وهو لفظ اصطلاحي للمدرسة الفقية التابعة للمذهب الجعفري وتنقسم هذة الحوزة العلمية إلى مدرستين اساسيتين (في العصر الحالي) هما:
الاختلاف في هاتين المدرستين اخلافٌ جغرافي لاعلمي، فكلا المدرستين يعتمدان المنهج ذاته للتحصيل العلمي
فهرس |
لعل الأحاطة بالحديث عن تاريخ ونشوء وتطور الحوزة العلمية تعد من الأمور العسيرة لما لها من السعة والعمق... ولا شك في أن بذور نشوء الحوزة العلمية ابتدء من زمان الغيبة الكبرى للإمام الحجة بن الحسن (عجل الله فرجه الشريف) ونعني بالنشوء أنَ المدرسة بلغت أوجها ونضجها الخاص وكمالها المرحلي في هذا الزمان بالخصوص إلى يومنا هذا، ولابأس بالأشارة العابرة المجملة عن تاريخ مدارس الفقه الشيعي حسب توالي العصور.
ولكل مدرسة من هذه المدارس طريقتتها الخاصة وأبعادها الفكرية المختصة بها ولكن المهم هو الاتحاد في الهدف، فالمدارس الشيعية وعلماء الشيعة أهدافهم واحدة وإن اختلفت الآراء والمشارب والطرق الاستدلالية.
ولعلَّ النقطة التي وجدت في الحوزة العلمية مفقودة في غيرها من المدارس والأماكن التي يرتادها طلبة العلم من المسلمين.فقد يدرس الإنسان في الجامعات والمعاهد وغيرهما لكنه لا يجد الطبيعة التي درجت عليها الحوزة العلمية، أي روح البحث والنقاش للوصول إلى الحقيقة التي هي الهدف الأسمى لكل إنسان.
إن الكيفية المتبعة في التدريس في الحوزة العلمية بصورة عامة هي واحدة في جميع مراكز الشيعة وإن اختلفت بعض الشيء في زماننا الحالي وليس هي على شاكلة الطرق المتبعة في الأنظمة التربوية التي نألفها هذه الأيام.
فهي دراسة لا تعتمد على أساس نظام الصفوف وهي فردية تتم على شكل حلقات تمارس اليوم كما بدأت منذ عهد الشيخ الطوسي، وليس هناك نظام للامتحانات أو لمنح الشهادات كما هو متعارف عليه اليوم في الكثير من المدارس الحديثة، وإنما يترك للطالب اختيار الكتاب الذي يريد دراسته، والأستاذ الذي يتلقى من علومه، وحتى مكان الدرس وزمانه فإنه يتم الاتفاق عليه بين التلميذ والأستاذ.
ولقد شهدت الحوزة العلمية خلال العقود الأربعة الماضية دعواتٍ لتطوير هذه الطرائق في التدريس فيما وجدنا في المقابل إصراراً على ضرورة إبقاء الأسلوب في الدراسة كما هو. وبين هذا الاتجاه وذاك وقف فريق يدعو للجمع بين الأسلوبين.
يقتصر الطالبُ في الدور الأول على دراسة النحو والصرف والعلوم البلاغية والعروض والمنطق والفقه وأصول الفقه وبعض النصوص الأدبية.
في الدور الثاني يتفرغ الطالب لدراسة الكتب الاستدلالية الأصولية والفقهية والفلسفية.
وأسلوب الدراسة المتعارف عليه في هذا الدور هو أن يحصل الاتفاق على الكتاب المتخص بهذا الفن أو ذاك. فيقرأ الأستاذ مقطعاً من الكتاب ثم يشرح الموضوع بما يزيل عنه الغموض والإبهام، ثم يستعرض بعض النقوض التي ترد عليه ويستمع بعد ذلك لما يثيره الطلبة من تعليقات، فيصحح آرائهم إذا كانت بحاجة إلى التصحيح، أو يتنازل عندها إذا كانت آراؤهم جديرة بذلك.
وتتسم هذه المرحلة الدراسية بالطابع الاستدلالي.
سميت المرحلة الثالثة بمرحلة البحث الخارج لأن الدراسة فيها تتم خارج نطاق الكتب التي يعتمدها الأستاذ في تحضير مادته في مرحلة البحث الخارج. ينتقل الطالب في الجامعة النجفية إلى الدور الأخير من حياته الدراسية، بعد أن وقف على هذه الآفاق الرحبة من الفكر الإسلامي.
في هذا الدور الدراسي، تقع مسؤلية التحضير والإعداد على الطالب نفسه، من غير أن يتقيد بمصدر علمي خاص فيقوم الطالب -بنفسه قبل أن يحضر المحاضرة- بإعداد مادة المحاضرة من فقه وأصول أو تفسير، ثم مراجعة أقوال العلماء في هذه المادة أو تلك وما يمكن أن يصلح دليلاً لها، وبما يمكن أن يناقش به هذا الدليل، ثم يحاول الطالب أن يستخلص لنفسه رأياً خاصّاً في هذه المسألة.
