الرئيسيةبحث

الأيرلندي، الأدب ( Irish literature )



الأيرلندي، الأدب. يعكس الأدب الأيرلندي تاريخ وروح الشعب الأيرلندي أفضل من أي شكل فني آخر. ويتكون هذا الأدب من الحكايات الشعبية والقصائد الغنائية والشعر القصصي والمسرحيات والروايات والقصص القصيرة. ومن الملاحظ في الأدب الأيرلندي بصورة خاصة استخدامه البارع للغة.

تصف الأساطير الأيرلندية المبكّرة الأعمال الشجاعة للملوك والقديسين والأبطال الأيرلنديين الآخرين. وكثير من القصائد الغنائية التي كتبها الرهبان والنُسَّاك إبان القرون الوسطى تتضح فيها الملاحظات الدقيقة والحب المجرد للطبيعة والإعجاب المخلص بها. وقد عبّر عدد من المسرحيات التي أنتجت في أيرلندا في أوائل القرن العشرين عن الغضب ضد بريطانيا لرفضها منح أيرلندا استقلالها.

كُتبت بواكير الأدب الأيرلندي باللغة الأيرلندية أو الغيلية. وفي عام 1171م بدأ البارونات النورمنديون في إنجلترا احتلال الأراضي الأيرلندية. فدخلت اللغة الإنجليزية إلى أيرلندا في القرن الثالث عشر الميلادي عبر الحرفيين الإنجليز وأصحاب المتاجر الذين استقروا في الإقطاعيات النورمندية. ثم استولت الحكومة الإنجليزية على أيرلندا عام 1541م. وفي بداية القرن التاسع عشر انتشر استخدام اللغة الإنجليزية بشكل واسع، لدرجة أن اللغة الغيلية أوشكت على الانقراض. ولكن انفجار القومية الأيرلندية قاد إلى إحياء هذه اللغة في أواخر القرن التاسع عشر. واليوم يكتب معظم المؤلفين الأيرلنديين باللغة الإنجليزية.

يستخدم كثير من المؤلفين المحدثين اللغة العامية الدارجة ولغة الحياة اليومية للناس، ولكن كثيرًا من أعمالهم تمزج الواقعية بالخيال (الفانتازيا). ويؤدّي الوصف المليء بالحيوية إلى ثراء اللغة سواء كان ذلك بالتهكم أو التورية أو السخرية. وبالرغم من ذلك نجد أن الكثير من الأدب الأيرلندي الحديث تسوده روح الكآبة إلى حد التشاؤم.

يعد كثير من النقاد الكاتب الأيرلندي وليم بتلر ييتس أشهر شعراء القرن العشرين في الغرب. وتشمل قائمة كتاب المسرح الكبار أسماءً مثل شون أوكايسي، وجون ميلينجتون سينج. أما الكاتبان الأيرلنديان صمويل بيكيت وجيمس جويس فيعدّان من أهم المؤلفين التجريبيين في العصر الحديث، كما أن أساليبهما الخيالية وأفكارهما الفلسفية قد أثّرت على الكُتّاب في بعض أنحاء العالم.

الأدب الأيرلندي الباكر:

كُتب بعض الأدب الأيرلندي قبل ظهور النصرانية في أيرلندا في أوائل القرن الخامس الميلادي، ولكن لم يتبق لنا منه شيء. وكان الأيرلنديون قد طوّروا شكلاً بدائيًا للكتابة أسموه أوغام، وهو يوجد فقط في المخطوطات الآن، ولكن بواكير الثقافة الأيرلندية بقيت حية من خلال التراث الشفهي. سجلت طبقة من الشعراء المحترفين المتوارثين ـ يعرفون باسم فيليد ـ عادات وتاريخ وقوانين أيرلندا القديمة شعرًا. وقد جعل الشكل الشعري هذه القوائم الطويلة من الحقائق أسهل في الاستخدام. ولم يكن لمثل هذه الأشعار قافية موضوعة أو إيقاع، ولكن تكرار الأصوات المتشابهة أعطاها صفة الشعر. وقد نظم المنشدون المتجولون الذين كانوا يعرفون باسم الباردس أشعار السخرية، وأشعار المراسم.

