الرئيسيةبحث

دادا

بوستر دادائي يعود لعام 1922 و فيها نمط جديد لإستخدام النص الكتابي
بوستر دادائي يعود لعام 1922 و فيها نمط جديد لإستخدام النص الكتابي

دادا إنجليزية Dada، هي حركة ثقافية انطلقت من زيوريخ (سويسرا)، أثناء الحرب العالمية الأولى، كنوع من معاداة الحرب، بعيداً عن المجال السياسي، وإنما من خلال محاربة الفن السائد. يطلق عليها أيضاً (الدادائية)، وقد برزت في القترة ما بين عامي: 1916 و 1921. أثرت الحركة على كل ما له علاقة بالفنون البصرية، الأدب، الشعر، الفن الفوتوغرافي، نظريات الفن، المسرح، و التصميم.


فهرس

نظرة عامة

تضمنت نشاطات الحركة التجمعات العامة، المظاهرات، و المجلات الأدبية. إذ سمحت دادا عبر تأثيرها على الفن، بتمرير الرسائل السياسية التي تسعى لها من خلال المنشورات، و التأكيدعلى بربرية الحرب، التي ساندها البرجوازيين، و سعوا إلى إشاعتها تلبية لمصالحهم. تأثرت الحركة لاحقا، بالسريالية، و فن البوب، و الفلوكسس. ثم تحولت دادا إلى حركة عالمية، لا يمكن حصرها ببلد، تماما كالحرب التي بدأت في بلد ثم انتشرت في كل العالم.


ما هي دادا

بحسب المؤيدين للحركة، فإن دادا، تبنت شعار: "لا للفن". و كانت سياستها: محاربة الفن بالفن. كل ما كان يعتبر فنا، كانت داد تصنع عكسه. أرادت دادا تجاهل علم الجمال، إذ أنها رأت أن الفن هو ما يوصل رسالة، أو يحمل رمزا. لم ترد الحركة أن تفسر الفن، بل اعتقدت أن على المتلقي أن يفهمه كيفما أراد، إذ أن الفن يجب أن يخاطب الأحاسيس. رغم أن الحركة كانت تسعى لتحطيم علم الجمال، و تخريب كل أشكال الفن التقليدي، إلا أنها كان لها أثر كبير على نشأت الفن الحديث.

إن نظرة الحركة الأشياء يترجمها ما قاله تريستان تزارا: "إن الله و فرشاة أسناني هما دادا، و النيوركي يمكنه أن يكون دادا، إذا لم يكونوا موجودين أصلا". إن فلسفة الحركة تكمن في أكثر ما يمكن ان يتفتق عن عقل الشخص مرضا. لقد أعتبر فنانو الحركة الدادئية من قبل مؤرخي الفن، "أنهم ظاهرة انفجرت في وجه الأزمات السياسة، و الاقتصادية، و الأخلاقية، و أعتبروها المنقذ الذي سيبدد كل هذه المشاكل". لقد كان العقل و المنطق هو الذي جر الناس إلى أهوال الحرب، و كان الشكل الوحيد للخلاص هو رفض كل ما هو تقليدي و تبني منطق الفوضى و الرفض. و ذلك ما اعتبرته الحركة أي منطق الرفض، هو المنطق الصحيح. إذ أن في ذاك العصر لا يمكن تقبل القيم الموجودة التي تسببت بهذا الدمار.

نبذة تاريخية

غلاف الطبعة الأولى لمجلة دادا من تحرير ترزتن تزارا . زيورخ 1917
غلاف الطبعة الأولى لمجلة دادا من تحرير ترزتن تزارا . زيورخ 1917

البداية (زيورخ)

في عام 1916، قام كل من هوغو بول، إيمي هينينيز، ترزتن تزارا، هانز آرب، ريتشارد هوسينسلبيك، صوفي تابوير، و قائمة من الفنانين الذين أعلنوا رفضهم للحرب في كبريه فولتير.

في أول أمسية عامة، في الملهى بتاريخ 14 يوليو 1916، تلى تزارا البيان الأول للحركة.

