فهرس |
شارل حبيب مالك (1906-1987), سياسي و دبلوماسي و مفكر لبناني أرثودكسي. كان العربي الوحيد الذي شارك في صياغة وإعداد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في ديسمبر 1948 بصفته رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة [1]. شغل منصب وزير الخارجية بين نوفمبر 1956 و سبتمبر 1958. كما شغل منصب وزير التربية و الفنون الجميلة من نوفمبر 1956 حتى أغسطس 1957 في حكومة سامي الصلح في عهد الرئيس كميل شمعون. ترأس الجمعية العامة للأمم المتحدة بين عامي 1958 و 1959. ساهم في بدايات الحرب الأهلية اللبنانية في تأسيس الجبهة اللبنانية و كان من أبرز منظريها مع الدكتور فؤاد أفرام البستاني, و قد كان الوحيد بين أقطابها الذي لا ينتمي إلى الطائفة المارونية. توفي في بيروت في 28 ديسمبر 1987 بعد صراع مع مرض السرطان.
شارل مالك (هناك جادة تحمل اسمه في بيروت، والنعم). وما يعلم اللبنانيون واللبنانيات عن شارل مالك هو نتاج نفس الانتاج الاسطوري الخيالي الذي يسم الفكر والسياسة والثقافة في لبنان. ويفخر اللبنانيون (واللبنانيات) بدور شارل مالك في كتابة شرعة حقوق الانسان بإشراف أميركي مباشر. وقد صدر كتابان في السنوات القليلة الماضية عن هذا الموضوع ويمكن الجزم بمبالغة الرواية اللبنانية عن دوره في كتابة تلك الشرعة. كان شارل مالك يطمح لأداء دور بالنيابة عن الولايات المتحدة، كما انه شبّع مشروع نصه الاول بأفكار يمينية ومسيحية متطرفة ما لبث أن رفضها الآخرون، بسرعة. ومن المعلوم أن شارل مالك كان خطيباً في ندوات وحلقات التنظيمات اليمينية المتطرفة (المعادية لل شيوعية) في الولايات المتحدة في الخمسينيات. وصاحبكم مالك كان يعتقد أن خدماته ضد الشيوعية ستُقابلها الحكومة الاميركية بعرفان الجميل، لكن آماله خابت في حرب 1958 عندما اختارت حكومة ايزنهاور التفاهم مع عبد الناصر تاركة الحكم الشمعوني للغضب الشعبي. كان شمعون ومالك يظنان أن إنزال المارينز كان من أجل التمديد. وهناك جانب مجهول عن شارل مالك لم يظهر بعد في الصحافة اللبنانية. فمذكرات أبا إيبان (وكتب أخرى عن تلك المرحلة) كشفت النقاب عن صداقة بين ممثل إسرائيل في الأمم المتحدة وممثل الدولة اللبنانية العليّة. كان إيبان ومالك يتبادلان النكات والملاحظات الساخرة من الموقف العربي، في الوقت الذي كلفت فيه الجامعة العربية شارل مالك بتمثيل الموقف العربي في الأمم المتحدة. ولا يزال الوطن اللبناني مفعماً بالفخر بدبلوماسية شارل مالك.
قام الكندي جون همفري بوضع مسودة للإعلان، فوضع 400 صفحة بناء على تكليف اللجنة الثلاثية المؤلفة من روزفلت وتشانغ ومالك، ولما كان من غير العملي أن يصدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 400 صفحة، فقطعت اليانور روزفلت الجدل بقرار حاسم جرى بموجبه تكليف رينييه كاسان وضع مسودة مختصرة واضحة ودقيقة، على أن يستنير برأي شارل مالك في كل فقرة من فقراتها، فاعتمد كاسان على "إعلان حقوق الإنسان والمواطن" الصادر عن الثورة الفرنسية عام 1789، وشرعة "الماغتا كارتا" الصادرة عن نبلاء بريطانيا العظمى سنة 1215، وعمل على اختصار الإعلان العالمي في ثلاثين مادة مستعيناً بشارل مالك في بلورة نصوصه وصياغته باللغة الانكليزية التي كان يجهلها والتي كانت ولا تزال اللغة الأولى في الأمم المتحدة. وهكذا انطبعت الوثيقة بأفكار مالك وظهرت في متنها بصماته الدامغة فضلاً عن تفرده بوضع المقدمة. وكان واضحاً إصراره على المواد 18 التي تنص على حرية التفكير والضمير والدين، والمادة 20 (حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية وعدم إكراه أي إنسان في الإنضمام إلى جمعية ما، والمادة 26(حق الإنسان في التعليم)، واستطاع كاسان الفرنسي بدبلوماسيته الفائقة وخبرته القانونية من التوفيق بين القائلين بحقوق الفرد والمدافعين عن حقوق الجماعة[1].
لم يكتفِ مالك بموقعه كمقرر في اللجنة العالمية لحقوق الانسان. فعام 1948 ترأس اللجنة الثالثة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية أثناء دراسة الاعلان. وعند وفاة اليانور روزفلت عام 1951، أختير خلفا لها في رئاسة اللجنة. وعام 1958 ترأس الجمعية العمومية للامم المتحدة[2].