الرئيسيةبحث

عبد الحسين شرف الدين الموسوي



فهرس

مقدمة

السيّد عبدالحسين شرف الدين الموسوي (1290هـ - 1377هـ), عالم دين, مفكر و قائد وطني كبير من جبل عامل (جنوب لبنان). قاد حركة النضال من أجل الوحدة العربية و التحرر من المحتل الفرنسي. كان له تأثير كبير على الواقع السياسي و الإجتماعي في جبل عامل جنوب لبنان. أبصر النور السيّد شرف الدين في مدينة الكاظميّة العراقية حيث كان يعيش ابواه سنة 1290 هجريّة. يتّصل نسبه بالإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السّلام سابع أئمة الشيعة من ولد الحسين عليه السلام. تعلم السيّد شرف الدين على والده و عدد من أعلام العلماء في العراق انذاك أمثال الآخُونْد محمّد كاظم الخُراسانيّ، و شيخ الشريعة الإصفهانيّ، والسيّد كاظم اليزديّ، والسيّد إسماعيل الصدر، والسيّد حسن الصدر. بلغ مرتبة الإجتهاد في سنه الثانية والثلاثين وأصبح معروفاً في الأوساط العلميّة بصورةٍ قلّما حَظِي بمِثلها عالمٌ قبلَه في مثل سنّه. بعد قضاء فترة في العراق عاد السيّد شرف الدين إلى وطنه في لبنان، وكانت عودته يوماً مشهوداً في تاريخ جبل عامِل. وقد بدأ من مدينة صور حركة إجتماعية سياسية رائدة شكلت علامة فارقة في تاريخ تلك المنطقة.

في مواجهة الإستعمار

رفض السيد شرف الدين الإحتلال الفرنسي و الإنكليزي لبلاد العرب و وقف بشدة ضد تقسيم المنطقة. و قد ترأس مؤتمر وادي الحجير و أعلن الجهاد ضد المحتلين. طارد المحتل الفرنسي السيد شرف الدين مم سبب لجؤه إلى دمشق و ثم اضطر السيد إلى الهجرة مجدداً بعد احتلال الفرنسيين للشام فغادرها إلى فلسطين ومنها إلى مصر ، وقد وصل وهو متنكر في زي عربي وراء كوفية وعقال . ثم ترك مصر في أواخر سنة 1338 و ذهب إلى فلسطين ليقيم في قرية تسمى علما وهي واقعة على حدود جبل عامل وكانت تحت حكم الإنكليز و ذلك ليبقى قريبا من أهله. عاد إلى لبنان السيد شرف الدين إلى لبنان نتيجة تدخل العالم الكبير السيد حسن الصدر الذي كان له شأن كبير ومقام رفيع عند الزعماء والشعب في العراق. وحين اطمأنت نفسه بما وعدته به السلطة، عاد إلى جبل عامل، ولم تسمح نفسه بأن يعود والمجاهدون مبعدون، لذلك جعل بيروت طريق عودته ـ وطريقه بعيدة عنها ـ ليستنجز العفو العام عن المجاهدين، وكذلك كان، فانه لم يخرج من بيروت حتى كان المجاهدون في حل من الرجوع إلى وطنهم وأهليهم.


أما خدماته المناضلة ضد الاستعمار الأجنبي فحدث عنها ولا حرج ولا يتسع مجالنا هذا لتفصيل القول في ذلك النضال، إن خدماته العظيمة في العهد التركي، ثم في العهد الفرنسي، ثم في أيام الاستقلال، كانت امتدادا لحركات التحرير، وارتقاء بها نحو كل ما يحقق العدل ويوطد الأمن، وينعش الكافة على أن السلطات في العهود كلها لم تأل جهدا في مقاومته، ومناوأة مشاريعه بما تقاوم به السلطات الجائرة من الدس والاضطهاد وقتل المصالح، ولعل المحن التي كابدها هذا الإمام الجليل في سبيل إسعاد قومه، لم يكابد نارها إلا أفذاذ من زعماء العرب وقادتهم، ممن ابلوا بلاء‌ه وعانوا عناء‌ه.


حياته العلمية

وقد يلوح مما قدمنا أن المشاكل الاجتماعية المتراكمة من حوله، تصرفه عن النظر في حياته العلمية، وتزحزحه عن عمله الفني. والواقع إن رجلا يمنى بما مني به (سيدنا) ينصرف عادة عما خلق له من علم وتأليف، فإن ما يحيط به من المشكلات يضيق بالنظر في أمر المكتبة، والكتابة، لولا بركة وقته، وسعة نفسه، وقدرة ذهنه.

