الرئيسيةبحث

رسم خريطة

رسم الخريطة هو عبارة عن تمثيل الأبعاد والمسافات والمساحات المأخوذة في الطبيعة على الورق بمقاييس رسم تختلف بحسب الغرض من الخريطة.

فهرس

مصادر الخريطة الإقليمية

إن رسم الخريطة الإقليمية كتحرير البحوث أو كتابة المقالات يجب فيه اتباع منهج معين و المرور على عدة مراحل الوحدة تلو الأخرى : كالتعرف على الموضوع و جمع المصادر و المراجع اللازمة ، تحليلها و تصنيفها ثم رسم الخريطة . الوقوف على الموضوع : عندما يعزم الباحث على وضع خريطة إقليمية لمنطقة ما يجب عليه أولا أن يتساءل عما يعرفه حول هذه المنطقة و سيجد في غالب الأحيان أن معلوماته جزئية أو تكاد تكون منعدمة فيجدر به إذا أن يطلع بصفة عامة على الإقليم و على المقومات التي يتكون منها ثم إذا حصل على دراية كافية اتجه إلى المراجع المتخصصة و دقق في البحث عن طريق طرح أسئلة متتالية على شكل حوار متواصل بينه وبين المصادر حتى تتبلور نتيجة ذلك صورة متكاملة واضحة للإقليم يوقعها على الخريطة. تشمل النصوص كل ما كتب من مراجع علمية و أبحاث في الجغرافيا العامة و الأبحاث المتخصصة و المقالات المطبوعة في المجلات و غيرها و كثيرا ما تزخر المكاتب العامة و الخاصة بهذا النوع من المراجع بحيث أنه لا يصح للباحث أن يستغني عنها حتى و لو قام عائق اللغة كما هو الحال في بعض الأحيان .

يجب الملاحظة هنا أن نظرة الدارس الذي يستعد لتحرير خريطة إقليمية إلى هذه المراجع تختلف بعض الشيء عن نظرة زميله الذي يستعد لكتابة مقال جغرافي لأنه يراعي دائما في اقتناء المعلومات إمكانية توقيع هذه المعلومات على الخريطة و هناك بعض الظواهر نقطية الانتشار يمكن تحديد مواقعها بسهولة و هناك بعض الظواهر الأخرى تتصف بالتوزيع المساحي الذي إذا لم يحدد بدقة في النص لا يمكن توقيعه عن طريق النص وحده و يجب على هذا الأخير أن يكون معززا بخريطة حتى تسهل الاستفادة منه . ومقياس الدراسة مهم هنا كذلك لأن كبر المقياس يتبعه صغر المنطقة المدروسة و إذا صغرت المنطقة قلت المصادر الخرائطية .

المصادر الخرائطية

تنقسم المصادر الخرائطية إلى قسمين :

  1. القسم الأول : مصادر عامة كالأطالس العامة و الخرائط التي تتضمنها المراجع الجغرافية و تتصف المصادر التي تدخل تحت هذا العنوان بدقة ضئيلة في التوقيع و درجة تعميم كبيرة فلا تصلح للاستدلال أو كقاعدة لرسم حدود الخريطة الأساسية.
  2. القسم الثاني : يتكون من المصادر العامة التي تشمل الأطالس الوطنية و الإقليمية و الخرائط المرافقة للأبحاث و المقالات المتخصصة و تتميز هذه المراجع بالدقة الكبيرة و كثرة المعلومات بحيث أنه يصعب على الباحث أن يستغلها كما هي في رسم الخريطة الإقليمية و يجب عليه أن يعيد توقيعها بشيء من التلخيص و التعميم.

