الرئيسيةبحث

بولندا ( Poland )



بولندا تتميز بريفها الجميل وجبالها الوعرة التي ترتفع عاليًا في الجنوب (إلى اليمين). وقد أدى التطور المطرد في مختلف الصناعات منذ منتصف القرن العشرين إلى هجرة الكثير من البولنديين من الأرياف إلى المدن مثل وارسو (إلى اليسار) ويعيش الآن حوالي ثلاثة أخماس البولنديين في المدن.
بولندا دولة واسعة، تقع في وسط أوروبا. وعاصمتها وارسو، وهي أكبر مدنها. جاءت تسمية بولندا من كلمة بولين، وهي اسم لإحدى القبائل السلافية التي عاشت قبل أكثر من ألف عام في المنطقة المسماة حاليًا بولندا. تغطي معظم الأراضي البولندية سهول واسعة وتلال منخفضة. وتشكل الجبال الوعرة جزءًا من حدودها الجنوبية، كما توجد آلاف البحيرات الصغيرة في المنطقة الشمالية من البلاد.

يتميز الشعب البولندي بتراث غني من التقاليد والأعراف، غير أن القرن العشرين الميلادي جاء بتغييرات كثيرة أدت إلى اختفاء بعض العادات القديمة من حياة البولنديين اليومية.

تطورت بولندا إلى دولة صناعية رئيسية، ولذا يعيش حوالي 62% من سكانها داخل المدن. ولبولندا تاريخ طويل متنوع الملامح ؛ إذ كانت تحكم في يوم من الأيام إمبراطورية تمتد إلى معظم وسط أوروبا، غير أن القوى الأجنبية تغلبت على بولندا وحرمتها من تأسيس دولة مستقلة بذاتها. وبعد حكم أجنبي دام أكثر من قرن أصبحت بولندا دولة مستقلة سنة 1918م، ثم أصبحت دولة شيوعية في منتصف الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي. وقد أثمرت الاحتجاجات على حكم الشيوعيين فعادت بولندا إلى الحكم الديمقراطي منذ عام 1989م، ومن ثم زالت المعوقات التي كانت تقيد حرية البولنديين.

نظام الحكم

أيقونة تكبير الخريطة السياسية لبولندا
نص الدستور البولندي الذي أصبح نافذاً عام 1997م على أن بولندا جمهورية. وتتكون الجمعية الوطنية (البرلمان) من مجلسين هما: مجلس النواب ويسمى سجم، ويتألف من 460 عضواً، ومجلس الشيوخ ويتألف من 100 عضو. ويتم انتخاب أعضاء المجلسين لفترة أربع سنوات. وواجب المجلسين تشريع القوانين، والإشراف على الأقسام الأخرى للحكومة.

ورئيس الجمهورية هو رأس الدولة، وتتضمن سلطاته: إعلان حالة الطوارئ ورفض القوانين التي يسنها البرلمان ونقضها، بل إن الرئيس يمكنه حل البرلمان نفسه. ويتم انتخاب الرئيس لفترة خمس سنوات. يعين مجلس النواب رئيس وأعضاء مجلس الوزراء الذي يضطلع بتصريف شؤون الحكومة. ورئيس الوزراء هو رئيس الحكومة.

الحكومة المحلية:

تنقسم بولندا إلى 16 منطقة، يتولى إدارة كل منطقة حاكم (فويفود) يعينه رئيس الوزراء. وتنقسم كل منطقة إلى محافظات، وتنقسم هذه المحافظات بدورها إلى مجتمعات. ولكل منطقة ومحافظة ومجتمع مجلس منتخب.

السياسة:

ببولندا عدة أحزاب سياسية منها: حزب التحالف الديمقراطي اليساري، والاتحاد الحر، وحزب الفلاحين البولندي، وحزب التضامن (نقابات العمال). ينادي الاتحاد الحر والتضامن بترسيخ نظام اقتصاد السوق الحر في بولندا، بينما يرى التحالف الديمقراطي، وهو حزب شيوعي، ضرورة سيطرة الحكومة على اقتصاد البلاد. أما حزب الفلاحين البولندي فإنه يسعى إلى إجراء إصلاحات زراعية تساعد صغار الملاك. ويرى الحزب أن على بولندا ألا تتعجل تطبيق نظام اقتصاد السوق الحر.

