الرئيسيةبحث

محمد حسين زيدان

محمد حسين زيدان، أديب وشاعر وناثر ومؤرخ وفيلسوف ونسّابة وفقيه ومجرّب وعلاّمة في علم الانسان وعلم الحديث ومنابر الخطابة والمحافل والمجالس، ومن طلائع الخطاب النهضوي في الحجاز. من مواليد المدينة المنورة (1914-1992). إلتحق بالمدرسة النظامية الابتدائية بينبع البحر، بعد أن كان قد تعلم القراءة في سوق الحراج كما كان يحب أن يتباهى دائما، ثم إلتحق بالمدرسة العبدلية بالمدينة، والتي سميت فيما بعد بالمدرسة الراقية الهاشمية ونال شهادتها في أواسط عام 1925م، ثم إلتحق الزيدان بالمسجد النبوي الشريف، وتلقى العلم على أيدي مشايخه الكبار.

أنا عربي.. سواء كنت من ذوي الأعراق، أو من ذوي الاستعراق! أحارب الحيف، وأُكرم الضيف. يطعني السيف، أتمرد على العدالة، ويأخذني الظلم إلى الاعتدال. أصبر على الجوع، وأتستّر على الشبع. بالشظف أسُود، بالترف أُستعبد.. أيستعبدني أحد.. وأنا بالترف تستعبدني الشهوات.. وهذا حالي أصف به نفسي، كأّي نفس عربية تعيش اليوم!.



من مؤلفاته:

عن كتاب "ذكريات العهود الثلاثة :

انها ذكريات لواحدٍ من أهم كُتاب المملكة على الاطلاق، وأحد رواد الحركة الأدبية ذكريات يجد فيها المرء الصحو والمطر، والحزن والمرح، والجدية والظُرف، والتاريخ والأدب، وفن السيرة، والمذكرات، والرحلات.. كتاب ينبض نضارة وحيوية ولغة، رصانتها طراوة بعيدة عن التكلس والسّمِج المتعالي.. فالزيدان تنوع في المعرفة، صدق فيه قول الأديب عبدالله الجفري: موسوعة تمشي على قدمين. كتاب تتجلى فيها الشخصية العربية في أبها صورها، ونموذج لرواج التراث والمعاصرة في أحد تجلياته الهامّة.

في كتاب الزيدان يعيش القارئ فرحة الإلتقاء بالينابيع، ومعظم ما ننادي به اليوم من أفكار معاصرة نجد جذورها لدى الانسان الأعرابي النقي الذي صوّره الزيدان باتقان، والذي عاش التقشف، وعرف الألم الجسدي، يتجلد مرضا وعلاجا قديما، وكيّا بالنار: لو كشفتم جسدي لوجدتم فيه أكثر من ثلاثين كيّة، وعاقر الأحزان الروحية، لكنه روّضها، وامتطاها حصانا يركض به براري الابداع حتى أفق الضوء والمحبة الانسانية، لا مباليا بماديات هذا العالم الفاني، نافيا عن نفسه تهمة الثراء، مُطمئنا عاشقي حرفه إلى افلاسه، مع بيان مفصل بديونه وكيفية سداده لها، معزيا ذاته عن شائعة ثرائه قائلا: لأكون الرجل المُحسّد، خيرا من أكون الرجل المشفق عليه!

لقد آمن الأولون دائما بأن قطع جذور الشجر لا يساهم في التعجيل بنموها، وبالمقابل فإن التراث لم يوجد لنكرر ما فعله أجدادنا العظام، بل لنتابع الرحلة ونحن نهتدي بتجربتهم. وكتاب زيدان بهذا المعنى، كنز من المعارف والخبرات، وذكرياته خلال عهود تاريخية ثلاثة ليست يوميات ذاتية فحسب، بل صورة وطن عربي في مضائق تحديات العصر، عبر عين مرهفة دافئة بعيدة عن التصوير الفوتوغرافي البارد، وعن الأيديولوجية المحمومة في آن .. وقد نجح الزيدان بذلك الكتاب في تأصيل الانتماء العربي الاسلامي، ووصل الماضي بالحاضر الواعد، لأن الأمة التي تجهل تاريخها تجهل طريقها.. وهذا الخط العام يتحرك ضمن رؤية شمولية كلها رحابة، لا تفوتها تثبيت كل ما من شأنه التأكيد على وحدة العرب المسلمين أو كشف فضل العرب المسيحيين على اللغة العربية مثلا.. فهكذا كانت جميع الدول العربية أوطانا للزيدان: وطني ليس هو الحوش الذي ولدت فيه، أو المدينة التي ولدتني، أو المملكة التي حفظتني.. بل وطني كل هذا العالم العربي. وهكذا يكون الآباء اليسوعيون، واليازجيون، والمعلوفون، وسواهم: عربا لا طائفيين، لم يكن هواهم إلا خدمة العروبة، وخدمة اللغة، كانوا طلائع النهضة.