أما الإحصائيات فنحصل عليها في المنشورات الدولية عامة كانت أو كانت متخصصة بموضع معين و كذلك في المنشورات الوطنية التي تصدرها الوزارات و المؤسسات الحكومية و دور البحث العلمي و نحصل عليها أيضا في المجلات و الأبحاث التي تنشرها الجامعات و الجمعيات العلمية و المهنية المختلفة. تحليل البيانات و تصنيفها يشرع الباحث بعد جمع المصادر في تحليل المعلومات التي تتضمنها و يأتي بالعلاقات الموجودة بين الظواهر ويحدد درجة الاتفاق أو التباين في انتشارها عن طريق المقارنة . وكثيرا ما تدخل العلاقات هذه تحت عنوان الحتمية و يجب على الدارس أن يعرف هذه الحتمية و لا يبالغ في استعماله . إن الحتمية الجغرافية ليست حتمية التربة أو التضاريس أو المناخ فقط بل هي حتمية تفرضها مجموعة من الظواهر الطبيعية التي إذا اجتمعت وتراكبت بدرجات متفاوتة كونت لنا وسطا خاصا و بيئة معينة ، فحذري إذا من الاستنتاجات السريعة و قلة التمعن في العلاقات الظاهرية و الارتباطات السطحية الخادعة . ويجب الملاحظة أن الارتباط لا يكون فقط بين العنصر الطبيعي من جهة و العنصر البشري من جهة أخرى بل أيضا بين مختلف المظاهر المكونة لكل عنصر . و لا تأتي صعوبة رسم الخريطة الإقليمية من قلة البيانات و العلاقات الواصلة بينها لكنها بالعكس كثيرا ما تأتي من هذه المعلومات و هذه العلاقات حتى أن الباحث يحتار فيما سيقعه و ما سيتركه ، فهناك عملية اختيار و انتقاء يجب القيام بها . نبدأ هذه العملية بتحديد ما سيدخل في تكوين شخصية الإقليم المدروس فنحتفظ به و نتنازل عما ليس له أهمية أساسية في هذا الميدان . ولا يمكن أن يكون اختيار المقومات عفويا يرجع إلى محض الصدفة بل يجب على الباحث أن يتصور الخريطة قبل رسمها و ينطلق من هذا التصور. و ليست هناك طريقة خاصة معينة للقيام بعملية الاختيار لأن ذلك لا يكون إلا ببعد الاطلاع على ماهية الإقليم ليسمح هذا الاطلاع بتحديد العلاقات التي يجب توقيعها حتى تبرز وحدة الإقليم و تباينه عما يجاوره . قد يكون الاختيار جبريا أي أننا نعلم من أول وهلة أن ظاهرة معينة (طبيعية أو بشرية ) لا تعد من مقومات الإقليم فلا نهتم بها . كما يرتبط الاختيار في كثير من الأحيان بمقياس البحث و وجوه الاختلاف الموجودة في منطقة صغيرة لا تكون ناتجة عن النظام المناخي السائد بها و ليس صحيحا إذا أن نعطي أهمية فائقة لعنصر المناخ في تقويم هذا الإقليم . و يفرض كبر مقياس الخريطة أيضا نوعا آخر من الاختيار فإذا صغرت المساحة قلت البيانات و تفاوتت درجة الدقة فها فلا نختار إلا المعلومات المتجانسة التي تتسم بدقة كافية . و تسهل عملية الاختيار بفرز المعلومات و ترتيبها تحت عناوين واضحة و يكون الفرز على جميع المستويات اللازمة ، حسب الميدان الطبيعي و الميدان البشري أولا ثم داخل عناصر كبيرة في هذين الميدانين و أخيرا ضمن الأنماط التي تتكون منها العناصر الكبيرة . ويمكن أن تكون عملية ترتيب البيانات على الطريقة التي اتبعت في الفرز دون أن يكتفي بها بل يراعي أيضا أسسا أخرى تشمل البنية و العلاقات التاريخية و نشأة الظاهرات و نوعية التطور الذي تتصف به ، فلا يكون الترتيب سطحيا واسميا فقط بل عميقا و يأتي عن تمعن في شخصية الإقليم (أي ترتيبا جغرافيا بمعنى الكلمة) يأخذ بعين الاعتبار كل ما يدخل في وصف بيئة معينة. و بالترتيب هذا تبدأ عملية الشرح و التركيب التي تتضمنها الخريطة الإقليمية و هي الطريقة الوحيدة التي تسمح بتوقيع حقيقة الإقليم المعقدة ببساطة و دون غموض.

صفات الخريطة الإقليمية

إن الخريطة الإقليمية ليست بلوحة فنية و لا تتطلب من وضعها معرفة كبيرة لنقد الرسم, إنها مجرد وسيلة تعبيرية شأنها شأن الرسوم الهندسية التي يستعملها علم الهندسة و يكفي لتحقيقها أن توفر بعض الشروط وتطبيق بعض القوانين.