فهو ـ على حين انه يوفي حق تلك المشكلات الشاغلة ـ يوفي حق علمه فيبلغ من المكتبة نصيب الذي تحتاجه حياته العلمية، وهو منذ ترك النجف الاشرف على اتصال مستمر بالبحث والمطالعة والكتابة والمناظرة. يخلو كل يوم في فتراته إلى مكتبته يستريح إلى ما فيها من موضوعات، وينسى من وراء‌ها من حياة مرهقة لاغبة.


مؤلفاته

وليس أدل على هذا من إنتاجه، هذا الإنتاج الغزير الثري النبيل. وإن مؤلفاته لتشهد بأنه من الحياة العلمية، كمن ينصرف إليها، ولا يشغل بغيرها، وأدل ما يدل منها على ذلك، كيفية مؤلفاته لا كميتها، فهي وإن كانت كثيرة حتى بالقياس إلى رجل يتفرغ إليها، فإنها من الاصالة، والعمق، والاستيعاب، حيث لا تدل على إن مؤلفها رجل يمتحنه الناس بتلك المشاغل، ويبتلونه بما عندهم من مشاكل، فهي بما فيها من قوة، ومتانة، وغور، ونحت وتفكير، أدل على اتصاله الدائم بحياته العلمية من جهة، وأدل على فضله وخصوبة سليقته، من جهة أخرى.

بهذا الميزان يرجح علم الرجل وفضله، ثم يرجح به امتياز ما كتب، وهو امتياز قليل النظير، فإن المؤلفين المكثرين، كثيرا ما تظهر عليهم السطحية، ويميز كتبهم الحشو، أما السيد شرف الدين فليس فيما قرأنا من مؤلفاته مبتذل سطحي، ولا رخيص سوقي، بل كل ما كتب أنيق رقيق، رفيع عميق، يجمع بين سمو الفكر وترف اللفظ، وهو ما أشرنا إليه في صدر كلامنا من كونه حريصا على المزاوجة بين علمه وفنه، فإذا قرأت فصلا علميا خالصا خلت ـ لقوة أسلوبه ونصاعته ـ أنك تقرأ فصلا أدبيا يروعك جماله المستجمع لكل العناصر الأدبية.

على أنا حين نتجاوز هذه النقطة، فمؤلفاته كثيرة من حيث الكمية أيضا، وهذا يضاعف القيمة،

إنه يدل على ملكة خصبة أصيلة لا يؤخرها أشد العوائق عن الإتقان، وإنها لتثبت له بطولة فكر، واليك ثبتا بآثار هذه البطولة:

1 ـ المراجعات:

هذا نموذج صادق لما كتب، طبع في مطبعة العرفان بصيداء سنة 1355 ونفدت نسخه، وترجم إلى اللغة الفارسية، واللغة الإنكليزية، واللغة الاوردية أيضاً.

2 ـ الفصول المهمة في تأليف الأمة:

كتاب من أجل الكتب الإسلامية، يبحث مسائل الخلاف بين السنة والشيعة على ضوء (الكلام) والعقل والاستنتاج والتحليل. تم تأليفه سنة 1327 هـ، وطبع مرتين بصيدا ـ جبل عامل ـ زاد فيه بالطبعة الثانية سنة 1347 هـ، والفصول المهمة يغنيك عن مكتبة كاملة في موضوعه. يقع في 192 صفحة قطع النصف.

3ـ أجوبة مسائل موسى جار الله:

كتاب على صغر حجمه، عظيم الاحاطة واسع المعلومات، وهو كما يدل عليه اسمه، أجوبة عن عشرين مسألة سأل بها موسى جار الله علماء الشيعة، وهو يظن إن فيها شيئا من الإحراج، كتكفير الشيعة، لبعض الصحابة، ولعنهم، وكنسبة القول بتحريف القرآن للشيعة، ونسبة تحريم الجهاد إليهم أيضا، وكمسائل البداء والمتعة والبراءة والعول وما إلى ذلك، فكانت أجوبة من أشدّ ما يكون، تستقي من العلم والتوفر، وتقوم على البرهان والمنطق فلا تترك أثرا للشك، ولها مقدمة في الدعوة إلى الوحدة، وخاتمة في جهل السائل بكتب الشيعة، وفي بعض ما في كتب السنة من أخلاط. يقع في 152 صفحة من القطع الصغير، طبع في مطبعة العرفان بصيدا سنة 1355 هـ 1936 م.

4 ـ الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء:

تقع في 40 صفحة من قطع النصف طبعت مع الفصول المهمة في الطبعة الثانية، وهي من أعمق الدراسات وأصحها منهجا واستنتاجا.

5 ـ المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة:

طبع منها المقدمة وتقع في اثنين وسبعين صفحة بقطع النصف يشرح فيها فلسفة المآتم الحسينية وأسرار شهادة الطف شرحا دقيقا رائعا.

