سلسلة مقالات حول نظرية الخلق |
|
تاريخ نظرية الخلق |
|
مذاهب الخلق : |
|
نزاعات: |
|
نظريات علمية متعلقة بالموضوع: |
التصميم الذكي (بالإنجليزية: Intelligent design) هو المفهوم الذي يشير إلى أن "بعض الميزات في الكون والكائنات الحية لا يمكن تفسيرها إلا بمسبب ذكي، وليس بمسبب غير موجه كالاصطفاء الطبيعي ". [1][2][3] يقول مؤيدو النظرية والذين يتبعون معهد ديسكفري [4][5][6][7][8][9]: إن التصميم الذكي هو نظرية علمية تقف على قدم المساواة أو تتفوق على النظريات الحالية التي تتعلق بالتطور وأصل الحياة[10] تنظر الأغلبية الساحقة من المجتمع العلمي إلى نظرية التصميم الذكي كنظرية غير علمية، علم زائف [11][12] أو علم تافه junk science [13][14] . الأكاديمية الأمريكية القومية للعلوم صرّحت بأن التصميم الذكي والادعاءات التي تخص الإنشاء الخارق للطبيعة في أصل الحياة ليست علماً بسبب عدم إمكانية اختبارها بالتجربة؛ ولأنها لا تعطي أية توقعات، ولا تقترح أية فرضيات خاصة بها. [15] وفي أواخر عام 2005، حكم قاض فيدرالي أمريكي برفض قرار إدارة مدرسة في ولاية بنسلفانيا القاضي بتدريس نظرية التصميم الذكي كبديل عن نظرية التطور مؤكداً أن قرار المدرسة يعد خرقاً للتعديل الأول في الدستور الأمريكي وهو التعديل الذي يحظر على المسئولين الأمريكيين استغلال مناصبهم لتمرير أو فرض عقيدة محددة. وحكم قاضي المقاطعة جون إي جونز الثالث بأن التصميم الذكي ليس علماً، وبأنه يحمل طبيعة دينية في جوهره. [16]
فهرس |
جزء من سلسلة |
التصميم الذكي |
المفاهيم |
الأنظمة المعقدة غير القابلة للاختزال |
حركة التصميم الذكي |
معهد ديسكوفري |
قدّم التصميم الذكي نفسه على أنه البديل للتفسير الطبيعي للتطور، فيما يقف بذلك معارضاً لعلم الأحياء التقليدي الذي يعتمد على التجربة لشرح العالم الطبيعي عن طريق العمليات الفيزيائية القابلة للملاحظة والدراسة كالطفرات والاصطفاء الطبيعي.
إن الهدف المصرّح هو التحقيق بوجود أو عدم وجود دليل تجريبي يؤكد أن الحياة على الأرض يجب أن تكون قد صُمّمت من قبل مسبب ذكي واحد أو أكثر. وليم ديمبسكي، أحد أكثر المؤيدين للتصميم الذكي، صرّح بأن أحد الادعاءات الأساسية للتصميم الذكي أنه "هناك العديد من الأنظمة التي لا يمكن تفسيرها بشكلٍ مقنع بالاستعانة بقوى التطور غير الموجه؛ هذه الأنظمة التي تبدي ميزات كنا سنعزوها للذكاء في أية حالةٍ أخرى".
يبحث مؤيدو التصميم الذكي عن دليل ما يسمونه "علامات الذكاء": وهي الخصائص الفيزيائية في الشيء التي تدل على مصممه. على سبيل المثال، إذا وجد أحد علماء الآثار تمثالاً مصنوعاً من الحجر في حقل، سيستنتج أن التمثال قد صُنع، بعد ذلك سيبحث بشكل منطقي لتحديد صانع التمثال. لكنه أيضاً لن يبرر بنفس الادعاء إذا وجد قطعة صخرية عشوائية الشكل ومن نفس الحجم.
يستشهد مؤيدو النظرية بما يسمى "علامات الذكاء" وهي تتضمن التعقيد غير القابل للاختزال (irreducible complexity)، آليات الإعلام (information mechanisms)، والتعقيد المخصص (specified complexity). ويجادل هؤلاء بأن الأنظمة الحية تُظهر واحداً أو أكثر من هذه العلامات؛ ومنها يستنتجون أن بعض جوانب الحياة قد صُمّمت.
ويقول مؤيدو النظرية إنه بالرغم من عدم وجود أدلة محسوسة بشكل مباشر تدل على طبيعة "المصمم الذكي" أو الخالق، فإنه يمكن اكتشاف آثاره على الطبيعة.
