دريد بن الصمة شاعر جاهلي،وفارس من قبيلة هوازن قاتل المسلمين فقتل في وقعة حُنين.
هو دريد بن الصمة. واسم الصمة، في ما ذكر أبو عمرو، معاوية الأصغر بن الحارث بن معاوية الأكبر بن بكر بن علقة بن خزاعة بن غزية بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر الحمراء بن نزار بن معد بن عدنان.
دريد بن الصمة فارسٌ شجاع شاعر فحل، وجعله محمد بن سلام أول شعراء الفرسان. وقد كان أطول الفرسان الشعراء غزواً، وأبعدهم أثراً، وأكثرهم ظفراً، وأيمنهم نقيبةً عند العرب، وأشعرهم دريد بن الصمة. وقال أبو عبيدة: كان دريد بن الصمة سيد بني جشم وفارسهم وقائدهم وكان مظفراً ميمون النقيبة، وغزا نحو مائة غزاةٍ ما أخفق في واحدة منها، وأدرك الإسلام فلم يسلم، وخرج مع قومه في يوم حنينٍ مظاهراً للمشركين، ولا فضل فيه للحرب، وإنما أخرجوه تيمناً به وليقتبسوا من رأيه، فمنعهم مالك بن عوف من قبول مشورته، وخالفه لئلا يكون له ذكر، فقتل دريد يومئذٍ على شركه.
وكان لدريد أخوةٌ وهم عبد الله الذي قتله غطفان، وعبد يغوث قتله بنو مرة، وقيس قتله بنو أبي بكر بن كلاب، وخالدٌ قتله بنو الحارث بن كعب، أمهم جميعاً ريحانة بنت معد يكرب الزبيدي أخت عمرو بن معد يكرب كان الصمة سباها ثم تزوجها فأولدها بنيه. وإياها يعني أخوها عمرو بقوله في شعره:
ابنه وبنته شاعران:
وكان لدريدٍ ابنٌ يقال له سلمة، وكان شاعراً وهو الذي رمى أبا عامر الأشعري بسهم فأصاب ركبته فقتله وارتجز فقال:
وكانت لدريد أيضاً بنتٌ يقال لها عمرة وكانت شاعرة، ولها فيه مراثٍ كثيرةٌ.
شعــره في الصـبر على النــوائـب :
أبا عمرو بن العلاء يقول: أحسن شعرٍ قيل في الصبر على النوائب قول دريد بن الصمة حيث يقول:
قال أبو عبيدة: فأما عبد الله بن الصمة فإن السبب في مقتله أنه كان غزا غطفان ومعه بنو جشم وبنو نصرٍ أبناء معاوية فظفر بهم وساق أموالهم في يوم يقال له يوم اللوى ومضى بها. ولما كان منهم غير بعيد قال: انزلوا بنا، فقال له أخوه دريد: يا أبا فرعان - وكانت لعبد الله ثلاث كنى: أبو فرعان، وأبو ذفافة، وأبو أوفى، وكلها قد ذكرها دريدٌ في شعره -: نشدتك الله ألا تنزل فإن غطفان ليست بغافلةٍ عن أموالها، فأقسم لا يريم حتى يأخذ مرباعه وينقع نقيعه ، فيأكل ويطعم ويقسم البقية بين أصحابه، فبينا هم في ذلك وقد سطعت الدواخن، إذا بغبارٍ قد ارتفع أشد من دخانهم، وإذا عبسٌ وفزارة وأشجع قد أقبلت فقالوا لربيئتهم : انظر ماذا ترى? فقال: أرى قوماً جعاداً كأن سرابيلهم قد غمست في الجادي قال: تلك أشجع، ليست بشيء. ثم نظر فقال: أرى قوماً كأنهم الصبيان، أسنتهم عند آذان خيولهم. قال: تلك فزارة. ثم نظر فقال: أرى قوماً أدماناً كأنما يحملون الجبل بسوادهم، يخدون الأرض بأقدامهم خداً، ويجرون رماحهم جراً، قال: تلك عبسٌ والموت معهم ! فتلاحقوا بالمنعرج من رميلة اللوى فاقتتلوا فقتل رجلٌ من بني قاربٍ وهم من بني عبس عبد الله بن الصمة فتنادوا: قتل أبو ذفافة فعطف دريد فذب عنه فلم يغن شيئاً وجرح دريد فسقط فكفوا عنه وهم يرون أنه قيل، واستنقذوا المال ونجا من هرب. فمر الزهدمان وهما من بني عبس، وهما زهدمٌ وقيسٌ ابنا حزن أنه بن وهب بن رواحة وإنما فقيل لهم الزهدمان تغليباً لأشهر الاسمين عليهما، كما قيل العمران لأبي بكر وعمر ، والقمران للشمس والقمر. قال دريد: فسمعت زهدماً العبسي يقول لكردم الفزاري إني لأحسب دريداً حياً فانزل فأجهز عليه، قال: قد مات، قال: انزل فانظر إلى سبته هل ترمز? قال دريد: فسددت من حتارها أي من شرجها، قال فنظر فقال: هيهات، أي قد مات، فولى عني، قال: ومال بالزج في شرج دريد فطعنه فيه فطعنه فيه فسال دمٌ كان قد احتقن في جوفه، قال دريد فعرفت الخفة حينئذٍ فأمهلت، حتى إذا كان الليل مشيت وأنا ضعيف قد نزفني الدم حتى ما أكاد أبصر، فجزت بجماعة تسير فدخلت فيهم، فوقعت بين عرقوبي بعير ظعينة، فنفر البعير فنادت: نعوز بالله منك، فانتسبت لها فاعلمت الحي بمكاني، فغسل عني الدم وزودت زاداً وسقاء فنجوت، وزعم بعض الغطفانيين أن المرأة كانت فزارية وأن الحي كان علموا بمكانه فتركوه فداوته المرأة حتى برأ ولحق بقومه، قال: ثم حج كردم بعد ذلك في نفرٍ من بني عبس فلما قاربوا ديار دريد تنكروا خوفاً ، ومر بهم فأنكرهم، فجعل يمشي فيهم ويسألهم من هم? فقال له كردم: عمن تسأل? فدفعه دريد، وقال: أما عنك وعمن معك فلا أسأل أبداً، وعانقه، وأهدي إليه فرساً وسلاحاً، وقال له: هذا بما فعلت بي يوم اللوى. وقال دريد يرثي أخاه عبد الله:
أرث جديد الحبـل مـن أم معبـدبعاقبـةٍ وأخلفـت كـل مـوعـد وبانت ولم أحمد إليـك جوارهـاولم ترج منـا ردة اليـوم أو غـد أعاذلتي كـل امـرئ وابـن أمـهمتـاعٌ كـزاد الراكـب المتـزود أعـاذل إن الـرزء أمثـال خالـدٍولا رزء مما أهلك المرء عن يـد نصحت لعارضٍ وأصحاب عارضورهط بني السوداء والقوم شهدي فقلت لهـم ظنـوا بألفـي مدجـجسراتهم فـي الفارسـي المسـرد أمرتهم أمري بمنعرج اللوى فلـميستبينوا الرجد إلى ضحـى الغـد فلما عصوني كنت منهم وقـد أرىغوايتهـم وأننـي غيـر مهـتـد وهل أنا إلى من غزية إن غـوتغويت، وإن ترشد غزيـة أرشـد دعاني أخي والخيل بينـي وبينـهفلما دعانـي لـم يجدنـي بقعـدد تنادوا فقالوا أردت الخيل فارسـاًفقلـت أعبـد الله ذلكـم الـردي فإن يـك عبـد الله خلـى مكانـهفلم يـك وقافـاً ولا طائـش اليـد ولا برمـاً إذا الريـاح تناوحـتبرطب العضاه والهشيم المعضـد نظـرت إليـه والرمـاح تنوشـهكوفع الصياصي في النسيج المـدد فطاعنت عنه الخيل حتـى تبـددتوحتى علاني أشقر اللـون مزبـد فما رمت حتى خرقتني رماحهـموغودرت أكبو في القنا المتقصـد قتال امرئٍ واسـى أخـاه بنفسـهوأيقـن أن المـرء غيـر مخلـد صبورٌ على وقع المصائب حافـظمن اليوم أعقاب الأحاديث في غـد
له أفضل بيت في الصبر على النوائب:
يقال أفضل بيت قالته العرب في الصبر على النوائب قول دريد بن الصمة:
عاتبته زوجته أم معبد على بكائه أخاه فطلقها وقال شعراً:
أن أم معبد التي ذكرها دريد في شعره هذا كانت امرأته فطلقها، لأنها رأته شديد الجزع على أخيه، فعاتبته على ذلك وصغرت شأن أخيه وسبته، فطلقها وقال فيها:
فقالت له أم معبد:بئس والله ما أثنيت علي يا أبا قرة ! لقد أطعمتك مأدومي، وبثثتك مكتومي، وأتيتك باهلاً غير ذات صرار وما استفرمت قبلك إلا من حيض.