قدم المنصرِّون والتجار إلى أيرلندا أيام القديس باتريك الذي وصل نحو عام 432م تقريبًا. أدخل هؤلاء التُّجار فن الكتابة بالحروف الرومانية التي تعلموها في بلاد الغال القديمة. وقد تبنى الأيرلنديون هذه الحروف الألفبائية حينما اعتنقوا النصرانية.

ازدهرت النصرانية بقوة في القرنين الخامس والسادس الميلاديين لدرجة أنه كان يطلق على أيرلندا في القرون الوسطى جزيرة القديسين والعلماء. أسس بعض المنصّرين الأيرلنديين الأديرة هناك وسرعان ما أصبحت مراكز للعلم. ساعد بعض المنصّرين على إنشاء الثقافة النصرانية في غربي أوروبا بعد الغزو البربري الذي حدث في أواخر القرن الخامس وأوائل القرن السادس الميلاديين، ولذا بدأ الأدب الأيرلندي بالكتابات التاريخية والدينية. والمثال على ذلك قصيدة مدح القديس كولمبا (أواخر القرن السادس الميلادي) المنسوبة إلى دالان فورجيل، والتي يمدح فيها الراهب الذي ساعد في إدخال النصرانية إلى أسكتلندا.

العصر الذهبي للأدب الأيرلندي

توجد الآن نماذج قليلة من الأدب الأيرلندي الذي كُتب قبل القرن السابع، ولكن كثيرًا من الأدب الذي كُتب في الفترة من القرن الثامن إلى القرن الحادي عشر الميلادي قد تم حفظه، وهو يشتمل على الحكايات الشعبية والأساطير عن القديسين والشعر. ويشير الدارسون لهذه الفترة على أنها العصر الذهبي للأدب الأيرلندي.

الشعر:

اشتمل الكثير من المخطوطات الأيرلندية على الشعر الغنائي الذي كتبه النساك والدارسون المتجولون. وتُعبر هذه القصائد عن الإعجاب بالطبيعة.

واصل الفيليد، طوال سنوات العصر الذهبي كتابة شعر المناسبات. ومن أقدم نماذج شعر الاحتراف تلك التي نظمت في منتصف القرن السادس الميلادي وكانت تمدح ما عدّه الفيليد فضيلة البطولة لدى النبلاء. أما الأعمال الأخرى في الفترة نفسها فقد اشتملت على التأبين الرسمي للأموات وأشعار السخرية التي كانت تتناول خصال البخل.

الحكايات البطولية والشعر الرومانسي والقصص:

تشكل الحكايات البطولية والشعر الرومانسي والقصص جزءًا كبيرًا من بواكير الأدب الأيرلندي. وهي تتكون من مقاطع نثرية طويلة مؤلّفة من جمل موزونة. وقد بُنيت هذه الأعمال على الأساطير، وربما تم تأليفها بين عامي 600و900م. ويصنفها الدارسون إلى ثلاث مجموعات رئيسية من القصص التي تعرف باسم الدورات وهي دورة الأساطير، ودورة ألسْتر، والدورة الفينية أو الأوسانية.

دورة الأساطير:

وهي أقدم دورة ونجدها محفوظة في شكل مجموعات من الأساطير السلتية تعرف باسم لبورغابالا أي (كتاب الفتوحات) وتصف غزو خمسة أجناس خارقة للطبيعة لأيرلندا في فترة ما قبل التاريخ. وقد أطلق على أهم هذه العناصر اسم تواثادي دونان. وقد استخدم هؤلاء قوة السِّحر لكسب المعارك ومغازلة المحبين والقيام بأعمال بطولية فوق طاقة البشر. واتَّسمت أفضل الحكايات الأسطورية بالخيال الواسع. ففي حلم أونغاص يتحول البطل إلى بجعة ليفوز بحب إحدى الفتيات التي صادفها في حلمه. وتصف مجموعة من الأساطير تعرف باسم دورة القديسين رحلات بعض الـنَّـصارى إلى السماء. وترتبط بعض هذه الأساطير بمغامرات الأبطال الوثنيين في الجنة.