و أعاد تلاوته مارسيل جانكو،

"لقد فقدنا الثقة في ثقافتنا، كل شيء يجب أن يهدم، سنبدأ من جديد بعد أن نمحي كل شيء، في كبريه فولتير سيبدأ صدام المنطق، الرأي العام، التعليم، المؤسسات، المتاحف، الذوق الجيد، باختصار كل شيء قائم". القضية الأولى (محاربة الحرب)، كانت الأساس لما عرف بالحركة الدادائية.

بعد إغلاق الملهى انتقلت الحركة لمكان آخر. وترك بول أوروبا، بينما بدأ تزارا حملة لنشر أفكار دادا. فراسل فنانين فرنسيين، و إيطاليين، و سرعان ما أصبح قائدا للحركة الدادائية. ثم أعيد فتح ملهى فولتير، إلا أن الحركة بقيت في مكانها سبيغلغاسي 1 في نيدردروف.

أصبح لدادا مطبوعات أطلقها تزارا من زيورخ، كانت خمسة، ثم أطلقت اثنتان أخريان من باريس.

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى 1918، عاد الكثير من الدادائيين لزيورخ، أما البعض الآخر ذهب لينشر أفكار دادا في مدن أخرى.


أصل كلمة دادا

أصل كلمة دادا غير معروف، البعض يعتقد أنها كلمة غير مفهومة، و البعض الآخر يعتقد أنها أتت من الفنانان الرومانيان ترستان تزارا و مارسيل جانكو من دا دا و التي تعني بالرومانية نعم نعم. هناك رواية أخرى تقول أن الحركة عندما اجتمعت في زيورخ أرادت أن تختار أسما فاحضرت قاموس فرنسي ألماني، و بشكل عشوائي، وقعت على كلمة دادا، و التي تستخم عند الأطفال في فرنسا للشيء المفضل. أيضا هناك قول بأنها أتت من العبارة الألمانية "Die Welt ist da، da!" و التي تعني "العالم هنا هنا"

(برلين)

لم تكن الحركة في برلين معادية للفن بقوة، كباقي الجماعات الدادائية في العالم. و قد طغى على نشاطاتها و فنونها التوجهات السياسية، و الاجتماعية، فكثفت الدعاية، و الهجاء، و حتى سيرت المظاهرات.

في فبراير 1981 قرأ ريتشارد هوسينسلبيك، أول خطاب لدادا في برلين، ثم انشأ تجمع لداد في وقت آخر من نفس السنة. و قد أتخذها هناه هوخ و جورج كروزس، آداة لتمرير أفكار شيوعية.

كان من أكثر الأعضاء الذين ساهموا في انتشار الدادائية في ألمانيا، هو كورت سويترز، و الذي انتقل إلى هنوفر، لتتوسع معه الحركة .

في برلين تكونت العديد من الجمعيات التي دعمت الدادائية كنادي دادا

(كولن)

في كولن ظهرت العديد من الأسماء مثل ماكس يرنست، جونس ثيودور براجيلد و آرب، و بدأت الحركة في الانتشار عام 1920، عندما أعلنت عداءها للبرجوازية.

عبر الأطلسي

كما كانت زيورخ فإن نيو يورك، صارت ملجأ للفنانين في الحرب العالمية، بعد أن انتقل من فرنسا مارسيل ديشامب، و فرانسيس بيكابا، و لتقيا بعد أيام من وصولهما الفنان الأمريكي مان ري، فأصبح الثلاثة من أكثر المؤيدين رديكالية لحركة معارضة الفن، في الولايات المتحدة. لم تمر فترة حتى أنضم لهم الفنان الأمريكي الآخر باتريك وود، و الذي كان قد درس في فرنسا. كانت أكثر نشاطات الدادائيون تقام في معرض ألفرد ستايقلز، و محترف والتر و لويس أرنزبرج.