يقول ديمبسكي عن علامات الذكاء: "مؤيدو التصميم الذكي يعتبرونه كبرنامج للبحث العلمي يحقق في آثار المسبب الذكي. لاحظ أن التصميم الذكي يدرس آثار المسبب الذكي وليس المسبب الذكي نفسه". على ضوء ذلك، و بما أنه لا يمكن اختبار هوية المؤثرات خارج نظام مغلق من داخله، تقع الأسئلة التي تتعلق بهوية المصمم خارج حدود المفهوم.
ناقش الفلاسفة مطولاً قضية أن التعقيد الموجود في الطبيعة يدل على وجود مصمم/خالق طبيعي أو فوق-طبيعي . مثل هذه النقاشات نجدها في الفلسفة الإغريقية حول وجود خالق طبيعي. برز هنا مصطلح فلسفي هو اللوغوس Logos, الذي يشير إلى ترتيب ضمني في بنية الكون. يُعزى هذا المصطلح أساساً لهيراكليتوس Heraclitus في القرن الخامس قبل الميلاد، حيث قام بشرحه في محاضراته. [17] في القرن الرابع قبل الميلاد, وضع أفلاطون ما يدعوه "demiurge" طبيعي للحكمة العليا والذكاء العلوي كخالق للكون في عمله الشهير Timaeus, وتحدث أرسطو أيضاً ومطولاً عن فكرة الخالق للكون وغالباً ما كان يشير إليه بالمحرك البدئي Prime Mover وذلك في كتابه: الميتافيزيقيا. أما شيشرون فهو يذكر في أعماله de Natura Deorum, أو "On the Nature of the Gods (عام 45 ق.م), أن "القوة الإلهية موجودة في مبدأ العقل الذي يسيطر على كامل الطبيعة" [18] هذا الأسلوب في الاحتجاج والاستنتاج و تطبيقه للوصول لإثبات وجود خالق فوق-طبيعي عرف لاحقاً باسم الحجة التيولوجية teleological argument لوجود الله. الشكل الأكثر أهمية لهذه الحجة نجدها عند توما الأكويني في عملهSumma Theologiae,[19]
موضوع التصميم أصبح خامس براهين الأكويني الخمسة لإثبات وجود الله الخالق, ولاحقاً من قبل ويليام بالي William Paley في كتابه Natural Theology (1802), [20] حيث استمر باستخدام مماثلة صانع الساعات watchmaker analogy, التي ما تزال تُستخدم حتى اليوم في حجج التصميم الذكي. في أوائل القرن التاسع عشر قادت مثل هذه الحجج إلى تطوير ما يُدعى اليوم بالإلهيات الطبيعية Natural theology, أي دراسة علم الأحياء ضمن البحث عن "عقل الإله" "mind of God" (طريقته في خلق و ترتيب الكون).
هذه الحركة أنعشت من جديد حركة جمع المستحاثات و العينات البيولوجية التي أدت إلى نظرية التطور التي صاغها داروين في كتابه أصل الأنواع. نفس النهج لكن بافتراض أن مصمم إلهي قد وضع عملية التطور في مسارها قاد لتشكل ما يُدعى اليوم بنظرية التطور الإلهي theistic evolution, وهو اعتقاد بأن نظرية التطور والعلوم الحديثة متوافقة تماماً مع فكرة وجود خالق فوق-طبيعي.
في أواخر القرن العشرين بدأت حركة التصميم الذكي كتطور ضمن الإلهيات الطبيعية التي تبحث عن تغيير في أسس العلوم والتنقيب في نظرية التطور وصياغتها. يمكن اعتبار التصميم الذكي كنوع من نظرية ثورية تحاول توسيع النظريات القديمة لتفسير النتائج الجديدة (من مكتشفات حديثة و تطور علم الإحاثة) لكن الحجج الأساسية تبقى نفسها: النظم المعقدة تقتضي وجود مصمم ولا يمكن وجودها اعتباطاً. من الأمثلة التي اُستخدمت سابقاً في هذا السياق: العين (أو النظام الإبصاري), الجناح المرّيش لطيران الطيور, أما حالياً فهناك أمثلة بيوكيميائية مثل: وظائف البروتين, تخثر الدم، وأسياط الجراثيم (انظر تعقيد غير مختزل irreducible complexity)
إن المفاهيم التالية هي خلاصة المفاهيم الأساسية للتصميم الذكي، متبوعة بموجز النقد الموجه إليها. النقاشات المضادة لهذا النقد غالباً ما تكون موجهة من قبل مؤيدي التصميم الذكي، كما تكون النقاشات المضادة لهذه النقاشات من قبل الناقدين.. إلخ.
اقترح مايكل بيه الأنظمة المعقدة غير القابلة للاختزال في سياق التصميم الذكي و هو يعرفها كالتالي:
... نظام فريد مكون من العديد من الأجزاء المتفاعلة المترابطة مع بعضها بشكلٍ جيد والتي تساهم في الوظيفة الأساسية للنظام، بحيث إن إزالة أي جزء من هذه الأجزاء سيؤدي إلى توقف النظام عن العمل. (بيه، الآلات الجزيئية: دعم تجريبي لاستنتاج التصميم)
استخدم بيه مصيدة الفئران كمثال توضيحي لهذا المفهوم. مصيدة الفئران مكونة من العديد من القطع المتفاعلة مع بعضها البعض – القاعدة، الطعم، النابض، الماسك – و يجب أن تكون جميع هذه القطع في مكانها حتى تعمل المصيدة. إن إزالة إي من هذه الأجزاء يعطل عمل مصيدة الفئران. يؤكد مؤيدو التصميم الذكي أن الاصطفاء الطبيعي لا يمكن أن يخلق أنظمة معقدة غير قابلة للاسترجاع، لأن الوظيفة الناتجة بفعل الاصطفاء الطبيعي تتواجد فقط عندما تكون كل الأجزاء مجمعة. أمثلة بيه المزعومة [21] حول الآليات البيولوجية المعقدة غير القابلة للاختزال تتضمن السوط الموجود في بكتريا E. coli، اندفاعات تخثر الدم، الأهداب، نظام المناعة التكيفي.
يشير النقاد [22][23] إلى أن حجة الأنظمة المعقدة غير القابلة للاختزال تفترض بأن الأجزاء الضرورية لنظام ما كانت دائماً ضرورية له، لذلك من غير الممكن أنها أضيفت بشكلٍ متعاقب. وهم يناقشون بأن شيئاً ما يكون في البداية مفيداً فحسب سيصبح لاحقاً شيئاً ضرورياً، خلال تغير المكونات الأخرى.
إضافة إلى ذلك، يناقش النقاد أن التطور يستمر عبر تبديل الأجزاء الموجودة سابقاً، أو عبر إزالتها من النظام، بدلاً من إضافتها، وهذا ما يشار إليه أحياناً ب "اعتراض التسقيل" تشبيهاً بعملية التسقيل (الإسناد أو الدعم بسقالات) والتي يمكن أن تدعم بناءً "معقداً غير قابل للاسترجاع" حتى يكتمل ويصبح قادراً على الانتصاب بمفرده.
إن مفهوم التعقيدات المتخصصة كان قد طُوّر من قبل الرياضي، الفيلسوف و اللاهوتي ويليام ديمبسكي. يقول ديمبسكي أنه عندما يبدي شيء ما تعقيداً متخصصاً (أي عندما يكون معقداً و متخصصاً بنفس الوقت) فإننا نستطيع أن نقول أنه قد أُنتج من قبل مسبب ذكي (أي أنه قد صُمم) عوضاً عن القول بأنه كان نتيجة للعمليات الطبيعية. يستخدم ديمبسكي المثال التالي: "أن أحد أحرف الأبجدية هو متخصص دون كونه تعقيداً. جملة طويلة من الأحرف العشوائية هي تعقيد دون كونه متخصصاً. قصيدة لشكسبير هي تعقيد متخصص" [24]
يقول ديمبسكي أن تفاصيل الكائنات الحية يمكن أن توصف بشكل مشابه. خصوصاً نماذج التتابع الجزيئي في الجزيئات البيولوجية الوظيفية مثل ال DNA. إن الثبات من ناحية المفاهيم في نقاش ديمبسكي للتعقيدات المتخصصة كان موضع جدل بين داخل المجتمع العلمي. [25]
يعرّف ديمبسكي المعلومات المعقدة المتخصصة بأنها أي شيء احتمال حدوثه في الطبيعة أقل من 1 من 10150. يقول النقاد أن هذا التعريف يجعل النقاش عديم المعنى: المعلومات المعقدة المتخصصة لا يمكن حدوثها طبيعياً لأن ديمبسكي قد عرفها كذلك، لذا السؤال الحقيقي يصبح إمكانية وجود المعلومات المعقدة المتخصصة في الطبيعة أم لا.