أحمد زكي بن إبراهيم (1284 هـ/1867 م- 21 ربيع الأول 1353 هـ/5 يوليو 1934 م) هو أحد أعيان النهضة الأدبية في مصر، ومن رواد إحياء التراث العربي الإسلامي، واشتهر في عصره بلقب شيخ العروبة. بالإضافة لجهوده الكبيرة في إحياء التراث العربي ونشره عمل في الترجمة والتأليف والبحث، كما شارك في مؤتمرات المستشرقين وعمل بالجامعة المصرية. يعد أول من استخدم مصطلح تحقيق على أغلفة الكتب العربية. أدخل علامات الترقيم في العربية، وعمل على اختصار عدد حروف الطباعة العربية، كما قام -بجهده وماله الخاص- بإنشاء مكتبة كانت من كبريات المكتبات في المشرق الإسلامي.
فهرس
|
ولد بالإسكندرية وتلقى تعليمه بالقاهرة، وتخرج في مدرسة الإدارة (كلية الحقوق الآن) سنة 1887 م. درس فن الترجمة وكان يجيد الفرنسيّة إجادة كبيرة فكان يكتب ويخطب بها، وكان يلم بالإنجليزية والإيطاليّة وله بعض المعرفة باللاتينيّة. وعمل مترجما في مجلس النظار (الوزراء)، وتدرج في المناصب حتى صار سكرتيرا لمجلس الوزراء سنة 1330 هـ/1911 م، وظل في منصبه هذا حتى أحيل إلى التقاعد بعد عشر سنوات.
تقدم بمشروع لإحياء الأدب العربي إلى مجلس الوزراء، فأقره في جلسته التي ترأسها الخديوي عباس حلمي في 21 شوال 1328هـ/24 أكتوبر 1910 م واعتمد مجلس الوزراء لهذا المشروع مبلغ 9,392 جنيها مصريا –وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت- تحت إشراف المجلس الأعلى لدار الكتب المصرية. في هذا المشروع تمت طباعة العديد من الكتب بتحقيق أحمد زكي، مثل: نكت الهميان في نكت العميان للصلاح الصفدي، والأصنام للكلبي، والأدب الصغير لابن المقفع، والتاج في أخلاق الملوك المنسوب للجاحظ، والجزء الأول من كتاب مسالك الأبصار في ممالك الأمصار للعمري.
يمكن توزيع أعمال أحمد زكي العلميّة على ثلاثة ميادين:
قام أحمد زكي باشا أيضا بوضع رسائل صغيرة في جوانب مهمة، يصل عددها لثلاثين رسالة، عالجت موضوعات متفرقة مثل: "اختراع البارود والمدافع وما قاله العرب في ذلك"، و"الطيران في الإسلام"، و"سراديب الخلفاء الفاطميين". كما قام ببحوث بينت أن العرب هم أول من كشفوا منابع النيل، وأول من أثبتوا كروية الأرض قبل الأوربيين بثلاثة قرون، ونفى أن يكون رأس الحسين مدفونا في مصر، وأن يكون جوهر الصقلي والجبرتي مدفونين في الجامع الأزهر.
لخّص أنور الجندي في كتابه أحمد زكى باشا الملقب بشيخ العروبة حياته العلمية لثلاث مراحل:
من أهم ما قام به زكي باشا اختصاره حروف الطباعة العربية من 905 أشكال إلى 132 شكلا و46 علامة، وذلك بعد أن قام بنفسه بتجارب يومية في مطبعة بولاق في عملية استغرقت ثلاثة أشهر.
كان وزير المعارف أحمد حشمت في ذلك الوقت قد طلب من أحمد زكي باشا أن يقوم بإدخال علامات الترقيم على العربية ووضع أسسها وقواعدها، فوقف على ما وضعه علماء الغرب في هذا الشأن، واصطلح على تسمية هذا العمل بالترقيم؛ لأن هذه المادة تدل على العلامات والإشارات والنقوش التي توضع في الكتابة. وقد أتم عمله هذا في رسالة بعنوان الترقيم وعلاماته باللغة العربية، طبع سنة 1331هـ/1911 م.
يقول أحمد زكي عن سبب نقله علامات الترقيم للعربية:
دلت المشاهدة وعززها الاختبار على أن السامع والقارئ يكونان على الدوام في أشد الاحتياج إلى نبرات خاصة في الصوت أو رموز مرقومة في الكتابة يحصل بها تسهيل الفهم والإدراك. |
قام أحمد زكي باشا بتكوين مكتبة علمية كبيرة، ساعده في ذلك وظيفته المرموقة في الحكومة، ورحلاته المتعددة، وبذله المال للحصول على كتب ومخطوطات. بدأ في تجميع كتب مكتبته وهو طالب مدرسي مما كان يشتريه من المكتبات المختلفة، ثم اشترى مكتبات علي باشا إبراهيم، والشيخ رضوان العفش، وحسن حسني باشا، بالإضافة إلى ما اقتناه في أثناء رحلاته إلى أوروبا والأستانة، واستطاع في إحدى رحلاته إليها أن يزور مكتبة سراي طوب قبو، وكانت مغلقة في وجه أي زائر لقرون عديدة، وأن يبقى بها أربعة أشهر كاملة نسخ منها عددا من الذخائر العربية.