دورة ألستر:

تحكي عن أفعال الأبطال في ألستر القديمة، وهي المقاطعة الشمالية الشرقية لأيرلندا. وتتركز القصص في بلاط الملك كونكوبار، الذي قيل إنه حكم مقاطعة ألستر في أيام المسيح. والشخصية الرئيسية هنا هي شخصية البطل الصبي كوتشولِن الذي يُشبه في بعض جوانبه البطل الإغريقي أخيل، بيد أنه يختلف عنه وعن الأبطال الإغريقيين الآخرين في امتلاكه لقوى كثيرة خارقة للطبيعة.

وأفضل حكاية ملحمية معروفة في دورة ألستر هي غارة قطيع كولي. وتصف هذه الحكاية جهود الملكة ميف أوف كونوت لأخذ الثور البني المشهور بكولي من ألستر. وقد حارب كوتشولِن الغزاة بمفرده حتى تمكن جيش الملكة في النهاية من أسر الثور، ثم وصل جيش الملك كونكوبار لينقذ كوتشولن ويساعده في دحر الغزاة.

الدورة الفينية:

تشتمل على قصص عن الفيانا وهم عصابة من المحاربين الأسطوريين الأيرلنديين. وحسب الأسطورة كان هؤلاء المحاربون يجوبون جنوبي أيرلندا نحو عام 200م يقودهم رئيسهم فين ماكول وابنه أوسيان. تشتمل هذه الدورة على قصائد قصصية وحكايات رومانسية وقصصًا بطولية. وتعد قصة حديث الرجال المسنين (1200م) من أشهر قصص هذه الدورة. وهي تصف اجتماع القديس باتريك بمحض الصدفة مع محارب فيني اسمه كيلتي، حيث قام هذا المحارب بتسلية القديس بأساطيرعن الأعمال البطولية للأبطال الفينيين أثناء تجوال الرجلين في الريف الأيرلندي.

التدهور الأدبي:

حدث تدهور أدبي في أيرلندا في القرون الوسطى، نظرًا لسلسلة من الهجمات من قبل الغزاة الأجانب. ففي عام 795م تعرّضت السواحل الشرقية والجنوبية لأيرلندا لغزو الفايكنج الذين دمروا الأديرة والمخطوطات الأيرلندية القديمة. وفي أواخر القرن الثاني عشر استولى النورمنديون من إنجلترا على الأراضي الأيرلندية ودمّروا كثيرًا من النصوص القيمة. وقد استمر الفيليد في كتابة شعر المناسبات حتى القرن السابع عشر، ولكن أسلوبهم اتسم بالاهتمام بالشكل والبعد عن الأصالة. وبالإضافة إلى هذا فقد بقيت بعض القصائد التي كُتبت عن الفروسية والحب والغزل.

الأعمال الحديثة باللغة الغيلية

في القرن السابع عشر الميلادي سادت الثقافة البريطانية بصورة واسعة ومؤثرة في أيرلندا، لدرجة أن كثيرًا من الأيرلنديين الذين عاشوا في المدن كانوا يفضلون الحديث باللغة الإنجليزية بدلاً عن الغيلية. وعلى أية حال فقد كُتب بعض الشعر الجيد باللغة الغيلية في منتصف القرن التاسع عشر. وقد حافظ جوفري كيتنج على التقاليد الأيرلندية في كتابه الشهير تاريخ أيرلندا الذي كتبه بالغيلية نحو عام 1634م. وشجع هذا الكتاب على تفتّح الروح القومية بين الأيرلنديين، وهو مصدر معرفي قيّم عن أيرلندا القرون الوسطى. وخلال القرن الثامن عشر الميلادي ألهمت الأفكار الأيرلندية التقليدية بعض الشعراء لكتابة أعظم الأشعار باللغة الغيلية. وقد استمد مايكل كومين مادة كتابة أويسين في بلاد الشباب الذي ألفه عام 1749م من الأساطير الفينية. كما تبنّت الشاعرة إيلين أوليري بعض الطقوس الأيرلندية الحزينة القديمة المعروفة باسم كيننج في قصيدتها مرثية آرت أوليري (1773م) للتعبير عن حزنها لقتل زوجها. وينتقد بريان ميرميان في قصيدته الساخرة محكمة منتصف الليل (1790م)، إحجام الكثير من الأيرلنديين عن الزواج. وتنافس حاسة الذكاء والظرف في هذه القصيدة سخرية الشاعر الإنجليزي الشهير ألكسندر بوب.

