يعتبر ناصر السعيد أول معارض لنظام الحكم في السعودية منذ نشوئها عام 1932.
ولد ناصر السعيد في مدينة حائل شمال وسط الجزيرة العربية عام 1923 (أي بعد سقوط حائل بيد عبدالعزيز آل سعود بعام واحد).
انتقل إلى الظهران عام 1947 للعمل في استخراج النفط وتكريره مع شركة ارامكو وعاش مع بقيه العمال السعوديين ظروفاً معيشية صعبة فقاد مع زملاءه هناك سلسلة من الإضرابات للمطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية والسكنية ورضخت الشركة لممطالبهم. وفي عام 1953 قاد ناصر إنتفاضة العمال للمطالبة بدعم فلسطين وتم اعتقاله وارسل إلى سجن العبيد في الإحساء وافرج عنه لاحقاً وحكم عليه بالإقامة الجبرية في مدينة حائل، وبعد وفاة الملك عبدالعزيز اقيم حفل استقبال للمك الجديد (سعود) في مدينة حائل القى فيه ناصر السعيد خطاباً طالب فيه بإعلان دستور للبلاد وبإصلاح وتنظيم الموارد المالية للدولة وحماية الحقوق السياسية وحقوق حرية التعبير للمواطنين وحقوق الشيعة، وفي عام 1956 غادر من حائل إلى مصر بعدما وصلته معلومة عن صدور أمر بالقبض عليه وإعدامه.
اشرف ناصر السعيد على برامج إذاعية معارضة للحكم السعودي في إذاعة صوت العرب في مصر ثم انتقل إلى اليمن الجنوبي عام 1963 وانشأ مكتب للمعارضة هناك. انتقل بعدها إلى دمشق ثم إلى بيروت التي اختطف فيها في 17 ديسمبر 1979 لصالح الدولة السعودية.
فهرس
|
لقد ولد ناصر السعيد بعد سقوط حائل في يد عبد العزيز بعام واحد أي سنة 1923 حيث كانت كراهية اهل حائل لابن سعود علي اشدها الي درجة انهم كانوا يطلقون علي المواليد الذين يولدون بعد سقوط حائل اولاد السقوط ،يقول ناصر انهم نظروا اليه حين مولده نظرة عدم استحسان "وكأنهم لا يريدون ان لا يولد أحد بعد سقوط حائل بيد الاعداء".
وفي هذا المناخ تربي ناصر السعيد علي كراهية ال سعود ،حيث كانت جدته حسنا السعيد تجمع النساء كل يوم خميس ،وتلقي فيهن محاضرات أشبه ما تكون بالسياسية ، وقد ذكر ناصر السعيد اسماء بعض ضحايا اسرته في الدفاع عن حائل ومنهم عبد الله العيسي السعيد وعيسي السعيد وسليمان السعيد وفهد السعيد .
ويذكر ناصر انه دخل السجن مع جدته حين كان صبيا ، اذ رفضت جدته صدقة ارسلها اليهم والي حائل عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي مع أحد الخدم ،فما كان من الجدة العجوز الا ان ضربت الخادم ،فقبض عليها ،وقبل الافراج عنها بواسطة اهل حائل حرص الوالي عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي علي شتمها ،وكان ذلك سنة 1930.
في 17 سبتمبر 1947 قاد ناصر السعيد مظاهرة اسماها يوم فلسطين، في مدينة رحيمة ، وطالب برفض تقسيم فلسطين وقطع النفط عن أمريكا وبريطانيا، واسرع امير رأس تنورة الامير تركي بن عطيشان بتهدئة المتظاهرين، ورفض ناصر، فأمر ابن عطيشان باعتقالهم وحملهم الي سعود ابن جلوي حاكم الاحساء، فاطلق الامير سراحهم .وفي نفس العام 1947 اصدرت ارامكو قانون تنظيم العمل والعمال في ستين مادة يضع نظام تصاريح العمل ويحظر انشاء نقابات او جمعيات عمالية لذلك قام ناصر سنة 1952 بتكوين لجنة لتمثيل العمال والمطالبة بحقوقهم فاعتقلتهم السلطات لولا الاضراب الذي قام به جميع العمال في أكتوبر 1952 احتجاجا علي سجنهم ،ولقيت الشركة خسارة فادحة ،فاضطرت السلطات الي اطلاق سراحهم ،وتم نفيه الي مسقط رأسة حائل .
