الأراواك:- من السكان الأصليين لجزيرة جامايكا.
عندما فتح العثمانيون القسطنطينية وهيمنوا على المنطقة الشرقية للبحر المتوسط ، كانوا في الواقع قد سيطروا على طريق الحرير و طريق تجارة التوابل ، الأمر الذي أجبر البحارة البرتغاليين على الالتفاف حول جنوب أفريقيا للوصول إلى آسيا . أما اسبانيا التي كانت قد تخلصت حديثاً من آخر الدول الإسلامية في الأندلس ، فقد قررت إرسال بحارتها ومستكشفيها للبحث عن الهند ، ولكن بالاتجاه غرباً ، باعتبار أن الأرض كروية . غير أنه نتيجة لخطأ حسابي ملاحي وقع فيه كولومبوس Columbus ، فقد انتهى المستكشف الإسباني إلى أرض جديدة أصبحت تعرف بـ : أمريكا .
ومع أن بحاراً يدعى رودريغو Rodrigo كان أول من شاهد اليابسة ، إلاّ أن كولومبوس ادعى أنه السباق لاكتشاف الأرض الجديدة طمعاً في الحصول على المكافأة المجزية التي وضعتها الحكومة الإسبانية لأول من تقع عينه على الأرض .
حظي كولومبوس باستقبال طيب من قبل الأراواك ( الهنود الحمر ) السكان المحليين ، الذين زودوه ورجاله بالماء والطعام والهدايا . لم يكن الهنود الحمر وقتها يحملون أي سلاح ، بل لم يكونوا ليعرفوا الأسلحة ، لدرجة أنهم جرحوا أيديهم بالسيف عندما أمسكوا به من طرفه الحاد لدى عرضه عليهم من قبل القادمين الجدد .
الواقع أن كولومبوس ورجاله تأثروا كثيراً بكرم الضيافة الذي لمسوه لدى السكان المحليين ، واستعدادهم لمشاطرة ما لديهم من طعام وممتلكات بسيطة مع الغرباء ، على عكس ما ألفه هؤلاء في الحضارة الغربية المحكومة بهوس حب المال والتملك . وفي ذلك كتب كولومبوس في سجل السفينة يقول : " بعد أن وصلت بادرت إلى جمع عدد من الأهالي بالقوة للحصول على معلومات قد تنفعني بشأن هذه المنطقة " . لم تكن المعلومات المطلوبة من قبل كولومبوس سوى مكان الذهب الذي يشكل الهدف الأساسي من مغامرته منذ البداية . وكان كولومبوس قد اتفق مع الحكومة الإسبانية على حصوله على 10% من الذهب والهدايا ، ومنصب حاكم الأراضي الجديدة التي سيعثر عليها ، بالإضافة إلى إسباغ لقب أميرال المحيطات عليه .
لاحظ كولومبوس وجود قطع ذهبية صغيرة في آذان السكان اللطفاء عندما قدموا التحية ، فما كان منه إلا ان احتجز بعضهم على متن السفينة ، مصراً على أن يدلوه على مصدر الذهب .
ومن أول جزيرة نزل عليها ، وكانت من جزر الباهاما ، توجه كولومبوس إلى ما يعرف الآن بجزيرة كوبا ، ومن هناك إلى جزر هيسبونيولا Hispaniola ( هايتي و جمهورية الدومينيكان حالياً ) . وهناك كتب كولومبوس إلى الديوان الملكي في مدريد يقول بأنه وصل إلى آسيا ( كوبا في الواقع ) ، وبأن سفينته رست على شاطئ غير بعيد عن الصين ، وأضاف بأنه : " عثر هناك على الكثير من التوابل ومناجم الذهب " .
ووصف كولومبوس السكان المحليين ، أو الهنود الأراواك كما ادعى في رسالته ، بأنهم أناس : " بسطاء إلى حد كبير ، ولا يترددون في تقديم أي شيء من ممتلكاتهم إلى الغير ، وبأنه يكفي أن يطلب أحد منهم ما يريد لكي يحصل عليه ، بل على العكس من ذلك ، فقد كانوا سباقين في تقاسم هذه الأشياء مع أي أحد . . . " .
وعد كولومبوس الملك والملكة أن يحضر لهم من الأراضي المكتشفة كل ما يرغبون به من الذهب وما يحتاجونه من العبيد . وأضاف كولومبوس : " وهكذا فإن الله في علاه ، ربنا ، كتب النصر لمن يتبع صراطه " .
وعليه ، وفي عام ، 1495 ومن قاعدته في هايتي ، بدأ كولومبوس بشن غارات في عمق الجزر لجمع العبيد ، حيث نجح في اصطياد 1500 من الرجال والنساء والأطفال . وقد قام باختيار 500 منهم على أساس الأقوى جسدياً ، وتم تحميلهم على متن السفن التي ستعود بهم إلى اسبانيا . وفي الطريق مات منهم 200 شخص .
وهكذا أطلق كولومبوس أول تجارة للعبيد باسم الدين والحضارة الغربية ، الأمر الذي أكده المستكشف الاسباني عندما كتب يقول : " لنبدأ باسم الثالوث المقدس بإرسال كل ما يمكننا بيعه من عبيد " .
ولأن العديد من العبيد كانوا يموتون خلال الرحلة البحرية الشاقة ، واتضح بأن هذه التجارة لن تكون مربحة بما فيه الكفاية لتعويض المستثمرين الذين يقومون بتمويل الرحلات البحرية هذه ، فلقد تحول كولومبوس إلى تركيز جهوده في البحث عن الذهب .
وعليه ، فقد أصدر أوامره لكل من تجاوز الرابعة عشرة من السكان المحليين ، بالبحث عن الذهب والعودة بكمية محدودة منه خلال ثلاثة أشهر . واعتمد مكافأة لكل من يجلب الكمية المطلوبة بقطعة نحاسية لتعليقها حول رقبته ، أما من يعثر عليه بعدها من دون قطعة النحاس المذكورة ، فكان مصيره قطع يديه لينزف حتى الموت . وعندما حاول الهنود تنظيم قوة لمقاومة المحتل ، وجدوا أنفسهم في مواجهة الإسبان المسلحين بالسيوف والدروع والأقنعة والخيول . أما من يقع في أسرهم من السكان ، فيكون الموت المحتم بانتظاره إما شنقاً أو حرقاً . وفي غضون عامين ونصف العام ، كان أكثر من نصف السكان الأصليين ، البالغ عددهم 25 ألف نسمة ، قد غيبهم الموت على أيدي الغزاة . وفي عام ، 1515 كان العدد قد تراجع إلى خمسة آلاف فقط ، لم يتبق منهم أكثر من 500 شخص عام 1550 . وبحلول عام 1650 كانت سلالة الأراواك قد انقطعت من الدنيا " أدت السياسة القاسية التي أطلقها كولومبوس ، وأكملها خلفاؤه من بعده ، إلى ابادة كاملة للشعب بأسره "
commons|category:Arawak}}}}}}