المحاكم:

تعتبر المحكمة العليا أعلى سلطة قضائية في بولندا. ويعين مجلس الدولة قضاة المحكمة العليا لفترة خمس سنوات. ويشتمل النظام القضائي أيضاً على محاكم المحافظات ومحاكم الأرياف.

القوات المسلحة:

يبلغ عدد الأفراد العاملين بالجيش البولندي والبحرية والقوات الجوية نحو 240,000 فرد. يؤدي كل من بلغ التاسعة عشر من عمره، من الرجال، الخدمة العسكرية لفترة 18 شهراً.

السكان

عدد السكان والأصول:

يبلغ عدد سكان بولندا حوالي 39 مليونًا، ويؤلف البولنديون 98% من مجموعهم. وهم من سلالة القبائل السلافية التي استقرت على ضفاف نهري فيستولا ووارتا قبل آلاف السنين. ويعود أصل اللغة إلى التشيكية واللغات السلافية الأخرى. ويشكل الألمان والأوكرانيون والروس البيض الأقليات الموجودة في بولندا.

تُعَدُّ وارسو المدينة الوحيدة في بولندا التي يربو عدد سكانها على مليون نسمة، وتأتي بعدها كراكو ولودز، إذ يبلغ عدد سكان كل منهما حوالي 700 ألف نسمة.

أنماط المعيشة:

كان معظم البولنديين قبل الحرب العالمية الثانية يعتمدون على الزراعة، وقد تبدلت الأوضاع بعد الحرب، فأصبحت بولندا دولة صناعية، وانتقل كثير من الناس من الأرياف إلى المدن، واشتغلوا فيها. وتعيش معظم الأسر البولندية في مساكن بسيطة مؤلفة من غرفتين أو أكواخ صغيرة من الآجر أو الخشب تؤلف مساكن أهل الريف. ويتناول البولنديون أنواعًا متعددة من حساء الخضراوات والفواكه والحلويات وغيرها، ولا سيما في الأعياد. لقد اختفى الكثير من العادات والتقاليد القديمة ؛ فمثلاً نجد أن الأزياء القديمة لا تلبس إلا في المناسبات.

الدين:

يدين معظم البولنديين بالنصرانية التي دخلت البلاد في أواسط القرن العاشر الميلادي، وهم ينتمون إلى الكنيسة الرومانية الكاثوليكية التي ظلوا مخلصين لها رغم أن معظم جيرانهم من البروتستانت أو الأرثوذوكس. حاول الزعماء الشيوعيون العمل على إزالة أثر الكنيسة على البولنديين، إلا أنهم فشلوا في مسعاهم. وقد تخلت الحكومة بعد عام 1956م عن معظم سياساتها التي كانت موجهة ضد الكنيسة.

التعليم:

للبولنديين تقاليد عريقة في الاهتمام بالتعليم. وأسهم العلماء البولنديون أمثال كوبرنيكوس بقسط كبير في مجال العلوم. وأول جامعة أنشئت في بولندا كانت في كراكو سنة 1364م وتسمى حاليًا بجامعة ياقللونيان. وأنشئت أول وزارة للتعليم في السبعينيات من القرن الثامن عشر الميلادي، ويستطيع حاليًا 98% من البولنديين الذين بلغوا الخامسة عشرة من أعمارهم القراءة والكتابة. وأكثر التلاميذ يتعلمون في المدارس الحكومية مجانًا ويتوافر لهم التعليم المهني بعد الدراسة الابتدائية. كما توجد عشر جامعات فضلاً عن العديد من المعاهد الفنية المختلفة.

الفنون:

نبغ العديد من الفنانين الممتازين في بولندا من بينهم أدباء وموسيقيون، ومن بين الأدباء المعروفين في القرن التاسع عشر الميلادي الكاتب المسرحي ستانيسلاف فيشبينسكي والشاعر آدم ميكيفتش والروائي هنريك سنكيفتش الذي حصل على جائزة نوبل للأدب سنة 1905م. كما حصل الروائي فلاديسلاف ريمونت على جائزة نوبل لعام 1924م عن روايته: الفلاحون، وحصل الشاعر البولندي زيسلاو ميلوسي على جائزة نوبل للأدب سنة 1980م.

