الحكاية الخرافية ( Fable )
حكاية الثعلب وعناقيد العنب تحكي قصة ثعلب يريد أن يأكل عنقودًا من العنب في كرم. وبعد أن يدرك أنه لا يستطيع الوصول إلى العنب، يقرر أن العنب ربما كان مر المذاق. |
من بين الحكايات الخياليّة المشهورة حكاية الثعلب وعناقيد العنب والذئب في زي الحَمَل، هذه الحكايات كانت تٌحكى وتٌعاد لأكثر من ألفي عام. ومع ذلك فما زالت لها شعبيتها لأنها توضح حقائق لابد أن يقر ويعترف بها كل شخص تقريبًا. ففي حكاية الثعلب وعناقيد العنب مثلاً، يقرر الثعلب أن بعض عناقيد العنب عالية جدًا، بحيث لا يستطيع الوصول إليها. ولهذا، فهي في رأيه، عنب حامض، على أي حال. وأي شخص يسمع الحكاية يدرك موقف الثعلب على أنه نقطة ضعف يشترك فيها البشر جميعًا. ومغزى الحكاية أن الناس يعبرون عن كُرههم أو عدم استلطافهم لما لا يستطيعون الحصول عليه، تلخصه مأثورة عربية تقول الناس أعداء ما جهلوا.
ابتكرت كل الشعوب القديمة تقريبًا حكايات شعبية فيها شخصيات لحيوانات لها صفات آدمية. والثعلب، مثلاً،كان يصوَّر دائمًا على أنه ماكر، والبومة على أنها عاقلة في بعض الثقافات ونذير شؤم في ثقافات أخرى، وبمرور الوقت، بدأ الناس يحكون الحكايات لتعليم الأخلاق الحميدة، وأصبحت الحكايات خرافية.
ويمكن تعقب أصل الحكايات الخرافية الشعبية في البلاد الغربية إلى بلاد اليونان والهند القديمة. وتُنسب معظم الحكايات اليونانية إلى يعسوب، وهو عبد يوناني عاش في حوالي عام 600 ق.م. اكتسب يعسوب شهرته لقدرته على قص حكايات فيها حكمة وذكاء وفكاهة على لسان الحيوانات. غير أن العلماء لا يعرفون عنه سوى القليل. ومن المحتمل أن الحكايات المعروفة باسم حكايات يعسوب جاءت من عدة مصادر قديمة، وبعض هذه القصص مصدرها الهند.
وقد تأثرت حكايات الشعب الهندي باعتقادهم بأن بني البشر يولدون بعد الموت على هيئة حيوانات. وألَّف رُواة القصص الهنود حكايات كثيرة عن مثل هذا البعث أو الميلاد الجديد، واستخدموه لتلقين مختلف الدروس الأخلاقية. وصلت بعض هذه القصص إلى الغرب في بداية الحقبة النصرانية، وتم ضمها إلى المجموعات الأولى لحكايات يعسوب. خلال القرن الثالث ق.م أو بعد ذلك، جمع الهنود أفضل حكاياتهم في عمل يُسمى بانتشاتانترا. وعبر القرون، أعاد كثير من الكُتّاب رواية الحكايات الخرافية القديمة. وفي الثقافة العربية الكثير من الخرافات التي تعود إما إلى أصل محلي، أو جاءت من ثقافات أخرى كما في كتاب كليلة ودمنة لابن المقفع. ويحكى أن كلمة "خرافة" في العربية جاءت من اسم شخص من بني عذرة يدعى بها الاسم، كان يروي حكايات غريبة.
وفي فرنسا، اشتهر لافونتين بروايته للحكايات الخرافية ذات المغزى النقدي الاجتماعي، والتي كتبت للكبار، لكن الأطفال يفضلونها، كما في حكاية الثعلب والغراب التي تتضمن نجاح التملق.
قام الكثيرون بتقليد لافونتين. ومن أنجحهم إيفان كرايلوف، وهو شاعر روسي عاش أوائل القرن التاسع عشر الميلادي. ترجم كرايلوف حكايات لافونتين إلى اللغة الروسية، وكتب كذلك كثيرًا من الحكايات بنفسه، وكانت حكاياته توجه أساسًا للكبار. إلا أنها أصبحت أكثر قصص الأطفال شعبية في روسيا.
★ تَصَفح أيضًا: أدب الأطفال ؛ التراث الشعبي ؛ حكايات يعسوب ؛ الخرافة ؛ القصة الرمزية ؛ لا فونتين، جان دي ؛ كليلة ودمنة.