الاغماء أو الغشيان هو فقدان مؤقت للوعي يليه عودة إلى اليقظة الكاملة. فقدان الوعي هذا يرافقه في العادة فقدان السيطرة على العضلات الذي يمكن ان يؤدي إلى السقوط.
الدماغ البشري يتكون عن عدة أقسام ، هي نصفي الدماغ ، المخيخ ، وجذع المخ. تتطلب خلايا الدماغ تدفق كمية كافية من الدم لتوفير الاوكسجين و الجلوكوز (السكر) للبقاء على قيد الحياة.
ليبقى الجسم مستقيظا ، يجب أن يعمل كلا من الجهاز التنشيطي العصبي الموجود في جذع الدماغ و على الأقل أحد نصفي الدماغ. لحدوث الإغماء ، أما ان يفقد جهاز التنشيط العصبي امدادات الدم التي يحتاجها ليعمل ، أو أن يحرم كلا من نصفي الدماغ من الدم ، و الأكسجين ، او الجلوكوز. و لهذا فتوقف المخ عن العمل يعني أنه يتوجب حدوث تعطل وجيز لعملية تدفق الدم لكامل الدماغ أو ضمن جهاز التنشيط العصبي .
الإغماء لا ينتج عن الإصابات التي قد تصيب الرأس، لأن فقدان الوعي بعد حدوث إصابة في الرأس هو ما يطلق عليه الارتجاج. إلا أن الاغماء بدوره يسبب الاصابة ، فعند الاغماء قد يسقط الشخص و يؤذي نفسه. و الاخطر هو الاغماء أثناء القيام بأنشطة مثل قيادة السياره.
فهرس |
قد يحدث انخفض تدفق الدم إلى المخ لعدة أسباب مثل :
التغيرات في نمط نبض القلب هى أكثر الأسباب شيوعا للاغماء ، أو الغشيان. فغالبا ما يكون الاغماء يعود إلى تغيير مؤقت في وظيفة الجسم الإعتيادية. في بعض الاحيان ، يكون تغير نمط نبض القلب أمر خطيرا ،و قد يشكل تهديدا محتملا للحياة. فالقلب هو مضخه كهربائيه ، فاذا وجدت مشاكل ضمن الشبكه الكهربائيه ، فالاحتمال عالي جدا أن يصبح القلب غير قادر على ضخ الدم بصورة كافية ، مما قد يتسبب ضمن المدى القصير بانخفاض في ضغط الدم.المشاكل الكهربائيه قد تتسبب في جعل القلب ينبض بسرعة عالية أو ببطء شديد.
نبض القلب السريع أو ما يسمى تسرّع القلب هو ايقاع نبض شاذ يتولد اما في حجرتي الأذين في الأعلى أو حجرتي البطين في أسفل القلب ، و قد تشكل خطرا على حياة المصاب. إذا قام القلب بالنبض بصورة سريعة قد لا يوفر للدم الوقت الكافي لملئ حجرات القلب في الفترة بين النبضات المتعاقبة، الامر الذي سيقلل من كمية الدم الذي يفترض من القلب أن يقوم بضخه إلى أعضاء الجسم. تسرع القلب يمكن أن يحدث في اى سن وقد لا يكون ذو صلة بامراض تصلب القلب.
في حالة بطء القلب قد لا يكون القلب قادر على إدامة ضغط الدم المطلوب لتوصيل الدم إلى الجسم. فمع شيخوخة القلب يمكن للشبكه الكهربائيه ضمن القلب ان تصبح هشه مما سيؤثر على القلب ، و الاضطرابات في النظام الكهربائي تؤدي إلى تباطؤ في دقات القلب.
بغض النظر عن المشاكل الكهربائيه في القلب ، قد يكون النب في ما يحدث عائدا إلى الأدوية. عند استعمال ادويه التحكم بضغط الدم ، مثل حاجزات البيتا أو حاصرات قنوات الكالسيوم ، فيمكن للقلب في بعض الأحيان ، أن يصبح أكثر حساسيه لهذه الادوية، و بشكل غير طبيعي، و باتلي ينبض بصورة بطيئة و عليه تنخفض كمية الدم الصادرة منه.
