رحلة الذهاب والإياب لبريد الخيول السريع.