ثم عاد الي العمل في الشركة سنة 1953 بضغط كبير من العمال ليقود اخطر اضراب تزعمته اللجنة التي انشأها ناصر في الظهران وكانت تمثل 6500 عامل ،وطالبوا بزيادة الخدمات الاجتماعية وزيادة الاجور والحق في تشكيل نقابة عمالية ،وقدموا طلبا بذلك لولي العهد الامير سعود فرفض طلبهم وامر باعتقال ناصر واعضاء اللجنة ،وتشكيل لجنة تحريات لتقصي اسباب مطالبة العمال بتشكيل نقابة لهم . وادي اعتقال ناصر وزملائه لاستنفار العمال لاضراب اشد اشترك فيه 13 الفا من عمال ارامكو في كل مناطق الانتاج في الظهران و رأس تنورة، فاضطرت السلطات السعودية لارسال قوات مسلحة في المنطقة الشرقية ،وامر ولي العهد العمال بالعودة للعمل تحت التهديد بالطرد والفصل فلم يسمع له العمال، فامر باعتقال المزيد منهم . وتم تدارك الامر بالعفو عن ناصر ورفاقه المسجونين في سجن العبيد بالاحساء ، مع اخذ تعهد عليه بالاقامة الجبرية في حائل ، و ادخلت ارامكو اصلاحات اقتصادية مع دعم للغذاء والكساء ، وانشأت أول مدرسة لأطفال العمال ، وتخفيض ساعات العمل ،وتشكيل لجنة اتصال بين العمال والادارة .
اما ناصر فقد اطلق سراحه ،وفي الطريق علم بوفاة الملك عبدالعزيز واستعداد الحاكم الاداري والامارة في حائل لاستقبال الملك الجديد سعود ومبايعته ،وطلب منه امير حائل ان يلقي خطاب ترحيب بالملك (كعلامة على عودته لجناح السلطة، فوافق ناصر على الطلب فورا وقد قرر أن يستغل الفرصة) ، فالقي امام الملك الجديد خطابا وضع فيه مطالب الشعب (سيأتي تفصيل ذكرها في الفقرة اللاحقة) ،مما جعل الملك سعود يخرج غاضبا عازما علي اعتقاله، إلا أن عمال شركة ارامكو أرغموا الحكومة - عبر الضغط على الشركات الأميركية بالإضراب -على عودة ناصر السعيد إلى عمله في الشركة.
وفي عام 1956 اتسعت حركة ناصر السعيد لتعبر عن الحركة الناصرية ،فقاموا باضراب شامل بمطالب سياسية ، فأمر الملك سعود باعتقال قيادات العمال ،واصدر مرسوما ملكيا في 6 نوفمبر 1956 يجرم الاضراب ويعاقب القائمين به بالسجن .كما امر سعود باغتيال ناصر السعيد ،فأشعره صديق له من الحرس الملكي بذلك فهرب الي بيروت .
وبعد خروجه من السعودية وخصوصا خلال الستينيات اصبح ناصر السعيد معارضا للسعودية من الخارج ينشر البيانات ويحرض ضد النظام ،وانشأ ما اسماه (اتحاد شعب الجزيرة العربية ) ذات التوجه الناصري الاسلامي .
وبعد انفصال سوريا عن مصر سنة 1961 م لوحق ناصر السعيد من قبل الانفصاليين و السعوديين، فغادر دمشق الي بيروت ومنها الي القاهرة حيث اشرف علي برنامج (صوت العرب) من برج القاهرة ،وكانت اذاعة موجهة ضد السعودية وضد الانفصال في دمشق وضد حكام الخليج (الرجعيين )حسب قوله.
وفي 1962 افتتح من صوت العرب برنامج (اعداء الله ) الموجه ضد السعودية ، واشتعلت ثورة اليمن سنة 1962 فانتقل ناصر السعيد الي اليمن حيث افتتح مكتبا للمعارضة واشرف علي برنامج اذاعي تحت اسم اولياء الشيطان، كما قاد الكفاح المسلح من الحدود اليمنية .
وجاءت هزيمة 1967 لتقضي علي نشاطه السياسي ،اذ حوصر بعد مؤتمر الخرطوم وعودة العلاقات بين عبدالناصر والملك فيصل، واضطر ناصر السعيد للتنقل متخفيا بين (العراق وسوريا ومصر واليمن وليبيا )وبعد مقتل الملك فيصل واعلان الملك خالد العفو عن السجناء السياسيين في الخارج عاد الجميع الا ناصر السعيد ،حيث ظل في الخارج .
