حمزة شحاتة ( 1908م - 1972م) شاعر و أديب سعودي من رواد الشعر الحداثي في الحجاز مع رصيفه وخصمه محمد حسن عواد، وناثرٌ بمضامين فلسفية عميقة، وخطيب مفوّه بانطلاقات أخلاقية وأفكار نهضوية. وعازف على العود وملحن وموسيقي بارع.
فهرس |
من مواليد عام 1908م، في مكة، وحيث كان الشحاتة يتيم الأب فقد نشأ وتربى في جدة لدى جاره العم والمربي محمد نور جمجوم، درس في مدارس الفلاح النظامية في جدة وكان متفوقاً في درسه ومتقدماً على سنه، وقد أثّرت أجواء جدة الانفتاحية في شخصية الشحاتة كما فعلت مع بقية أبناء جيله من الشباب في تلك الفترة، قفرأ لكبار كتاب التيارات التجديدية والرومانسية العربية في المقرّ والمهجر، وقد تأثر كثيراً بجبران خليل جبران، وايليا أبوماضي وجماعة الديوان. وكانت رحلته إلى الهند، وقيامه بها لمدة سنتين، مبعوثا لمباشرة الأعمال التجارية لاحدى البيوتات التجارية الجداوية منعطفا تاريخيا في حياته، حيث انكب فيها على تعلّم اللغة الانجليزية والتزود بالمعارف والاطلاع على الانتاج الأدبي البريطاني والاستعماري، كما شكَلَ التاجر قاسم خازنا علي رضا رافداً أساسيا في تكوين شخصية الشحاتة الفكرية ونزعته التجديدية، تماما كما كان أثر قاسم في العواد حاضراً.
ذاع صيت الشحاتة في المشهد الثقافي بالحجاز في محاضرة مطولة وشهيرة ألقاها في خمس ساعات متواصلة في جمعية الإسعاف الخيري بمكة المكرمة في عام 1938م، حيث عنونها بـ(الرجولة عماد الخلق الفاضل) بدلا من (الخلق الفاضل عماد الرجولة) الذي اختارته الجمعية عنوانا لمحاضرته ولم يتقيد به، في مشهد أثار به فتى الثلاثين ربيعا فضول واندهاش شيوخ ومثقفي مكة من بلاغته ونمط تفكيره، حتى أن الحضور كانوا قد صفقوا له أكثر من 30 مرة دلالة على ما حمله خطاب الشحاتة من أبعاد فكرية ومضامين فلسفية واجادات لغوية جاءت باكرة.
كان شديد النفور من الشهرة وحريص على العزلة من المشهد الثقافي على الرغم من إجماع أقرانه على ريادته وعبقريته وتقديمهم له. عُد شعره ونثره -من قبل النقاد- كطليعة الأدب الحجازي، ضمن الرعيل الذي ضم إلى جانبه ابراهيم فلالي، وحسين عرب، وآخرون. ترك من خلفه مدرسة أدبية وفكرية عريضة في الحجاز، وكان أشهر المتأثرين به، جيل الكبار، أحمد قنديل، عبدالله عبدالجبار، عزيز ضياء، محمد حسن فقي، عبدالله الخطيب، حسن القرشي، محمد عمر توفيق، عبدالمجيد شبكشي، حتى الأجيال اللاحقة، عبدالفتاح أبومدين، محمد سعيد طيّب، عبدالحميد مشخص، عبدالله خياط، عبدالله الجفري، عبدالله نور، ومحمد صادق دياب، وغيرهم.
رحل إلى القاهرة ساخطاً على أحوال البلد عام 1944م، وهو ذات التاريخ الذي توقف فيه توقفا تاماً عن نشر أي انتاج أو أدب، كما لم يشأ قط التواصل مع أدباء مصر على رغم عز الأدب في مصر في تلك الفترة، ورغم كل المحاولات التي قام بها عبدالله عبدالجبار وعبد المنعم خفاجي من تقديمه لأدباء مصر. إلا أن الاباء كان سمة من سمات الشحاتة الواضحة. عاش في مصر منعزلاً في شقته صارفا اهتمامه في آخر سنواته إلى تربية بناته الخمس وتعليمهم، والكتابة والتلحين دون نشر أو تسجيل. فقد البصر قبل وفاته. توفي عام 1972م في القاهرة، ودفن في مكة المكرمة في مقبرة المعلاة، عن عمر يناهز ال64 عاما.
النهى بين شاطئيك غريق
والهوى فيك حالم ما يفيق
ورؤى الحب في رحابك شتى
يستفز الأسير منها الطليق
كُتب في مسيرة الشحاتة النضالية والريادية العديد من التراجم لعل أشهرها كتاب عزيز ضياء ( حمزة شحاتة قمة عرفت ولم تكتشف)، وكتاب ((حمزة شحاتة.. ظلمه عصره)) للأديب عبدالفتاح أبومدين. كما امتلأت المكتبة النقدية بالدراسات النقدية حول شعره وخصائصه، مثل كتاب الدكتور عبدالله الغذامي (الخطيئة والتكفير) والمنشور عام 1983م، اضافة إلى كتاب الدكتور عاصم حمدان ((قراءة نقدية في بيان حمزة شحاتة الشعري)) والذي كتب مقدمته رائد النقد الحديث بالسعودية الأديب عبدالله عبدالجبار، اضافة إلى العديد من الدراسات والمقالات النقدية. كما كرمه مؤخراً (عام 2006) الملتقى السادس لقراءة النص بنادي جدة الأدبي الثقافي تحت رعاية وزير الثقافة والإعلام السعودي إياد مدني، في احتفالية وظاهرة نقدية كبيرة امتدت إلى خمسة أيام. وتتجه الجهات الثقافية الرسمية إلى اعادة طباعة منتوجه الفكري والأدبي.
وتهيأت للسلام ولم تفعل فأغريت بي فضول رفاقي
هبك أهملت واجبي صلفا منك فما ذنب واجب الأخلاق
بعد صفو الهوى وطيب الوفاق
عزّ حتى السلام عند التلاقي
يا معافى من داء قلبي وحُزني
وسليماً من حُرقتي واشتياقي
هل تمثَّلتَ ثورة اليأس في وجهي
وهول الشقاء في إطراقي؟
و يقول:
سطوة الحسن حللت لك ماكان حراما فافتن في إرهاقي
أنت حر والحر لايعرف القيد فصادر حريتي وانطلاقي