كان الحزب الشيوعي البولندي خلال حكمه منذ أواخر الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي، يمنع أية أنشطة ثقافية لا تخدم أغراضه، غير أن حملة من الاحتجاجات ضد سياسة الحكومة بدءًا من سنة 1950م إلى 1980م أدت إلى بعض النمو في حرية الفكر. وتشجع الحكومة حاليًا حماية التراث التقليدي والفنون بأنواعها.

السطح والمناخ

النزهات الخلوية وضرب الخيام يعدان من الأعمال الترويحية المحبوبة في بولندا.

الأقاليم:

يختلف مناخ بولندا وطبيعة أرضها باختلاف المناطق السبع التي تتألف منها، وهي: الأراضي الساحلية المنخفضة، التي تشكل شريطًا ضيقًا على امتداد ساحل بحر البلطيق في شمالي البلاد. وتؤلف الشواطئ الرملية جانبًا كبيرًا من خط الساحل الممهد وتقع فيه موانئ طبيعية مثل غدانسك وغدينيا وأستشتسين وهي المدن الرئيسية الثلاث الواقعة في الأراضي المنخفضة. وإقليم البلطيق الذي تغطيه آلاف البحيرات الصغيرة والغابات، ويؤلف الجزء الأكبر من شمالي بولندا، ومعظم هذه المنطقة لا يصلح للزراعة بالرغم من وجود بعض مزارع البطاطس والجاودار. والحراجة (صناعة الأخشاب) هي أهم صناعات هذه المنطقة. ومناطق البحيرات قليلة السكان وتعتبر مناطق شعبية لقضاء العطلات والتخييم والتمتع بصيد السمك. وإقليم السهول الوسطى على امتداد عرض البلاد يشكل المناطق الزراعية الرئيسية في بولندا بالرغم من وجود مناطق أخرى أغنى تربة. وتزرع في هذه السهول منتجات زراعية متنوعة من بطاطس وجاودار وبنجر السكر ومحاصيل زراعية أخرى. وتقع في هذا الإقليم مدن بولندية مهمة مثل وارسو وبوزنان وروكلاو. ثم تأتي الأراضي المرتفعة البولندية التي تشمل: التلال، والجبال المنخفضة، والنجود التي ترتفع في جنوبي إقليم السهول. وهي أكثر ازدحامًا بالسكان، وتزخر بالمصادر المعدنية وبتربة زراعية غنية. وتأتي بعد ذلك الأرض السهلية الأمامية المحاطة بفروع نهري فيستولا وسان في الجنوب، وهي أيضًا منطقة ذات كثافة سكانية عالية، وقد تطورت فيها صناعة الحديد والفولاذ، وخاصة حول مدينة كراكو التي تشكل أهم مركز صناعي في الإقليم.


التلال المتموجة الهادئة تغطي جانبًا كبيرًا من جنوبي بولندا.
وهناك منطقة جبال السوديت في الجنوب الغربي التي تغطي ذراها الغابات، وتنتشر مصانع النسيج في المدن الصغيرة والبلدان الواقعة ضمن الإقليم. أما منطقة جبال الكربات الغربية فإنها تشكل أقصى جنوب بولندا وتنتشر فيها بلدات وقرى صغيرة، وتكثر فيها الدببة والقطط البرية وحيوانات أخرى تعيش في الغابات الجبلية الكثيفة، وفيها عدد من الحدائق الوطنية.

الأنهار والقنوات:

تشكل الأنهار والقنوات شبكة من الطرق المائية في بولندا. وأطول الأنهار هو نهر فيستولا الذي يقطع مسافة 1,016كم من جبال كارباثيان إلى مصبه في بحر البلطيق. كما توجد بعض الأنهار الأخرى. ويختلف المناخ بين إقليم وآخر ؛ فاعتدال الجو في الساحل تقابله البرودة في مناطق الجبال، ويتراوح معدل الحرارة السنوي بين 3°م ودرجة مئوية واحدة في شهر يناير و23°م في شهر يوليو.


الاقتصاد

كان الاقتصاد البولندي قبل الحرب العالمية الثانية يعتمد على الزراعة، أما بعدها فقد تطورت الصناعات. وتشغل الصناعات 24% من القوى العاملة حاليًا، بينما تستخدم الزراعة 23% من تلك القوى.