وبحلول منتصف القرن التاسع عشر كان معظم المؤلفين يكتبون بالإنجليزية. ولكن في عام 1893م أسس دوجلاس هايد ـ وهو شاعر، ثم أصبح فيما بعد أول رئيس لأيرلندا ـ الرابطة الغيلية. وقد عملت هذه الرابطة على إعادة تأسيس اللغة الغيلية لتكون اللغة القومية، وعلى تشجيع الاهتمام بالأدب والثقافة الأيرلنديين. هذه الجهود أسهمت في نمو الحركة الأدبية الغيلية. ومن المؤلفين المحدثين الذين يكتبون بالغيلية توماس أوكريمثاين، وكانون بيتر أوليري، وباتريك بيرس.

بواكير الأعمال بالإنجليزية

بدأ قلة من المؤلفين الأيرلنديين يكتبون بالإنجليزية منذ القرن الرابع عشر الميلادي. وبازدياد النفوذ السياسي البريطاني في أيرلندا أصبحت هذه الممارسة أمرًا شائعًا. وخلال القرن الثامن عشر كان الكُتَّاب المولودون في أيرلندا ينتجون أعظم الروائع باللغة الإنجليزية. وقد كتب جوناثان سويفت، الذي عرف بأنه مؤلف إنجليزي، أهم كتاباته الساخرة على مدى 32 عامًا قضاها عميدًا لكاتدرائية سانت باتريك في دبلن. ويعدّ كتابه رحلات جليفر (1726م) أشهر كتبه. ويروي هذا الكتاب عن الرحلات الأربع لطبيب سفينة ـ أصبح فيما بعد رُبّانًا للسفينة ـ إلى عدد من المناطق الخيالية. وقد استخدم سويفت سكان هذه المناطق الغريبة ليسخر من السلوك البشري الأحمق.

المسرحية:

خلال القرن الثامن عشر اكتسب عدد من أعظم الكتاب المسرحيين، من أمثال أوليفر جولد سميث وريتشارد برنسلي شريدان، سمعة طيبة بكتابتهم للمسرح الإنجليزي. ولا تشتمل أعمالهم على ما يمكن أن يميّزهم بصفتهم كتّابًا أيرلنديين. وكانت أولى الروايات التي اكتسبت الروح الأيرلندية هي الميلودرامات الرومانسية التي كتبت في القرن التاسع. وأول كاتب مسرحي شهير صوّر الحياة من وجهة النظر الأيرلندية باستخدام الخلفيات والشخصيات الأيرلندية هو ديون بوسيكولت. من مسرحياته: كولين برون (1860م) والشوجرون (1874م).

النثر والشعر:

في القرن التاسع عشر الميلادي بدأ النثر القصصي الأيرلندي يعتمد على الأفكار والشخصيات الأيرلندية. وتصوّر ماريا أدجويرث في إيجار القلعة الباهظ (1800م) الحياة غير الأخلاقية الفاسدة لملاك الأراضي الأيرلنديين الذين يبددون ثرواتهم. وفي اعترافات هنري لوريكوز (1839م) يصف تشارلز ليفر، صيد الثعالب والحفلات التي تقيمها الطبقات الأيرلندية الراقية. أما حكايات أسرة أوهارا (1825-1826م)، التي وضعها الأخوان جون ومايكل بانيم، فهي تؤكد على تقاليد الكنيسة الرومانية الكاثوليكية والموروث الشعبي لفلاحي أيرلندا.

بدأ الشعر الأيرلندي كذلك ينظر إلى الماضي بحثًا عن جذوره واتجاهاته. وقد تبنى توم مور، الذي أصبح معروفًا بالشاعر القومي لأيرلندا، الخلفيات والموضوعات الأيرلندية في أشعاره. ففي الألحان الأيرلندية (1808-1834م)، وضع مور قصائده الرومانسية الوطنية على أساس الأغاني الشعبية الأيرلندية. وكتب توماس ديفز وجيمس كلارنس مانجان وشعراء أيرلنديون آخرون أشعارًا وطنية في فترة الصحوة القومية هذه. وقد جمعت قصائدهم في كتاب روح الأمة (1843م).

البعث الأدبي الأيرلندي

في أواخر القرن التاسع عشر حاول عدد من الكتّاب الأيرلنديين الشباب إنشاء أدب أيرلندي متفرّد باللغة الإنجليزية، مستفيدين من تجاربهم الخاصة كأيرلنديين، ومن الأساطير والتقاليد الموروثة عن أسلافهم. وكان من ضمن الكُتاب الرواد لهذه الحركة الكاتبة المسرحية ليدي جريجوري والشاعر وليم بتلر ييتس.

أسهم كل من ييتس وليدي جريجوري في إنشاء جمعية المسرح القومي الأيرلندي عام 1901م، لتشجيع كتابة وأداء المسرحيات عن الحياة الأيرلندية. وقد أصبحت شركة التمثيل الخاصة بالجمعية معروفة باسم ممثلي مسرح آبي. اكتسب مسرح آبي هذا شهرة عالمية، حيث أنتج معظم المسرحيات الأيرلندية الرائعة المثيرة للجدل، من هذه المسرحيات يمكننا أن نشير إلى تلك التي كتبها شون أوكايسي وجون ميلينجتون سينج وييتس وغيرهم من الكتاب الأيرلنديين الموهوبين.

اكتسب ييتس شهرة واسعة بوصفه كاتبًا مسرحيًا وشاعرًا ومديرًا لمسرح آبي، ويعدهُّ كثير من النقاد أشهر الشعراء في عصره. وتعكس كتاباته إعجابه بالحكايات الشعبية الأيرلندية وبالرمزية والقوى الخارقة للطبيعة. وأول أعماله الكبيرة، تنقلات أويسين (1889م)، وهي قصيدة قصصية خرافية مبنية على مغامرات بطل فيني أسطوري. كتب ييتس أفضل قصائده الغنائية في الأعوام العشرة الأخيرة من حياته. وقد نُشر عدد من هذه الأعمال في كتابه مجموعة أشعار (1950م). وكتب كذلك الكونتيسة كاتلين (1891م) وهي إحدى المسرحيات التي أنتجتها الشركة، التي عُرفت فيما بعد بشركة ممثلي مسرح آبي. فاز ييتس بجائزة نوبل في الأدب عام 1923م.

كتب جون ميلنجتون سينج مسرحيات أنتجها مسرح آبي وكان مالكًا لناصية ما عُرف باسم الكوميديا السوداء. ويتحدث الفلاحون الأيرلنديون عن شخصياته بلغة شاعرية حية مبنية على التراث الشعبي الأيرلندي. وأكثر أعمال سينج المعروفة هي: في ظل الوادي (1903م) ، الراكبون إلى البحر (1904م)، ماجن العالم الغربي (1907م).

حدث أشهر فوران سياسي في أيرلندا الحديثة في فترة البعث الأدبي الأيرلندي، فقد ثار تنظيم الأخوة الجمهوريون الأيرلنديون، وهو تنظيم سرّي كان يهدف للحصول على الاستقلال وإنشاء جمهورية أيرلندا المستقلة، ضد البريطانيين في انتفاضة عيد الفصح عام 1916م حيث امتدت المعارك في الشوارع لمدة أسبوع في دبلن، قبل أن تخمد القوات البريطانية الانتفاضة. وبحلول عام 1919م كان الثوار يهاجمون حصون الجيش البريطاني والمباني الحكومية بانتظام. وأخيرًا، وفي عام 1921م، منحت بريطانيا أيرلندا الجنوبية الحكم الذاتي تحت اسم الدولة الأيرلندية الحرة، ولكن كثيرًا من الأيرلنديين طالبوا بالاستقلال التام عن بريطانيا وبدأت الحرب الأهلية عام 1922م.

كتب كثير من الكتاب عن حرب العصابات التي دارت في بلادهم. فقد كتب شون أوكايسي مثلاً مسرحية حية وواقعية دارت في زمان ثورة عيد الفصح والحرب الأهلية الأيرلندية. وأنتج مسرح آبي ملهاتين مأساويتين باكرتين هما ظل حامل البندقية (1923م) وجونو البايكوك (1924م). انفجرت الاضطرابات أثناء عرض واحد من أفضل أعمال أوكايسي وهو المحراث والنجوم (1926م). وقد رسخ في اعتقاد كثير من الناس أن فكرة المسرحية المعادية للحرب قد أساءت إلى أبطال الثورة الأيرلندية وشوهت سمعة النساء الأيرلنديات. وتشتمل أعمال أوكايسي الجيدة أيضًا على الغبار الأرجواني (1940م)، ورود حمراء لي (1942م). وتنادي بعض مسرحياته المتأخرة بالتحول الجذري للمجتمع عبر الاشتراكية لتحسين أوضاع الفقراء.

الأدب الأيرلندي الحديث

كان جيمس جويس من أكثر الكُتّاب تأثيرًا على البريطانيين في القرن العشرين. عاش جويس مثل كثير من الكُتّاب الأيرلنديين خارج أيرلندا، وقد رسخ في اعتقاده أن المواقف القومية والدينية الأيرلندية الحازمة تمنع الكُتاب من تصوير الحياة الأيرلندية بواقعية، ولكن أعماله تعكس التجربة الأيرلندية، وتضيف الكثير إلى الأدب القومي. قام جويس بتطوير بنية الرواية وأسلوبها الأدبي. وكانت أولى أعماله الكبرى مجموعة القصص القصيرة المعروفة باسم الدبلنيون (1914م). وهي تقدّم صورة واقعية عن الحياة في أوساط الطبقة الأيرلندية الوسطى ـ الدنيا. وفي روايته صورة الفنان الشاب (1916م) التي روى فيها سيرته الذاتية استخدم جويس أسلوبًا عُرف باسم تيار الوعي. ويشتمل هذا الأسلوب على تسجيل أفكار الشخصيات كما هي دون تعليق من المؤلف. وقد برهن جويس على مقدرته في استخدام هذا الأسلوب المعقد في روايته يوليسيز، 1922م. ويحاول جويس في هذه الرواية أن يوازي بين مغامرات مروِّج إعلانات أيرلندي وتحركات يوليسيز في قصيدة هومر الملحمية المعروفة باسم الأوديسة. ويستكشف في يقظة فينيجان (1939م) الأحلام والمخاوف والأفكار السرية لرجل في دبلن وأسرته. وقد حاول جويس ربط تجاربهم بالإنسانية كلها عبر نمط معقد من الرموز جاء بها من التاريخ الأيرلندي والأدب والأغاني واللغة العامية والمصادر الأخرى.

الكاتب جورج برناردشو مُنح جائزة نوبل في الأدب عام 1925 م.

المسرحية:

قام مسرح آبي في بداية القرن العشرين بعرض عدد من المسرحيات التي كتبها عدد من كتاب المسرحية الأيرلنديين الموهوبين من أمثال بادريك كولوم الذي كتب عددًا من المسرحيات المأساوية الواقعية عن حياة الريف أنتجتها الشركة. وتشتمل أعماله على منزل العابثين (1907م)، و توماس مسكري (1910م). وقد اشتهر لورد دنساني بتأليف الروايات ذات الفصل الواحد مثل ليلة في نزل (1916م). أما بول فنسنت كارول فقد كتب تعليقات عن المجتمع الأيرلندي مثل الظل والمادة، 1937م.

نال كل من جورج برناردشو وأوسكار وايلد ـ وهما كاتبان مسرحيان شهيران ولدا في أيرلندا ـ شهرة واسعة بكتاباتهما الهزلية الذكية للمسرح الإنجليزي. وقد كشف شو عن ارتباطه الوثيق بوطنه في روايته جزيرة جون بل الأخرى (1904م). كتب شو هذه المسرحية الساخرة عن العلاقات الإنجليزية الأيرلندية. اشتهر عدد من الكتاب الأيرلنديين على النطاق العالمي في منتصف القرن العشرين بسبب كتاباتهم المسرحية. وقد كتب صمويل بيكيت، وهو صديق حميم لجيمس جويس، القصص والمسرحيات التي تُظهر الناس عاجزين وفاقدي الأمل، ويعيشون حياة لا قيمة لها. كتب بيكيت كثيرًا من الأعمال باللغة الفرنسية، ثم ترجمها إلى الإنجليزية، محاولاً بذلك نزع جنسيته وأسلوبه من كتاباته. وقد نال جائزة نوبل للأدب عام 1969م.