المشاكل الهيكليه مع القلب يمكن ان تتسبب في الاغماء او الغشيان ، اما بسبب وجود مشكلة في قدرة القلب على ضخ الدم بشكل كاف او بسبب وجود مشاكل ضمن صمامات القلب. فعند تلف عضلة القلب او التهابها تنخفض قدرتها على ضخ الدم اللازم لتلبية احتياجات الجسم. ومن امثله الاصابات التي تؤدي لذلك اعتلال عضلة القلب أو إحتشاء عضلة القلب.
تشوهات صمامات القلب يمكن ايضا ان تسبب الاغماء او الغشيان. الصمامات تسمح الدم بالسير في الاتجاه الصحيح عندما يضخ القلب. مشاكل صمامات القلب يمكن ان تشمل التضيق (بالإنجليزية: stenosis) أو التسريب (بالإنجليزية: insufficiency). اي من هاتين الحالتين يمكن ان تتسبب في مشاكل تؤدي إلى عدم الحفاظ على تدفق دم كاف إلى الجسم.
في الشباب ، ولا سيما الرياضيين منهم، يمكن أن يحدث الإغماء بسبب السماكة غير طبيعية لاجزاء من عضلة القلب (بالإنجليزية: hypertrophic cardiomyopathy). هذاالأمر قد يعيق خروج الدم من القلب ، وخاصة عندما يتوقع من قلب النبض بصورة أكبر خلال هذه التمارين. يمكن التنبئ بإمكانية حدوث وفاه مفاجئه لدى الرياضيين عند تكرار الغشيان.
الإغماء الوعائي المبهمي أو الغشيان، هو واحد من أكثر الاسباب شيوعا للإغماء. و هي حالة ينعدم بها التوازن بين الادرينالاين و أسيتيل كولين . فالادرينالاين يحفز الجسم ، بما في ذلك جعل نبض القلب الأسرع والاوعيه الدمويه أضيق. بينما يقوم الأسيتيل كولين بمهمة معاكسة. عند تحفيز العصب المبهم ، هو يتم إفراز كميات إضافية من السيتيل كولين ، مما يؤدي إلى تباطؤ في دقات القلب و تتوسع الاوعيه الدمويه ، مما يجعل من الصعب على الدم التغلب على الجاذبية الرضية فيرقد في القدمين بدلا من أن يتم ضخه إلى المخ. هذا الانخفاض المؤقت في تدفق الدم إلى الدماغ يسبب الإغماء المعروف بإسم الإغماء الوعائي المبهمي . الألم يمكن ان ينبه العصب المبهم و لهذا فالألم هو محفز شائع لحدوث الإغماء الوعائي المبهمي. يوجد عدة محفزات يمكن أن تؤدي الإغماء الوعائي المبهمي خاصة إذا ما كان المحفز مسببا لغثيان. فمن الشائع إغماء طلاب الطب والتمريض عند مراقبة العملية الحراحية في بداية الدراسة الأولى أو تشريح الجثث. غمى على البعض عند سماع أخبار سيئة والبعض الآخر عند رؤية منظر الدم او الابر.
نقص السوائل من داخل الاوعيه الدمويه (الدم والماء) ، يمكن ان تسبب الاغماء او الغشيان. عادة ما يحدث الإغماء عندما يقف الشخص بسرعة بحيث لا يعطي للجسم ما يكفي من الوقت للتعويض الضغط عن طريق جعل قلب يخفق بصورة أسرع ، او أن لا يعطى الجسم الوقت الازم لشد الأوعية الدموية و تقليص قطرها في الأطراف للحفاظ على ضغط و تدفق الدم اللازم للمخ. هذا ما يطلق عليه نقص ضغط الدم الوضعي (بالإنجليزية: postural hypotension).