يلعب هذا الشرط دور أساسيا في رسم الخريطة الإقليمية و يكون الوضوح في الشكل العام للخريطة كما يكون في الجزئيات و التفاصيل ، إذ لجب أن تبرز لنا الخريطة أهم العناصر المكونة للإقليم من أول نظرة كما يجب أن تمكننا من الإطلاع بصورة واضحة على أدنى جزء منها. و يأتي الوضوح من النظافة في التنفيذ قبل كل شيء فيجب رسم المستقيمات بالمسطرة و الدوائر بالفرجار و تنظيف الخريطة من أي نقطة و محو جميع الخطوط الثانوية التي تستعمل عادة لتوقيع الخريطة "شبكة المربعات المستعملة لتغيير مقياس رسم الخريطة مثلا " كما يتجلى الوضوح في حسن اختيار الرموز حتى إذا ركبت واحدة على الأخرى لا ينتج غموضا من ذلك التركيب أما سهولة القراءة فتأتي من الاقتصاد في استعمال الرموز و حسن اختيارها و الصعوبة تزداد مع تعدد الرموز و كثرة تنوعها كما يلعب مقياس رسم الخريطة دورا مهما في تعيين درجة الدقة التي ترسم بها الرموز حتى لا تتداخل و تطمس الخريطة لكنه لا يسمح للوضوح أن يكون على حساب وفرة المعلومات لأننا لا نستطع وضع صورة تركيبية ذات قيمة كبيرة بتوقيع بيانات قليلة. فإن لم تسمح لنا الخريطة بإعطاء جميع المعلومات عن الإقليم فلها على الأقل أن تبرز لنا أكثر الأمور عنه .

ومما سبق ذكره يتبين أن التبسيط و التعميم شرط وجب توفره في الخريطة مهما كبر مقياس رسمها و يكون التعميم و التبسيط سواء في مستوى رسم الخطوط الأساسية للخريطة " من سواحل و أنهار و طرق " أو في مستوى توقيع البيانات التي قررنا الاحتفاظ بها . و نقصد بالتعميم بساطة الرسم خاصة . فكثرة الدقة بدون لزوم تنقل الخريطة و تطمس معالمها الأساسية . و درجة التعميم تكون تابعة لأهمية الظاهرة الموقعة فنكتفي بمجرد التلميح بظاهرة معينة لأنها تلعب دورا ثانوي في حين أننا نوقع ظاهرة أخرى ذات أهمية بالغة بكثرة من التفصيل فقضية التعميم نسبية إذا و لا يصح التفصيل أو المبالغة فيها كما لا يصح التعميم أن يكون على حساب الدقة أو صحة توقيع البيانات لأنه يجب على الخريطة أن تعطي صورة صادقة على الإقليم رغم بساطة التمثيل و تعميم البيانات فيها و يتطلب درجة كبيرة من الدقة في التفكير لأنه أمر يصعب الحصول عليه. الدقة تكون الدقة في التوقيع و جلب المعلومات الصحيحة ، فالبيانات الموقعة في غير مكانها تغير مدلول العلاقات الناجمة من التركيب كما تشوه المعلومات المزيفة لشخصية الإقليم المدروس ، فيجب على الباحث أن يكون أولا: دقيقا في اقتناء معلوماته و ثانيا: في تحليل البيانات و ثالثا: في توقيع الظواهر. و الدقة في اقتناء المعلومات هي أن يبحث على البيانات الصحيحة الحديثة و يتحقق من صحتها . فلا يجوز له أن يستغل إحصائيات السكان لسنة 1967 و يترك إحصائيات سنة 1998 مثلا كما أن الدقة في تحليل البيانات هي ألا يكتفي بالظاهر و يترك الكامن و يسرع في الاستنتاج عندما يكون التعميم أمرا ضروريا أما الدقة في التوقيع فتقوم على اختيار الرمز المناسب من جهة و توقيعه في المكان المعين له من جهة أخرى .

نقصد بالتعبير شرط اختيار الرموز المناسبة لكل ظاهرة بحيث تتوفر فيها صفات تجعل الخريطة ناطقة يسهل الوقوف عما تتضمنه و تخص هذه الصفات شكل الرمز و حجمه فالشكل بما فيه اللون يوحي لنا بطبيعة الظاهرة الموقعة أما الحجم فيبرز أهميتها بين مقومات الإقليم .


مقال فرعي يتحدث عن الخرائط الطبوغرافية

مواقع خارجية

مقالات ذات صلة