وقال أبو عبيدة في خبره: بلغ دريد بن الصمة أن زوجته سبت أخاه فطلقها وألحقها بأهلها وقال في ذلك:
حارب غطفان يوم الغدير طلباً بثأر أخيه وقال شعراً: أخبرنا هاشم بن محمد قال حدثنا أبو غسان دماذ عن أبي عبيدة قال: أغار دريد بن الصمة بعد مقتل أخيه عبد الله على غطفان يطالبهم بدمه، فاستقراهم حياً حياً، وقتل من بني عبس ساعدة بن مر، وأسر ذؤاب بن أسماء بن زيد بن قارب، أسره مرة بن عوف الجشمي. فقالت بنو جشم: لو فاديناه ! فأبى ذلك دريد عليهم، وقتله بأخيه عبد الله وقتل من بني فزارة رجلاً يقال له حزام وأخوة له، وأصاب جماعةً من بني مرة ومن بني ثعلبة بن سعد ومن أحياء غطفان، وذلك في يوم الغدير. وفي هذا اليوم وفي من قتل فيه منهم يقول:
ويقول قي ذلك أيضاً دريد بن الصمة في قصيدة له أخرى:
دريد بن الصمة وخطوبته للخنساء:
خطب دريد بن الصمة الشاعرة المخضرمة وتغزل بها, فلما رفضته هجاها وعندما رفضته وتزوجت ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي.. وقالت الخنساء حين خطبها :ما كنت تاركة بني عمي
مشاركة دريد بن الصمة في غزوة حنين ومقتله:
شارك دريد بن الصمة في غزوة حنين سنة الثامنة من الهجرة وهو عجوزاً كهلاً يبلغ من العمر 120 عاماً .. وعندما انهزمت هوازن في المعركة انجلى جمع من بعض الرجال إلى الديار الاخرى فمنهم من اتى الطائف ومنهم من تعسكر باوطاس ومنهم من توجه إلى نخلة وكان منهم دريد بن الصمة فواجه في طريقه رجل من بني سليم
فقال له دريد : ماذا تريد بي .. قال : أقتلك ، قال : ومن أنت ؟ قال : أنا ربيعة بن رفيع السلمي ، ثم ضربه بسيفه ، فلم يغن شيئاً ، فقال : بئس ما سلحتك أمك ! خذ سيفي هذا من مؤخر الرحل ، وكان الرحل في الشجار ، ثم أضرب به ، وارفع عن العظام ، وأخفض عن الدماغ ، فإني كنت كذلك أضرب الرجال ، ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة ، فرب والله يوم قد منعت فيه نساءك .
فزعم بنو سليم أن ربيعة لما ضربه فوقع تكشف ، فإذا عجانه وبطون فخذيه ، مثل القرطاس من ركوب الخيل أعراء ؛ فلما رجع ربيعة إلى أمه أخبرها بقتله إياه ، فقالت : أما والله لقد أعتق أمهات لك ثلاثاً .
لعمرك ما خشيت على دريدببطن سميرة جيش العنـاق جزى عنه الإله بني سليـموعقتهم بما فعلـوا عقـاق وأسقانـا إذا قدنـا إليـهـمدماء خيارهم عند التلاقـي فرب عظيمة دافعت عنهـموقد بلغت نفوسهم التراقـي ورب كريمة أعتقت منهـموأخرى قد فككت من الوثاق ورب منوه بك مـن سليـمأجبت وقد دعاك بلا رماق فكان جزاؤنا منهـم عقوقـاوهما ماع منه مـخ ساقـي عفت آثار خيلك بعـد أيـنبذي بقر إلى فيف النهـاق
قالوا قتلنا دريدا قلت قد صدقوافظل دمعي على السربال ينحدر لولا الذي قهر الأقـوام كلهـمرأت سليم وكعب كيف تأتمـر إذن لصبحهـم غبـاً وظاهـرةحيث استقرت نواهم جحفل ذفر
[ مقتل دريد بن الصمة ] قال ابن إسحاق : ولما انهزم المشركون أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف ، وعسكر بعضهم بأوطاس ، وتوجه بعضهم نحو نخلة ، ولم يكن فيمن توجه نحو نخلة إلا بنو غيرة من ثقيف ، وتبعت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلك في نخلة من الناس ولم تتبع من سلك الثنايا .
