الفصل السادس والثلاثون | مغامرات حاجي بابا الإصفهاني قصة يوسف الأرمني وزوجته مريم المؤلف: جيمس موريير المترجم: ( • م) |
الفصل الثامن والثلاثون |
قصة يوسف الأرمني وزوجته مريم
كنت أنوي المضي إلى مرتفعات أبيران حيث البرد والكلأ لخيلنا وأن نتوقف هناك خلال النهار، ولكني سمعت أن قبائل الرحل التي توقعنا أن نجدها في تلك المنطقة لنستظل بخيامها ونأكل من مؤنها قد انتقلت إلى الجبال البعيدة خوفاً من الحرب والقتال، فقررتُ المكوث في آشتاراك ريثما يمضى حر النهار. نزل رجالي في بيوت القرية، وبعضهم فضل أن يرتاح تحت أقواس الجسر وربطوا جيادهم في مرج ذي عشب نضر غزير، واثنان منهما مكثا في برد الطاحونة التي تديرها مياه النهر التي تجري في قنطرة. أما أنا فمددت سجادتي في غرفة مفتوحة مشيدة على رف صخري في أعلى نقطة من الضفة تطل على الجوار كله فأستطيع مراقبة القرية وأهلها والنهر ورجالي وأي شيء قد يتوجه نحونا من الحدود الروسية.
أنعشني نوم ساعتين، وعندما استيقظت أرسلت وراء الشاب الأرمني، وبينما قدم لنا أهل القرية الطيبون فطوراً كنا بأمس الحاجة إليه طلبت منه أن يروي لي مغامراته، ولا سيما ما سبق الوضع الذي وجدته فيه. وظهرت ملامح الشاب الرجولية بكامل جمالها بعد أن ارتاح وأفطر وأضاءت الشمس البقعة التي كنا جالسين فيها. وحيوية ملامح وجهه خلال حديثه وإخلاصه في الكلام أقنعني بصورة عجيبة أنه يقول الصدق. وإليكم ما رواه لي:
أصلي أرمني، وأنا مسيحي، واسمي يوسف. أبي مختار قرية غومشلو التي يقطنها الأرمن فقط، وتقع بالقرب من نهر بمباكي الجميل. نعيش بين السهول الخضراء والمراعي البديعة والمناخ عندنا يشتهر ببرودته وهدوئه، ونحن قوم أصحاء أقوياء شجعان، ورغم ابتزاز حكامنا لنا كنا قانعين بحياتنا الفقيرة. وموقعنا بين الجبال البعيدة ينأى بنا عن الاستبداد الذي يعاني منه من يعيشون قريباً من المدن ومقرات الولاة. عاداتنا بسيطة وحياتنا تقليدية. عمي شماس يخدم البطريرك في إتشميادزين وخالي قسيس القرية، وقرر أهلي أنني يجب أن أصبح كاهناً أيضاً. كان أبي يعيش من فلاحة الأرض، ونظف قطعة أرض بور بالقرب من القرية بجهده، وبما أن لديه ابنان غيري أنا، فقد رأى أن مساعدتهما له في أعمال الحقل تكفيه، ومن ثم باركني أن أسلك سبيل اللاهوت فأرسلني إلى إتشميادزين وأنا في العاشرة من عمري لأتعلم هناك، وتعلمت القراءة والكتابة والشعائر الدينية. أحببت التعليم كثيراً وقرأت كل الكتب التي وقعت يدي عليها. توجد في الدير مكتبة غنية للغاية من الكتب الأرمنية، وسنحت لي فرصة قراءة بعضها بين الحين والآخر، ومع أن أغلبها كان دينياً، وجدت مرة كتاباً في تاريخ أرمينيا لفت انتباهي إذ عرفت منه أننا كنا في الماضي أمة لها ملوكها الذين ذاع صيتهم في أصقاع المعمورة. فكرت في حالتنا حالة الانحطاط في الحاضر وفي ماهية حكامنا، فملأت قلبي الرغبة في كسر نير العبودية، وهذه الأفكار صرفتني عن المهنة المقدسة التي نذرني أهلي لها. وفي تلك الفترة اندلعت الحرب بين فارس وروسيا؛ وبما أن قريتنا تقع في طريق مسير الجيوش، شعرت أن أسرتي تحتاج إلى حماية، وأن عودتي إلى أهلي أكثر نفعاً من بقائي في الدير. ولذلك تركت أصدقائي وأخواني في إتشميادزين قبل أيام من موعد وسمي كاهناً وعدت إلى بيت أبي، حيث رحّب بي الجميع. لقد ذاقوا تماماً أهوال الحرب، إذ كانت تهجم علينا بين الفينة والأخرى جماعات من اللصوص سواء من الجيش الفارسي أم الروسي (وكلاهما أسوأ من بعضهما) يعتدون على شعبنا الطيب المسالم في قريتنا والقرى المجاورة. لم تكن هذه المناوشات الحدودية تنفع أياً من الطرفين المتحاربين، ولكن عواقبها كانت وخيمة على سكان المناطق الحدودية. بقينا في خوف دائم من هجمات العدو الغازي ومن الابتزاز والنهب من جانب جيوش حكامنا. حرقوا محاصيلنا وسرقوا قطعاننا وكنا في خطر مستمر من الخطف والاستعباد. وتابعنا نحرث حقولنا للحفاظ على أملاكنا ولنؤمن أنفسنا من الجوع، وكنا نذهب إلى عملنا والسيف على جنبنا والبندقية المحشوة وراء ظهرنا، ومتى ظهر غرباء، مهما كانت هويتهم، نجتمع فوراً ونتصدى لهم دفاعاً عن ثرانا، وهكذا نجحنا لعدة سنوات في حصاد محاصيلنا، وبفضل الله كان عندنا ما نأكله. وهنا علي أن أبدأ بسرد التفاصيل المتعلقة بقصتي أنا.
منذ سنتين، وفي موسم الحصاد، خرجت من البيت قبل الفجر مسلحاً ومجهزاً كالعادة لأحصد القمح في أحد حقولنا البعيدة، فرأيت فارساً فارسياً يحمل على ظهر الحصان وراءه أنثى ويعدو بأقصى سرعة في وادٍ يتلوّى تحت التلة التي كنت واقفاً عليها. وكان واضحاً أنه يحمل الأنثى عنوةً، لأنها عندما رأتني مدت يديها نحوي وصرخت مستغيثةً بي. انطلقت على المنحدر الصخري للتلة فوصلت إلى الوادي لأقطع الطريق على الفارس، فأمرته أن يتوقف واستللت سيفي لتأكيد كلامي، ووقفت لأمسك لجام فرسه. والمرأة التي كانت وراء ظهره كانت تقيد حركته فلم يستطع أن يشهر سيفه ولا أن يستفيد من بندقيته، لذا نخس جواده ليصدمني به. ولكنني بقيت ثابتاً في مكاني وجرحت حصانه بسيفي فقفز جانباً فوقعت المرأة عنه. مد الفارس يده إلى بندقيته، ولكنه رأى أن بندقيتي مسددة عليه فرأى أن الأسلم له الاستمرار في طريقه بأقصى سرعة، ولم أره بعد ذلك.
ركضت لأساعد المرأة التي رأيت من ملابسها أنها أرمنية، فوجدتها فاقدة الوعي وفي جسمها رضوض، ونقابها الخارجي انفك عن وجهها، فمزقت نقابها الداخلي الذي يغطي أسفل الوجه كما هي العادة عند الأرمن، لكي تتنفس، فرأيت أجمل وجه يمكن تخيله. كان عمر هذه المخلوقة الفاتنة التي دعمت رأسها بيدي نحو خمس عشرة سنة، ولن أنسى هياج مشاعر الحب والبهجة والارتعاش التي أحسست بها وأنا أنظر إليها أول مرة. انحنيت فوقها بكامل قوة الهوى الأول وملأت قلبي أحاسيس جديدة علي فنسيت كل شيء عدا هذه الفتاة، ولو لم تفتح عينيها لبقيت في ذلك المكان إلى الأبد. تحركت الفتاة وظهرت فيها مظاهر الحياة، وسقطت كلماتها الأولى في قلبي مباشرة؛ وحين انتبهت إلى أنها في العراء وبين يدي رجل غريب بدأت تصيح وتبكي بطريقة أفزعتني. وشيئاً فشيئاً استعادت رشدها وأيقنت أنني من قومها ودينها، بل أنني منقذها، فصار في نظرتها مشاعر أخرى، وكنت آمل أنها قد لا تنزعج من العواطف التي أثارتها في نفسي. وبدأت توبخني على أنني نزعت نقابها، ولا يمكن أن يُغفر لي ذلك، فلا يجوز أبداً إلا للزوج – في بعض الأحيان – أن يمس بهذا الرمز: رمز العفة والشرف المقدس في عيني أي امرأة أرمنية، وهكذا وقفت أمامها مجرماً تجرأ على رؤية وجهها كاملاً. وعبثاً حاولت أن أبرر نفسي بأنها كانت ستختنق لو لم أبعد ضغط النقاب عن أنفها وفمها، لأنها فقدت الوعي ولو لم تستنشق هواءً لماتت: فرغم كل هذه الحجج استمرت في بكائها قائلة أنها صارت امرأة ساقطة. ولكن أخيراً اقتنعت بحجة مني، وهي أن عارها (إن شاءت أن تسميه كذا) لم يشهده أحد غيري، فحلفت بالقديس غريغوريوس وبالصليب المقدس أنه سيبقى أعمق الأسرار في قلبي ما دمت حياً، وبعد هذا هدأ بكاؤها. طلبت إليها عندذاك أن تحكي لي ما حدث لها، ومن هو ذاك الرجل الذي حررتُها من يده.
فقالت: «أما الرجل فلا أعرف عنه سوى أنه فارسي، ولم أره سابقاً، ولا أعرف ما غرضه من اختطافي سوى بيعي في سوق الرقيق. وقعت منذ أيام مناوشة بين قطعة من الفرسان الفرس والجورجيين كانت الغلبة فيها للفرس، فتقهقر الجورجيون ووقع بعضهم في الأسر، فساق الفرس أسراهم إلى يريفان. وقد احتل الفرس قريتنا قبل أيام من هجمتهم تلك، وأظن أن خاطفي قرر اختطافي حينذاك ليزعم أنني من السبايا الجورجيات من غنائم المعركة. نهضت في الصباح الباكر وذهبت إلى بئر القرية لأحضر جرة ماء إلى البيت، فاندفع من وراء جدار متهدم وهددني بسكين وأمرني أن أتبعه بلا صوت وأن أمتطي الحصان وراءه، وأطلق له العنان في حين كانت بنات القرية ذاهبات إلى البئر، وكان أملي الوحيد في النجاة أن صراخهن سينبه رجال القرية. اختفينا من الأنظار في غضون دقائق وسرنا في الوديان والتلال عبر أماكن يندر فيها المسافرون. وأخيراً، عندما رأيتك على سفح التلة تجرأت وصرخت رغم تهديدات الفارسي، وتعرف باقي القصة.»
وما كادت تنتهي من رواية قصتها حتى رأينا عدداً من الرجال، أحدهم يركب حصاناً والآخرون على أقدامهم، يتقدمون مستعجلين نحونا. وميزت محبوبتي وجوههم وصاحت بسرور:
«آه، ذاك أبي! وأخوتي! هذا أوانيس، وأكوب، وأراتون! وعمي أيضاً!»
وعندما وصلوا إلينا، اندفعت الفتاة نحوهم وعانقتهم بفرح. وكنت أراقبهم وفي قلبي خوف أن يكون بينهم شاب له مكانة في قلبها، ولكن الحضور كانوا كلهم من أسرتها. أخبروها أن خبر اختطافها انتشر في القرية فوراً بفضل صديقاتها، ولحسن الحظ لم يكن الرجال قد ذهبوا إلى الحقول بعد، وكان الحصان لا يزال في البيت، فامتطاه والدها فوراً. تقفوا آثار الخاطف ما دام يمشي على الطريق، ولاحظوا مكان انعطافه عنه إلى البرية، ولمحوهم أكثر من مرة بعد ذلك وأخيراً شاهدهما أوانيس من قمة تلة ينزلان إلى الوادي بالقرب من المكان الذي وجدوها فيه الآن.
فشكرت الفتاة الله والقديس غريغوريوس على نجاتها، ثم أشارت إلي بشيء من التردد وقالت لأهلها أنني من خلصها من الفارسي. التفت الجميع إلي، وسألني الشيخ أبوها: «ابن من أنت؟»
فأجبته: «أنا ابن كوجا بطرس مختار قرية غومشلو.»
فقال: «آه، إنه جاري وصديقي، ولكني لا أعرفك. لعلك أنت ابنه الذي كان يدرس في الكنائس الثلاث[1] ليصبح كاهناً وعاد مؤخراً لمساعدة أهله ؟»
أجبته بنعم، فقال: «أهلاً وسهلاً بك، وبارك الله بعمرك! لقد أنقذت ابنتي، وندين لك بالشكر والامتنان إلى الأبد. تعال معنا لتحل ضيفاً علينا، إذ لو كان هناك مناسبة تستحق أن نذبح خروفاً ونأكله ونفرح فها هي ذي. نحن وجميع عائلاتنا نحملك على رؤوسنا ونقبِّل قدميك ونمسح على حاجبيك لأنك أنقذت مريم وخلصتها من مصير جارية عند المسلمين.»
ثم سمعت كلاماً لطيفاً من عمها وأخوتها، وجميعهم دعوني إلى قريتهم وأصروا على دعوتهم حتى لم أستطع الرفض، لا سيما أنني كنت أرغب برؤية مريم، فتوجهنا سوية نحو القرية.
كان الطريق يتلوى على سفح أحد الجبال حين رأيت قرية مريم، كما أسميها، تقع بين الأشجار محمية من الرياح من كل جوانبها عدا الشرق، حيث تكون الرياح الشرقية من بحر قزوين هادئة وباردة. ووراءها كان نهر بامبوكي يمضى في طريقه الملتوي في وادٍ جميل وافر الخضرة، وأبعد منه يشاهد بالكاد قره كليسه، أي الدير الأسود، موقع الروس في هذا الجزء من الحدود، على صخرة سوداء وعرة تشرف على المناطق الخضراء المحيطة بها.
وعندما اقتربنا من القرية وجدنا أن جميع سكانها، ولا سيما النساء والأطفال، كانوا يتابعون نزولنا على المنحدر ليعرفوا إن كانت مريم قد عادت أم لا، وعندما رأوها عم قلوب الجميع فرحٌ لا حدود له. حكى أهلها قصة اختطافها وإنقاذها، فتناقلها الناس بين بعضهم فانتشرت في أرجاء القرية، ومع كل رواية أضيفت إليها تفاصيل حتى قيل أن مريم اختطفها مارد رأسه من حديد وله مخالب وقدمان من فولاذ يركب دابةً تتفتت الصخور والأجراف تحت حوافرها، وكل ضربة حافر على الأرض صوتها كصوت المدافع، وأردفوا أن ملاكاً على هيئة شاب فلاح هبط فجأة من على رأس جبل في سحابة من نور واستل سيفاً من نار فارتعب الحصان ورمى مريم أرضاً، فضرب الملاكُ الماردَ فحوّله ومطيته إلى رماد، بدليل أنها لم تعد تراه بعد أن استعادت وعيها. وأشار الناس إلي بأنني الملاك على هيئة فلاح، وكادوا يعبدونني لولا أن الولد الذي يرعى أبقار القرية، والذي كثيراً ما كنت أصادفه في البرية، عرفني فقال: «إنه ليس ملاكاً بل يوسف بن كوجا بطرس من غومشلو.»، وهكذا عدت بشراً فانياً. ومع ذلك، أكرمني أهل القرية جميعهم وفاضت ألسنة أقرباء مريم بالثناء والمديح على ما فعلته من أجلهم. وفي هذا الوقت كان الحب يتغلغل في قلبي. بالتأكيد، لم أعد أرى وجه مريم، فقد مضت تلك اللحظة السعيدة من حياتي، ولكنها تركت بصمة لا تمحى على عمري كله، فقلت لنفسي: «لن يفصلني شيء عن هذه الفتاة الجميلة. مصيرنا من الآن فصاعداً واحد. جمعتنا السماء بأعجوبة ولن يفصلنا عن بعضنا إلا القدر، حتى لو اضطررت أن أتصرف مثل الفارسي فأخطفها عنوة.» التقينا مع مريم من حين إلى آخر، وكان الكلام بيننا قليلاً، ولكن نظراتنا كانت تعبر عما يعجز الكلام عن الإفصاح به، وتيقنت من أنها تبادلني الشعور. كم تمنيت أن أواجه وأقاتل عشرين فارسياً آخر لأبرهن مدى حبي! ولكني تذكرت أني لست سوى أرمني فقير ينتمي إلى شعب مسكين مهان منحط، وأعظم بطولة قد تكون من نصيبي هي حماية قطعان أبي من الذئاب وصد السارقين عن حقولنا.
مكثت طوال ذلك اليوم في غوكلو (اسم قرية مريم)، وذبحوا الخروف المنذور وطبخوا قدراً ضخماً من الرز. وعدت إلى قريتي في اليوم التالي، حيث كان والداي قلقين بسبب غيابي، واستمعوا إلى ما حدث لي بكل جد واهتمام.
استولى الحب علي فلم أستطع أن أفكر بأي شيء آخر، فرأيت أن أخبر والديّ بمشاعري، فقلت لهما: «لقد بلغت الرشد لأتصرف وأقرر مصيري وفق ما أراه، وبفضل الله وفضلكما ساعداي قويان وأستطيع أن أكسب خبزي. أريد أن أتزوج، وقدّمَتِ الأقدار لي سبيلاً إلى ذلك.»
ثم ناشدتهما أن يطلبا مريم من أبيها زوجةً لي، وقبلت يد والدي وعانقت والدتي.
فأجاباني: «الزواج في مثل هذا الوقت العصيب قرار صعب، وأسرتنا أفقر من أن تتحمل تكاليف الزفاف. فمن الضروري شراء الملابس والخواتم والشموع والحلويات وستار قرمزي وسرير وشراشف ودفع أجور المغنين والعازفين وتجهيز وليمة؛ ومن أين لنا النقود لتغطية كل هذه التكاليف؟»
فقلت: «صحيح أن النقود ضرورية ولا يمكن الزواج بدونها، سواء من أجل شرف أسرتنا أم لأبين حبي لزوجتي؛ ولكني أستطيع أن أستدين، فعندي أصدقاء في يريفان وفي الكنائس الثلاث، ويمكنني أن أستدين منهم مبالغ تكفي لترتيبات الزفاف؛ ومن أجل تسديد ديوني سأعمل بجد ونشاط وأقتصد في حياتي ما استطعت، فأسدد ما علي شيئاً فشيئاً. كما يمكنني أن أعمل خادماً عند تاجر يحاسبني بنسبة من أرباحه، وعندها قد أكسب من رحلة واحدة إلى القسطنطينية أو أستراخان ما يكفيني لتسديد ديوني مع فوائدها.»
وبالنتيجة أكثرت الكلام فاقتنع والداي بالتقدم إلى والدي مريم، وتقرر أن يزور والدي وعمي القسيس وأحد أعيان قريتنا غوكلو ليطلبوا مريم زوجة لي. وكنت أجد حجة لأذهب إلى تلك القرية كل يوم تقريباً، وكان عندي أكثر من فرصة لإعلام مريم وأهلها بما أنويه كيلا تأتيهم زيارة أهلي مباغتة.
استقبل أهل مريم أبي ورفقاءه بكل حفاوة، وتحدثوا في الموضوع واستغلوا هذه الفرصة ليشربوا عدداً أكبر من المعتاد من كؤوس العرق، واتفقوا على عقد القران في أسرع وقت، حالماً يتم الاتفاق على تفاصيل الحفل وما يجب تأمينه للزواج وبعد مراسم الخطبة.
وبعد ثلاثة أيام ذهبت أمي، ومعها امرأتان من عجائز القرية وعمي القسيس وأنا، إلى غوكلو من أجل الخطبة والاتفاق على شروط الزفاف. وكان استقبال النساء أكثر رسميةً من استقبال الرجال، والتقت نساء تلك القرية بنساء قريتنا وبدأن بالتفاوض.
وعرضت أمي باسمي أن عليّ تأمين طقمي ملابس كاملين لخطيبتي، أحدهما من الحرير القرمزي والآخر من القطن الأزرق، وسروالين، أحدهما حرير والآخر قطن مقلّم، وجبتين، أي ثوبين، من القطن المطبوع، ونقابين، أحدهما من القطن الأبيض والآخر ملون بمربعات؛ وزوجين من الأحذية، أحدهما من جلد أخضر بكعب عال والآخر من جلد بني بكعب عظمي منخفض مع نعل حديد، كما كان علي أن أضيف على ذلك منديلاً من الموسلين المطبوع ومجموعة من النطاقات وأغطية الرأس، كما عرضت خمسين قرشاً فضياً للنفقات الصغرى وسلسلة للرقبة معلق عليها تومان فارسي من ذهب.
وتم الاتفاق على هذه البنود بعد نقاشات طويلة، إلا أن إحدى العجائز التي عملت خادمة في بيت فارسي أثارت جدالاً جديداً حين طالبت بإضافة شيء يسمى «شير بها» أي ثمن الحليب، كما هو معتاد في فارس. فأجابت نساؤنا أن ذلك ليس من عادات الأرمن، فأكدت نساء غوكلو أنها عادة، فتعالى الصراخ وكادت النسوة تتخاصم، وكنت قد طلبت من أمي عدم الإصرار بل التساهل في المساومة، فعرضَتْ عشرة قروش أخرى فنال عرضها رضا الجميع.
كانت كل هذه النقاشات تدور بين النساء حصراً، وعندما حصل الاتفاق دعتنا النساء إلى الدخول، فدخلت مع عمي، من أجل الخطبة، ونبهوني ألا أضحك ولا أبتسم طوال المراسم لأن ذلك علامة سوء كفيلة بإفساد الحياة الزوجية.
رأيت أمي جالسة على الأرض بين العجائز مقابل والدة خطيبتي مع عجائزها، ودخلت مريم في اللحظة نفسها، فقدمت أمي لها خاتماً (نحاسياً للأسف) مني فلبسته في إصبعها، ثم قدموا النبيذ للقسيس، فأخذ منه جرعة كبيرة ثم أعلن أننا مخطوبان وصرنا زوجاً وزوجة وتلقينا تهانئ الموجودين. كنت فرحاً، رغم أن التحادث مع خطيبتي كان ممنوعاً، فتبادلنا القبلات مع جميع الحضور وتلقينا مباركات أكثر من أي زوجين في العالم على ما أعتقد.
عادت أمي وصاحباتها إلى قريتنا، وذهبت معهن لترتيب الزفاف ليكون على أكمل وجه. وعندما جلسنا لنحسب النقود المطلوبة وسبل الحصول عليها دخل أبي إلى الغرفة التي كنا مجتمعين فيها وفي يده كيس، فقال لي: «هذه هي النقود، فمختار غومشلو قادر على تأمين زفاف ابنه مثله مثل خيرة رجال هذا البلد. خذ هذه العشرة تومانات يا بني لتشتري بها ملابس زوجتك.»
فركعت أمامه وقبّلت يده وطلبت منه أن يباركني.
وقال عمي القسيس وقد أعجب بسخاء أبي: «يا ابن أخي، الكنيسة فقيرة وخدمها أفقر، ولكن خذ مني عشرين عباسياً[2] فضياً لتشتري بها شموعاً لزفافك.» وأضاف كل واحد من الموجودين ما استطاع من النقود، فوجدت نفسي قادراً على شراء المطلوب بلا الحاجة إلى الاستدانة من أصدقائي. شكرت الجميع بأطيب الكلمات، ولم أعرف كيف أتصرف، إذ لم يكن عندي في حياتي مثل هذا المبلغ. وكنت متلهفاً للذهاب إلى يريفان لشراء الملابس، إذ كانت أقرب مدينة فيها سوق. وبما أنني كنت غشيماً في فنون الشراء ولا أفقه شيئاً في ملابس النساء قررنا أن ترافقني والدتي على ظهر الحمار وأمشي معها راجلاً. وكان عندها صديقة أرمنية في يريفان تستطيع إيواءنا ليلة أو ليلتين، أما في الطريق فأوينا في خيام قبائل الرحل الذين توجبهم أخلاقهم باستضافة المسافرين.
غادرنا القرية، أمي على ظهر الحمار وأنا أمشي إلى جانبها وسيفي على جنبي وبندقيتي وراء ظهري يودعنا نصف سكان القرية يدعون لنا بالسلامة والتوفيق.
وعندما وصلنا إلى مرتفعات أبيران اكتشفنا معسكراً عظيماً من خيم بيضاء، وكانت أضخمها خيمة القائد. وأخبرنا فارس صادفناه في طريقنا أن سردار يريفان عسكر هنا مع قطعة كبيرة من الفرسان لمراقبة تحركات الروس والجورجيين لتوقعه أن ينقلوا قواتهم للهجوم على بلاد فارس.
أقلقنا هذا الخبر، ورأت أمي أن نرجع فوراً ونؤجل الزفاف؛ إلا أن عشقي منعني من الاستماع إلى كلامها فتوسلت إليها أن نمضي في طريقنا بسرعة لنعود في أقرب وقت أيضاً. وقطعنا في اليوم الأول مسافة طويلة حتى رأينا دخان يريفان من بعيد. أمضينا الليلة تحت صخرة كبيرة تطل على جبل أرارات، ورسمنا الصليب عندما رأيناه، ثم أوكلنا أنفسنا للقديس غريغوريوس قبل أن نخلد إلى النوم. كانت قبائل الرحل قد انتقلت بعيداً فلم يعد لنا أمل الإيواء إلى خيمهم، ولكننا ارتحنا جيداً خلال الليل فمضينا إلى يريفان في الصباح الباكر ووصلنا إليها بسلامة.
استقبلت صديقة أمي ضيوفها بحفاوة، وذهبتا في اليوم التالي إلى السوق لشراء ملابس الزفاف، بينما تسكعت في أرجاء السوق والمدينة أستمع إلى الأقوال والشائعات، وأغلبها كان حول نوايا السردار في محاربة العدو. كان واضحاً أن شيئاً سيحدث قريباً، وتوقع الناس هجوماً كبيراً لأن العاملين في دار الصناعة ومصانع البارود ازداد الطلب على عملهم في إنتاج أدوات القتل والإبادة لم يشهد لها مثيل في بلاد فارس،[3] وقيل أن هذه الصناعة أنشأها منشقون روس. ولكن شؤوني غلبت علي فما أعرت اهتماماً لهذه الأخبار، وقد خطر على بالي أننا يمكن أن نحاول طلب الحماية من السردار بوساطة رئيسنا في الكنائس الثلاث في حال صارت قريتنا ومحيطها مسرح أعمال قتالية، ولكن عندما حسبت الوقت الضروري للسفر إلى إتشميادزين تركت الفكرة وتوكلت على سيفي وبندقيتي معتبراً إياهما حماية كافية من جميع الغزاة.
عدت مع أمي إلى القرية من الطريق الذي جئنا به، إلا أن مسيرنا كان أبطأ لأن الحمار كان محملاً بما اشتريناه، كما حملت أنا جزءاً من الأغراض فضلاً عن أسلحتي. كان مخيم السردار لا يزال في المكان نفسه وتجاوزناه بلا عراقيل تذكر حتى وصلنا إلى المرتفعات المطلة على غومشلو.
رأت أمي خيمة فتوقفت مصعوقة وصاحت: «ما هذا يا يوسف؟ أترى الخيمة؟»
فأجبتها، ورأسي لا يتسع لأية أفكار إلا ما ارتبط بزفافي: «أجل، أراها. لعلهم يحضرون استقبالاً لنا.»
فصرخت أمي: «ولحية زوجي، أي استقبال؟ ماذا حدث لعقلك؟ إنهم إما الروس أو الفرس، وأنا متأكدة من ذلك مثلما أنا متأكدة من أنني مسيحية! ولا خير في كلتا الحالتين.»
اندفعنا إلى بيتنا في قلق، وعندما وصلنا تبين أن أمي كانت على صواب، فقد احتلت القرية قطعة صغيرة من المشاة الروس تتألف من خمسين رجلاً يرأسهم «پنجاه باشي»، أي رئيس الخمسين، يسمونه «الكابتن»، وهي طليعة الجيش الروسي الموجود على مسافة مسير يوم عن قريتنا. وتم إيواء العساكر في بيوت القرية، وسكن الكابتن في بيتنا لأنه بيت المختار وأفضل بيوتها.
تصور رعبنا عندما عرفنا الوضع، وتصور تعاستي بسبب ضرورة إرجاء زفافي إلى أجل غير مسمى، وربما يلحق بنا الدمار والخراب فنبقى عراة معدمين مشردين. راعتني هذه الصورة فاستعجلت إلى أصدقائي في غوكلو للترويح عن نفسي عسى أن يؤاسوني. تقع قريتهم بعيداً عن طريق مسير الجيوش، ولم تظهر أية قطعات عسكرية بالقرب منها ولا فيها، ولكن عندما سمعوا أخبار قريتنا شاطرونا مخاوفنا. رأيت مريم العزيزة، ولا تسمح لنا عادات بلدنا بالتحدث صراحة، ولكن الحب بارع في ابتداع الوسائل، فتبادلنا كلمات الوفاء الأبدي وحلفنا على الصليب المقدس لديننا أننا سنبقى معاً مهما حدث.
تكررت لقاءاتنا وكدت أفقد صوابي من قوة رغبتي وخيبة أملي من تعذر زواجنا. كان واضحاً أن الكارثة محدقة، فالجيوش يمكن أن تتحرك في أي يوم، ومتى بدأ القتال فماذا يبقى من أفراح عرسنا؟ إن الإقدام على مثل هذه الخطوة الهامة في مثل هذه الظروف ليس إلا استهزاءً بالأقدار وتحضيراً لمستقبل كله تعاسة ونحس. ولكن حبي كان يدفعني إلى الزواج، وحاولت أن أتحمل ما لا طاقة لي به.
ولكن، مضى أسبوعان على عودتنا ولم يحصل شيء. كانت علاقاتنا مع ضيوفنا الروس طيبة، إذ كانوا هادئين ومنضبطين بخلاف الفرس في مثل هذه الحالات، فأصبحنا أصدقاء. فالروس مسيحيون مثلنا، يرسمون الصليب ويصلون في كنيستنا ويأكلون الخنزير ويشربون النبيذ، وكل هذا كان من شأنه توطيد أواصر الصداقة بيننا. وكان قائدهم الكابتن رجلاً محترماً للغاية ومتواضعاً أحبه الجميع، يحافظ على كامل الانضباط بين جنوده ويضرب بسلوكه مثلاً يحتذى به. كان شغوفاً بمعرفة عاداتنا وتقاليدنا وطلب منا أن نحدثه عن كل ما يهمنا. وهكذا علم عن زواجي، واستمع إلى قصتي باهتمام حار جعلني أشعر أنه من أعز أصدقائي.
وقال: «وماذا يمنعكم من تنظيم حفل الزفاف الآن؟ نحن نحميكم، وإذا احتجت إلى أي شيء مما أستطيع أن أعطيك أو أعيرك إياه فلن أقصّر في ذلك أبداً. فالفرس على ما يبدو لا يتحركون، وجيشنا ينتظر وصول تعزيزات من تفليس قبل أن يتقدم. إذن، عندك الوقت الضروري لتحضر كل شيء وأن نحتفل بزفافك، وقد يكون أكثر فخامة مما لو لم نكن قد نزلنا عندكم.»
وعلاوة على ذلك وعد أن يهدي العروس أربطة ذهبية جورجية وأن يعيرني حصانه القرداغي الأصيل لأركبه بهذه المناسبة. وبحديثه أقنع أقاربي وأقارب خطيبتي بعدم تأجيل الزفاف، فحددنا موعده. لو سعى أي رجل آخر إلى تعجيل الأمور، ولو أبدى كل هذا الاهتمام بها، لأثار شكوكي حول نقاوة نواياه وربما أثار غيرتي؛ ولكن الكابتن كان بشع المظهر، وبالأحرى، مختلفاً عما يعتبره شعبنا جميلاً، لدرجة أنني لم أشعر أنه يمكن أن ينافسني في حبي إلى مريم، فلو عشقته لاستطاعت أن تعشق قرداً. فوجهه كان شاحباً ذا جلد خشن، يعلو رأسه شعر أشبه بالريش بلون القش، وعيناه مثل ثقبين عميقين مخفيين وراء وجنتين صغيرتين وأنفه كقطعة لحم صغيرة تحتها ثقبان وكأنها مفتوحان بمخرز، وذقنه أجرد تماماً لا يظهر فيه ولا شعرة. وعلى شفته العليا شاربان بارزان وطويلان حتى يظهر أنهما أكبر من صاحبهما، وهذه الإشارة إلى رجولته يعلوها من الصباغ والزيت ما يكفي لدهن جزمته التي لا تفارق قدميه.
فقلت لنفسي: «لا، فالأحرى بمريم أن تعشق ذاك المارد الفارسي، ولو قارنته بخطيبها (وهنا نظرت إلى نفسي بشيء من التباهي) فلن تترك مكاناً لغيرتي ومخاوفي.»
وهكذا تقرر زواجي. وفي المساء السابق ليوم الزفاف أرسلت الألبسة وغيرها من الأغراض على صوانٍ محمولة على رؤوس الرجال إلى خطيبتي، ويرافقهم المغنون والعازفون الذين تجدهم في كل قرية. وتألفت فرقتي من رجل يعزف على الزرنة وآخر يضرب الدف ومغنيين اثنين؛ كما أعطانا الروس طبلهم حمله أحد رعاتنا وملأ صوته المنطقة كلها. وتبعتُ هديتي بعد بضع ساعات لأستلم الهدية من خطيبتي كما هو متعارف عليه، وتألفت من طبنجتين ملبستين بالنحاس مصنوعتين في القوقاز كانتا ملكاً لعم أبيها الذي خدم في جيش والي جورجيا قبل أن يستولي الروس على ذلك البلد.
وفي اليوم التالي، يوم سعادتي المنتظر، نهضنا جميعنا في الصباح الباكر. كان الطقس هادئاً وحاراً ينذر بعاصفة، والغيوم معلقة في السماء برؤوسها البيضاء فوق الأفق. ولكن الطبيعة كانت جميلة نضرة بعد مطر هطل في الليل. أعطاني صديقي الكابتن جواده، وزينته بأجمل عدة أمنتها لهذه المناسبة، وارتديت طقماً جديداً من الملابس من رأسي إلى قدمي ولبست فوقها أحزمة من فضة وخناجر وعلب الخراطيش وغيرها استعرتها من جورجي يخدم عند الروس، وكان مظهري وسيماً كما قال لي من رآني، وأظن أنهم كانوا صادقين في ذلك. وانطلقنا إلى غوكلو أنا وأقاربي الرجال والكابتن الروسي وكل رجاله الذين استطاع إعفاءهم من الخدمة في ذلك اليوم، ومضينا في موكب تسبقنا الموسيقا والأغاني والصيحات. ترجلنا عند بيت خطيبتي حيث تناولنا المرطبات وتلقينا التهانئ من أهل القرية جميعهم. وعندما جهز كل شيء لعودتنا إلى غومشلو – حيث كان عمي بانتظارنا لإجراء التكليل – ركبنا الخيل مرة أخرى، وكانت خطيبتي مغطاة بستار قرمزي من رأسها إلى قدميها وعلى رأسها صفيحة مستديرة لتثبيت الستار، وركبتْ على جواد أبيها يسوقه أخواها من جانبيه. ومن عادات بلدنا أن يمسك العريس بيده نطاقاً أو وشاحاً تمسك العروس طرفه الآخر وهما في طريقهما إلى الكنيسة. ورافق الموكب جميع أصدقائنا وأقربائنا وكل شباب القريتين، بعضهم على أقدامهم وبعضهم الآخر على الحمير والبعض على الخيل، وهم يصيحون ويعبرون عن بهجتهم بكل أشكال الألعاب والتسالي طوال الطريق. وعندما وصلنا إلى تلة صغيرة تشرف على قريتي استلم كل المشاركين في المراسم شمعة صغيرة أشعلها فوراً. ثم تقدم الموكب ببطء ورصانة يرأسه عمي وهو ينشد مع عمي الآخر من الكنائس الثلاثة المزامير وسط الضجة التي تصدر عن المشاهدين. وقد أمر الكابتن رجاله بارتداء بزة المناسبات، وساروا جميعهم إلى الكنيسة معنا، فكان موكباً مهيباً حقاً.
وأخيراً ترجلنا عند باب الكنيسة، ونحن نمسك كل واحد بطرف الوشاح، ومشينا أنا وخطيبتي إلى المذبح الذي كان مزيناً على غير العادة بالزهور والشرائط والمرايا. ثم أوقفونا وجبيني يلامس جبين مريم ووضع الكتاب المقدس فوق رأسينا مفتوحاً، ووضعوا يدها في يدي. ثم سألونا إن كان كل واحد منا يقبل الآخر زوجاً له، وبعد أن أومأنا برأسينا بالإيجاب قرئت التراتيل المناسبة، ثم انتهى التكليل وأعلن للعالم أننا أصبحنا زوجاً وزوجة بصيحات الحشد وأصوات الطبول والأبواق والدفوف.
وفي هذه الأثناء اختفى ضوء النهار وتغطت السماء بغيوم داكنة تنذر بعاصفة، وبعد فترة هطل المطر وسمعت أصوات الرعد، ولهذا انتهت الوليمة في وقت أبكر مما لو بقي الطقس صافياً، وبعد أن تفرق المدعوون اقتربت الساعة التي تجعلني أسعد الرجال.
فهل أتوقف هنا لأتذكر كل فظائع تلك الليلة أم أتجاوزها لكي لا أزعجك بهذه الرواية. تصور خطيبتي الجميلة كنجم الصباح البريئة كالملاك المرتبطة بي بأنقى مشاعر الحب، يمكنك أن تدرك ما شعرت به في تلك اللحظة، وقد كنت أتصور أن اتحادنا مستحيل وفكرت بسعادتي المرتقبة وكأنها نور وجودي كله يبرق أمامي ولا أصل إليه.
ولكن لكي تفهم المشهد الذي سوف أصفه لك الآن، يجب أن تعرف أن القرى في جورجيا وفي ذلك الجزء من أرمينيا الذي نقطن فيه تبنى جزئياً تحت الأرض، فيجد الغريب نفسه ماشياً على سقف بيت وهو يظن أنه يسير على الأرض، وأغلب البيوت تنار بفتحات في سقوفها. وهكذا كان بيت أسرتي، ذلك البيت الذي احتفلنا فيه بزفافي. وكان في حجرتي الزوجية واحدة من هذه الفتحات، وقد أغلقت بهذه المناسبة، وبابها يطل على الشارع مباشرة.
من عادات الأرمن أن يذهب العريس إلى الغرفة أولاً، ثم تلحق العروس به فتخلع حذاءه وجوربه، ثم تطفئ النور وتخلع ستارها. كانت العاصفة قد بدأت، والرعد يدوي فوق رؤوسنا والأبراق تومض وسيول من المطر تنهمر بصوت رهيب وكأن عناصر الطبيعة كلها اضطربت عندما أطفأت مريم الشمعة ونزعت حجابها. وما كادت تضطجع في الفراش حتى سمعنا ضجيجاً شديداً غريباً على سقف البيت: أصوات الرجال تختلط بوقع حوافر الخيل ودوي الرعد، ثم سمعنا شيئاً يقع في غرفتنا فشاهدنا ومضة وشممنا رائحة الكبريت.
فصرخت: «إنه البرق وحق القديسين! حمانا الله! اهربي يا روحي، يا حبيبتي، استعجلي!»
وما كادت زوجتي رمت ستارها على رأسها وخرجت من باب البيت حتى وقع انفجارٌ في الغرفة مباشرة وجعلتني شدته أشعر وكأنني انتقلت في لحظة إلى نار جهنم. فقدت وعي بين الأحجار وقطع الأثاث المتساقطة، ولا أذكر إلا بريق النار ورائحة الكبريت ثم الصمت الفظيع.
مكثت في المكان فترة وأنا لا أدرك ما يجري حولي، ثم استعدت وعيي شيئاً فشيئاً فوجدت أنني أستطيع أن أحرك يدي ورجلي، وليس فيّ إصابات بليغة، فبدأت أتذكر ما حدث. بدا لي أن زفافي لم يكن إلا حلماً، فلم أسمع حولي إلا ضرب البنادق والانفجارات الكثيرة الشديدة وصرخات وصيحات الرجال، الجرحى منهم والمهاجمين الذين يقتلون رجالاً آخرين، ووقع الخيل وتصادم السيوف. فتساءلت: «ما هذا بحق السماء؟» وما زلت مربكاً ومصعوقاً أشعر أنني في كوكب آخر حين سمعت صرخة امرأة. «إنها مريم! قسماً بالقديسين، إنها هي! أين بحق الله أجدها؟» فخلصت نفسي من الحطام المتراكم فوق جسمي ونهضت وانطلقت أبحث عنها. إن المشهد الذي رأيته أفظع من أن يوصف، فأول ما رأيته كان فارسي يندفع نحوي وفي يده سيف وفي يده الأخرى رأس مقطوع يقطر الدم منه. كان سواد الليل يضاء بومضات برق تكشف لي المأساة الرهيبة ثم تخفيها في الظلام ليتولى الخيال رسم الباقي. وفي ومضة أخرى رأيت الفرس يهاجمون الروس العزّل الذين قاموا من الفراش، وفي ومضة أخرى رأيت أهل القرية يهربون في فزع من بيوتهم التي يتصاعد الدخان منها. ثم دوى انفجار عظيم هز كل شيء حولنا.[4] وتراكضت الدواب بعد أن أفلتت من حظائرها في كل اتجاه تختلط بأهوال تلك الليلة. لا يسعفني الكلام في وصف مشهد الخراب الذي شهدته، وبوركت يد القدير الذي نجاني من الموت في تلك الليلة الفظيعة.
ما عرفت أين أتوجه بحثاً عن زوجتي. لقد سمعت صرخاتها، وهنا هزني اليأس حين فكرت أن ما سمعته كان صرخة الموت. رميت بنفسي في وسط المعركة وفي يدي قطعة حطب مشتعلة سحبتها من المدفأة في غرفتي وفتحت طريقي بين المتقاتلين أشبه بمجنون في نوبة سعر وليس برجل في ليلة زفافه. وعندما وصلت إلى أطراف القرية خيل إلي أني سمعت صرخات حبيبتي مرة أخرى، فركضت مسترشداً بسمعي باتجاهها. وفي ومضة برق رأيت في رأس تلة قريبة فارسين يهربان مع امرأة ستارها الأبيض واضح جلي تركب وراء ظهر أحدهما. تبعتهما برشاقة الوعل الجبلي، ولكن مع انحسار العاصفة قلت ومضات البرق فوجدت نفسي في النهاية على رأس تلة في ظلام دامس، لا أعرف الطريق الذي أمضى فيه. كنت عرياناً تقريباً، وجسمي كله رضوض. وقدماي المعتادان على السير حافياً، مجروحان بالحجارة بسبب المطاردة، والأسى يغلب عليّ وقلبي يتحطم، فوقعت على الأرض في يأس تبعته بلادة المشاعر كلها وبقيت مستلقياً حتى لمست أشعة الصباح الأولى عيني فاستعدت تدريجياً إدراكي.
تساءلت: «ماذا حدث؟ أين أنا؟ كيف جئت إلى هنا؟ هل الشياطين جاءت إلى هنا الليلة الماضية؟ أيعقل أن أرى هذه الشمس وأسمع تغريد الطيور في السماء الزرقاء وألمس هدوء الطبيعة ونضارة الصباح وخوار الأبقار، وهل يمكن ألا تكون المشاهد التي تجول في ذاكرتي أكثر من نتاج خيالي المعتلّ؟ أيعقل أنني رأيت هنا، في هذه البقعة المباركة من الأرض، إنساناً يقتل أخاه الإنسان والبيوت المحترقة والجثث المشوهة والرؤوس المضرجة؟ أيعقل أنني فقدت زوجتي البريئة الغالية المحبوبة؟» وعندها عاد إلي إدراكي لما وقع الليلة، ما كنت أرفض تصديقه، فأنجدتني الدموع التي بردت رأسي وشرحت صدري الذي كاد يختنق. فنهضت واتجهت ببطء نحو القرية. كان كل شيء هادئاً، ويرى دخان يتصاعد هنا وهناك، والأبقار الشاردة ترعى على مشارف القرية، وبعض الفرسان الغرباء يقومون بتحضيرات ما، والفلاحون متجمعون وهم لا يزالون مربكين بأحداث الليلة لا يعرفون ما تخبئه الأقدار لهم. أما أنا، فالمصيبة التي منيت بها جعلتي أتوقع أسوأ الكوارث، فتوقعت أن أجد أقاربي كلهم موتى وبيتي مدمراً فأبقى خالياً وحيداً على وجه الأرض بلا زوجة ولا بيت ولا أهل ولا أصدقاء. ولكن توقعاتي السوداوية كانت أشد من الواقع، فأول من صادفته وأنا أدخل القرية كانت أمي المسكينة التي بذلت كل الجهد لتأمين سعادتي. وحالما رأتني اندفعت نحوي والدموع تسيل من عينيها. وبعد أن هدأت قليلاً أخبرتني أن أبي أصيب ببعض الرضوض ولكن سائر العائلة بخير؛ وأن بيتنا قد تضرر وتعرض للنهب من حلفائنا الفرس، وأن غرفتي تحديداً قد تدمرت تماماً. وحكت لي أن الكابتن الروسي وقع أول ضحية للفرس، إذ اندفع إلى خارج البيت ليعرف ما يحدث متى سمع الانفجار في غرفتي، فهاجمه فارسيان اثنان أمسكه أحدهما وقطع ثانيهما رأسه، وهذا الرأس رأيته حين اندفعت من غرفتي. ثم أخذتني إلى ملجأ وألبستني بما وجدته من ملابس.
ترك الفرس القرية بعد أن انتهوا من ارتكاب فظائعهم ليبقى لأهل القرية مهمة دفن أجساد ثلاثين روسياً وقعوا ضحية لهجمتهم الغادرة والذين أخذ الفرس رؤوسهم معهم غنائم.
بعد أن رأيت أبي واطمأننت على صحته قررت أن أبدأ فوراً البحث عن زوجتي. كان واضحاً أن خاطفيها كانوا من بين مهاجمي القرية وأنهم أخذوها إلى يريفان موقع أقرب سوق رقيق، إذ لا ريب في غرضهم من خطفها. وجدت سيفي وبندقيتي وطبنجاتي مطمورة تحت حطام غرفتي، فأخذتها فضلاً عن بضع قطع من نقود فضية وغادرت غومشلو وقد أقسمت ألا أعود إليها حتى أجد مريم.
مشيت على عجل وأخذت الدروب المختصرة عبر الجبال لأصل إلى يريفان في أسرع وقت. وعندما قطعت طريقاً عاماً وجدت فارسين مسلحين أوقفاني وسألاني عن هويتي ووجهتي.
ما ترددت أن أروي لهم قصتي البائسة أملاً بأن يكون لديهما أي علم بما وقع لزوجتي، فأجاباني بطريقة فظة وأثار كلامهم أفظع المخاوف في قلبي وكاد يقنعني بأن زوجتي الطاهرة المسكينة قد وقعت في يد ذاك الطاغية الفاجر.
فقلت: «أيعقل أن يهبط السردار إلى دناءة سرقة زوجة أحد رعايا الشاه؟ أعرف أن المسلمين يعاملون النساء وكأنهم مجرد سلع تباع وتشترى، ولكنهن مخلوقات الله أيضاً خلقهن الله عوناً لنا في حياتنا.»
فضحك الرجلان لأقوالي وأردفا أنني، لو كنت أبحث عن امرأة وقعت في بيت حريم السردار فالأحرى بي أن أعود من حيث جئت لأن جهودي كلها ستكون هباء.
لم أكترث لأقوالهما واستعجلت في طريقي دون أن أعرف وجهتي ولا هدفي، وكان يدفعني شعور بأن الرب القدير لا يمكن أن يرمي مصائب فوق رأس خطاء مسكين مثلي بلا أن يواسيني بجزاء يوازنها.
وصلت إلى المخيم في أبيران حيث كان مقر السردار فتوجهت نحوه أملاً بأن أعرف شيئاً يفيدني. هز مشاعري وصول فرقة الفرس الذين هاجموا قريتنا وقدموا أدلة على نجاح حملتهم باستعراض رؤوس الروس التي وضعوها في أكوام أمام خيمة السردار. ومن الفرح والصيحات والتباهي يعتقد المرء أنهم حققوا نصراً عظيماً. وتم تمليح هذه الغنائم الفظيعة وإرسالها إلى شاه إيران الذي لا يصدق خبراً عن انتصار إلا إذا حصل على أدلة ملموسة عليه. ولكن في وسط هذه الأفراح وصل رسول مستعجلاً من الحدود الروسية، وأثار خبره تغيراً في مشهد المخيم، إذ أعلن أن الجيش الروسي بعد أن عرف بالهجوم على مخفرهم في غومشلو انطلق في حملة ضد السردار، ويتقدم بسرعة كبيرة ومن المتوقع أن يصل إلى المخيم قبل مجيء الليل. وما حدث بعد ذلك لا يوصف: حيث أمر السردار فوراً برفع المخيم والتراجع إلى يريفان؛ الخيم تتهاوى والبغال تحمَّل والرجال تصرخ؛ الخيل والإبل والرجال والمدافع، كل شيء يتحرك. وقبل مضي ساعتين اختفى المخيم تماماً وانطلق الجيش متراجعاً نحو يريفان.
لم أعرف شيئاً عن مريم، وبالتأكيد لو كانت في يد السردار فهي في قصره في يريفان، فتوجهت إلى هناك أملاً بأن فرصة ما يمكن أن تسنح لي وسط كل هذه الفوضى.
وعندما وصلت إلى المدينة اتخذت لي موقعاً على جسر فوق نهر رازدان، فهو نقطة جيدة لمراقبة ذاك الجزء من قصر السردار الذي يؤوي حريمه. وبما أن العسكر كانوا يعبرون الجسر باستمرار لم يلاحظني أحد حيث كنت أبدو واحداً من المعسكر. يقع القصر على حافة هاوية من الصخر الأسود على ضفة نهر رازدان، وهو نهر سريع وغزير يجري في واد تثير صخوره رغوة بيضاء على أمواجه وتسرع جريانه. وقد بني جسر فوقه في هذا المكان يتألف من ثلاثة أقواس، وهو جزء من الطريق إلى جورجيا وتركيا. وكانت القاعة الرئيسية للقصر التي يتخذ السردار مجلسه في زاوية منها تنفتح على النهر بشرفة واسعة وتطل على المناظر الجبلية. وعلى مبعدة من الشرفة، وعلى الجدار نفسه، تقع نوافذ جناح الحريم المتميزة بشبكاتها ووسائل الستر الأخرى. لاحظت أن النوافذ تسمح لساكنات الجناح برؤية الجسر ومن يمر عليه، فتصورت أن مريم، لو أنها محبوسة هناك، قد تراني وتتعرف علي لو نظرت من النافذة بالصدفة، فقلت لنفسي يائساً: «وماذا لو رأتني؟ هذا من شأنه أن يزيد من شقائها ومن يأسي!» إن الهروب من مثل هذا الارتفاع يبدو مستحيلاً لأن القفز منه يعني الموت المحتوم، فلا شيء يحمي من الصخور سوى شجرة صفصاف وحيدة تنمو بين الأجراف تحت إحدى النوافذ. رأيت أن مكثي في نقطة واحدة لمدة طويلة قد يثير الشبهات، فتركت موقعي وقد قررت العودة إليه مساءً بل في أية ساعة يمكنني أن أظهر فيها دون أن أثير الشبهات.
بقيت أراقب نوافذ جناح الحريم بهذا الشكل لأكثر من أسبوعين وأنا أمشي على الجسر جيئة وذهاباً ثلاث مرات يومياً على الأقل؛ وفي أحد الأيام، وبعد مغيب الشمس، رأيت شبك النافذة فوق شجرة الصفصاف ينفتح وتطل منه امرأة. نظرت إليها فانقطع نفسي من العواطف المختلجة في صدري. بدا لي أنها عرفتني فمددت يدي نحوها فمدت يديها، فقلت: «إنها هي! هي بالتأكيد! إنها زوجتي مريم!» فاندفعت إلى النهر وقطعته بلا تردد وبلا تفكير في العواقب حتى وقفت في أسفل الهاوية تحت النافذة مباشرة. مدت يديها إلي عدة مرات وكأنها تريد أن ترتمي في حضني، فكدت أصرخ رعباً، وأنا أشعر في الوقت نفسه بلهفة أن أضمها إلى قلبي. وقفنا ونحن ننظر إلى بعضنا ونخاف أن نتكلم ونصبو إلى اللقاء. وفجأة أغلقت الشباك وتركتني واقفاً والمخاوف تملأ صدري. بقيت في موقعي مدةً دون أن أراها، ثم انفتح الشباك مرة أخرى وظهرت مريم ونظراتها تكشف أقصى درجات اليأس والتصميم. لم أعرف ما سيحدث، فانتظرت في قلق رهيب حتى رأيتها تميل إلى الأمام أكثر فأكثر، ثم ترجع وتعود باندفاع جديد حتى رأيت حبيبتي تهوى من النافذة من ارتفاع شاهق.[5] شعرت أن قدمي لا تطاوعانني وعيني يمتلئان بالدموع فلا أرى شيئاً وكدت أغشى من ثوران مشاعري حتى رأيتها على فرع شجرة الصفصاف معلقة عليه تكاد تقع، فوثبت وتسلقت الشجرة في لحظة عين وحملتها فاقدة الوعي، وامتلأ جسمي بالقوة والنشاط، فنزلت عن الشجرة وقطعت النهر عائداً وركضت مع حملي الغالي من الضواحي المسكونة إلى البرية في غمضة عين. كنت كالسكران من انفعالاتي، ومع أنني تصرفت بلا شعور، كل ما فعلته كان ما ينبغي أن أفعله. كانت الغرائز تقودني، وتصرفت مثل حيوان يتصرف بفعل غريزته. أنقذت أغلى ما عندي في هذه الدنيا.
وعندما شعرت بالتعب ووجدت أن مريم بدأت تبدي علامات الحياة توقفت ووضعتها بعناية خلف جدران متهدمة. كان جسمها مليئاً بالرضوض الفظيعة، ولكن عظامها كلها كانت سليمة، وجرحتها أغصان شجرة الصفصاف التي وقعت عليها في عدة مواضع، وكانت تنزف بغزارة. ولكنها كانت حية تتنفس، ثم فتحت عينيها ودعتني باسمي، ما ملأ قلبي بالفرح الغامر فعانقتها كالمجنون. وبعد أن ارتاحت قليلاً حملتها من جديد وقررت التوجه بها إلى الجبال فوراً؛ ثم تذكرت أن علي أن أعبر نهر أشتاراك، ولا يمكن عبوره إلى من الجسر، فتوجهت إلى هناك.
كنا نرتاح عند الجسر عندما سمعت وقع حوافر خيولكم. ومع أنني كنت مرهقاً برحلتي الشاقة، وجدت في نفسي القوة للتسلق على الضفة لكي نختبئ في الكنيسة المتهدمة حيث وجدتمونا؛ ومن هناك كنت أتابع تحركاتكم ببالغ القلق ظناً مني أنكم تطاردوننا بأمر من السردار. فلو حميتنا تنل عرفان قلبين محبين وبركات العديد من أناسٍ قلوبهم مليئة بالحزن الآن، وستمتلئ بالفرح عندما نعود. فكائناً من تكون، ومهما كانت مهمتك، لابد أن قلبك قلب إنسان. جازاك الله على لطفك ألف مثل؛ ومع أننا لسنا من قومك ولا من دينك، دعاؤنا إلى الله يصل إن كان صادراً من قلوبنا.
هوامش
- ↑ أوجكيليسا، أي الكنائس الثلاث، أحد الأسماء التاريخية لمدينة إتشميادزين باللغة التركمانية. (ملاحظة المترجم)
- ↑ العباسي عملة فضية أدخلها الشاه عباس الصفوي، وكانت تساوي جزءاً من خمسين من التومان. (ملاحظة المترجم)
- ↑ أدوات القتل المقصودة هنا هي في الغالب الرمانات اليدوية.
- ↑ قيل أن حسن خان سردار، والي يريفان، هاجم القرى الأرمنية كما هو موصوف هنا، إذ كان يرمي الرمانات في البيوت من الفتحات في سقوفها.
- ↑ يروى أن مثل هذا الحادث قد وقع فعلاً.