فإذا فرغ من هذا الإعداد حضر البحث الخارج، والبحث الخارج حلقات دراسية يقوم برعايتها كبار علماء الحوزة العلمية وقد يكون هناك أكثر من حلقة في نفس الوقت، فيختار الأستاذ بحثاً فقهياً أو أصولياًَ أو بحثاً في تفسير القرآن أو في الحديث النبوي يلقيه على شكل محاضرات وقد تكون للأستاذ (المجتهد) محاضرتان في اليوم، فتخصص المحاضرة الصباحية للفقه مثلاً وتكون مادة أصول الفقه موضوعاً للمحاضرة المسائية أو العكس وهناك من الأساتذة المجتهدين من يقتصر على هذه المادة او تلك.
عندما يبلغ الطالب مرحلة الاجتهاد، ويطمئن الأستاذ إليه في البحث والاستنباط وصياغة الدليل والجمع بين الأحاديث ووجوه الرأي ومناقشة الأقوال يشهد له بالاجتهاد، فينتقل الطالب بعد قطع هذه المرحلة الطويلة التي تستغرق مما يقارب الربع قرن، يستقل بالاجتهاد وإبداء الرأي والتوجيه، وخلال هذه الأدوار يتعاطى الطالب أطرافاً من الثقافات الأخرى التي لا تتصل برسالته في الصميم، كما لا تكون غريبة كذلك عن حقول اختصاصه كالحساب والفلك والنجوم إن شاء ذلك وإن اعترض أخيراً عن دراستها بظروف ليس محل ذكرها الآن.
إنَ الحوزة العلمية تبلغ بالطالب المجد إلى الاجتهاد ومعرفة الشريعة أصولاًَ وفروعاً من مصادرها. وهذه المعرفة تهيئه وتمده بالطاقة الكافية لتفهم الحياة والآراء والفلسفات قديمها وجديدها، والحكم لها أو عليها، على شرط أن يستمر في قرآة الكتب المتنوعة ويتذاكر-إن أمكن ذلك- بعد أن يترك المكان الذي درس فيه وأما إذا ترك الدرس والمذاكرة فيصير بالأمي أشبه وتذهب جهوده أيام دراسته سدى، ولا يمر أمد حتى يصبح ذهنه جامداً متحجراً -وليس هذا من مختصات الحوزة العلمية فحسب بل هو شأن كل علم- بعد نموه وانطلاقه وهكذا شأن جميع المتعلمين وحملة الشهادات حتى المتخصصين منهم سواءً تخرجوا من الحوزة العلمية أو من غيرها.
فقد برزت في الحوزة العلمية شخصيات فذّة من العلماء والأعلام والمراجع الكرام نذكر في هذا البحث بعضاًَ منهم لا على سبيل العدّ والحصر، بل تيمناً بذكر أسمائهم وتعظيماً لحقهم وإكراماً لمواقفهم الفذة تجاه الأمة الإسلامية، فمن هؤلاء الأعلام الذين برزوا من عصر الغيبة الكبرى إلى يومنا هذا بعد الذين تعرضنا لذكرهم، وكان آخر من ذكرنا الشيخ الطوسي قدس سرّه، وأما الذين جاؤا بعده :
1- المحقق الحلي : أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن (602- 676) هـ.ق. ومن أشهر مؤلفاته: "شرايع الإسلام والمختصر النافع". ولهما شروح عديدة وقيمّة أمثال: "جواهر الكلام في شرح شرايع الإسلام" (43) مجلداً للمحقق الشيخ محمد حسن النجفي، و"رياض المسائل" للسيد علي الطباطبائي وهو شرح للمختصر النافع (20) مجلداًَ.
2- المحقق الطوسي : نصير الدين محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة 672هـ.ق. من أشهر مصنفاته: "تجريد الاعتقاد".
3- العلامة الحلي : الحسن بن يوسف بن علي المطهّر المتوفى سنة 726هـ.ق. من أشهر مؤلفاته: "تذكرة الفقهاء" (20) مجلداً، "قواعد الأحكام" وغيرهما الكثير.
4- فخر المحققين : وهو ابن العلاّمة الحلّي المتوفى سنة 771هـ. من أشهر مصنفاته: "إيضاح الفوائد في شرح إشكالات الفوائد" (4) مجلدات.
5- الشهيد الأول : أبي عبد الله محمد بن مكي العاملي المستشهد سنة 786هـ. من أشهر مؤلفاته: "اللمعة الدمشقية"، و"القواعد والفوائد".
6- ابن فهد الحلي : جمال الدين أبي العباس أحمد بن محمد بن فهد الحليّّّ المتوفى سنة 841 هـ. من أشهر مؤلفاته: "المهذَب البارع في شرح المختصر النافع" (5) مجلدات.
7- المحقق الثاني : الشيخ علي بن الحسين الكركي المتوفى سنة 941 هـ. من أشهر مصنفاته: "جامع المقاصد في شرح القواعد" (13 جزءاً).
8- الشهيد الثاني : زين الدين بن علي الجبعي العاملي المستشهد سنة 966 هـ. من أشهر مصنفاته: "الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية"، و"مسالك الإفهام في شرح شرايع الإسلام" (15 مجلداً).