فأدرك ربيعة بن رفيع بن أهبان بن ثعلبة بن ربيعة بن يربوع بن سمال بن عوف بن امرئ القيس وكان يقال له ابن الدغنة وهي أمه فغلبت على اسمه ويقال ابن لذعة فيما قال ابن هشام دريد بن الصمة فأخذ بخطام جمله وهو يظن أنه امرأة وذلك أنه في شجار له فإذا برجل فأناخ به فإذا شيخ كبير وإذا هو دريد بن الصمة ولا يعرفه الغلام فقال له دريد ماذا تريد بي قال أقتلك .
قال ومن أنت قال أنا ربيعة بن رفيع السلمي ثم ضربه بسيفه فلم يغن شيئا ، فقال بئس ما سلحتك أمك خذ سيفي هذا من مؤخر الرحل وكان الرحل في الشجار ثم اضرب به وارفع عن العظام واخفض عن الدماغ فإني كنت كذلك أضرب الرجال ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة ، فرب والله يوم قد منعت فيه نساءك فزعم بنو سليم أن ربيعة لما ضربه فوقع تكشف فإذا عجانه وبطون فخذيه مثل القرطاس من ركوب الخيل أعراء فلما رجع ربيعة إلى أمه أخبرها بقتله إياه فقالت أما والله لقد أعتق أمهات لك ثلاثا . فقالت عمرة بنت دريد في قتل ربيعة دريدا :
لعمرك ما خشيت على دريد
ببطن سميرة جيش العناق
جزى عنه الإله بني سليم
وعقتهم بما فعلوا عقاق
وأسقانا إذا قدنا إليهم
دماء خيارهم عند التلاقي
فرب عظيمة دافعت عنهم
وقد بلغت نفوسهم التراقي
ورب كريمة أعتقت منهم
وأخرى قد فككت من الوثاق
ورب منوه بك من سليم
أجبت وقد دعاك بلا رماق
فكان جزاؤنا منهم عقوقا
وهما ماع منه مخ ساقي
عفت آثار خيلك بعد أين
بذي بقر إلى فيف النهاق
وقالت عمرة بنت دريد أيضا :
قالوا قتلنا دريدا قلت قد صدقوا
فظل دمعي على السربال ينحدر
لولا الذي قهر الأقوام كلهم
رأت سليم وكعب كيف تأتمر
إذن لصبحهم غبا وظاهرة
حيث استقرت نواهم جحفل ذفر
قال ابن هشام : ويقال اسم الذي قتل دريدا : عبد الله بن قنيع بن أهبان بن ثعلبة بن ربيعة .
أحفاد الفارس السيد الشاعر دريد بن الصمة الجشمي الهوازني،والمذكور في كتب التاريخ أن له أحفاد في شمال إفريقياعامة،وفي طرابلس ليبيا خاصة،ولهم نفوذ وسلطان كبير على قبائل العرب المهاجرة من مصر. ففي عام 209 هجري كانت ثورة الجند بزعامة منصور بن نصير الطنبذي (نسبة إلى بلدة طنبذة) على زيادة الله الأغلبي أمير إفريقية . نسب الأمير منصور بن نصير الطنبذي -الهوازني الجشمي الدريدي من ولد السيد الفارس الشاعر دريد بن الصمة الجشمي المعاوي الهوازني كان أميراً على طرابلس الغرب للأغالبة ثم ثار عليهم لأمر كان وحاربهم وقتل قواد جيوشهم في تونس وغيرها في وقائع- ((انظر: كتاب قبيلة هوازن ودورها في الفتوح الإسلامية إلى آخر العهد الأموي)) لهزاع بن عيد الشمري.بتصرف.