نقص ضغط الدم الانتصابي ، (بالإنجليزية: Orthostatic hypotension) أو ما يعرف بإنخفاض ضغط الدم النسبي عند الوقوف.
يجب أن تحافظ الاوعيه الدمويه على توتر معين ضمن جدرانها حتى يتمكن الجسم من تحمل آثار الجاذبية مع عند تغير وضعيته. فعندما تغير وضعية الجسم من الاستلقاء إلى الوقوف ، يقوم الجهاز العصبي المستقل (ذلك الجزء من المخ الذي لا يخضع لسيطرة الوعي) ، يزيد من التوتر و الشد في جدران الاوعية الدموية، مما يؤدي إلى تقلص قطرها و ضموره ، وفي نفس الوقت يقوم هذا الجهاز بزيادة معدل دقات القلب حتى يمكن ضخ الدم صعودا إلى الدماغ. و مع زيادة عمر الشخص يمكن لاوعيته الدمويه ان تصبح اقل مرونة ، و يصاب بنقص ضغط الدم الأنتصابي و بالتالي قد يصاب بالاغماء.
فقر الدم (انخفاض في عدد خلايا الدم الحمراء) ، سواء نتج بسبب نزيف حاد او تدريجيا لأاسباب متنوعة ، يمكن ان يؤدي إلى الاغماء بسبب عدم وجود ما يكفي من خلايا الدم الحمراء لايصال الاوكسجين إلى المخ.
الجفاف (بالإنجليزية: Dehydration) ، او نقص المياه في الجسم يمكن ان يسبب الاغماء او الغشيان. يمكن ان ينتج هذا بسبب فقدان الماء بصورة سريعة بسبب القىء و الاسهال والتعرق ، أو عدم شرب الكفاية من السوائل. بعض الامراض مثل مرض السكري يمكن ان تسبب الجفاف عن طريق زيادة فقدان الماء في البول.
الاوعيه الدمويه المغذية للدماغ لا تختلف من اي فئة اخرى من الاوعيه الدمويه في الجسم ومعرضه كغيرها للخطر التضييق مع التقدم في السن ، والتدخين ، وارتفاع ضغط الدم ، وارتفاع الكوليسترول ، ومرض السكري. و بينما تزود الشراين السباتية أجزاء الدماغ الخاصة بالتفكير توجد مجموعة اخرى من الشرايين لامداد قاعدة الدماغ. هذا النظام ايضا عرضة لتضيق ، وفي حالة حدوث ذلك قد يحدث أحيانا انقطاع مؤقت بسيط في تدفق الدم اللازم إلى منطقة وسط الدماغ و جهاز التنشيط العصبي ، مما يؤدي إلى الغشيان.
الكهرال و التغيرات الفجائية في [هرمون|الهرمونات]] قد تكون مسؤولة عن بعض حالات الغشيان ، بيد أن حالات الغشيان هذه هي نتيجة لاثار التغيرات على القلب والاوعيه الدمويه و ليس لها تأثير مباشر على حالة الوعي.
الأدوية و العقاقير يمكن أن تتسبب بالإغماء أو الغشيان بما فيها أدوية ارتفاع الضغط التي تقوم بتوسعة الأوعية الدموية. مضادات الاكتئاب يمكن أن تؤثر على نشاط القلب الكهربائي. وهنالك العقاقير التي تؤثر على الحالة العقلية مثل تلك التي تؤثر على مراكز الالم، أوالكحول، أوالكوكايين.
الغشيان يمكن أيضا أن يصيب الحامل. يعتقد أن ذلك يعود لضغط الرحم المتمدد على الوريد الأجوف السفلي (بالإنجليزية: inferior vena cava) (الويد الذي يعيد الدم إلى القلب) و يعزى أحيانا إلى نقص ضغط الدم الانتصابي.