سيطرت الموضوعات السياسية كثيرًا على المسرحية الأيرلندية خلال الخسمينيات والستينيات من القرن العشرين الميلادي. فبريندان بيهان، وهو من الشخصيات الحية قضى فترات عديدة في السجن لأنشطته المعادية لبريطانيا، بصفته عضوًا في الجيش الجمهوري الأيرلندي. ومن أفضل رواياته الرفيق الغريب (1954م) و الرهينة (1957م) اللتان تعكسان روحه الثورية ووعيه الاجتماعي القوي.

القصة والشعر:

حظيت المسرحية الأيرلندية الحديثة بشهرة عالمية واسعة مقارنة بغيرها من أنواع الأدب الأيرلندي. وبالرغم من ذلك فقد أنتج المؤلفون الأيرلنديون الروايات والشعر والقصص القصيرة. جمع جيمس ستيفنس بين الأفكار الشعبية الأيرلندية ومظاهر الحياة اليومية في قصصه المليئة بالخيال وفي أشعاره. وتُعد روايته الخيالية جرة الذهب (1912م) أفضل أعماله المعروفة. وتكشف قصص ليام أوفلاهرتي النفسية اتجاهات الفلاحين الأيرلنديين الفقراء وسكان المدن في أسلوب غنائي، ولكنه واقعي. وتشتمل رواياته الشهيرة على المُخبر (1925م)، والحشّاش (1928م). وكتب فرانك أوكونور قصصًا قصيرة عُرفت بواقعيتها وحساسيتها. وتعطي مجموعتان من هذه القصص وهما ضيوف الأمة (1931م) وهُلام التفاح البري (1944م) رؤية عن الحياة الريفية الأيرلندية. وكتب فلان أوبريان، الاسم المستعار لبريان أونولان، قصصًا كوميدية ساخرة عن الحياة الأيرلندية. وأفضل رواياته هي طائران سابحان (1939م). كذلك كتب شون أوفاولين عن تفاعل الأيرلنديين العاديين مع الأزمات الشخصية ورجال الدين الكاثوليك والكفاح من أجل الاستقلال السياسي. وقد كتب عددًا من الروايات ومجموعات من القصص القصيرة، منها حرارة الشمس (1967م).

استمدّ الشعراء الأيرلنديون الذين عاشوا في منتصف القرن العشرين مادتهم من المصادر الأيرلندية الخالصة. وقد نظم باترك كافانا شعرًا بأسلوب سهل مباشر. وتتناول أكثرقصائده شهرة، والتي عرفت باسم الجوع العظيم، (1942م)، محنة الفلاحين الأيرلنديين الفقراء. وتتمثل أعماله المتأخرة في روح للبيع (1947م)، وهيا ارقص مع كيتي ستوبلنج (1960م). وكتب أوستن كلارك روايات ساخرة تبعث على الضحك عن النفاق الاجتماعي والنّصراني في أيرلندا. وتُعبّر قصائد سيسل داي ـ لويس عن ذكرياته السعيدة عن طفولته في أيرلندا وعدم رضاه عن المجتمع الحديث. وقد أصبح داي لويس شاعر البلاط في بريطانيا عام 1968م.

الأدب الأيرلندي اليوم:

يُؤكد هذا الأدب على الأفكار الأيرلندية. فبندكت كيلي مثلاً، وهو روائي وكاتب قصص قصيرة وناقد أدبي، مشهور برواياته التي تتناول الحياة الأيرلندية. ومن الشعراء المحدثين الرواد شيمس هيني وتوماس كنسيلا. صور هيني مأساة النزاع بين أيرلندا الشمالية وبلاده وانهيار المجتمع التقليدي والعنف الطائفي في عدة أعمال، منها مدخل إلى الظلم (1969م)، والشمال (1975م). ومن أعماله الأخرى: الأشياء المتطورة (1991م)، مستوى الروح (1996)، وقد عرف كنسيلا من خلال قصائده الغنائية عن الحب والموت مثل سبتمبر آخر (1958م)، ومذكرات من أرض الأموات (1972م). ومن الشعراء المجيدين الآن ريتشارد ميرفي وجون مونتاج وبرايندان كنلي. يذكر أن شيمس هيني كان قد حاز جائزة نوبل في الأدب عام 1995م.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية