فيصل بن عبد العزيز آل سعود ( Faysal ibn- 'Abdul 'Aziz al- Su'ud )
الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود غفر الله له. |
نشأته وتعليمه:
وُلِدَ الملك فيصل بن عبدالعزيز في صفر من عام 1324هـ، أبريل 1906م، وتربى في بيت آل الشيخ جده لأمه، حيث توفيت أمه بعد أن وضعته بخمسة أشهر. ولأن أمه بنت الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ، نجد أنه نشأ نشأة دينية صالحة. وقد تلقى تعليمه في أصول الدين على يد جده لأمه الشيخ عبدالله بن عبداللطيف. ولما شب وكبر أخذ يتدرب على فن الفروسية والإدارة والسياسة، فكان يحضر مجلس أبيه دومًا، ويستمع بإصغاء إلى أقواله ومحادثاته ومناقشاته، وكان يستفيد كثيرًا من آراء مَنْ يفد على مجلس أبيه، ويستمع إلى مقترحاتهم وتصوراتهم حول كثير من المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية ؛ فصقلت مواهبه مبكرًا.خبرته ومبايعته بالمُلْك:
أمضى الملك فيصل أربعين سنة يعمل في السياسة، ويمارس مهام مسؤوليات الإدارة والحكم خلال حكم أبيه الملك عبدالعزيز، وكذلك أثناء حكم أخيه الملك سعود ؛ فاكتسب بذلك خبرة طويلة في الممارسة والتجربة السياسية أهلته لقيادة الدولة السعودية يوم أن تسلم مقاليد الحكم والقيادة فيها. وقد نودي به ملكًا في 27 جمادى الآخرة من عام 1384هـ، 1964م وعُيّن أخوه خالد بن عبدالعزيز وليًا للعهد.أهم أعماله ومنجزاته:
درّب الملك عبدالعزيز ابنه فيصلاً على الشؤون السياسية منذ صغره، فانتدبه لزيارة بريطانيا وفرنسا نيابة عنه في أعقاب الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918م)، وأرسله لزيارة عدد من دول أوروبا الغربية عام 1344هـ، 1926م لشرح التطورات السياسية في الجزيرة العربية بعد توحيد الحجاز، وضمه إلى بوتقة الدولة السعودية الحديثة، وليقدم لهذه الدول الشكر والامتنان لاعترافها بالدولة السعودية الحديثة. وقد منحته بريطانيا وسامًا رفيعًا منحه إياه ملكها جورج السادس، وهو وسام القديسَيْن جورج وميخائيل. وأردف هذه الزيارة بزيارة أخرى إلى الغرب عام 1350هـ، 1932م إثر تغيير اسم الدولة السعودية من مملكة الحجاز ونَجْد وملحقاته إلى المملكة العربية السعودية.ترأس الملك فيصل وفد المملكة العربية السعودية في مؤتمر لندن المنعقد عام 1358هـ، 1939م لمناقشة القضية الفلسطينية، والمعروف باسم مؤتمر المائدة المستديرة. كما ترأس وفد بلاده ومثّلها في التوقيع على ميثاق هيئة الأمم المتحدة في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1364هـ، 1945م، وكان قبل ذلك قد شارك في كثير من المؤتمرات الأخرى.
في المجال الحربي. أرسل الملك عبدالعزيز ابنه فيصلاً على رأس القوات السعودية المتجهة إلى عسير لتهدئة الوضع هناك والعمل على استتباب الأمن، وكان ذلك في عام 1340هـ، 1922م، وشارك أيضًا في الحرب اليمنية السعودية عام 1352هـ، 1934م. ★ تَصَفح: الدولة السعودية الثالثة.
في مجال الإدارة والحكم. تقلد الملك فيصل عدة مناصب قيادية في عهد أبيه الملك عبدالعزيز وأثناء عهد أخيه الملك سعود ؛ فقد عينه أبوه نائبًا له على الحجاز عام 1344هـ، 1926م، ثم عينه رئيسًا لمجلس الشورى عام 1345هـ، 1927م، ثم أول وزير للخارجية السعودية عام 1349هـ، 1930م ويعد بذلك أول وزير للخارجية في الدولة السعودية الحديثة. ★ تَصَفح: الدولة السعودية الثالثة. وتولى فيصل ولاية العهد في عهد أخيه الملك سعود، ثم أصبح رئيسًا لمجلس الوزراء. ★ تَصَفح:سعود بن عبد العزيز آل سعود.
في المجال الاقتصادي. اعتنى الملك فيصل عناية فائقة بمجال الاقتصاد والمال وشؤون الصناعة والزراعة، وخاصة المشروعات الزراعية مثل مشروع الري والصرف، ومشروع الرمال في الأحساء، ومشروع حَرض الزراعي، ومشروع سد أبها، ومشروع تنمية الغابات، ومشروع تنمية الثروة الحيوانية، وبنك التسليف الزراعي، وغيرها من المشروعات ذات الطابع الاقتصادي. وبناء على ذلك فقد زادت الرقعة الزراعية، واستُثْمرت الأراضي البور، وشُجِّعت المشروعات التي تبحث عن مياه الشرب. واهتمت الدولة بالتنقيب عن المعادن في ربوع المملكة العربية السعودية، وأنشأت لهذا الغرض المؤسسة العامة للبترول والمعادن بترومين، وحرصت الدولة على دعم المشروعات الصناعية ذات الطابع الأهلي.
في مجال التعليم. نال العلم والتعليم في عهد الملك فيصل عناية خاصة ؛ لأنه كان يقدِّر فائدة العلم ودور العلماء في خدمة المجتمع وتقدمه وازدهاره، فشجع بشكل خاص تعليم الفتاة السعودية، ووسع دائرة التعليم العام والتعليم الجامعي، وحدّث أجهزة التعليم ومرافقه ومناهجه، وزاد ميزانيته، وارتفع عدد الطلاب المبتعثين للدراسات العليا والجامعية خصوصًا في مجال التعليم التطبيقي والفني. وقدمت الدولة المنح المالية والكتب الدراسية للطلاب تشجيعًا لهم على تحصيل العلم والاهتمام به والمواظبة عليه.
لم يقتصر ما قام به الملك فيصل من إصلاحات على المجالات التي ذكرت آنفًا، بل تعداها ليشمل الإصلاحات في الشؤون الاجتماعية، مثل الضمان الاجتماعي، ورعاية الشباب، ودور الرعاية الاجتماعية، ودور التربية الاجتماعية، ونظام العمل والعمال، والتأمينات الاجتماعية وغيرها. كما اهتم بتطوير سبل المواصلات البرية والجوية، والعناية بالمواصلات السلكية واللاسلكية وتحسين خدمة السكك الحديدية.
قدَّم الملك فيصل بن عبدالعزيز كل عون ودعم لقضايا العالم الإسلامي وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وتحرير المسجد الأقصى من يد الصهاينة اليهود. ولطالما تمنى أن يصلي في المسجد الأقصى بعد تحريره. وقدم للمسلمين خدمة جليلة يوم أمر بتوسيع الحرمين الشريفين، وظل اسم الملك فيصل وأعماله في سبيل الإسلام والمسلمين ماثلة في أذهان المسلمين وعقولهم.
نهجه السياسي:
تركّز نهج الملك فيصل السياسي على مجموعة من الثوابت من أهمها: حماية البلاد والمحافظة على استقلالها وعلى هويتها العربية والإسلامية في مجال التعاون والتنسيق بين الدول العربية والإسلامية ؛ متمسكًا بميثاق جامعة الدول العربية ومحافظًا عليه وعلى جميع الاتفاقيات والمعاهدات المبرمة بين المملكة وغيرها من الدول. ومن خلال الواجب الإسلامي الملقى على كاهل المملكة العربية السعودية، فقد نشط الملك فيصل في الدعوة إلى التضامن الإسلامي، وإلى التعاون العربي الإسلامي من أجل خير الأمة الإسلامية ومصالحها الدولية ومستقبلها العام ؛ لذا فقد تبنى مشروع حركة التضامن الإسلامي الرامية إلى إقامة تعاون وثيق بين دول العالم الإسلامي قاطبة، ولتقف الأمة الإسلامية في وجه الأخطار التي تهددها وتقتحم ديارها. فدعا إلى عقد مؤتمر إسلامي يكون على مستوى القمة يرجو من انعقاده نفعًا جليلاً للإسلام والمسلمين في شتى بقاعهم. وقد أُنشئت رابطة العالم الإسلامي التي كانت لها الريادة في تنظيم عقد مؤتمر القمة الإسلامي الأول في يوم الأحد 17 من ذي الحجة 1384هـ، 18 أبريل 1965م. ولترسيخ مفهوم دعوة التضامن الإسلامي، قام الملك فيصل بعدة زيارات لبلدان العالم الإسلامي.استشهد الملك فيصل بن عبدالعزيز يوم الثلاثاء الثالث عشر من شهر ربيع الأول عام 1395هـ، 25 مارس 1975م، وخلفه في الحكم ولي عهده الملك خالد بن عبدالعزيز.