المصاب بالاغماء لن يشعر بالإغماء بسبب طبيعة الأغماء. إلا أنه سيدرك حدوث الإغماء بعد إستيقاظه. قد تظهر اعراض او علامات قبل حدوث الإغماء ، هذه الأعراض يمكن أن تشمل :
الدوار ، الغثيان ، التعرق ، أو الضعف العام. قد يشعر المصاب بالدوخة او الدوار ، قد تخبو الرؤية و تصبح ضبابيه ، وقد يسمع الصوت بصورة مكتومة و كأنه في نفق أو يشعر بالتمنل و التوخز في الأطراف. قد يصاحب الإغماء تشنج بسيط و لهذا قد يعتقد البعض أن ما حصل هو نوبة. كما يمكن أن يصاب الشخص بارتباك بسيط بعد الإغماء و لكن الإرباك لا يتعدى البضعة ثوان. بعد إنتهاء الإغماء يستعيد المريض كامل وظائفه العقلية، إلا أنه قد تظهر علامات واعراض اخرى تبعا للسبب الكامن وراء الإغماء. فعلى سبيل المثال ، اذا كان الإغماء بسبب أزمة قلبية ، فقد يستيقض الشخص و هو يشكو من الم في الصدر أو ضغط.
كما هو الحال في معظم الحالات المرضية ، فإن تاريخ المصاب هو مفتاح معرفة التشخيص السليم. وبما ان معظم حوادث الغشيان لا تحدث في أثناء ارتداء المصاب لجهاز تخطيط القلب ، فلا يوجد إلا وصف المصاب لكيفية إغمائه و وصف من كان موجودا معه من زملاء أو عائلته. هذا الوص هو ما سيقدم القرائن التي ستؤدي إلى التشخيص السليم.
الفحص البدني يستعمل لمحاولة البحث عن دلائل يمكن أن تعطي الاتجاه الصحيح للبدئ بالتشخيص. فمراقبة القلب يمكن ان تتم للبحث عن اضطرابات ضربات القلب. يمكن تدقيق ضغط الدم أثناء الأسلتقاء و الوقوف للكشف عن نقص ضغط الدم الانتصابي. فحص القلب والرئه ، وو النظام العصبي قد كشف سببا محتملا اذا ظهر أي أمر غير طبيعي. التحاليل المخبريه الاولية يمكن ان يشمل رسم القلب (EKG) واختبارات الدم مثل تعداد الدم الكامل (CBC) ، الانحلال اكهربائي، فحص الجلكوز ، واختبارات وظائف الكلى. يمكن أيضا إجراء إختبارات الغده الدرقيه.
اضطرابات ضربات القلب قد تكون عابرة ولا تظهر بوضوح وقت اجراء الفحص. في بعض الاحيان ، يمكن للمريض أن يستخدم راصد هولتر (بالإنجليزية: Holter monitor) حيث يمكن ارتداؤه لمدة 24 او 48 ساعة او لمدة تصل إلى 30 يوما. حيث يمكن كشف ايقاعات القلب الشاذة التي قد تشكل السبب المحتمل الغشيان.
طاولة الميلان هو اختبار ممكن استخدامه للكشف عن نقص ضغط الدم الانتصابي وعادة ما يكون ذلك في العيادات الخارجية. حيث يوضع المريض على على طاولة له زوايا ميلان مختلفة تعدل كل 30-45 دقيقة. و يقاس ضغط الدم و معدل النبض لدى المريض في زوايا الميلان المختلفة.
وتبعا لنوصيات الطبيب يمكن تصويرالمخ باستخدام الأشعة المقطعية (بالإنجليزية: CT scan) او الرنين المغناطيسي تصوير الرنين المغنطيسي (بالإنجليزية: magnetic resonance imaging (MRI)). كثيرا ما تكون نتائج هذه الاختبارات إعتيادية و يتم إعتماد نتائج تشخيص افتراضية في الحالات الي لا يوجد بها خطر على الحياة.