6 ـ أبو هريرة:

طبع سنة 1365 هـ، بمطبعة العرفان في صيدا وهو نسق جديد في التأليف وفتح في أدب التراجم بطراز المستوعب المحلل، ولعله من اجل ما تخرجه المطابع الحديثة بحثا وعمقا وأسلوبا. يبحث حياة أبي هريرة وعصره وظروفه وعلاقاته وأحاديثه وعناية الصحاح الست بروايته على ضوء العلم والعقل.

7 ـ بغية الراغبين:

(مخطوط) كتاب عائلي خاص يؤرخ لشجرة (شرف الدين) ومن يتصل بهم من قريب، وهو كتاب ضخم جليل ممتاز في أدب التراجم بطريقته الخاصة، وتنسيقه المتقن، وربما ترجم بعض الأعلام من أساتذة المترجمين في الكتاب وتلامذتهم وقد يترجم عصورهم وظروفهم، وبهذا تقف منه على كتاب أدبي ممتع رائع، بل انه تاريخ أجيال، بتاريخ رجال.

8 ـ فلسفة الميثاق والولاية:

وهي رسالة فذة في موضوعها، طبعت في صيدا سنة 1360 هـ.

9 ـ ثبت الإثبات في سلسلة الرواة:

ذكر فيه شيوخه من أعلام أهل المذاهب الإسلامية بكل متصل الإسناد بالنبي (صلى الله عليه وآله) وبالأئمة (عليه السلام).

10 ـ مسائل خلافية:

في بعض الفروع تكلم فيها على المذاهب الخمسة طبعت في مطبعة العرفان بصيدا سنة 1370 هـ.

11 ـ رسالة كلامية:

حول الرؤية طبعت بصيدا سنة 1371 هـ. طبع معها ـ فلسفة الميثاق والولاية ـ طبعة ثانية.

12 ـ كتاب إلى المجمع العلمي العربي بدمشق:

طبع بصيدا سنة 1369 هـ، بحث فيه مع رئيس المجمع الأستاذ كرد علي وناقشه الحساب فيما نسبه إلى الامامية متجنيا عليهم.

13 ـ الاجتهاد مقابل النص.

14 ـ شرح التبصرة في الفقه على سبيل الاستدلال:

خرج منه ثلاثة مجلدات تتضمن كتب الطهارة والقضاء والشهادات والمواريث.

15- تعليقة على الاستصحاب من رسائل الشيخ:

في الأصول ومجلد واحد.

16- رسالة في منجزات المريض.

17- سبيل المؤمنين ـ في الإمامة ـ يقع في ثلاثة مجلدات.

18- النصوص الجلية في الإمامة أيضا فيه أربعون نصا اجمع على صحتها المسلمون كافة، وأربعون من طرق الشيعة مجلوة بالتحليل والفلسفة.

19- تنزيل الآيات الباهرة في الإمامة وهو مجلد واحد يبتني على مائة آية من الكتاب نزلت في الأئمة بحكم الصحاح.

20- تحفة المحدثين فيما اخرج عنه الستة من المضعفين وهو كتاب بكر في الحديث لم يكتب مثله من قبل.

21- تحفة الأصحاب في حكم أهل الكتاب.

22- الذريعة رد على بديعة النبهاني.

23- المجالس الفاخرة أربعة مجلدات، الأول في السيرة النبوية، والثاني في سيرة أمير المؤمنين والزهراء والحسن، والثالث في الحسين، والرابع في الأئمة التسعة (عليهم السلام).

24- مؤلفو الشيعة في صدر الإسلام، نشر بعض فصوله في مجلة العرفان بصيدا.

25- بغية الفائز في نقل الجنائز، نشر أكثرها في العرفان.

26- بغية السائل عن لثم الأيدي والأنامل، رسالة علمية أدبية، فكاهية، فيها ثمانون حديثا من طريقنا وطريق غيرنا.

27- زكاة الأخلاق، نشرت العرفان بعض فصوله.

28- الفوائد والفرائد كتاب جامع نافع.

29- تعليقة على صحيح البخاري.

30- تعليقة على صحيح مسلم.

31- الأساليب البديعة في رجحان مآتم الشيعة يبتني على الأدلة العقلية والنقلية.

ومؤلفاته كلها تمتاز بدقة الملاحظة، وسعة التتبع وشمول الاستقصاء وصحة الاستنتاج، وشدة الصقل، وأمانة النقل وترابط الجزاء.


أسفاره

آثاره وإنشاء‌اته


وفاته

كانت يوم الاثنين 30 كانون الأول سنة 1957 الموافق في 8 جمادى الثانية سنة 1377 هـ، ثم دفن بناء على وصية منه في النجف الاشرف بجوار جده الإمام علي بن أبي طالب داخل الصحن في إحدى الغرف المحيطة بالضريح.

روابط http://www.14masom.com/aalem-balad/11/11.htm