9- المقدس الأردبيلي : المولى أحمد بن محمّد الشهير بالمقدّس الأردبيلي، المتوفى سنة 993هـ.ق. من أشهر مؤلفاته: "مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان" (14) مجلداً.
10- الفيض الكاشاني : محمد محسن المتوفى سنة 1091هـ. من أشهر مؤلفاته: "الوافي والصافي ومفاتيح الشرايع" وغير ذلك.
11- الحر العاملي : محمد بن الحسن المتوفى سنة 1104 هـ.ق. من أشهر مصنفاته: "وسائل الشيعة" البالغ (30) مجلداً.
12- العلامة المجلسي : المولى محمد باقر بن المولى محمد تقي المجلسي المتوفى سنة 1111هـ. من أشهر مصنفاته: "الموسوعة الكبيرة الموسومة بـ( بحار الأنوار الجامعة لدرر الأخبار)" البالغة أكثر من (100) مجلداً .
13- البحراني : الشيخ يوسف البحراني ، المتوفى سنة 1186هـ.ق. من أشهر مصنفاته: "الحدائق الناضرة في احكام العترة الطاهرة" البالغة (25) مجلداً.
14- مير سيد علي : المحقق السيد علي الطباطبائي ، المتوفى سنة 1213هـ.ق. من أشهر مصنفاته: "رياض المسائل".
15- السيد محمد جواد الحسيني العاملي : المتوفى سنة 1226هـ.ق. من أشهر مصنفاته: "مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة في بيان الأحكام بالدلائل" البالغ (20) مجلداً.
16- النراقـي : المولى أحمد بن المولى محمد مهدي النراقي المتوفى سنة 1244 هـ.ق. من أشهر مصنفاته: "مستند الشيعة في أحكام الشريعة" في (19) مجلداً.
17- كاشف الغطاء : جعفر بن خضر بن يحيى المتوفى سنة 1228هـ.ق. من أشهر مصنفاته: كتابه "كشف الغطاء".
18- محمد حسن النجفي : المتوفى سنة 1266 هـ.ق. من أشهر مصنفاته: كتابه "جواهر الكلام في شرح شرايع الإسلام" البالغ (43) مجلداً.
19- الشيخ الأعظم : مرتضى بن محمد أمين المتوفى سنة 1281هـ.ق. من أشهر مصنفاته: كتاب "المكاسب وفرائد الأصول".
20- النوري الطبرسي : الميرزا حسين النوري الطبرسي المتوفى سنة1320 هـ.ق. من أشهر مصنفاته: كتاب "مستدرك وسائل الشيعة".
21- الآخوند الخراساني : الشيخ محمد كاظم الخراساني، المتوفى سنة 1329هـ.ق. من أشهر مصنفاته: "كفاية الأصول".
22- آية الله العظمى السيد محمد كاظم اليزدي (قدس سره) : المتوفي سنة 1337هـ. من أشهر مؤلفاته: "العروة الوثقى وحاشية المكاسب وكتاب التعادل والترجيح ورسالة في اجتماع الأمر والنهي ورسالة في الظن المتعلق بأعداد الصلاة وكيفية الاحتياط ورسالة في منجزات المريض وأجوبة المسائل".
23- آية الله العظمى السيد أبو الحسن الأصفهاني : ابن السيد محمد ابن السيد عبد الحميد الموسوي البهبهاني الأصل الأصفهاني المسكن، النجفي الهجرة والمدفن، توفي سنة 1365هـ.ق.
24- الإمام الحكيم : آية الله العظمى السيد محسن الطباطبائي الحكيم (قدس سرّه) توفي سنة 1390هـ.ق. من أشهر مصنفاته: "مستمسك العروة الوثقى- فقه إستدلالي-" (14) مجلداً، و"حقائق الأصول" وغيرها.
25- آية الله العظمى الإمام السيد روح الله الموسوي الخميني (قدس سره الشريف) : المتوفى سنة 1409 هـ.ق. قائد الثورة الإسلامية في إيران. من أشهر مؤلفاته: "الأربعون حديثاً وتقريرات في الفقه الأستدلالي وتقريرات في الأصول والحكومة الاسلامية والآداب المعنوية للصلاة" وغيرها.
26- آية الله العظمى السيد الخوئي : المتوفى سنة 1413هـ.ق. من أشهر مؤلفاته: "بحوث في شرح العروة الوثقى ومعجم رجال الحديث والبيان في تفسير القرآن".
27- آية الله العظمى الميرزا جواد التبريزي: المتوفى سنة 1428هـ وله العديد من المؤلفات المشهورة. وكذلك عُرفَ بدفاعة عن المذهب والمسائل العقائدية.
28- آية الله العظمى الشيخ حسين وحيد الخراساني: ويعتبر الزعم الحالي للحوزة العلمية في قم المقدسة وذلك بعد ارتحال الميزرا التبريزي في 2007م.
29- آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم: من مراجع النجف الاشرف
30- آية الله العظمى السيد علي السيستاني: ويعتبر زعيم الحوزة العلمية في النجف الاشرف. واستلم زعامة الحوزة بعد وفاة السيد الخوئي رحمة الله