لم يستخدم المعادون للفن في نيويورك، أسم دادا، و لم تقم أي نشاطات ذات طابع عنيف، أو أي مظاهرات شغب. رغم ذلك أصدروا العديد من الإصدرات التي تعنى بالفن، و الثقافة مثل الرجل الأعمى، رونغورونغ، و نيو يورك دادا، و التي كانت تنتقد الفن التقليدي، و انتقدت بشكل خاص متحف نيويورك للفنون، لكن ما تميزيت به الحركة الدادائية في نيويورك، هو ميلها للسخرية، بعكس الأوربية التي كانت تتسم بالخيبة، و الأحباط .

في فترة لاحقة قام بيكابا برحلة استغرقت سبع سنوات، افتتاح فيها العديد من الأنشطة الدادائية، في كل من زيورخ، نيويوك، باريس، و برشلونة.

في عام 1921، انتقل أكثر الدادائيين، لباريس، حيث باتت معقلا لهم .

نافورة من تصميم مارسيل ديشامب، صورها ألفرد ستايقلز
نافورة من تصميم مارسيل ديشامب، صورها ألفرد ستايقلز

العودة لباريس

في فرنسا كانت اتصالات آفانت قارديه، بزيورخ عن طريق تريستان تزارا، (و هو اسم مستعار يعني "حزين في البلد"، و قد اختاره احتجاجا على معاملة اليهود السيئة في رومانيا)، و كان يتبادل المجلات، و الرسائل، و القصائد، مع كل من جلم أبونيه، أندريه بريتون، و ماكس جاكوب، و عدد من الفنانين، و الكتاب و النقاد الفرنسيين.

في عام 1920، تعاظمت الدادائية في باريس، بعد أن انتقل إليها العديد من مؤيديها، و زيارة تزارا لها، حيث أنشأت العيد من المنظمات، و قامت المظاهرات، و المسرحيات، و تم أيضا انشاء العديد من المجلات مثل (دادا لو كانبيلي و ليتريتو).

و أقيم في باريس أيضا أول معرض للدادائية أقامه الباريسيون في صالون دي أنديبندت، في 1921، للفنان جان كروتي، و الذي أطلق عليه اسم تابو (محرم).

(هولندا)

في هولندا، كانت معظم الحركة الدادائية، تتمحور حول ثيو فان دويسبرج، الذي أسس حركة دي ستايل و صاحب مجلة بنفس الأسم، و كان يستكتب فيها العديد من الشعراء الدادائين مثل هوغو بول، هنتز آرب، و كورت سويشيرز الذي أسس معه دادا الهولندية.


الشعر، الموسيقى و الصوت

لم تكن حركة دادا، مقتصرة على الفنون البصرية، و الأدب، بل سعوا أيضا لخلق موسيقى، و شعر خاص، بهم و أطلقوا عليه اسم موسيقى دادا ، و قد قال هوغو بول: "أن موسيقى الجاز و الموسيقى الأفريقية، يمكن أن تتحد مع الدادائية" . في إشارة منه لبدائيتها، و طبيعتها.


ما بعد دادا

في عام 1924، بدأت معالم الدادائية تتجه للسريالية، و تحول العديد من اتباعها، لأفكار أخرى كالسريالية، و الواقعية الاشتراكية، و الحداثية.

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، هاجر العديد من الفنانين لأمريكا، و مات بعضهم في معسكرات النازيين، على يد هتلر، لم تعد الدادائية بنفس النشاط التي كانت عليه أثناء الحرب العالمية الأولى، و انصرف العديد من الفنانين للمدارس الفنية الجديدة.

لقد أطلقت دادا على معادين للفن، و توجهات سياسية، و حركة ثقافية.

في نفس الوقت الذي انطفأت فيه الدادائية في زيورخ، عادت الأضواء لمقهى فولتير، حيث قام فلادمير لينين، بكتابة مستقبل روسيا الجديد. تلك المصادفة جعلت توم ستوبارد يألف مسرحيته "تحريفات" (1974) و التي ضمت تزارا، لينين، و جيمس جويس

تحول ملهى فولتير في عام 2002 لمتحف يعنى بالتاريخ الأدب.