العرافة ( Fortunetelling )
العِرافة الزعم بمعرفة ما سوف يحدث في المستقبل بطرق غير شرعية ولا منطقية وغير علمية. والأشخاص الذين يزعمون القدرة على التنبؤ بالمستقبل هم العرَّافون. يدَّعي بعض العرافين أن لديهم نوعًا من الاستبصار يجعلهم على علم بالأحداث قبل وقوعها. والاستبصار هو معرفة الحوادث والأشياء، دون استخدام أي من الحواس المعروفة. ولا يؤكد العلماء وجود الاستبصار في الواقع. كما يدّعي معظم العرافين أنَّ لهم القدرة على الاستبصار. وبدلاً من ذلك فهم يستخدمون أنظمة خاصة للتنبؤ. بعض هذه الأنظمة معقّدة، وغالبًا ما يقول العرافون بأنها علمية. غير أن معظم العلماء يعتبر مثل هذه الأنظمة علومًا مزيَّفة.
كان للعرافة شهرة خاصة خلال فترات معينة من التاريخ. فعلى سبيل المثال، كان قدماء الإغريق والرومان يعتقدون بأن الآلهة تتكلم عن طريق رسل يُسَمَّون وسطاء الوحي (كهنة هياكل الوحي)، وكثيرًا ما ذهب الناس إلى وسطاء الوحي للتنبؤ بشأن المستقبل. ولم تشجِّع الكنيسة النصرانية العرافة فيما بعد. إلا أن نوعًا قديمًا من العرافة يسمى علم التنجيم اشتُهر في أوروبا بشكل كبير خلال عصر النهضة، وهي الفترة الممتدة بين عامي 1300 - 1600م. مازال بعض أشكال العرافة قائمًا حتى اليوم، وخصوصًا في المجتمعات البدائية والبلدان النامية. وفي العالم الغربي ينظر الناس إلى العرافة على أنها نوع من التسلية، إلا أن العديد منهم يؤمن بها بصدق.
طرق العرافة:
استُخدِمت المئات من طرق العرافة المختلفة على مرّ العصور. ويتطلب أحد أشهر هذه الطرق التحديق في كرة من البلّور. غير أنه يبدو أن العديد من هذه الطرق يعتمد على محض الصدفة. فقد أطلق بعض العرافين، مثلاً، تنبّؤات تقوم على أساس الترتيب الذي يأكل به الدِّيك الحبوب المصفوفة فوق أحرف كُتِبت على الأرض. كما كانت بعض التنبؤات تُطلق على أساس الشكل الذي تأخذه بقعة الزيت الطافية على وجه الماء، أو على مقاطع مكتوبة تؤخذ من كتاب بشكل عشوائي.غير أن العرافين يدَّعون أن ما يجعل تنبؤاتهم ممكنة هو الأسباب والعلاقات الغامضة أو الخفية، وليست الصدفة. إن علم التنجيم، في زعمهم، يقوم على أساس الاعتقاد بأن الشمس والقمر والكواكب والنجوم تتحكم في أرواح الناس. ولذلك يُفترض بأن حركة وسكون هذه الأجسام السماوية يمكن استخدامها للتنبؤ بالمستقبل. تشتمل طرق العرافة الأخرى على العدادة (دراسة معاني الأعداد السحرية والتنجيمية) وقراءة الكفّ. ففي العدادة يُطلق العرَّاف التنبؤات بناءً على الأرقام الموجودة في اسم الإنسان وتاريخ ميلاده. وفي قراءة الكف يحاول العرَّاف أن يتنبأ بمستقبل الشخص من خلال قراءة خطوطه، وإشارات، وشكل، وحجم يده.
يتظاهر بعض العرافين بأنهم يعتمدون على طرق خاصة. فقد يقوم العراف ببعض التحريات عن جزء من الخلفية التاريخية والمعيشية للمُتردد عليه، فيتوهَّم هذا الزبون صدق كلام العراف وتنبؤاته، وذلك بربطه الأحداث من هذه الخلفية. كما قد يعتمد العراف على طبيعة الإنسان بشكل عام. فهو يعرف ما يحلو للناس سماعه وهكذا يطلق بعض العبارات التي تنطبق على كل الناس تقريبًا. وبعد ذلك يبدأ العراف بملاحظة ردود فعل زبونه على تلك العبارات، وبناءً عليها يقوم بإعطاء تنبؤات تبدو أكثر تفصيلاً ودقة.
مخاطر العرافة:
تقوم معظم أنواع العرافة على فكرة أن ثمة قوىً خفيةً، وغامضةً، تتحكم في حياة الإنسان. ولذلك فإن الاعتقاد بالعرافة قد يسلب الناس ثقتهم بمقدرتهم الذاتية في طرق معيشتهم ومستقبل حياتهم. كما يخسر بعض الناس مبالغ كبيرة من المال مع بعض العرافين المخادعين.يجادل بعض الناس بأن بعض العرافين الشرفاء قد يعطي نصيحة غير مؤذية ـ أو حتى نافعة ـ لبعض الناس الذين يعانون من مشاكل نفسية، وليست لديهم النقود، للذهاب إلى طبيب. إلا أن هناك حالات تهدمت فيها مشاريع وبيوت زوجية لأن الشخص تصرَّف بناءً على مشورة سيئة من عراف.
إن العرافة والكهانة مخالفة تماماً لما قرره الإسلام من أن هذا الكون يسير وفقا لسنن مطَّردة، وقوانين ثابتة لا تتبدل ولا تتحول ﴿فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا﴾ فاطر: 43وأن الأشياء مرتبطة بعضها ببعض ارتباطا سببيا، وأن على المسلم مراعاة هذه السنن الكونية في تصرفاته وتعامله مع الأشياء، وعليه أن يطلب المسببات من أسبابها التي ربطها الله بها . ولذا فلا مجال لمزاعم الدجالين والعرافين والكهّان الذين يدّعون معرفة الغيوب الماضية أو المستقبلية. ﴿ قل لا يعلم مَن في السموات والأرض الغيب إلا الله﴾ النمل: 65 ﴿ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرتُ من الخير وما مسني السوء، إن أنا إلا نذيرٌ وبشيرٌ لقوم يؤمنون﴾ الأعراف: 188وأخبر الله تعالى عن جِنّ سليمان: ﴿لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المُهِين﴾ سبأ: 14وتوعد الرسول ﷺ من أتى عرافا فسأله وصدَّقه(من أتى عرافاً فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) رواه مسلم. وقال ﷺ(من أتى عرافًا أو كاهنا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمّد ﷺ ) رواه أحمد والحاكم بإسناد صحيح. لأن الذي أنزل على محمد: أن الغيب لله وحده وأن محمداً لا يعلم الغيب ولا غيره. قال الله تعالى: ﴿قل لا أقول لكم عندي خزائن الله، ولا أعلم الغيب، ولا أقول لكم إني ملك، إن أتبع إلا ما يوحى إليّ﴾ الأنعام:50