إنتاج الأنشطة الاقتصادية والقوى العاملة

الأنشطة الاقتصاديةالنسبة المئوية
للناتج الوطني
الإجمالي
العمال المستخدمون
عددهم
العمال المستخدمون
النسبة إلى
الإجمالي
التصنيع والتعدين 26 3,570,00034
التجارة222,202,000 14
التمويل والتأمين 11752,000 5
الحكومة 10 1,722,00011
خدمة المجتمع والخدمات
الشخصية والاجتماعية
8 1,597,000 10
الإنشاء81,003,000 7
الزراعة والغابات63,117,000 21
النقل والاتصالات6936,000 6
المرافق العامة 3273,0002
المجموع 100 15,172,000 100

الأرقام لعام 1997م,
المصدر:صندوق النقد الدولي ومكتب العمل الدولي,

الموارد الطبيعية:

يؤلف الفحم الحجري أهم مصدر طبيعي في بولندا. ويعتبر الإقليم الجنوبي فيها من أغنى الحقول في العالم. كذلك يوجد معدن النحاس والرصاص والفضة والكبريت والزنك.

الصناعات الثقيلة كإنتاج الحديد والفولاذ تشكل الجانب الأكبر من الناتج الصناعي البولندي. وتؤلف صناعة الفولاذ المبينة أعلاه جانبًا من مجمع صناعي تم تطويره حول مدينة كراكاو بعد الحرب العالمية الثانية.

التصنيع:

تمتلك الحكومة 90% من الصناعات والباقي يعود إلى أشخاص وإلى تعاونيات. وقد بدأت الحكومة الجديدة في سنة 1990م في تطبيق برنامج يرمي إلى بيع الصناعات الحكومية إلى القطاع الخاص. وأهم المصانع الموجودة مصانع المواد الكيميائية والمنتجات الغذائية والحديد والفولاذ والآلات، والسفن ومصانع النسيج. أما المنتجات الزراعية فإنها تشتمل على الحبوب كالشعير والقمح وبنجر السكر وتربية الماشية في الأراضي المرتفعة بوجه خاص.

الزراعة:

بولندا من الأقطار الرئيسية المنتجة للبطاطس والجاودار. والمحاصيل المهمة الأخرى هي الشعير وبنجر السكر والقمح. ويقوم البولنديون بتربية الماشية والأغنام ولاسيما في أقاليم التلال الواقعة في الجنوب. وعندما بدأ الشيوعيون السيطرة على كثير من المزارع أجبروا الفلاحين على ترك حقولهم والالتحاق بالمزارع الجماعية التي كانت تديرها الحكومة. وعلى أثر مقاومة الفلاحين انتهى العمل بنظام المزارع الجماعية أثناء الخمسينيات. وفي الوقت الحاضر تشكل المزارع الخاصة حوالي 80% من مجموع الأراضي الزراعية. وتؤلف المزارع الجماعية 5% فقط في تلك الأراضي، ويبلغ معدل مساحة المزارع الخاصة حوالي خمسة هكتارات.

الصناعات الخدمية:

تشتمل على نشاطات اقتصادية مختلفة، كالتعليم والهندسة والرعاية الصحية.ويعمل بالتجارة أكبر عدد من العاملين بعد الصناعات الخدمية.

الناتج الوطني الإجمالي هو قيمة السلع و الخدمات المنتجة في بلد ما في سنة واحدة. وقد بلغ الناتج الوطني الإجمالي لبولندا 135,623,000 دولار أمريكي سنة 1997م.

النقل والاتصالات:

من الصناعات الخدمية الأخرى النقل والاتصالات والشؤون المالية والتأمين. وتربط خطوط السكك الحديدية بين معظم المدن والقرى، وهي وسيلة الانتقال الرئيسية في البلاد. ولبولندا نظام دقيق للطرق، وأهم الموانئ غدانسك وغدينيا. والخطوط الجوية البولندية هي المؤسسة البولندية الوحيدة التي تعمل داخل البلاد وخارجها.

تصدر في بولندا 40 صحيفة يومية. ويصل معدل امتلاك أجهزة المذياع إلى جهاز واحد لكل شخص، وجهاز تلفاز لكل أربعة أشخاص.

التجارة الخارجية:

تتم بالدرجة الأولى مع دول أوروبا الغربية مثل ألمانيا وإنجلترا، وأهم صادراتها الفحم الحجري والسفن، وتشمل وارداتها النفط وخام الحديد.

نبذة تاريخية

التجزئة الأولى سنة 1772م خسرت فيها بولندا حوالي ثلث أراضيها، إذ استولت عليها الدول المجاورة: النمسا وبروسيا وروسيا.
التجزئة الثانية سنة 1793م حصلت فيها روسيا على معظم أقاليم لتوانيا وأوكرانيا في الجزء الشرقي من بولندا، وحصلت بروسيا على معظم بولندا الغربية.
التجزئة الثالثة سنة 1795م احتلت فيها بروسيا وروسيا البقية الباقية من بولندا، ولم تعد بولندا قطرًا مستقلاً.
ربما عاشت القبائل السلافية في بولندا منذ ألفي عام قبل الميلاد. وخلال القرن التاسع الميلادي اتحد عدد من القبائل ليشكل قبيلة كبيرة تحمل اسم بولين.

تشكلت أول دولة بولندية في منتصف القرن العاشر الميلادي. وفي منتصف القرن الثاني عشر الميلادي كانت بولندا قد قسمت إلى عدة أجزاء، يحكم كل جزء منها أحد النبلاء. وفي القرن الثاني عشر الميلادي أيضًا اجتاحت بولندا شعوب مختلفة، أما في مستهل القرن الرابع عشر الميلادي، فقد اتحد معظم البلاد ثانية، وحكم كاسيمير آخر ملوك بياست بولندا لمدة 37 عامًا اعتبارًا من سنة 1333م، فشكل دولة مركزية قوية، وعزز الاقتصاد وشجع الحياة الثقافية.

وفي عام 1386م تزوجت الملكة لادويجا البولندية فلاديسلاف جاغيلو دوق لتوانيا الذي حكم بولندا ولتوانيا. غير أن كلا القطرين ظلا يحكمان حكمًا ذاتيًا منفصلاً. وظل الملوك الجاغيليون يحكمون بولندا لمدة مائتي عام، وتوسعت رقعة البلاد لتشمل معظم أوروبا الوسطى والشرقية، وتم تشكيل أول برلمان وطني بولندي سنة 1493م. وفي سنة 1569م توحدت بولندا ولتوانيا في برلمان واحد مشترك.

بدأ دور الانحطاط نتيجة الحروب المستمرة وهيمنة النبلاء على البرلمان وتدخلهم في الأمور حتى أخذوا على عاتقهم اختيار الملك. وحدثت ثورات في أوكرانيا ثم استرجعوا جانبًا من الأراضي، كما استولت السويد على معظم المناطق البولندية على البلطيق، واستمرت الحروب مع الأتراك العثمانيين. وفي عام 1772م اتفقت روسيا وبروسيا والنمسا على اقتسام بولندا فيما بينها، ولم تفد التدابير التي اتخذها البولنديون لأجل الإصلاح، إذ خسروا أراضي أخرى استولت عليها روسيا وبروسيا. وحارب البولنديون هاتين الدولتين، ولكنهم هُزموا. واستمرت الدولتان مع النمسا في اقتسام البقية الباقية من البلاد سنة 1795م ولم يبق ذكر لدولة بولندية مستقلة.

التحق كثير من البولنديين عام 1795م بجيش نابليون ؛ لأجل محاربة النمسا وبروسيا. وفي سنة 1807م كان نابليون قد استولى على جزء من بولندا كانت تحكمه بروسيا، وشكل فيها دولة بولندية. غير أنه بسقوط نابليون النهائي عادت الدول الثلاث: روسيا وبروسيا والنمسا واقتسمت هذا الجزء من بولندا فيما بينها. استمر الكر والفرّ بين البولنديين ومحتليهم من الروس والبروسيين والنمساويين. وفي القرن التاسع عشر الميلادي أسس البولنديون أحزابًا سياسية، وحصلوا على حكم ذاتي في الجزء الذي كانت تحتله النمسا.

وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى سنة 1914م حاربت القوات البولندية إلى جانب النمسا ضد روسيا وأمكن إخراج الروس من بولندا سنة 1915م، فأنشأت النمسا وألمانيا مملكة بولندية صغيرة تحت حماية الدولتين. وبعد انتصار الحلفاء في نهاية الحرب العالمية الأولى سنة 1918م، أعلنت بولندا جمهورية مستقلة وأصبح بلسودسكي أول رئيس للدولة. واستعادت بولندا بموجب معاهدة فرساي جزءًا كبيرًا من أراضيها من ألمانيا، وباشرت الدولة الجديدة معالجة مشاكلها العديدة، ووحدت الأجزاء المبعثرة منها، واستطاعت بناء اقتصادها تدريجيًا خلال العقدين الثالث والرابع من القرن العشرين الميلادي، غير أنها كانت تواجه تهديدًا مستمرًا من ألمانيا والاتحاد السوفييتي(سابقًا) خلال الثلاثينيات. وقد طالب هتلر بميناء دانزغ (غدانسك حاليًا) وبحق المرور عبر مناطق بوميرانيا الشرقية، ولكن البولنديين قاوموا تلك المطالب، وأيدهم في ذلك كل من بريطانيا وفرنسا. غير أنه في مستهل الحرب العالمية الثانية اجتاحت كل من ألمانيا والاتحاد السوفييتي السابق بولندا بموجب معاهدة سرية سابقة بينهما تنص على اقتسامها بين الدولتين. واستطاعت ألمانيا أن تستولي على جميع الأراضي البولندية على إثر اندلاع الحرب بينها وبين الاتحاد السوفييتي (سابقًا) الذي عاد واجتاح بولندا في عام 1944م وطرد الألمان منها، ثم أعلن اعترافه بهيئة التحرير الوطنية البولندية المؤلفة من الشيوعيين. وعانت بولندا كثيرًا خلال الحرب ودمرت معظم مدنها وهلك أو اعتقل الملايين من أهلها.

سنة 1918م، أصبحت بولندا جمهورية مستقلة، وبعد ذلك تخلت كل من النمسا وألمانيا ولتوانيا وروسيا عن أراضٍ واسعة لبولندا.
سنة 1939م، في أوائل الحرب العالمية الثانية قامت ألمانيا والاتحاد السوفييتي بتقسيم بولندا بينهما مناصفة تقريبًا. واختفت بولندا ثانية من خريطة أوروبا.
سنة 1945م، في نهاية الحرب العالمية الثانية شكلت بولندا دولة جديدة واستعيدت الأراضي التي كانت قد احتلتها ألمانيا، أما الاتحاد السوفييتي فقد احتفظ بالأراضي التي احتلها سنة 1939م.
سيطر الشيوعيون البولنديون على السلطة واستطاعوا القضاء على كل مقاومة ضدهم، وتحكموا في مجرى الانتخابات. وفي سنة 1948م كان الجو قد خلا للشيوعيين تمامًا.

ظهرت عدة حركات وانتفاضات خلال الخمسينيات ضد الشيوعيين وسياسة الحكومة الواقعة تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي السابق، وكذلك خلال الستينيات من القرن العشرين الميلادي حين احتج المثقفون البولنديون على كبت حرية التعبير، ثم ظهرت بوادر النزاع بين الحكومة والكنيسة، وحدثت إضرابات عمالية سنة 1970م.

حدثت بعض التطورات بقيادة إدوارد جيريك الذي خلف غومولكا، فرفعت بعض القيود رغم بقاء بولندا حليفة للاتحاد السوفييتي، وقامت الحكومة بمحاولة لتحسين علاقتها مع الأحزاب غير الشيوعية خلال السبعينيات من القرن العشرين الميلادي.

في منتصف السبعينيات حدث نقص في الأغذية وأعلنت الحكومة رفع الأسعار مما تسبب في قيام الانتفاضات والإضرابات العمالية. وزاد الوضع الاقتصادي سوءًا في أواخر السبعينيات وأضرب العمال في ميناء غدانسك في صيف عام 1980م. واعترفت الحكومة على إثر ذلك بنقابة التضامن، وهو تنظيم مؤلف من النقابات غير الشيوعية، وكانت تلك هي المرة الأولى التي تعترف فيها حكومة شيوعية بتنظيم عمالي لا ينتمي إلى الحزب الشيوعي.

وعندما تولى خويشيك ياروزلسكي رئاسة الحكومة كانت المشكلات الاقتصادية مستمرة، والناس ينتظرون الإصلاحات، غير أن ياروزلسكي أعلن الأحكام العرفية سنة 1981م، وأوقف نشاط التضامن واعتقل زعماءها في العام التالي، ثم أفرج عن بعضهم في أواخر ذلك العام، وألغى نقابة التضامن بصورة رسمية، ثم انتهت الأحكام العرفية سنة 1983م، غير أن القيود المفروضة على الحريات العامة ظلت على حالها.

في عام 1989م توصلت الحكومة إلى اتفاق مع التضامن واعترفت بها رسميًا، وأعطيت الفرصة لغير الشيوعيين لترشيح أنفسهم لانتخابات مجلس الشيوخ. وفي الانتخابات التي جرت بعد ذلك حاز غير الشيوعيين الذين ساندتهم التضامن معظم المقاعد، ورأس الحكومة شخص غير شيوعي من التضامن، لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية. وقامت الحكومة الجديدة بإنهاء السيطرة الشيوعية وبدأت الإصلاحات الاقتصادية. وحل الحزب الشيوعي نفسه عام 1990م ونجح ليخ فاليسا رئيس التضامن في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 1990م، فأصبح رئيسًا لبولندا، ثم استقال من رئاسة التضامن بعد ذلك. واجه الشعب البولندي صعوبات كثيرة بسبب التحول إلى اقتصاد السوق الحر. وفي الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 1995م، لقي فاليسيا هزيمة قاسية من منافسه ألكسندر كواسنفسكي الذي أصبح رئيسًا لبولندا. استمر كواسنفسكي في تنفيذ البرامج الإصلاحية، وعمل على انضمام بولندا للمنظمات الاقتصادية والأمنية في أوروبا. وفي عام 1997م، حاز حزب التضامن أغلب مقاعد البرلمان بعد أن دحر الشيوعيين في الانتخابات. وفي العام نفسه أقرت بولندا لنفسها دستوراً جديداً. وفي عام 1999م، أصبحت بولندا عضواً في حلف شمال الأطلسي (الناتو). وفي أكتوبر 2000م، فاز كواسنفسكي في الانتخابات وبدأ فترة رئاسية ثانية.


تواريخ مهمة في بولندا

القرن التاسع الميلادي شهد توحيد القبائل السلافية فيما يسمى ببولندا في وقتنا الحاضر وتحت لواء الدولة البولونية.
1025م تُوِّج بولستاو الأول أول ملك لبولندا.
1386م أسس حكم السلالة الجاغيلية.
خلال القرن السادس عشر بلغت الإمبراطورية البولندية أوج سلطتها.
1772م اقتسمت النمسا وبروسيا وروسيا بولندا.
1793م تقاسمت بروسيا وروسيا بولندا.
1795م انتهى وجود التقسيم الثالث لبولندا بوصفها دولة منفصلة.
1918م أعلنت بولندا نفسها جمهورية مستقلة.
1939م قامت ألمانيا وروسيا بغزو بولندا المنقسمة.
1945م شُكلت حكومة شيوعية مطلقة، وأقيمت حدود بولندا الحالية.
1989م أجرت بولندا أول انتخابات حرّة منذ حكم الشيوعيين، وقد وجد المرشحون غير الشيوعيين تأييدًا كبيرًا في الانتخابات.
1990م حل الحزب الشيوعي البولندي نفسه.
1997م أقرت بولندا دستوراً جديداً.
1999م انضمت بولندا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

إختبر معلوماتك :

  1. ما أهم المصادر الطبيعية البولندية؟
  2. في أي سنة اعتنقت بولندا الديانة النصرانية؟
  3. ما المنتجات الصناعية الرئيسية البولندية؟
  4. ما الموانئ البحرية البولندية الرئيسية؟
  5. متى حدثت التجزئة الأولى لبولندا؟
  6. أيّ من الروائيين البولنديين حصل على جائزة نوبل؟

المصدر: الموسوعة العربية العالمية