ثم حين اندلعت ثورة جهيمان العتيبي في الحرم واضطرابات المنطقة الشرقية في نوفمبر 1977 غادر ناصر السعيد بيته في دمشق وذهب الي بيروت ليهاجم السعودية في وكالات الانباء والصحف ،فاختفي في يوم 7 /12 /1977 حيث يقال أن أحد أصدقائه من قادة منظمة فتح استدرجه إلى فخ منصوب وسلمه للمخابرات السعودية.
بعد فرض الإقامة الجبرية على ناصر السعيد، في مدينة حائل، توفي الملك عبدالعزيز وتولى الحكم من بعده ابنه الملك سعود. وبعد أن تولى سعود الحكم قام بزيارة لمنطقة حائل، فألقى ناصر السعيد خطاباُ هناك، في 11 ديسمبر 1953 جاء وكأنه إعلان معارضة، أو هو البيان الأول لـ " اتحاد شعب الجزيرة العربية " وهذه مقتطفات منه :
وعن أرامكو يقول :
المطالب التي ناضل من اجلها ناصر السعيد ضمنها خطابه الذي القاه امام الملك سعود في مدرسة حائل في 11 ديسمبر 1953 وذكرها في كتابه (تاريخ آل سعود ) ثم شرح هذه المطالب وفصلها في الرسالة التي بعثها الي الملك سعود من القاهرة ضمن منشورات الاحرار في 1 يوليو |1958 .ومن الخطاب والرسالة تتحدد مطالب ناصر السعيد في الاتي :
وحين يدعو في الرسالة الي التجنيد فانه يري في التجنيد لهم تنمية بشرية ،يقول (تدريب جيش الاخوان البدو عسكريا وضمه الي الجيش النظامي …ورفع مستوي الجيش عسكريا وثقافيا واجتماعيا وسن قانون التجنيد الاجباري ، كذلك رفع مستوي الشرطة الثقافي والاجتماعي ).
ويلتفت الي المساجين فيطالب بتحويل السجون الي اداة تعليم وتهذيب، واطلاق سراح السجناء السياسيين ،وارجاعهم الي عملهم وتعويضهم وتعويض اسر شهدائهم ،ومعني هذا اطلاق حرية النخبة المثقفة في بناء وعي المواطنين و احداث تنمية بشرية .
ومن وجهة نظره يرتبط بملاحقة الفساد (ايجاد ميزانية للمصروفات والواردات في كافة انحاء الدولة تتماشي مع حفظ ثروة الشعب وتعمير البلاد ، ووضع حد للتبذير ووسائل الترف والتصرفات الشخصية في ميزانية الدولة واموال الشعب . كبناء القصورو استيراد السيارات والكماليات ، وانواع الرقيق ، والزواج بالمئات من النساء ، وصرف الاموال في سبيل الشهوات والهبات والصداقات والعادات السنوية والرشوات ، والرحلات الملكية التي تنفق فيها الملايين بلا حساب )..
وفي موضع اخر يطالب بتطهير جهاز الدولة من جميع الدخلاء والخونة والحكام المرتزقة والجهلاء والظلمة ومحاسبة اللصوص الكبار الذين سرقوا مال الشعب مهما كانت مراكزهم وقرابتهم للبلاط الملكي ، واسترداد اموال الشعب المسروقة ليعاد استخدامها في سبيل المرافق العامة، وتأمين حاجات العجزة والمتسولين من ضحايا الظلم كمقطوعي اليد والارجل ومنكوبي السيول والحرائق .
وبالتالي فان ناصر السعيد لا يري ان اجهزة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تقوم بواجبها الشرعي ، لذلك نراه يطالب ليس فقط بألغائها ولكن بألغاء نفوذ آل الشيخ ، يقول (تحطيم الطغيان الديني المزيف الممثل بأفراد من آل الشيخ الذين استغلوا الدين (البرئ من دين محمد )لأغراضهم الشخصية وايذاء الشعب ، والغاء هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنها بعكس اسمها تأمر بالمنكر وتنهي عن المعروف ، وتوظيف افراد هذه الجماعات في اعمال اخري نافعة للشعب ولا يضار بها الشعب ، فالشعب ليس بحاجة الي توجيه وارشاد من حكومة فاسدة ).
ويرتبط بهذه النظرة رأيه في حرية الفكر والرأي ومطالبته باطلاق سراح السجناء السياسيين ، وحتي مع كراهيته للعاملين في هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ومطالبته بالغائها ،فانه يطالب بان يعملوا في مهن اخري مفيدة ولا يطالب بمصادرة حقهم في العمل .
له عدة كتب من أهمها: