→ سئل عن قول الشيخ أبي محمد عبد الله بن أبي زيد في آخر عقيدته | مجموع فتاوى ابن تيمية سئل عما شجر بين الصحابة علي ومعاوية وطلحة وعائشة هل يطالبون به أم لا ابن تيمية |
فائدة: إن كان المختار الإمساك عما شجر بين الصحابة فلا يجب الاعتقاد بأن كل واحد من العسكر كان مجتهدا متأولا ← |
سئل عما شجر بين الصحابة علي ومعاوية وطلحة وعائشة هل يطالبون به أم لا
وَسُئلَ رضي الله عَنْهُ عما شَجَرَ بين الصحابة علي، ومعاوية، وطلحة، وعائشة هل يطالبون به أم لا؟
فَأَجَاب:
قد ثبت بالنصوص الصحيحة أن عثمان وعليًا، وطلحة، والزبير، وعائشة، من أهل الجنة، بل قد ثبت في الصحيح أنه لا يَدْخُل النارَ أحَدٌ بايع تحت الشجرة.
وأبو موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، هم من الصحابة، ولهم فضائل ومحاسن.
وما يحكى عنهم كثير منه كَذِب، والصدق منه إن كانوا فيه مجتهدين، فالمجتهد إذا أصاب فله أجران، وإذا أخطأ فله أجر، وخطؤه يغفر له.
وإن قُدِّرَ أن لهم ذنوبًًًًا، فالذنوب لا توجب دخول النار مطلقًًًًا، إلا إذا انتفت الأسباب المانعة من ذلك وهي عشرة:
منها التوبة، ومنها الاستغفار، ومنها الحسنات الماحية، ومنها المصائب المكفرة، ومنها شفاعة النبي ﷺ، ومنها شفاعة غيره، ومنها دعاء المؤمنين، ومنها ما يهدي للميت من الثواب والصدقة والعتق، ومنها فتنة القبر، ومنها أهوال القيامة.
وقد ثبت في الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال: «خَيْر القرونِ القرنُ الذي بُعِثْتُ فيه، ثم الذين يَلُونَهُم، ثم الذين يلونهم».
وحينئذ، فمن جزم في واحد من هؤلاء بأن له ذنبًا يدخل به النار قطعًا، فهو كاذب مفتر. فإنه لو قال ما لا علم له به لكان مبطلًًًًا، فكيف إذا قال ما دلت الدلائل الكثيرة على نقيضه؟ فمن تكلم فيما شجر بينهم وقد نهى الله عنه؛ من ذمهم أو التعصب لبعضهم بالباطل فهو ظالم معتد.
وقد ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: «تَمْرُقُ مارقة على حين فُرْقَة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق»، وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال عن الحسن: «إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين».
وفي الصحيحين عن عمار أنه قال: «تقتله الفئة الباغية»، وقد قال تعالى في القرآن: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ الله فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [1] .
فثبت بالكتاب والسنة وإجماع السلف على أنهم مؤمنون مسلمون، وأن عليَّ بن أبي طالب والذين معه كانوا أولى بالحق من الطائفة المقاتلة له، والله أعلم.
هامش
- ↑ [الحجرات: 9]